قال رب الجنود « آتي أيضا » والذي أعطى هذا الوعد مشغول بإنجازه حتى ولو لم تكن قلوبنا مشغولة وموضوعة عليه. وإن كنا نحبه لأنه أحبنا أولاً، فإننا نشتاق لأن نوجد معه لأنه هو في نعمته اشتاق أولاً أن نكون معه.
« آتي أيضا » هذه كلمة بسيطة، ولكنها صادقة وأمينة، وعليها يستقر القلب في نُصرة فرحة، منتظراً المسيح! قد تؤلمنا الظروف التي حولنا، وقد تكون طريقنا محفوفة بالصعاب، وقد نحس في قرارة نفوسنا بوحشة غياب المخلّص الحبيب، وقد نشعر أن فترة تغربنا عن الرب إنما هي ليل حالك. ولكن لنذكر أنه سبق فوعدنا في محبته الأمينة بقولة « آتي أيضا ».
أنا أمضي لأُعد لكم مكاناً. وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً، آتي أيضاً وآخذكم إليَّ، حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضآ
قد نتكلم عن تصوير حالة السماء فيما بعد، وعن مسراتها، ولذاتها، وعن أمجادها وأفراحها. ولكن المسيح يتكلم من فيض قلب يحب، وينتظر منا صدى لمحبته، محبة لشخصه المحبوب، فيقول « حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضا ». حقاً إن هذا كافٍ لقلوبنا. ويستطيع أي تقي أن يجاوب صدى هذه الأقوال فيقول: نعم يا رب، هذا كل ما أتمناة. فدعني أوجد معك حيث أنت
وكل ما نعرفه عن المكان السعيد الذي سيأتي الرب ويأخذنا إليه، هو أنه بيت الآب. فنحن أولاد البيت، سنكون فيه ونملأه، وسيكون شخص الرب نفسه مركز اجتماعنا هناك، ذاك « الذي أحبنا وأسلم نفسه لأجلنا ».