الجمعة العظيمة
لقد كان يعلم يسوع منذ البداية ان واحدا من تلاميذه سوف يسلمه الى اليهود وها ان نبوءته قد تحققت واذ بتلميذه يهوذا الاسخريوطي قد ارشد من يقبض عليه في بستان الزيتون مقابل ثلاثين من الفضة . يسوع الذي كان يسير وحيدا في بستان الزيتون متاملا حياة البشرية غارقا في افكاره ونواياه الحسنة لانقاذهم من الهلاك . جاءه اولئك اليهود وكبلوه وساقوه كشاة الى المذبح .
لقد جلده بيلاطس لعل منظره يثير شفقة ذلك الشعب الأعمى وكل جلدة كانت مميته ولم تلين قلب ذاك الشعب . حيث راح الجمع يصرخ ( اصلبه ... اصلبه ) فأذعن لهم بيلاطس وأطلق لهم بارآباس المجرم . وأرسل المسيح الى الجلجثة بعدما غسل يديه امامهم قائلا ( انا بريء من دم هذا الصديق ) .
نعم لقد تألم الرب في هذه الجمعة على يد الكتبة والفريسيين والجند الرومان . وتدمعت عينا مريم على ابنها المعذب وعلى رأسه أكاليل الشوك . و تصرخ ( واحبيبي ... واحبيبي ... أي حال أنت فيه )
لقـد حزنت العذراء في جمعة الآلام .. وكذلك التلاميذ والمحبون .. تآلم المسيح وهو يحمل خطايانا سائرا بها على طريق الجلجثة . لقد وصل الموكب الى الجلجثة . انتهى الشغب وقل الضجيج . القاه الجنود على الأرض ، وها هم يدقون المسامير في يديه ورجليه . ثم يرفعونه على الصليب . كانت هناك لحظة هدوء رهيب . ثم علت الأصوات .
إن كنت ابن الله فأنزل عن الصليب .
خلص آخرين ، أما نفسه فما يقدر أن يخلصها .
تجديف وتعيير واستهزاء ... أما هو فيطلب المغفرة لصالبيه
يستودع أمه ليوحنا ، ثم يقول أنا عطشان !!! وما أن تنتهي الثلاث ساعات ونحو الساعة الثانية عشر ظهرا ... حتى تظلم الأرض كلها الجميع سكتوا . الجنود والشعب . حتى الذين صلبوا معه . حزنت الأرض .
ثم يصرخ يسوع بصوت عظيم قائلا . إلهي إلهي لماذا تركتني ... بعد ذلك نكس رأسه وأسلم الروح قائلا ( يا ابتاه في يديك أستودع روحي ) .
إن أعظم معركة عرفها التاريخ ، تمت في تلك الساعات الثلاث الأخيرة ... ففي تلك الساعات الأخيرة ، حجبت الشمس نورها عن ذاك الذي قال ، ليكن نور، فكان نورا . وفي تلك الساعات ، حجب الآب وجه ، عن إبنه الحبيب ، إذ يقول الكتاب المقدس ( صار الذي لم يعرف خطية ، خطية لأجلنا . فلم يستطع الآب القدوس أن يرى خطاياي وخطايك وخطايا العالم بأسره ، على المسيح ، فحجب عنه وجهه . إن آللام المسيح الجسدية ، لا تقاس بالآمه النفسيه والروحية . لأنه هو القدوس البار يصبح خطية لأجلنا ، وبذاك يشرب كأس غضب الله القدوس . هناك ، كانت العدالة الإلهية تقتص منه جزاء خطاياي وخطاياك
نعم إنها أهم معركة عرفها التاريخ . ففي ذلك الوقت . جاء صوت إبليس ايضا . إنزل ... إنزل عن الصليب ... لما كل هذا العذاب ... أمن أجل هؤلاء ؟ إن الكل تخلى عنك ... حتى أبوك حجب وجهه عنك ... خلص نفسك ... فأنت قادر ... نعم كان يقدر أن يخلص نفسه وينزل عن الصليب ... لكنه لم يفعل .
لأنه رآك أنت دون أي أمل في الحياة . رأى إبليس يهزأ بك . وها أنت عاجز عن أن تخلص نفسك . لقد رآك هناك وأحبك . وهو على الصليب . هناك وفي المعركة الأخيرة . انتصر المسيح . لقد تمم المسيح عمل الفداء . لقد إختار يسوع أن يموت مصلوبا من أجلك أنت . حتى لا يذهب إلى السماء بدونك أنت .