1- محال أن يشك فى المسيح، الملاك الذى جاء يمهد الطريق قدامه (مر1 : 2) "الذى جاء للشهادة ليشهد للنور، ليؤمن الكل بواسطته" (يو 1 : 7). ولا يمكن أن يشهد له، إلا إذا كان يعرفه. وقد أدّى يوحنا هذه الشهادة بكل قوة "يوحنا شهد له ونادى قائلا: هذا الذى قلت عنه إن الذى يأتى بعدى صار قدامى، لأنه كان قبلى" (يو1 : 15). 2- وظهرت معرفة يوحنا له وشهادته له واضحه فى وقت العماد... فلما رأى الرب يسوع مقبلاً إليه قال "هذا هو حمل الله الذى يرفع خطية العالم. هذا هو الذى قلت عنه يأتى بعدى رجل صار قدامى لأنه كان قبلى" (يو1 : 29 ، 30). 3- وشرح يوحنا كيف أرشده الله إلى معرفته فقال: "وأنا لم أكن أعرفه. لكن الذى أرسلنى لأعمد بالماء، ذاك قال لى الذى ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه، فهذا هو الذى يعمد بالروح القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو إبن الله" (يو 1 : 33 ، 34). 4- ومن أجل معرفة يوحنا له، وإيمانه به، تحرج من معموديته. لذلك لما جاء الرب ليعتمد منه، يقول الكتاب إن "يوحنا منعه قائلاً : أنا محتاج أن أعتمد منك، وأنت تأتى إلىّ ؟!" (مت3 : 14). ولكنه خضع لما سمع عبارة "يليق بنا أن نكمل كل بر". 5- وزاد إيمان يوحنا بالظهور الإلهى الذى رآه وقت العماد.. "السموات قد انفتحت له، فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه. وصوت من السموات قائلا: هذا هو إبنى الحبيب الذى به سررت" (مت3 : 16 ، 17). 6- وشهد يوحنا شهادة أخرى، لما بدأ المسيح يعمد ويعلم.. جاء تلاميذ يوحنا إليه وأخبروه فقال "من له العروس، فهو العريس. وأما صديق العريس الذى يقف ويسمعه، فإنه يفرح فرحاً.. إذن فرحى هذا قد كمل. ينبغى أن ذاك يزيد، وإنى أنا أنقص. الذي يأتى من فوق، هو فوق الجميع.." (يو3 :29 – 31). 7- بل من ثانى يوم للعماد، شهد أيضاً، وأرسل تلاميذه إليه.. يقول الكتاب بعد قصة العماد "وفى الغد أيضاً كان يوحنا واقفاً هو وإثنان من تلاميذه. فنظر إلى يسوع ماشياً، فقال: هوذا حمل الله. فسمعه التلميذان يتكلم، فتبعا يسوع" (يو1 : 35 – 37). 8- لماذا إذن أرسل يوحنا تلميذين للمسيح يقولان له: أنت هو الآتى أم نتظر آخر؟ يوحنا أرسل هذين التلميذين وهو فى السجن (مت11 : 2)، لما سمع بأعمال المسيح المعجزية. وكان يعرف أن رسالته قد انتهت وموته قريب. فأراد قبل موته أن يسلم تلاميذه للمسيح. فأرسلهم بهذه الرسالة، ليسمعوا ويروا، وينضموا إلى الرب.. وكان كذلك. لهذا قال الرب للتلميذين: إذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران: العمى يبصرون، والعرج يمشون، والصم يسمعون، والموتى يقومون.. وطوبى لمن لا يعثر فىّ. (مت11 : 4 – 6). وكانت هذه الرسالة للتلميذين أكثر مما ليوحنا.. أما عن يوحنا، فقال الرب للناس فى نفس المناسبة "ماذا خرجتم لتنظروا ؟ أنبياً ؟ بل وأفضل من نبى.. الحق أقول لكم: لم يقم من بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان.." (مت 11 : 9 – 11). 9- ومن غير المعقول أن يقول الرب هذه الشهادة على إنسان يشك فيه. وهناك نقطة أخرى نقولها عن إيمان يوحنا بالمسيح 10- تعرف يوحنا بالمسيح وهو فى بطن أمه... وفى ذلك يسجل الكتاب كيف أن القديسة أليصابات – وهى حبلى بيوحنا – قالت للقديسة مريم العذراء لما زارتها "هوذا حين صار صوت سلامك فى أذنى، إرتكض الجنين بابتهاج فى بطنى" (لو1 : 44). إرتكض يوحنا الجنين الذى فى بطن العذراء. وكيف أتيح له ذلك ؟ يجيب ملاك الرب على هذا بقوله "ومن بطن أمه يمتلىء من الروح القدس" (يو1 : 15).