هذا الموضوع يمكن أن نؤلف فيه كتاباً. ولكننى سأحاول الإجابة على أسئلتك باختصار شديد... 1- من أنا: أنت إنسان، خلق على صورة الله ومثاله (تك 26:1)، وينبغى أن تحتفظ بهذه الصورة الإلهية. وأنت كائن حى، له روح ناطقة، لا تنتهى حياته بالموت، بل تستمر. وله ضمير يميز بين الخير والشر، ويستنير بروح الله الساكن فيه (1كو 16:3)... وأنت تتميز بالعقل عن سائر المخلوقات الأرضية، وما يحويه هذا العقل من فهم وإدراك. وبعقلك وبحرية إرادتك تكون مسئولاً عن أعمالك، أولاً أمام الله، وثانياً أمام ضميرك، وثالثاً أمام المجتمع الذى تعيش فيه.. ومسئوليتك يتبعها ثواب أو عقاب في الأبدية، بعد الدينونة أمام الله. 2- لماذا جئت؟ من صلاح الله أنه أعطاك نعمة الوجود. من جوده، ومن كرمه، أعطاك فرصة أن توجد، وأن تتمتع بالحياة هنا على الأرض، وأن تكون لك فرصة أيضاً للحياة في النعيم الأبدى، إن أردت، وعملت ما يجعلك تستحق النعيم. 3- ولماذا أعيش؟ أنت تعيش لكى تؤدى رسالة نحو نفسك، ورسالة نحو غيرك، لكى تتمتع بالله هنا، وتذوق وتنظر ما أطيب الرب (مز 8:34). وأيضاً في حياتك تختبر إرادتك، ومدى انجذابها نحو الخير والشر. فحياتك فترة اختبار تثبت بها استحقاقك لملكوت السماء، وتحدد بها درجة حياتك في الأبدية... فعليك أن تدرك رسالتك وتؤديها، وتكون سبب بركة للجيل الذى تعيش فيه. فبقدر ما تكون رسالتك قوية ونافعة، بقدر ما تكون حياتك ممجدة على الأرض وفي السماء... 4- ولماذا أموت؟ تموت لكى تنتقل إلي حياة أفضل.. إلي ما لم تراه عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر(1كو 9:2). وتنتقل أيضاً إلي عشرة أفضل، عشرة الله وملائكته وقديسيه. فالموت إذن ليس فناء، وإنما هو انتقال. إن حياتك لو دامت على الأرض، وبقيت متصلاً بالمادة ومتحداً بالجسد المادى، فليس في هذا الخير لك. ولكن الخير لك أن تنتقل من حياة المادة والجسد، إلي حياة الروح وإلي الأبدية، وتكون مع المسيح فهذا أفضل جداً (فى 23:1). لذلك اشتهى القديسون الانطلاق من هذا الجسد.. إنما يخاف الموت الذين لا يستعدون له، ولا يثقون أنهم ينتقلون إلي حياة أفضل.. أو الذين لهم شهوات على الأرض، ولا يحبون أن يفارقوها !! والإنسان يموت، لأن الموت خير للكون. فمن غير المعقول أن يعيش الناس ولا يموتون، وتتوالى الأجيال وراء الأجيال لا تسعها الأرض، ويتعب الكهول من ثقل الشيخوخة، ويحتاجون إلي من يخدمهم ويعالجهم ويحملهم.. لذلك يموت جيل ليعطى فرصة لجيل آخر يعيش على الأرض ويأخذ مكانه في كل شئ