مسكن الله مع الناس
إن سكني الله مع الناس وفي وسطهم، هي قصة قديمة. إنها قصة خيمة الإجتماع وتابوت العهد، التي فيها نري الله يسكن وسط شعبه.
وكما أن سكني الله مع الناس دلالة خيمة الإجتماع، هي أيضاً دلالة أورشليم السمائية في الأبدية، التي قيل عنها: "هوذا مسكن الله مع الناس. وهو سيسكن معهم. وهم يكونون له شعباً. الله نفسه يكون معهم" (رؤ21: 3).
وقد وضح هذا المعني بتشبيه أقوي في حبه:
قال إنه الرأس ونحن الأعضاء، وقال الرسول عنا ككنيسة إبناً: "جسد المسيح ". ولعل مثل هذا التشبيه هو ما قصده الرب بقوله: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان" (يو15: 5)، وطلب منا أن نثبت فيه كما تثبت الأغصان في الكرمة
الله الذي حل في بطن العذراء لكي يأخذ منها جسداً، يريد أن يحل في أحشائك لكي يملأك حباً... إن أفضل مسكن لله هو فيك. الله لا يسر بالسماء مسكناً له، بل هو واقف على بابك يقرع لكي تفتح له (رؤ3: 2). وهو يعتبر جسدك هيكلاً لروحه القدوس ويسكن روح الله فيه (1كو3: 16).
الله الذي بصر في الحاح أن يسكن فيك، يخاطب نفسك الحبيبة إليه بتلك العبارات المؤثرة: "افتحي لي يا أختي يا حمامتي يا كاملتي، فإن رأسي قد إمتلأ من الطل، وقصصي من ندي الليل" (نش5: 2). وتصور أن الله واقف طول هذه المدة يقرع على باباك محتملاً من أجلك الطل وندي الليل.
سماؤه الحقيقية هي قلبك، لذلك يطلب إليك على الدوام قائلاً: "يا إبنى أعطني قلبك..." (أم23: 26).
وهكذا يقول الرب: "ها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر" (مت28: 20). ويقول أيضاً: "إن إجتمع إثنان أو ثلاثة بإسمي، فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20). ويظل الرب معنا في الأبدية التي لا تنتهي. وعن هذا الأمر قال للآب: "أيها الآب، أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي، حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً" (يو14: 3). وهكذا قال يوحنا الرائي عن أورشليم السمائية إنها: "مسكن الله مع الناس " (رؤ21: 3). هل إلى هذا الحد يا رب؟ نعم: أنا أريد أن أسكن معكم، وأحل فيكم.