" فهذه الأمور جميعها أصابتهم مثالاً، وكتبت لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور. إذا من يظن أنه قائم، فلينظر أن لايسقط." (1كو10-12)
في اتضاع جم كتب معلمنا بولس إلى تلميذه تيموثاؤس يصف له عظمة نعمة ورحمة الله له بالرغم من عدم استحقاقه قائلاً:"وأنا أشكر المسيح يسوع الذي قواني، أنه حسبني أميناً، إذ جعلني للخدمة، أنا الذي كنت قبلاً مجدفاً ومضطهداً ومفترياً. ولكنني رحمت، لأنني فعلت بجهل في عدم إيمان. وتفاضلت نعمة ربنا جداًّ مع الإيمان والمحبة التي في المسيح يسوع صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول:"أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا....".
عاش معلمنا بولس الرسول شاكراً ممتناًْ لنعمة المسيح الذي انتشله من التجديف والافتراء واضطهاد الأبرياء ولم تفارق مشاعر الضعف الرسول العظيم ولذلك لم يكتف بوصف نفسه بالخاطئ لكنه أخذ يتراجع للوراء متخطياً خاطئاً تلو الآخر ليأخذ مكان أول الخطاة. ولم ينظر معلمنا العظيم بعين الاعتبار لجهاده وتعبه الكثير في الخدمة ولا لعظمة ما حققه من كرازة شملت آسيا الصغرى وأوربا ....ولا نظر لمواهبه الكثيرة ولا لما اقتناه من فضائل فلولا تفاضل نعمة الله عليه لظل المفتري و المجدف والظالم ولا أدرك ما حققه من نجاح في جهاده وخدمته.
علمنا رب المجد يسوع أنه أفضل للإنسان إذا دعي إلى حفل ألا يثق في نفسه أنه أعظم المدعوين فيجلس في المتكأ الأول؛ بل يأخذ المتكأ الأخير لأنه إذا جلس في المتكأ الأول قد يأتي من هو أكرم منه فيطلب منه ترك المتكأ فيضطر لتركه في خجل ليأخذ الموضع الأخير. ولقد عاش رسولنا العظيم بهذا المبدأ فلم يثق في نفسه أنه بار بل دعي نفسه أول الخطاة. ويهيأ لي أن القديس العظيم كان واضعاً أمام عينيه زلة معلمنا بطرس الرسول الذي اعتد بذاته مدعياً أنه لن يشك في الرب حتى ولو شك الجميع لكنه أنكره أمام جارية.
إن وصف القديس بولس نفسه بأنه أول الخطاة يظهر خوفه من السقوط بعدما تمتع بنعم وبركات روحية كثيرة لأنه بعد جهاده وتعبه الكثير وما ناله من نعم قد ازداد خبرة بشر العدو وكثرة حيله فقد يستهتر المبتدئون، أما القديسون المتقدمون في طريق القداسة فيخافون على أنفسهم من السقوط ولديهم قناعة بإمكانية السقوط مهما بلغوا من مستويات روحية متقدمة.
أخي....أختي:
اعلم أنه ما أخطر سقوط من ارتفع عالياً! والطبيعة نفسها تعلمنا أن الأشياء التي تسقط من ارتفاعات عالية عندما تسقط تتحطم بشدة وإن كان القديس العظيم بولس الرسول صاحب الرؤى والإعلانات والذي اختطف للسماء الثالثة يظهر خوفاً و اتضاعاً ويصف نفسه بأول الخطاة ... فمن تكون أنت؟!!! .