القديستان الشهيدتان سيرافيا و سابينا
ولدت القديسة سيرافيا فى الرها (انطاكية) فى اوائل القرن الميلادى من ابوين مسيحيين وكان قد اشتد الاضطهاد على المسيحيين فى هذا الوقت فغادرت تلك العائلة بلادها وتوجهت الى ايطاليا ينشدون الاستقرار فى ظل حكومة مستقرة مات والدا القديسة وتركاها فى سن البلوغ فتقدم لها كثيرون من الرومان يطلبون الزواج منها ولكنها رفضت الجميع ولم ترغب الى اى منهم ناذرة الالتصاق بالعريس السماوى وفضلت ان تعمل كخادمة لدى سيدة غنية كانت ارملة صغيرة وكانت هذه السيدة وثنية وكان اسمها سابينا ابنة لهيرودس الذى كان من اشراف المملكة فى عهد فسباسيانوس قيصر واحبت سابتنا الخادمة الجديدة سيرافيا لأجل اخلاصها وصفاتها الجميلة وكسبت سيرافيا عطف سيدتها ومحبتها واستطاعت بفضل عمل الروح القدس ونعمته ان تبشر سيدتها بالايمان الحقيقى بالمسيح الاله وان تظهر لها بطلان عبادة الأوثان فآمنت سابينا وتعمدت واصبحت تلميذة لخادمتها وتسمع لتعاليمها خرجت القديستان من منزلهما وذهبتا الى قرية نائية فى اقليم اومبريا وتبعهما بعض من العذارى المسيحيات واصبح منزلهما ديرآ مقدسآ
وفى هذا المكان كن يعشن كملائكة اللـه فى صلة وتسبيح ومواظببة على قراءة الكتاب المقدس وتعاليم السماوية ويتقدمن للتناول من الاسرار المقدس كلما سمحت الظروف اهاج الشيطان نار الاضطهاد على المسيحيين وذلك فى عام 125ميلادية وعرف حاكم اومريا وكان اسمه بريلوس ان سابينا قد تنصرت واصبحت وكل اهل منزلها مسيحيين فارسل اليها ان تحضر لديه وجميع اهل منزلها ولكنها رفضت ان تسمع لطلبه ولم تسمح لاى من العذارى ان يذهبن اليه ولكن سيرافيا اقنعت سابينا ان تذهب هى الى الحاكم لعلها تسكن غضبه فترفع عن الجميع شر الاضطهاد ولكن سابينا قامت معها وخرجا الاثنتان باتكال على الرب يسوع المسيح مرددين تسابيح وصلوات ومزامير روحانية واستقبل بريلوس الحاكم القديسة سابينا باحترام نظرأ لمكانتها السابقة واعرب لها عن دهشته من سيدة عظيمة مثلها تتبع الديانة المسيحية ديانة الذل والانكسار وتذعن لكلام امة ساحرة ويعنى بذلك سيرافيا فقالت سابينا للحاكم ان المسيحيين يرذلون السحر وكل حيل الشيطان وكل ما يفعلونه من العجائب انما هم بقوة الههم الضابط الكل عند ذلك اطلقهما فعادتا الى ديرهما بسلام ممجدين اللـه لم يسكت الشيطان عند هذا الحد بل اهاج الحاكم اذىامر بالقبض على القديسة سيرافيا ظانا منه انها هى التى خدعت القديسة سابينا فتبعتها سابينا الى الحاكم وحاولت ان تقدم له هدايا ثمينة وتشفعت فيها لديه ولكن قلبه القاسى لم يلن لا بالدموع ولا بالهدايا فرجعت سابينا الى منزلها رافعة قلبها للـه ان يحفظ امته من كل سوء ثم امر الحاكم سيرافيا ان تسجد لأوثان الملك فقالت له اننى لا اعبد ولا احب ما تحبون ان تعبدوا من الأوثان لأنها شياطين اما انا فاحب واعبد اللـه الذى خلق كل شيء وهو قادر على كل شيء ومنه وحده اخاف فقال لها الحاكم قدمى امامى ذبيحة للمسيح الهك فاجابته سيرافيا : اننى اقرب له الذبائح بالدوام ليلأ ونهارأ بالسجود والحمد والشكر لعظمته فسالها الحاكم واين هو هيكل الهك قالت له القديسة ان هيكله هو قلوب المسيحيين النقية وروح اللـه يسكن فيها هناك نقدم العواطف الطاهرة والتضحية بكل ما هو كريم من اجل اسمه فقال لها الحاكم اذا انت هيكل الهك فانى سوف اسلمك الى جماعة يرتكبون الزنا حتى نرى ماذا ستفعلين فقالت له اننى اتكل على الهى الذى اعبده من الصغر وهو سيحفظ هيكله فى داخلى بريئا من كل شر ومن كل دنس وامر الحاكم بادخالها الى منزل الأشرار وكان بدخله رجلان وتدخلت عناية اللـه بتلك الفتاة الصغيرة وضرب الرب الرجلان فى اعينهما فسقطا على الارض امام القديسة وبقيا على هذا الحال حتى حضر الحارس في المساء ووجد الرجلان كالموتى فهاله هذا المنظر وذهب بسرعة واخبر الحاكم فاستدعاها وسالها قائلا ما هذا السحر الذى به قتلت هذين الرجلين ! فاجابت سيرافيا انما هى قوة الهى الذى دافع عنى وحفظ عفتى واعلم ايها الحاكم هداك اللـه انه ليس للنصارى سحر الا بالاتكال عليه والالتحاء له فتوعدها الحاكم بان يذيقها انواع العذاب اذا لم ترضخ لأوامره بالسجود للأوثان وانكار دين المسيح له المجد فقالت له القديسة سيرافيا انى مستعدة لأن ابذل نفسى ضحية لربى الذى اوجدنى فى الحياة ومنه ارجو حياة الأبد معه والى الأبد فاستشاط غضبأ وامر بجلدها وضربها بالعصى حتى كادت تموت ولما راها ثابتة امر بقطع رأسها ونالت اكليل الشهادة فى التاسع والعشرين من شهر اغسطس
ارسلت القديسة سابينا واخذت جسد الشهيدة سيرافيا ودفنته باكرام بجوار منزلها الذى كانت تتعبد فيه مع صاحبتها وكانت تقضى اكثر اوقاتها بالصلاة عند قبر سيرافيا طالبة من اللـه بشفاعتها ان يوهلها لأن تستطيع ان تسفك دمها مثلها على اسم المسيح له المجد ولكن لم يسعى هذا الحاكم فى طلبها لأنه كان يحترم شرف نسبها
الحاكم بريلوس
ترك اومبريا وخلفه رجل شرير يدعى البيدون وكان قاسى القلب وشرس الأخلاق وسمع عن القديسة سابينا وصواحباتها فارسل وامسكها وعاملها باحتقار شديد ثم القاها فى سجن مظلم ولكن سابينا صمدت امام كل هذه الشرور وقالت لعل اللـه اراد ان يمنحنى اكليل اختى سيرافيا الشهيدة وقامت للصلاة لكى يثبتها اللـه حتى النفس الأخير وفى الغد استحضرها الحاكم وسالها :هل نسيتى مركزك القديم وكيف تتبعين تلك الطائفة التى تحتقر الأمجاد بل والحياة نفسها لأنهم يتبعون نموذجهم الذى صلب ويترجون سعادة اجلة بعد موتهم فى جنة الخلد فقالت له سابينا ارجو من اللـه ان يرفع عن عينيك حجاب الجهل الذى يغطى عيون اصحاب هذه الخيرات الزائلة حتى ترى الحق فتزدرى بكل مباهج هذه الحياة الفانية التى تعيشونها مع اوثانكم الحجرية التى تعملونها بايديكم وليس عندى عار ان اكون مسيحية لكن العار الحقيقى هو الركوع امام الهة لا تسمع ولا تنظر ولا تشعر فامر الحاكم بغضب ان تضرب رقبتها بالسيف فرفعت يديها قائله اشكرك يا ربى يسوع المسيح لأنك احسنت لى ولذلك تسبحك كل الخلائق وانا استودع روحى فى يديك قالت هذا وفى الحين تقدم السياف وقطع راسها ونالت القديسة اكليل الاستشهاد بعد مرور سنة واحدة لاستشهاد القديسة سيرافيا وفى نفس اليوم وهو التاسع والعشرين من شهر اغسطس ونقلت اجساد هاتين الشهيدتين القديستين الى روما فى عام 430ووضعا فى كنيسة فى جبل افينتى فى ايطالي