لو
لم توجد في حياة إبراهيم وأسحق سوي هذه الحادثة التي فيها يقدم إبراهيم ابنه
ذبيحة، وإبنه إسحق لا يعترض ولا يقاوم، لكان كلاهما أعظم قديسين عبر العصور. وهذه القصة
تشير لعظمة إيمان إبراهيم الذي يري أن الله هو كل كفايته حتي لو حرم من كل مصادر
التعزية فإبنه إسمعيل مطرود وإبنه اسحق سيقدمه ذبيحة بيديه وبقدر ما قست التجربة
جداً تمجد إبراهيم وإسحق إبنه، فصار يمثلان صورة حية لعمل الله الخلاصي خلال ذبيحة
الصليب وإعلان قيامة المسيح.
والكنيسة
تصلي في يوم خميس العهد قسمة ذبح إسحق وهي تذكر تقديم المسيح نفسه كذبيحة.
أية
(1):- "1وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ
إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا»."
وحدث بعد هذه الأمور : كأن الله لم
يسمح بالتجربة الرهيبة إلا بعد أن أعطي له الوعد من جهة اسحق وقد تحقق الوعد وبعد
أن اعطي له مهابة ورهبة أمام الملوك. فالله قوَي إيمانه قبل أن يمتحنه فالله لا
يجرب إنسان فوق ما يستطيع 1كو 13:10. ومن المؤكد أن الله رافقه وشدده خلالها
"يجعل مع التجربة المنفذ" ويكون هذا بطريقة خفية
الله
إمتحن إبراهيم : والكلمة العبرية
لإمتحن تعني يختبر أو يثبت. والمعني أن الله وضع له هذه التجربة ليظهر عظمته أمام
الأجيال، عظمة إيمانه الذي لا يهتز. وأراد الله في نفس الوقت أن يظهر لإبراهيم
طريقة الخلاص، فرجل مثل إبراهيم حصل علي كل ما يتمناه، الأبناء والأرض والمهابة.
من المؤكد أنه كان يفكر في طريقة الخلاص بعد الموت وهنا طلب منه الله هذا الطلب
وكان إبراهيم في هذه القصة الرمزية رمزاً للآب الذي سيقدم أبنه ولقد اختبر إبراهيم
بنفسه مرارة الألم إعلاناً عن مشاعر الآب الذي قدم إبنه فداء عن بني آدم الذين
أحبهم. وخلال التجربة تمتع إبراهيم برؤية واضحة لطريقة الخلاص وفهم مسبقاً كيف أن
المسيح سيقوم من الأموات مانحاً الحياة لإبراهيم ولأولاده ففرح إبراهيم
"أبوكم إبراهيم تهلل بأن يري يومي فرأي وفرح يو 56:8" فهو بالإيمان والمرارة
أنطلق بابنه نحو المذبح ورجع من التجربة فرحاً باسحق القائم من الأموات رمزاً
للمسيح. لقد شرح الله طريقة الخلاص ولكن استخدم الله إبراهيم وأسحق الجبابرة الذين
يصلحون لهذه المهمة. ولنلاحظ أنه كلما زادت التجربة زاد حجم العطية ولكن الله يعرف
من يتحمل ويمتحنه. إذاً معني أن الله يمتحن إبراهيم لا تعني أن الله ينتظر ماذا
سيكون موقف إبراهيم من التجربة فهو بالقطع يعرف، ليس هذا فقط، بل الله أظهر نتيجة
الامتحان مسبقاً في 6:15 "فأمن إبراهيم بالرب فحسبه له براً". إنما
الإمتحان هنا هو لمزيد من الإعلانات ولإظهار بر إبراهيم للعالم. ولقد شرح بولس
الرسول ماذا كان إيمان إبراهيم في هذه الحالة عب 17:11-19. إذ قد صدَق وآمن بوعد
الله أنه بإسحق سيدعي له نسل فأمن أنه ولو قدمه ذبيحة فسيقيمه الله ثانية فلا نحزن
إذا إمتحننا الله بتجربة صعبة فالله لا يمتحن سوي الأقوياء ليعطيهم مزيداً من
الإعلانات. ولذلك كان هذا الاعلان او هذا الامتحان لابراهيم القوي وليس للوط
الأضعف.
وهذا
ما قد حدث فلقد مر إبراهيم بتجربة صعبة والنتيجة أنه رأى الله، لقد تحول الإيمان
إلى عيان ( أية 14).
أية
(2):- " 2فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ،
إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً
عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ»."
الله
لا يطيق الذبائح البشرية وقد حرم الناموس والشريعة ذلك تماماً. وكان الوثنيون
يقدمون أبكارهم ذبائح لألهتهم فهم كانوا كيائسين يودون إسترضاء الهتهم المتعطشة
للدماء. أما الله هنا المحب للبشر فهو أراد أن يعلن أنه لا يريد موت إنسان بل هو
الذي سيبذل نفسه عن البشر ليعطيهم حياة.
إينك وحيدك الذي تحبه : هذه الكلمات
مصممة لتنطبق علي المسيح الإبن الوحيد الجنس المحبوب. أف 6:1 أرض المريا : يري البعض أنه المكان الذي بني فيه
الهيكل حيث كانت تقدم الذبائح ويري البعض أنه الموقع الذي صلب فيه المسيح (2 أي
1:3) المهم أن المكانين متجاورين. وكلمة مريا تعني (الرب راء أو معد) حيث أعد الرب
كبش المحرقة. وقد قال إبراهيم الرب يري له الخروف للمحرقة (أية 8). فغالباً المكان
سمي بحسب الحادثة. وغالباً فجبل المريا يعني كل جبال أورشليم وهي تبعد عن بئر سبع
حيث كان إبراهيم يسكن 42 ميلاً (3 أيام سفر). والان فهمنا لماذا كلم الله ابراهيم
في هذا المكان لكي يقدم ابنه ذبيحة .فمن هذا الوقت وحتي عودة اسحق حيا ، واسحق في
حكم الميت . كما ان المسيح قضي في القبر 3
ايام ثم قام حيا .
أية
(3):- "3فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ،
وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ، وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ، وَشَقَّقَ
حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ، وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ
اللهُ."
فبكر : دون تراخ وقبل
أن تستيقظ سارة وتعرف فتمنعه. وبغير جدال أوشك في مواعيد الله. كان إبراهيم عجيباً
في طاعته وإسحق عجيباً في إستسلامه. وهذا يعني الحب.
وشقق حطباً: ليذهب للمكان مستعداً فلا يوجد ما يعوقه عن تحقيق أمر الرب وحتي لا يضعف
حين يصل إلي المكان. والحطب هو الخشب الذي يشير لخشبة صليب المسيح. الله كان يكشف
سر الصليب بطرق متنوعة غير أن الكثيرين عيونهم قد إنطمست. ولنري مميزات إيمان
إبراهيم.
1.
الله سيقيم من
الأموات
2.
بلا تردد ولا
أسئلة كيف ولماذا.
3.
بسرعة وباكراً ولا
يستشير لحماً ولا دماً
4.
إيمان عملي ينفذ
وليس كلاماً فقط.
لذلك
هو إختبر الله ورآه ورأي يومه ورجع من هذه التجربة فرحاً. لا تجربة بلا فرح
أية
(4):- "4وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ
وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ، "
وفي اليوم الثالث : اليوم الثالث
يشير للقيامة وكأن إسحق ظل مع المسيح في القبر هذه الثلاثة أيام وفي اليوم الثالث
رجع حياً. ولقد تكررت قصة الأيام الثلاثة في الكتاب المقدس لتشرح نفس الفكرة وهناك
بعض الأمثلة.
1.
طلب من بني إسرائيل
أن يقدموا ذبيحة علي مسيرة 3 أيام فالذبيحة لا تقبل خارج دائرة القيامة.
2.
بعد مسيرة 3 أيام
وجدوا ماء
3.
مسيرة التابوت 3
أيام
راجع
خر 3:5 + 22:15 + عد 33:10 + خر 11:19 + يش 14:1 + 2 مل 5:20 والكتاب لم يخبرنا
لماذا سكن إبراهيم في جرار بجانب إبيمالك ولعلنا الأن علمنا السبب!! ليكون إبراهيم
وإسحق علي مسافة 3 أيام من جبل المريا في أورشليم ويكمل الرمز. كم كانت التجربة
مؤلمة ومرة علي نفس إبراهيم وإسحق ولكن وسط التجربة وبين ضغطات الألم وعند كثرة
الهموم إمتلات نفس إبراهيم تعزية وإنفتحت بصيرته الداخلية فعاين سر المصلوب القائم
من بين الأموات فتهلل إذ رأي يوم الرب (يو 56:8). وبالنسبة لنا فمن المؤكد أنه لو
صبرنا علي أي تجربة ستكون النتيجة خيراً وبقدر ما زاد ألم التجربة زادت إعلانات
الله وتعزيته وزاد المجد المنتظر رؤ 18،17:8 + يع 2:1. ولاحظ أن الله لم يجرب لوط
بمثل هذه التجربة فلوط الذي وضع نفسه في هذا المكان السيئ هو غير مستعد للإعلانات
الإلهية.
أية
(5):- " 5فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا
ههُنَا مَعَ الْحِمَارِ، وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ
وَنَسْجُدُ، ثُمَّ نَرْجعُ إِلَيْكُمَا».
"
لقد
منع إبراهيم غلاميه أن يصحباه لأنهما كانا من المؤكد أنهما سيعوقانه ويمنعانه من
ذبح إبنه. فهل نترك تحت التل ما يعوقنا عن العبادة من أفكار وأهتمامات. أما
الخادمان اللذان تركهما إبراهيم تحت التل مع الحمار فيشيران للشعب اليهودي الذي لم
يستطيع ان يصعد ويبلغ إلي موضع الذبيحة إذ لم يريدوا أن يؤمنوا. وهم رأوا المسيح
والصليب ولم يدركوا سره ولا قوة القيامة ولم يفرحوا كما فرح إبراهيم. من إرتبط
بالفكر الترابي لا يدرك السماويات وأما أنا
والغلام فنذهب… ثم نرجع : هذا يوضح إيمان إبراهيم برجوع إبنه حياً.
أية
(6):- " 6فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ حَطَبَ الْمُحْرَقَةِ وَوَضَعَهُ
عَلَى إِسْحَاقَ ابْنِهِ، وَأَخَذَ بِيَدِهِ النَّارَ وَالسِّكِّينَ. فَذَهَبَا
كِلاَهُمَا مَعًا. "
إسحق
كان شاباً ويقدر البعض عمره بـ 25 سنة لذلك وضع إبراهيم عليه الحطب رمزاً لحمل
المسيح لخشبة صليبه. (وتكون الرئاسة علي كتفيه إش 6،5:9 )
فذهبا كلاهما معاً : قدم إبراهيم
إبنه الوحيد خلال الحب الفائق وقدم إسحق نفسه في طاعة كاملة فحسبت الذبيحة لحساب
الإثنين معاً. وهكذا فذبيحة المسيح هي ذبيحة الآب الذي قدم إبنه فدية عنا وهي
ذبيحة الإبن الذي أطاع حتي الموت موت الصليب (يو 16:3 + رو 32:8 + في 8:2) فقوله ذهبا كلاهما معاً يشير إلي انطلاق الآب والإبن
إلي الصليب ليقدما ذبيحة الصليب.
أية
(7):- " 7وَكَلَّمَ إِسْحَاقُ إِبْرَاهِيمَ أَبِاهُ وَقَالَ: «يَا
أَبِي!». فَقَالَ: «هأَنَذَا يَا ابْنِي». فَقَالَ: «هُوَذَا النَّارُ
وَالْحَطَبُ، وَلكِنْ أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟» "
لقد
كان سؤال إسحق لإبراهيم إبيه ربما أقسي موقف في التجربة. ولكن هذا السؤال سؤال
تعليمى لنا جميعاً. فهوذا النار =
الروح القدس الذى يساعد والله الذى يقبل...
وهوذا الحطب : الوصايا التي نصلب عليها شهواتنا
وأهوائنا.
ولكن أين الخروف
للمحرقة : فهل نقبل أن نكون ذبائح حية (رو 1:12) ونقدم ذواتنا محرقة.
أية
(8):- " 8فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ
لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي». فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعًا."
الله يري له الخروف : جاءت في
الإنجليزية في النسخ القديمة
Old KJ(God will provide himself a lamb for a burnt offering.
وأضيفت
كلمة For قبل Himself في النسخ الجديدة New KJ والمعني أن الله سيدبر نفسه الخروف
للمحرقة. قال إبراهيم هذا الرد بروح النبوة الذي به رأي خطة الله للخلاص وأنها
ليست من صنع إنسان لكنها بتدبير إلهي هو وحده يراه.
أية (9):- " 9فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ
الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ، بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ
الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ
الْحَطَبِ. "
هذه
صورة المسيح المربوط والمثبت علي الصليب ولكن بمسامير.
أية
(10):- "10ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ
لِيَذْبَحَ ابْنَهُ.
أية
(11):- " 11فَنَادَاهُ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «إِبْرَاهِيمُ!
إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا» "
ملاك الرب : يهوه صانع
الخلاص.
أية
(12):- "12فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ
بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ
ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي».
"
لا تمد يدك إلي الغلام : هذا تدبير
الخلاص وهو نفس ما قاله المسيح لمن أتوا للقبض عليه "فدعوا هؤلاء يذهبون يو
8:18" فيسوع حين قال أنا هو يعني أنا يهوة. لأني
الأن علمت : هل كان الله لا يعلم قبل ذلك؟ بالقطع كان يعلم فهو لا يخفي
عليه شئ. لكن الأن صار إيمان إبراهيم العجيب مكشوفاً أمام العالم كله وأمام نفسه.
ونلاحظ أن بولس حين ناقش الآية "فآمن إبراهيم بالله فحسب له براً" ركز
علي إيمان إبراهيم وحين ناقشها يعقوب فقد ركز علي أعمال إبراهيم (رؤ 1:4-5 + يع
20:2-23) وليس هناك أي خلاف فبولس كان يكشف الجانب الخفي في قلب إبراهيم ويعقوب
كان يتكلم عن الأعمال التي تظهر أمام العالم. فتبرر إبراهيم بإيمانه أمام الله
وتبرر بأعماله أمام الناس. فأعمال إبراهيم أظهرت أن إيمانه المخفي إيمان حي وليس
إيمان ميت. وهذا الإيمان الذي لم يكن يراه سوي الله ظهر الأن أمام الناس بل حتي
أمام إبراهيم نفسه.
أية
(13):- "13فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ
وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ، فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ
الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ. "
ممسكاً في الغابة بقرنيه : قرون الكبش هي
علامة قوته وهنا هو موثق من قرنيه إشارة للمسيح الذي أخلي ذاته بإرادته وسلطانه
(يو 18،17:10). المسيح أوثق قوته أو تنازل عنها حتي يصلب. والغابة شجرة. والمعني أن المسيح كان موثقاً
علي الصليب. وسر ذبيحة المسيح نراها في إسحق والكبش معاً. الكبش يمثل المسيح في
موته فعلاً وإسحق يمثل المسيح في حمله للصليب ثم في قيامته. ولنلاحظ أيضاً ان
الكبش فدي إسحق (إبن الحرة) والمسيح فدي كنيسته الحرة التي حررها.
أية
(14):- "14فَدَعَا إِبْرَاهِيمُ اسْمَ ذلِكَ الْمَوْضِعِ «يَهْوَهْ
يِرْأَهْ». حَتَّى إِنَّهُ يُقَالُ الْيَوْمَ: «فِي جَبَلِ الرَّبِّ يُرَى»."
يهوة يرأه : أي الله يُري.
فمن ثمار التجربة المؤلمة أن إبراهيم إختبر الرب ورآه. هكذا تراءي الله لإبراهيم
في موضع الذبيحة إذ فيه تمت المصالحة بين الله والإنسان. فصار لنا حق رؤيته
كأبناء. وهو يري حلاً لكل مشاكلنا ولذلك نتكل عليه وصار هذا مثلاً " في جبل الرب
يُري : أي أن الله في علوه وسموه في سماه المشار لها بالجبل، هو
يري تعب البشر وأمورهم الصعبة وينقذهم وكان هذا نبوة عن التجسد (أش 5:53 )
مقارنة
بين إسحق والمسيح
إسحق |
المسيح |
ولادة إعجازية
من مستودع سارة الميت إبن محبوب وحيد
لوالديه. حمل الخشب وسار
ثلاثة أيام. طاعة إسحق
العجيبة. أخذ إبراهيم
معه غلامين وحمار لأورشليم (المريا) عاد إسحق حياً |
ولادة إعجازية
من العذراء بدون زرع بشر. الإبن الوحيد
الجنس المحبوب من الآب المحب. حمل الصليب
ودفن ثلاثة أيام. طاعة المسيح
حتي الموت موت الصليب دخل المسيح
أورشليم علي حمار أتي به التلاميذ قام المسيح من
الأموات |
يهوه يرأة:غالبا هنا
اظهرالله لابراهيم كيفية الخلاص وتطابق ما فعله بفداء المسيح ففرح . وهذا مااشار له
المسيح بقوله ابوكم ابراهيم رأي يومي وفرح ( 8 : 56 )
الأيات (15-18):- "15وَنَادَى مَلاَكُ الرَّبِّ إِبْرَاهِيمَ
ثَانِيَةً مِنَ السَّمَاءِ 16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ،
أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ
وَحِيدَكَ، 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً، وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ
تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ،
وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ، 18وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ
جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي»."
هنا
يتمتع إبراهيم بتجديد الوعد بطريقة فاقت المرات السابقة فهو لم يمسك إبنه عن الله
فإستحق أن يكشف له الله عن الأتي:-
1.
كان الكلام
مثبتاً بقسم : بذاتي أقسمت للتدليل علي أهميته وتأكيداً لحدوثه.
2.
هو وعد بالبركة :
أباركك مباركة.
3.
كثرة النسل. وقد
سمعنا من قبل أن نسل إبراهيم سيكون كنجوم السماء ومرة أخري سمعنا أنهم كتراب الأرض
وكان هذا راجعاً لأن الرؤيا الأولي كانت مساءً فقال نجوم السماء والرؤيا الثانية
كانت صباحاً فقال كتراب الأرض. وهنا جمع الإثنين وربما أشار هذا أن نسل إبراهيم
سيكون من اليهود (نجوم السماء) الذين كانوا في ليل العالم قبل أن يشرق المسيح شمس
البر. وسيكون أباً للكنيسة المسيحية (رمل البحر) الذين هم الأن في نور المسيح.
4.
النصرة والغلبة
علي الشياطين والأعداء : يرث نسلك باب أعدائه.
5.
الوعد بتجسد
المسيح ويكون من نسله : يتبارك في نسلك فالمسيح هو بركة العالم العظمي
6.
لأن هذه الرؤيا
كانت تخص شعب العهد الجديد كان الصوت من السماء : نادي ملاك الرب إبراهيم ثانية من
السماء. وقبل ذلك كان الصوت من الأرض فهو لم يقل من السماء من قبل.
7.
لهذه الأسباب رجع
إبراهيم فرحاً.
أية (19):- "19ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى
غُلاَمَيْهِ، فَقَامُوا وَذَهَبُوا مَعًا إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ. وَسَكَنَ
إِبْرَاهِيمُ فِي بِئْرِ سَبْعٍ."
وسكن إبراهيم في بئر سبع : بئر سبع أصبحت
تشير للمعمودية. والختان يشير للمعمودية ولقد إختتن إبراهيم من قبل فما معني أن
يسكن عند بئر سبع. المعني ان المعمودية هي موت وقيامة مع المسيح وهذا تم في
المعمودية ولكن علي الإنسان أن يعيش ميتاً عن خطايا العالم ليتمتع بالحياة المقامة
مع المسيح (جدة الحياة أو الحياة الجديدة). وهكذا إبراهيم بعد أن أخذ كل هذه
الإعلانات عاش كميت عن العالم متمتعاً بالحياة الجديدة وفرحاً مع الله متذكراً عمل
البنوة الألهية. ومياه البئر تشير للروح القدس الذي ينعم به الأبناء فيكون لهم
ثمار "محبة وفرح وسلام…" هكذا ينبغي أن يحيا المؤمن.
ولعل
إنطلاق الغلامين إلي بئر سبع مع إبراهيم وإسحق في نهاية المطاف يشير إلي عودة
اليهود إلي الإيمان بالمسيح الذي لم يستطيعوا قبلاً معاينة سر ذبيحته. فينطلقوا في
آخر العصور إلي مياه المعمودية ويقبلوا من كانوا قد جحدوه.
الأيات (20-24):- " 20وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ أُخْبِرَ وَقِيلَ لَهُ: «هُوَذَا مِلْكَةُ قَدْ وَلَدَتْ هِيَ
أَيْضًا بَنِينَ لِنَاحُورَ أَخِيكَ: 21عُوصًا بِكْرَهُ، وَبُوزًا
أَخَاهُ، وَقَمُوئِيلَ أَبَا أَرَامَ، 22وَكَاسَدَ وَحَزْوًا
وَفِلْدَاشَ وَيِدْلاَفَ وَبَتُوئِيلَ». 23وَوَلَدَ بَتُوئِيلُ
رِفْقَةَ. هؤُلاَءِ الثَّمَانِيَةُ وَلَدَتْهُمْ مِلْكَةُ لِنَاحُورَ أَخِي
إِبْرَاهِيمَ. 24وَأَمَّا سُرِّيَّتُهُ، وَاسْمُهَا رَؤُومَةُ،
فَوَلَدَتْ هِيَ أَيْضًا: طَابَحَ وَجَاحَمَ وَتَاحَشَ وَمَعْكَةَ."
جاءت
أخبار عائلة إبراهيم لإبراهيم ربما عن طريق القوافل التجارية. وربما أن هذا النبأ
هو ما شجع إبراهيم أن يطلب زوجة لإبنه من عائلته. وهذا النبأ يكشف قرابة رفقة
لزوجها إسحق. فرفقة قريبة إسحق بالجسد. وهكذا الكنيسة صارت عروس للمسيح وصار هناك
قرابة جسدية بين المسيح والكنيسة فهو البكر بين إخوة كثيرين. وقيل عن أقرباء
المسيح "أمه وإخوته فهو صارت له قرابات جسدية مع البشر".