قصة استشهاد القديسين أنبا بانينا القس وأنبا باناو الشمـــــــــاس

كما وردت بالسنكسار القبطي اليعقوبى لرينيه باسيه الجزء الثاني تحت اليوم السابع من شهر كيهك

 استشهدَ القديسون الفضلاء النساك أنبا بانينا وباناو في زمن دقلديانوس وهذا القديس بانينا من أهل دورة سريان وابهاته كانوا نصارى خائفين من الله وكانت والدته من أهل أنصنا فلما نشأ هذا القديس بغير تعليم في بيت أبهاته قالت والدته لأبيه أنت تعلم بأن إخوتي في أنصنا وما اشتهى لهذا الصغير أن يبقى هكذا سائب فأن أردت فأنا أوديه لأخواله وهم يرسلونه إلى المعلم مع أولادهم ويحفظونه كمثلنا فسمع منها وأخذ الطفل ووالدته وعبروا البحر من دورة السريان إلى أنصنا وعرفت إخوتها من اجل الصبي ففرحوا كثيرا وأخذوه وودوه إلى معلم ماهر فتعلم العلم جيد فحسده العريف الذي له لما رآه ذ ذكى فالح ناجح أكثر منه وكان يترصد حتى خرج المعلم يوما ً من الأيام فقام بحسد وغيره شيطانية وأخذ اللوح من يد الصبي بانينا وحد فها إلى بعيد وكسرها وأمسك أصابعه التي يكتب بهم ولواها وكسرها إلى خلف لأجل رطوبة جسد الطفل وهرب لوقته وعبر البحر إلى قرية كان لوالدته فيها معرفة واختفى عندهم فأما الصبي الطاهر فغشى عليه ولما فاق لعقله بكى بكاء شديدا بمرارة ومضى إلى بيت أخواله ولم يعد من ذلك اليوم إلى الكتاب وبات تلك الليلة بوجع شديد فأتاه ملاك الرب ميكاييل وشفا أصابعه وقام من يومه كأنه لم يتألم البته وعدى عند ابهاته فوجد صبياً خائفا ً من الرب أنبا ناو وترافقوا مع بعضهم في الصلاة والصوم والطهارة فلما نظر الرب إلى حسن عبادتهم الذكية أرسل إليهم مكاييل وأمرهما أن يمضوا إلى بلاد الفيوم ويسكنوا عند قديس فاضل هناك ، وسيرته مشهورة البر فأجابوا الملاك قائلين نحن صبيان ولم نسلك قط طريقا ً ، فقال لهم أنا أصحبكم وأوصلكم ونعوه للوقت وسار بهم إلى عند ذلك الأب وظهر ملاك الرب للقديس وعرفه بوصولهم إليه فخرج وتلقاهم بفرح عظيم وقبلهم وسكنوا عنده ثلاث سنين وهم يتعلموا من حسن عبادته ، وبعد هذا ظهر لهم رئيس الملائكة ميكاييل وقال لهم قد جاء الوقت الذي تنقلو فيه من هذه البلاد إلى الجهة القبلية كما أمر السيد المسيح له المجد فتبعوه وهو يمشى قدامهم وهم سائرون إلى بلاد أبصاى من أعمالا اخميم وصعدوا إلى الجبل ووجدوا هناك نساكا ً وسواحا ً كثيرين وكانوا يتقربون فى بيعة لطيفة لم تسعهم فنشط السواح وبنوا كنيسة أكبر من تلك وطلبوا الأسقف أن يحضر ليكرزها وكان خوف دقلديانوس مبسوط على الديار المصرية وكان الأب الأسقف أنبا بسادة مختفيا ً ومتنكرا ً لا يعرفه أحد إذا مشى ثم تشاور السواح فيما بينهم قائلين مَنْ يذهب ليحضر لنا الأسقف يكرز الكنيسة فنهض أنبا بانينا ونزل وكان يطوف في طلب الأسقف يكرز الكنيسة ولم يخبره احد عنه بشيء وبعد تعب كثير وهو سائر وجد القديس أنبا بسادة فعرفه بالروح واستدعاه وقال له ما تريد ؟ فعرفه فأظهر له نفسه ومشى معه بفرح إلى الجبل ودخل إلى البيعة وكرزها وقبض أنبا بانينا وكرزه قسيسا ورفيقه أنبا باناو كرزه شماس وفر الشعب معهم وأقام عندهم أياما ً وانصرف ، وأما القديس فأقام زمانا ً هو ورفيقه وهما فرحان بعبادتهما الذكية وبعد زمان ظهر لهما ملاك الرب وأمرها بالانتقال من هناك إلى جبل ادريبه وكان هناك في ذلك الجبل صنم وعلى يده صحن نحاس يسع إردبا ً بالكيل وكان كهنة الأصنام يعملون لذلك الصنم عيد في الثامن عشر من بابه ويجمعون له خلائق لا تحصى من كل ألاماكن ويأتون بصبيان وعمرهم من اثنتي عشر سنة إلى ما دون وعددهم اثنا عشر صبيا ً ويذبحهم الكهنة في ذلك الصحن ويعملون العيد وفى الصباح لا يجدوا من ذلك الدم شيئا ً فعند ذلك يفرحون ويقولون إن إلههم قد قبل قرابينهم ويأخذون للوقت أجساد الأطفال ويدفنونهم ويعود كل واحد إلى موطنه وهم فرحون قائلين : إن إلههم ينجب الزرع في تلك السنة ولما مكثوا القديسون متعبدين لله في ذلك الجبل ظهر لهم ملاك وأمرهم أن يصلوا ويطلبوا من الله من أجل إبطال هذا الصنم فلما ذبحوا الأطفال في ذلك العيد وصبوا الدم في الصحن وكان القديسون وقوفا ً للصلاة على تل جبل غربي أدريبة وأن الدم الذي كان في الصحن لم يتغير ثاني يوم كعادة عوائدهم النجسة فغضب الكهنة وقالوا ما دام هؤلاء الشيوخ الأجلاء في هذه الناحية فإلهُنا َغضبان علينا ولا يقبل ذبائحنا ولا ينجب الزرع في هذه السنة وإذا ما دعوناه في شدائدنا فلا يستجيب لنا حينئذ أتى أربعين غلام من عباد الأصنام بآلة السلاح ومضوا يطلبونهم بسرعة فسترهم السيد المسيح منهم، بعد ذلك لما سمع مكسميانوس في ديار مصر نصارى مخفين فطلع بعسكر عظيم حتى وصل إلى مدينة أسوان وهو يطوف البرارى ومعابد الأوثان بكل مكان وكان يدفع لكل بربا قنطار ذهب وكان معه أصناف مزخرفين بجلي الذهب ولباس الحرير ومنهم من يكون في أيديهم سيوف مسلولة وآخرون في أيديهم شروخ وكان جميع آلهة الملاهي في الحراريق قدامهم ولما وصل الملك إلى ادريبة لينظر برابيها ويتفقد حالهم تقدم إليه كهنة ذلك الصنم واستفاتوا اليه واشتكوا القديسين وبما جرى لهم فى الذبائح والدم الذى لم يقبله صنمهم بسبب الشيوخ القديسين فأمر للوقت بإحضارهم سرعة فظهر لهم ملاك الرب ميكاييل وقال لهم :الملك يطلبكم ، عجلوا فان الجهاد ما هو فى كل وقت مبسوط وعرفهم بما يجيء عليهم وعزاهم وأوعدهم بالأكاليل السمايية فأتوا إلى الملك فوجدوا الرسل فى الطريق فأمسكوهم وأحضروهم قدام الملك فشتموه وقالوا له ان أصنامك حجارة وخشب باطلة وإنهم شياطين وانه غضب عليهم وأخذهم صحبته وانحدر إلى أن وصل إلى بركة قبالة اتفه فجلسوا فأمر الملك بأخذ رؤوس القديسين فصلوا عند ذلك وطلبوا من الرب المعونة فظهر لهم ملاك الرب وقواهم وأوعدهم بالخيرات الحسنة وكل من يذكر أسمائهم على الأرض إذا كان فى ضيقة أو فى شدة يخلصه الرب بصلاتهم وشفاعتهم وأخذت الأجناد رؤوسهم بحد السيف وغمسوا سيوفهم فى تلك البركة الماء فظهر من ذلك الماء آيات وعجائب واشفية ولاسيما الذين بهم مرض المثلثة اذا ما استحموا من ذلك الماء بأمانة يشفوا وأما أجسادهم فبقيت مطروحة حتى انصرف الملك وعسكره فأتوا أناس مسيحيين مختفيين في تلك النواحي وحملوا الأجساد وكفنوهم ودفنوهم فى الجبل قبالة تلك البركة ولما بطل الاضطهاد بنى لهم المؤمنون بيعة على أسمائهم وجعلوا أجسادهم فيها وهى الآن تظهر فيها الآيات والأشفية

ملحوظة

ادريبة فى القصة يقصد بها جبل ادريب وهو جبل الانبا شنودة الغربى بسوهاج حيث كانا يتعبدان القديسان