الشهيدة حبصة
جاءت قصة حبصة تكشف عن شوق المؤمنين نحو التمتع بشركة الصلب مع السيد المسيح، فأرادوا أن يقدموا حياتهم ذبيحة حيَّة لذاك الذي قدم حياته ذبيحة حب كفارة عنهم.
الحميريون
عانت بلاد نجران من ملوكٍ يهود في أجيال كثيرة, من بينهم ذونواس في القرن السادس، فقد بذل كل جهده لإبادة المسيحيين خاصة النساء النجريات.
شهوة الاستشهاد
كانت حبصة بنت حيان بن حيان الكبير الذي نشر المسيحية في بلاد نجران. وقد حزنت جدًا لأنها لم تكن مع النساء النجرانيات اللواتي استشهدن على يد اليهود من أجل إعلانهن الإيمان المسيحي، وطلبت من السيد المسيح أن يلحقها بهن.
شهادتها للسيد المسيح وشجاعتها
في اليوم التالي قامت وأخذت صليبها النحاسي الصغير ووضعته على غطاء رأسها ونزلت إلى الشارع. وأخذت تصيح أنها مسيحية، ثم تبعتها امرأتان شريفتان، إحداهما عجوز والأخرى شابة، اسم كل منهما حيَّة، كما اجتمع حولهن كثيرون من أهل نجران من رجالٍ ونساءٍ.
تطلعت إليهم حبصة ورأت وسطهم جارًا لها يهوديًا. دخلت معه في حوارٍ بخصوص شخص السيد المسيح. أخيرًا قالت له: "أيها اليهودي، صالب ربك، أنتم تكفرون بالمسيح وتقولون أنه ليس إلهًا، لكني آمنت بسيدي يسوع المسيح ربًا وإلهًا".
لما بلغ الملك اليهودي كلامها استحضرها وسألها عن إيمانها فأجابت أنها مسيحية. وحاول استمالتها فلم تقبل، فأخذ يهددها. فقالت له: "إني أؤمن أن المسيح هو الله خالق كل البشرية، وإني أحتمي بصليبه. وأعلم إني لا أهتم بالعذابات، فافعل ما تشاء". وكانت رفيقتاها توافقنّها على كلامها.
استشهادهن
أمر الملك أن يربطوا أجسادهن بالحبال حتى سُمع صوت عظامهن التي كانت تتخلع. وأخذوا يلطموهن بشدة ويضربوهن على أفواههن حتى تعذّر عليهن الكلام.
وإذ لم تحتمل العجوز سقطت ميتة، أما حبصة وحية الشابة فقد أخذوهما وجلدوهما وأتوا بجملين، وربطوا كل منهما بجملٍ، وأطلقوهما في البرية حتى فارقتا الحياة، ذاهبتين إلى الحياة الحقيقية الأبدية. بذلك نالتا إكليل الاستشهاد في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 523م.
لم يكتفِ الملك عدو الحق بهذا، فقد صمم ألا يترك في نجران امرأة مسيحية إلا وقتلها، فأمر قائده ذايزن أن يدخل نجران ويجمعهن إليه، وتمكن من جمع نحو مائة واثنين وعشرين سيدة استشهدن جميعًا بعد اعترافهن بالسيد المسيح.