"..تحت ظله اشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة لحلقي" (نش3:2)"...
ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه. لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان. وهوذا أعظم من سليمان ههنا."( مت 42:12)
بدأ يسوع حديثه مع المرأة السامرية بطلبه منها ماءً ليشرب وتطرق الحديث عن العداوة بين اليهود والسامريين وعن الماء الحي الذي يعطيه يسوع و كشف لها يسوع أن من يشرب من الماء الذي يعطيه لا يعطش أبداً. وكانت المرأة السامرية تنصت وتسأل وتناقش والرب يجيبها. وامتد الحديث وابتدأت بصيرة المرأة تنفتح رويداً رويداً على شخص المسيح الأبرع جمالاً من بني البشر، فطلبت منه أن يعطيها هذا الماء الحي. وعندما كشف لها عن معرفته لماضيها قالت له أرى أنك نبي، وأكملت السامرية حديثها عن العبادة والسجود لله حسب اعتقادها ولكن الرب علمها كيف يجب أن يسجد الإنسان لله بالروح والحق، وبنعمة إلهية تذكرت السامرية نبوءة موسى النبي عن مجيء المسيا مخلص العالم، أما الرب فأعلن لها صراحة أنه هو المسيا؛ فتركت المرأة جرتها وذهبت فرحة تبشر أهل مدينتها أنها قد وجدت المسيا.
لم تسرع السامرية بالذهاب من أمام ربنا يسوع بل أصغت باهتمام لكل ما كان يقوله لها وكشفت له عما تعتقد به واستفسرت منه عن كل مادار بفكرها، وبينما كان هذا الحديث الشيق يمتد كان الرب يكشف لها شيئاً فشيئاً عن شخصه المبارك إلى أن أعلن لها أنه هو المسيا. ولو كانت السامرية أنهت حديثها مع الرب سريعاً (فرضاً) لأنه رجل يهودي وهي سامرية أو لأي سبب آخر لما كشف الرب لها عن شخصه المبارك ولضاعت منها أعظم فرصة لخلاص نفسها.
إن الصلاة هي حديث متبادل يختلي فيه الإنسان مع الرب فيتكلم إليه عما بداخل قلبه والرب يجيبه، ويعلن له ما لا يدرك. وبطريقة سرية يملأ الله القلب بتعزيات لا يمكن إدراكها إلا بالصلاة، وكلما امتد حديث الصلاة مع الله كلما تمتع الإنسان بما يكشفه ويعلنه الله له بروحه القدوس. وهذا ما أدركه آباؤنا القديسين الذين كان البعض منهم يقف للصلاة ناظراً للشرق والشمس خلفه (وقت الغروب) ويمر به الوقت وهو يصلي دون أن يدري إلي أن يجد الشمس قد أصبحت أمامه مواجهة، ولهذا أيضا اعتاد آباؤنا على ترديد المزامير الكثيرة في صلواتهم لكي لا يعجلوا بالانتهاء من الصلاة.
أخي...أختي:
إن كنت تريد حقاً التمتع بلقاء مع الرب يسوع تستنير فيه أعين ذهنك ويمتلئ به قلبك فرحاً ورجاءً، فلا تستعجل المضي من أمامه وقت الصلاة ودرب ذاتك أن تصلي بتأن وبفهم دون ملل، لأن الصلاة تكشف لك ما لم تره عين وتفتح لك أذناً لتسمع ما لم تسمع به أذن وتهيئ قلبك لإدراك ما لم يخطر على قلب بشر.