الآيات (1-9):- "1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: 2«كَلِّمْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَأْخُذُوا لِي تَقْدِمَةً. مِنْ كُلِّ مَنْ يَحِثُّهُ
قَلْبُهُ تَأْخُذُونَ تَقْدِمَتِي. 3وَهذِهِ هِيَ التَّقْدِمَةُ الَّتِي
تَأْخُذُونَهَا مِنْهُمْ: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَنُحَاسٌ، 4وَأَسْمَانْجُونِيٌّ
وَأُرْجُوَانٌ وَقِرْمِزٌ وَبُوصٌ وَشَعْرُ مِعْزَى، 5وَجُلُودُ
كِبَاشٍ مُحَمَّرَةٌ وَجُلُودُ تُخَسٍ وَخَشَبُ سَنْطٍ، 6وَزَيْتٌ
لِلْمَنَارَةِ وَأَطْيَابٌ لِدُهْنِ الْمَسْحَةِ وَلِلْبَخُورِ الْعَطِرِ، 7وَحِجَارَةُ
جَزْعٍ وَحِجَارَةُ تَرْصِيعٍ لِلرِّدَاءِ وَالصُّدْرَةِ. 8فَيَصْنَعُونَ
لِي مَقْدِسًا لأَسْكُنَ فِي وَسَطِهِمْ. 9بِحَسَبِ جَمِيعِ مَا أَنَا
أُرِيكَ مِنْ مِثَالِ الْمَسْكَنِ، وَمِثَالِ جَمِيعِ آنِيَتِهِ هكَذَا
تَصْنَعُونَ."
طلب الله من موسى أن يسأل شعبه لكي يقدم
كل إنسان حسبما يسمح قلبه (خر5:35) أي قدر ما تسمح محبته يساهم في التقدمة التي
تستخدم في صنع المقدس الذي يسكن فيه الرب وسط شعبه. وأنها لكرامة أن يشترك كل
إنسان في أن يقدم شيئاً للرب. ولاحظ قول الله تقدمتي فالله ينسبها إلى نفسه ليدل
على أنه له الحق أن يطلبها لأن الإنسان وكل ماله هو لله. والتقدمة تشير:-
1. للعذراء: هي تقدمة البشرية لله حتى يأتي الروح القدس ويصنع للمسيح
جسداً منها.
2. لنا: فعلينا أن نطيع ونحيا في أمانة فيأتي الآب والابن
ويصنعوا عندنا منزلاً (يو23:14). ومسكن الرب يبني خلال طهارة القلب والجسد.
والآن ليبحث كل واحد في قلبه ماذا قدم
ولمن قدَّم؟ لو قدمنا لله فسيملك الله على حياتنا وفي اليوم الأخير نكون معه. ولو
قدمنا القلب لشهوات وخطايا العالم يأتي رئيس هذا العالم في اليوم الأخير ويثبت
ملكيته لهذا المكان. لذلك قال السيد المسيح "رئيس هذا العالم يأتي وليس له
فيّ شئ".
راجع شرح المواد في الفصل المخصص لذلك.
يصنعون لي مقدساً: ليسكن فيه الله معهم. يكون ظلاً للسماويات. وهكذا يقام
في القلب أيضاً مسكناً للرب يحمل صورة السماويات (عب14:12).
والله أظهر لموسى صورة للسماويات= مثال المسكن. إذاً هذا المسكن هو ظل للسماويات
إذاً فخيمة الاجتماع كانت ظلاً لصورة السماء عينها. حتى بدأ فك رموزها في العهد
الجديد حيث دخلنا لعربون السماويات. وفهمنا تدبير وخطة الله. ولكن مع كل ما حصلنا
عليه فهو مازال كما قلنا في بعد واحد ولم يتم حتى الآن ظهور كل عطايا الله بوضوح
فما زلنا نحيا كما في لغز كما في مرآة في عربون السماويات. ونستطيع أن نقول أن
الخيمة هي ظل للكنيسة في العهد الجديد . والكنيسة هي ظل لمجد السماويات في الحياة
الأبدية (1كو12:13)
الآيات (10-22):- "10«فَيَصْنَعُونَ تَابُوتًا مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ، طُولُهُ
ذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ، وَعَرْضُهُ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ، وَارْتِفَاعُهُ ذِرَاعٌ
وَنِصْفٌ. 11وَتُغَشِّيهِ بِذَهَبٍ نَقِيٍّ. مِنْ دَاخِل وَمِنْ
خَارِجٍ تُغَشِّيهِ، وَتَصْنَعُ عَلَيْهِ إِكْلِيلاً مِنْ ذَهَبٍ حَوَالَيْهِ. 12وَتَسْبِكُ
لَهُ أَرْبَعَ حَلَقَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَتَجْعَلُهَا عَلَى قَوَائِمِهِ
الأَرْبَعِ. عَلَى جَانِبِهِ الْوَاحِدِ حَلْقَتَانِ، وَعَلَى جَانِبِهِ الثَّانِي
حَلْقَتَانِ. 13وَتَصْنَعُ عَصَوَيْنِ مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ
وَتُغَشِّيهِمَا بِذَهَبٍ. 14وَتُدْخِلُ الْعَصَوَيْنِ فِي الْحَلَقَاتِ
عَلَى جَانِبَيِ التَّابُوتِ لِيُحْمَلَ التَّابُوتُ بِهِمَا. 15تَبْقَى
الْعَصَوَانِ فِي حَلَقَاتِ التَّابُوتِ. لاَ تُنْزَعَانِ مِنْهَا. 16وَتَضَعُ
فِي التَّابُوتِ الشَّهَادَةَ الَّتِي أُعْطِيكَ. 17«وَتَصْنَعُ
غِطَاءً مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ طُولُهُ ذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ، وَعَرْضُهُ ذِرَاعٌ
وَنِصْفٌ، 18وَتَصْنَعُ كَرُوبَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ. صَنْعَةَ خِرَاطَةٍ
تَصْنَعُهُمَا عَلَى طَرَفَيِ الْغِطَاءِ. 19فَاصْنَعْ كَرُوبًا
وَاحِدًا عَلَى الطَّرَفِ مِنْ هُنَا، وَكَرُوبًا آخَرَ عَلَى الطَّرَفِ مِنْ
هُنَاكَ. مِنَ الْغِطَاءِ تَصْنَعُونَ الْكَرُوبَيْنِ عَلَى طَرَفَيْهِ. 20وَيَكُونُ
الْكَرُوبَانِ بَاسِطَيْنِ أَجْنِحَتَهُمَا إِلَى فَوْقُ، مُظَلِّلَيْنِ
بِأَجْنِحَتِهِمَا عَلَى الْغِطَاءِ، وَوَجْهَاهُمَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى الآخَرِ.
نَحْوَ الْغِطَاءِ يَكُونُ وَجْهَا الْكَرُوبَيْنِ. 21وَتَجْعَلُ
الْغِطَاءَ عَلَى التَّابُوتِ مِنْ فَوْقُ، وَفِي التَّابُوتِ تَضَعُ الشَّهَادَةَ
الَّتِي أُعْطِيكَ. 22وَأَنَا أَجْتَمِعُ بِكَ هُنَاكَ وَأَتَكَلَّمُ
مَعَكَ، مِنْ عَلَى الْغِطَاءِ مِنْ بَيْنِ الْكَرُوبَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى
تَابُوتِ الشَّهَادَةِ، بِكُلِّ مَا أُوصِيكَ بِهِ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ."
تابوت العهد
أبعاد التابوت ½ 2 × ½ 1 × ½ 1 أبعاد
الغطاء ½ 2 × ½ 1
من بين الكاروبين كان يظهر الشكيناه أي
مجد الحضرة الإلهية (آية22)
الغطاء: كرسي الرحمة
تابوت العهد هو القطعة الوحيدة داخل قدس
الأقداس. وقدس الأقداس رمز للسماء فيكون تابوت العهد رمز لعرش الله. وقد رأى
حزقيال رؤياه التي ذكرها في (حز1،10) أن الله جالس على عرشه والعرش موضوع على مقبب
والمقبب فوق الكاروبيم أي الله جالس على الشاروبيم (مز1:80). والله على عرشه هناك
يعلن مجده وإرادته وقضاؤه. وكان مجد الله يظهر بين الكاروبين المظللين لتابوت
العهد. وكان اليهود يطلقون على مجد الله الذي يظهر بين الكاروبين الشكيناه. راجع
(عد89:7 + 1صم4:4 + مز1:99 + أش16:37 + 2صم2:6)
وفي (أش6) نجد السيرافيم يصرخون قدوس
قدوس قدوس. فوجود السيرافيم هنا إشارة وشهادة لمجد الله الحال في هذا المكان.
والكاروبيم أيضاً يشيروا أن مشيئة الله وقضاؤه هم مسئولون عن تنفيذها. فهم منعوا
آدم عن الفردوس (تك24:3 + عد23:22 + 1أي16:21 + 2مل15:19) وفي حز10 وفي سفر الرؤيا
نراهم يسكبون جامات غضب الله ونجد لديهم جمراً مشتعلاً لحرق أورشليم تنفيذاً
لأوامر الله لغضبه على أورشليم.
ولنلاحظ أن الغطاء ليس هو مجرد غطاء
عادي لصندوق لكنه يشير لأكثر من هذا فنحن نجد في (1أي11:28) أن بيت الله يسمى بيت
الغطاء وكأنه يريد أن يقول أنه أهم قطعة في البيت لماذا؟
هناك قاعدة عامة أن الخشب يشير لناسوت
أي جسد المسيح والذهب يشير إلى لاهوت المسيح في مجده والنحاس يشير للاهوت المسيح
في عدله ودينونته للخطية فحينما نجد التابوت أو المائدة أو مذبح البخور مصنوع من
خشب سنط لا يسوس فهذا يشير لجسد المسيح. والخشب مغشى بالذهب، إذاً هذا الخشب
المغشى بذهب يشير للإله المتأنس ذو الطبيعة الواحدة التي من طبيعيتين وواضح أن هذه
الصورة تشرح بقدر ما نفهم أن الطبيعيتين ظلاّ بلا اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير
ونفس الكلام ينطبق على مذبح المحرقة فهو خشب مغشى بنحاس. كل هذا يرمز للمسيح
المتجسد.
أما لو ذكر الذهب لوحده فهو لا يشير
للمسيح المتجسد بل يشير لله بلاهوته. وهذا ينطبق هنا على غطاء التابوت فهو ذهب
خالص ويشير للمنارة فهي أيضاً ذهب خالص وللمرحضة فهي نحاس بدون خشب. أما المنارة
والمرحضة فهي تشير للروح القدس وعمله في جسد المسيح أي الكنيسة. أما الغطاء يشير
لله في مجده وعلى عرشه.
المنظر الذي نراه هنا متطابق تقريباً مع
حزقيال (1). فمجد الله حال بين الكاروبيم هنا كما كان عرش الله فوق الكاروبيم في
حزقيال. ولاحظ أن الكاروبيم كان قطعة واحدة مع الغطاء، هي عرش الله حيث يظهر مجد
الشكيناه وشكيناه كلمة عبرية تعني بهاء الرب، هكذا ترجمت كلمة شكيناه في
(خر34:40،35). وهذه الكلمة تعنى في أصلها سكينة أو هدوء واطمئنان، إشارة لما كان
يشعر به من يرى مجد الله الحال بين الكاروبين.
وكان رئيس الكهنة يوم الكفارة يرش دم
تيس الخطية على الغطاء. ولاحظ أن الكاروبيم وجوههم إلى الغطاء أي إلى الدم، دم الكفارة
فكأنهما ينظران برأسيهما ليروا الدم فلا ينفذوا الضربات ضد البشر. هنا إنما هم
يراقبون بفرح فاعلية دم الذبيحة في تسكين غضب الله وعودة الصلح بين السماء والأرض.
وراجع قول المسيح (يو51:1) من الآن ترون السموات مفتوحة وملائكة الله يصعدون
وينزلون على ابن الإنسان. ولذلك حينما قام مترجمو الترجمة السبعينية بترجمة كلمة
غطاء وهو كافورت لم يستعملوا كلمة غطاء عادية فهي لا تؤدي المعنى بل أسموه كرسي
الرحمة. لأن كلمة غطاء لا تعني غطاء عادي بل الدم الذي يغطي الخاطئ فيرحمه الله
برحمته، من هنا كانت الترجمة كرسي الرحمة. ولأن هذا هو أهم خبر لنا كبشر أن الله
رحمنا سمى البيت كله بيت الغطاء أو مكان كرسي الرحمة.
ولاحظ أن الغطاء مقاسه هو مقاس التابوت
تماماً. وإذا كان التابوت يمثل المسيح المتجسد، فهذا يعني أن المسيح وفّى تماماً
مطاليب[1] العدالة
الإلهية. ومن يؤمن ويعتمد ويظل ثابتا في المسيح هو من يستفيد من الدم ويخلص .هذا
ما يعنيه نظرة الكاروبين على الغطاء في فرح لأجل الخلاص (1بط12:1 + رؤ8:5-14)
فالسماء التي تفرح بخاطئ واحد يتوب نجدها هنا في فرح بسبب الخلاص. الكاروبين هنا
أمام عرش الله (كرسي الله) شهود على مراحمه تجاه البشر.
ولاحظ أن الكاروبين أجنحتهما مبسوطة فهم
على استعداد دائمً لتنفيذ أوامر الله وقضاؤه ضد الخطاة لكن الدم يؤجل هذا. نجد هنا
الرحمة والعدل يتلاقيان. ومن عند كرسي الرحمة كان الله يتكلم مع موسى بدلاً من كلامه
معه من على الجبل حيث ارتعب موسى والشعب ولكن على أساس الرحمة يُشْعِرْ الله موسى
براحة وسكينة عندما يرى مجده (الشكيناه) راجع (عب18:12-24 + تث16:18). بدم المسيح
صار هناك مصالحة (2كو18:5)
التابوت:
يسمى بالعبرية "عارون" وهي
تعني صندوق وهو أشبه بصندوق خشب سنط مغشى بصفائح ذهبية خالصة من داخل ومن خارج
يحيط برأسه إكليل ذهب وفوقه غطاء (الكافورت) والكلمة مشتقة من كافار التي تعنى
يغطى ومنها يُكَّفِّر وكما ذُكِرَ فالذهب يمثل اللاهوت والخشب يمثل الناسوت
"وكان الكلمة الله والكلمة صار جسداً" (يو1) هذا هو الذهب والخشب.
والخشب أيضاً إشارة للصليب فهو مصنوع من الخشب. والمسيح أتى من أجل الصليب وما كان
ممكناً أن نتقابل نحن كخطاة إلا عن طريق الصليب، فالصليب هو سر إتحادنا مع الله
وهو سبب دخولنا للمقدسات الإلهية. ولنا طريق واحد لهذا أن نقدم أنفسنا ذبيحة ونحمل
نحن أيضاً كل منا صليبه ونسير وراءه فنصل للمجد، ونحيا حياة سماوية داخلياً
(فالتابوت مغشى بذهب من داخل) وخارجياً (التابوت مغشى بذهب من خارج) ومعنى هذا أن
تكون حياتنا في بر وطهارة خارجياً ونشعر داخلياً بالأمجاد التي أعدها لنا الله.
وجود تابوت العهد في قدس الأقداس يعني أن المسيح حملنا فيه
إلى داخل أمجاد السماء "أنا ذاهب لأعد لكم مكاناً لأنه حيث أكون أنا تكونون
أنتم" وهذا معنى ظهور الرقم ½ في كل
أبعاد التابوت. ولاحظ أن الغطاء فوق التابوت. هنا يتحول البشر في السماء إلى مكان
يستريح الله فيه ويجلس عليه كما كان يجلس على الشاروبيم (حز1 + مز1:80).
الإكليل:
هو حافة على طول الجوانب العليا
الخارجية وظيفتها تثبيت وضع الغطاء وأيضاً تعلن أن الرب يسوع نجده مكللاً بالمجد
والكرامة. وطالما عروس المسيح متحدة به فهذا يعلن أيضاً أن العروس هناك ستكلل. هذا
قمة الرحمة والحب أن نذوق نحن المزدري وغير الموجود الأمجاد (الإكليل).
العصوين:
هما أسفل التابوت داخل أربع حلقات
ويستعملوا لحمل التابوت وكون العصى أسفل التابوت هذا يجعل بنو قهات حينما يحملونه
لا تصيبهم اللعنة ويموتوا إذا لمسوا التابوت بأجسامهم. والحلقات تعنى أن الله
ينتقل مع شعبه في كل مكان، لا يتركهم لذلك لا تنزع العصوان ولم ينزعوا سوى في
الهيكل فالله لا يرتاح إن لم يريح شعبه أولاً. والعصوان يمثلان حياة الغربة في هذا
العالم. لكن في غربتنا هذه فالله لا يتركنا (مت20:28).
ارتحال التابوت:
عدد (4) ينزل بنو هرون الحجاب ويغطون به
تابوت الشهادة ثم يجعلون عليه غطاء من جلد تخس ويبسطون فوقه ثوباً إسمانجوني،
فالتابوت السائر في البرية يرمز لحياة المسيح في العالم. والحجاب هو رمز لجسد
المسيح (عب20:10) أي شخص ابن الله في ناسوته. وجلد التخس للوقاية فهو يحمي من شرور
العالم، والإسمانجوني لأن حياته سماوية. وكان الشعب في حركته يتقدمهم عمود السحاب
نهاراً وعمود نار ليلاً وكان متى حملوه يقال "قم يا رب فلتتبدد أعداؤك ويهرب
مبغضوك من أمامك" وعند حلوله كان يقول "إرجع يا رب إلى ربوات ألوف
إسرائيل" (عد33:10-36) وعندما عبر الشعب نهر الأردن حملوا التابوت أمامهم
فإنشق النهر (يش14:3-17).
تابوت الشهادة:
هو أحد أسماء تابوت العهد فداخل تابوت
العهد نجد لوحي الشهادة. واسم الشهادة ليكونا شهادة مستمرة لكونهما من الله ولوعد
الشعب أنهم يطيعوا أقوال الله. وكلمة شهادة هي كلمة عبرية تحمل معنى التأكيد، فإن
شهادات الله تحمل صفاته وإرادته وأغراضه التي تضمنتها الكتب المقدسة. والمسيح جاء
ليشهد للآب. وكانت الشهادة في قلبه أما نحن فقد أنحرفنا عنها، لذلك فهو لم يصنع
خطية راجع (مت2:15،3 + لو27:2 + يو34:4، 38:6، 29:8،46). ووجود الكاروبين شهادة
على قيمة عمل الكفارة وكما كان هناك ملاكين للشهادة عن القيامة فهنا ملاكين
كاروبين للشهادة أن ثمن الخطية قد دفع وأنه لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم
في المسيح يسوع.. (رو1:8) ولكن بقية الآية "السالكين ليس حسب الجسد بل حسب
الروح. فالكاروبيم شهود علينا الآن هل نسلك حسب الجسد أم بحسب الروح بعد أن
اشترانا المسيح بدمه.
والتأمل في عمل المسيح لنا بصليبه يبعث
فينا مشاعر الحب ومن يحبه يحفظ وصاياه بل تكتب وصاياه على قلبه لا على ألواح
حجرية. (أر33:31 + حز26:36 + رو5:5) ووجود الغطاء من خارج ولوحي الشهادةمن داخل
يشير لعدل الله ورحمته في وقت واحد. وتصوَّر عدم وجود الغطاء، لظهر لوحي الشهادة
يدينون العالم كله فلا يوجد من لم يكسر وصية ويستحق اللعنة (يع10:2). لذلك يوجد من
قال أن موسى قد كسَّر لوحي الشريعة حين إغتاظ من خيانة الشعب حتى لا يكونا شاهدين
على الشعب ويموت الشعب بسبب خطيته فبدون ناموس لا يوجد تعد (رو3:4) وظل لوحي
الشهادة والناموس يحكمان علينا بالموت ويدينوا كل البشرية حتى جاء المسيح الذي حفظ
الشهادة في قلبه وقدم كفارة (غطاء) لكل خطايانا.
ولكن لوحي الشهادة لهم نظرة أخرى فالله
لم يعطنا الشريعة كنوع من التحريم والتجريم والتحكم ولكن لأن الله يعلم أن الالتزام
بهذه الوصايا هو السبيل الوحيد حتى يحيا الإنسان لذلك في (حز11:20،12) فالله أشار
هنا فقط كتدليل على محبته أنه أعطاهم الوصايا والسبت فمن يلتزم بها يحيا. إذاً
لوحي الشهادة هم شهود أننا بعد أن تركنا الله لم يتركنا هو "بل أعطانا
الناموس عوناً" كما يقول القداس الغريغوري حتى لا نهلك. كان الناموس مؤد بنا
إلى المسيح (غل24:3).
صنعة خراطة:
أي ليس بالسبك ولا بالطرق. ولكنهم صنعوا
كتلة واحدة ثم صوروها بالإزميل والآلات الموجودة وقتئذ. إذاً كان الغطاء واحداً مع
الكاروبيم علامة على وحدة هذه المخلوقات السمائية الملائكية بالله. وكان الله يريد
أن يكون الإنسان أيضاً في وحدة معه لكن بسبب الخطية حدث الإنفصال وجاء المسيح
ليصيرنا واحداً مرة أخرى (يو21:17) ومن هناك كان الله يكلم موسى أي على أساس
الوحدة.
ماذا في داخل التابوت:
يذكر بولس الرسول في (عب4:9) أن تابوت
العهد كان يحوي لوحي الشريعة وقسط المن وعصا هرون التي أفرخت وفي (خر21:25) لا نجد
سوى لوحي الشريعة وهذا يعني أن عصا هرون وقسط المن أضيفا للوحي الشريعة بعد ذلك
ولكنهما لم يكونا هناك طول الوقت. ولنرى كيف يشير كل هذا لعمل المسيح.
1. لوحي الشريعة: فلكوننا عجزنا عن أن
نلتزم بالناموس جاء المسيح الذي حفظ هذه الشريعة في قلبه وحفظها هو. ومن يثبت فيه
لذلك يثبت ويخلص، ولذلك يطلب المسيح أن أثبتوا فيّ وأنا فيكم. ومن يثبت فيه يحيا.
2. قسط المن: يشير للمسيح الذي قدم نفسه
لنا لنأكله ونحيا به.
3. عصا هرون: هي تمثل البشرية بدون المسيح،
ميتة لا رجاء فيها، وبالمسيح صار لها حياة.
إذاً التابوت يرمز للمسيح ويرمز للكنيسة
التي هي جسده الثابت فيه فيصير له حياة والتابوت يشير للعذراء فهي أم الكنيسة وهي
التي حوت المسيح بلاهوته في بطنها وهي عصا هرون التي أفرخت بدون زرع بشر. وتسربلت
بمجد اللاهوت داخلها (الذهب من داخل) وكانت حياتها مثمرة وبارة وقديسة (ذهب من
خارج) وكما رقص داود أمام تابوت العهد هكذا ارتكض الجنين بابتهاج في بطن إليصابات
حينما زارتها العذراء مريم، التابوت الذي يحمل المسيح داخله.
وكل ما في التابوت أيضاً شاهد على كسر
وصية أو مخالفة (لوحي الشريعة) وعلى العجل الذهب. وطاس المن يشير لتذمرهم في
الصحراء. وعصا هرون تذكرهم بتمرد قورح "خطيتي أمامي في كل حين"
إذاً كان كل ما في التابوت يذكر بخطية
أي شاهد على خطية. لكن شكراً لله فهو غطى على كل خطية بدمه وأعطانا المن الحقيقي
جسده ودمه فصارت فينا حياة مقامة بدلاً من الموت ووهبنا روحه القدس يعيننا على حفظ
الوصية.
ولاحظ أن العصا التي أفرخت تشير للقيامة
من بعد الموت ولذلك فحينما أفرخت العصا أفرخت لوزاً واللوز هو أول الثمار والمسيح
باكورة الراقدين (1كو20:15).
تابوت العهد والمذبح في الكنيسة:
·
وعاء المن يشير له الجسد والدم على المذبح والوعاء يشير
للصينية والكأس.
·
عصا هرون يشير لها الصليب على المذبح فبدون عمل الصليب لا
حياة.
·
الكاروبيم يشير لهم وجود شمعدانين حول الذبيحة.
·
وعصا هرون التي أفرخت تشير للكاهن فهي تشير للكهنوت المعين
من قبل الله (عب4:5).
·
لوحا العهد تشير لهما البشارة أي الإنجيل الموضوع دائماً
على المذبح حاملاً بشارة الخلاص التي نتقبلها خلال العمل الذبيحي الذي يغفر
الخطايا ولكن طالما ذكرنا غفران الخطايا فلا غفران خطية لمن لا يعترف فمن يكتم
خطاياه لا ينجح (أم13:28 + مز3:32،5).
تأملات:
·
لا يوجد أي مصدر للضوء داخل قدس الأقداس، فهو يمثل السماء.
وفي السماء هناك لا توجد شمس لأن الرب الإله ينير (رؤ5:22). فقدس الأقداس رمز لعرش
الله في السماء. لذلك فالنور الوحيد داخل قدس الأقداس هو نور الشكينه.
·
أما القدس فيشير للكنيسة في غربة هذا العالم، يشير لجسد
المسيح خلال رحلة غربته. ولدخول القدس يلزم المرور من باب الخيمة = المسيح هو
الباب.
·
مذبح المحرقة= الإيمان بصليب المسيح.
·
المرحضة = التوبة لغفران الخطية، والمعمودية أولاً.
ولا يدخل القدس سوى الكهنة أي المؤمنين الذين لهم الكهنوت العام الذين يقدمون
ذبائح روحية، صلوات وتسبيح ويقدمون أنفسهم ذبائح حية.
·
أما الدار الخارجية فتشير لمن دخل المسيحية لكنه لا يريد
أن يدخل للأعماق واكتفى بالقشور راجع (رؤ1:11،2).
·
وجد ثلاث أبواب في الطريق إلى قدس الأقداس وكل باب يشير
للمسيح الذي قال لا أحد يأتي إلى الآب إلا بي (يو6:14).
·
ان رئيس الكهنة ينضح من دم الكفارة سبع مرات للغرب ومرة
واحدة للشرق (لا14:16). والغرب إشارة للأقداس الأرضية وهذه تحتاج لتكرار الرش حتى
يتأكد الشعب من كمال الغفران (7مرات). والشرق يشير للأقداس السماوية الحقيقية وهذه
لا تحتاج للرش إلا مرة واحدة وهكذا فعل المسيح بدخوله للأقداس السماوية مرة واحدة
(عب12:9).
·
كان لا يمكن إلا لرئيس الكهنة أن يدخل إلى قدس الأقداس سوى
مرة واحدة يوم الكفارة ومن دخل غير ذلك يموت. وكان يحجب قدس الأقداس الحجاب الذي
هو رمز لجسد المسيح. لذلك وقت أن صلب المسيح على الصليب تمزق الحجاب وصار قدس
الأقداس مفتوحاً لنا جميعاً.
حجاب الهيكل الأرثوذكسي:
هو مغلق دائماً إن لم يكن هناك صلاة
وهذا ليس إعلاناً عن أن السماء مغلقة!! إنما حين يفتحه الكاهن يكون ممسكاً بصليبه
إعلاناً أن بالصليب فتح الحجاب. هذا جمال الطقس القبطي.
ترتيب ذكر القطع كما جاء بالكتاب
المقدس:
يبدأ بالتابوت حيث قدس الأقداس الذي
يشير للسماء، هناك الله على عرشه وفي مجده. ثم نجد المسيح يعبر الهوة السحيقة التي
تفصل بين السماء والأرض، ثم يأتي ذكر المائدة ليشير لأن المسيح أتى لتكون لنا شركة
معه. ثم يأتي دور المنارة لتشير أن المسيح أرسل روحه القدوس كسر إستنارة لنا. كل
ذلك ليحملنا فيه، بعد أن نكمل رحلة غربتنا على الأرض، ليدخل بنا للأقداس السماوية.
الآيات (23-30):- "23«وَتَصْنَعُ مَائِدَةً مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ طُولُهَا
ذِرَاعَانِ، وَعَرْضُهَا ذِرَاعٌ، وَارْتِفَاعُهَا ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ. 24وَتُغَشِّيهَا
بِذَهَبٍ نَقِيٍّ، وَتَصْنَعُ لَهَا إِكْلِيلاً مِنْ ذَهَبٍ حَوَالَيْهَا. 25وَتَصْنَعُ
لَهَا حَاجِبًا عَلَى شِبْرٍ حَوَالَيْهَا، وَتَصْنَعُ لِحَاجِبِهَا إِكْلِيلاً
مِنْ ذَهَبٍ حَوَالَيْهَا. 26وَتَصْنَعُ لَهَا أَرْبَعَ حَلَقَاتٍ مِنْ
ذَهَبٍ، وَتَجْعَلُ الْحَلَقَاتِ عَلَى الزَّوَايَا الأَرْبَعِ الَّتِي
لِقَوَائِمِهَا الأَرْبَعِ. 27عِنْدَ الْحَاجِبِ تَكُونُ الْحَلَقَاتُ بُيُوتًا
لِعَصَوَيْنِ لِحَمْلِ الْمَائِدَةِ. 28وَتَصْنَعُ الْعَصَوَيْنِ مِنْ
خَشَبِ السَّنْطِ وَتُغَشِّيهِمَا بِذَهَبٍ، فَتُحْمَلُ بِهِمَا الْمَائِدَةُ. 29وَتَصْنَعُ
صِحَافَهَا وَصُحُونَهَا وَكَأْسَاتِهَا وَجَامَاتِهَا الَّتِي يُسْكَبُ بِهَا.
مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ تَصْنَعُهَا. 30وَتَجْعَلُ عَلَى الْمَائِدَةِ
خُبْزَ الْوُجُوهِ أَمَامِي دَائِمًا."
مائدة خبز الوجوه:
أبعاد المائدة 2 × 1 × ½1 ذراع
هي من خشب مغشى بذهب إذاً هي تشير
للمسيح المتجسد، الذي قدم نفسه بصفته خبز الحياة من يأكله يحيا (يو6). ولاحظ
الطقس. أن الكهنة يضعون الخبز ساخناً على المائدة يوم السبت ويبقى أسبوعاً ويأتي
الكهنة بخبز ساخن جديد يوم السبت التالي ليضعوه على المائدة ويأكلوا الخبز الذي
كان موضوعاً. فمن هو هذا الخبز الذي يوضع على المائدة الذي يقدمه الكهنة ثم
يأكلونه إلا المسيح.
كلمة مائدة في العبرية SHULMAN مشتقة من الفعل يرسل أو يمد ومن نفس
المصدر
اشتقت كلمة سلوام SILOAM أي مرسل (يو9) فهو المرسل الذي
أرسله الآب ليجمعنا (أف4:2-6). وهذه المائدة هي مكان يوضع فيه الخبز وراجع (مز23)
"هيأت قدامي مائدة تجاه مضايقي" + (يو32:6).
الأبعاد 2 × 1 × ½1 = 2 × 1 × 2/3 = 4 :
2 : 3.
رقم 4 هو كل العالم ورقم 2 يشير للتجسد
ورقم 3 يشير للإعلان الإلهي. فشركة جسد المسيح أي التناول هي لكل إنسان وهي تعطي
لمن يتناول إعلان إلهي به نعرف الله. فالتناول يعطي حياة. والحياة هي معرفة
"وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحي ويسوع المسيح الذي أرسلته.
وفي السماء، من يغلب ويصل للسماء سيأكل من شجرة الحياة ومن المن وهذا يعني أن في
السماء الله سيعطينا أن نعرفه ومعرفته هي ستكون لنا حياة، فالمعرفة هي اتحاد مع
المسيح. (في9:3،10) "وأوجد فيه.. لأعرفه"
4 : 2 : 3 = التجسد هو شركة بين الله وبين
العالم
خبز الوجوه:
ويسمى خبز الحضرة والترجمة الحرفية
للكلمة العبرية خبز الوجه وهذا يشير إلى وجود الخبز أمام الله وفي حضرته. كأن الله
ملتزم بإشباع شعبه. لذلك كان عدد الخبز 12 بعدد أسباطهم وكأن الله ملتزم بإشباع
ال12 سبطاً طوال ال12شهراً أي إشباع الكل دائماً ولذلك يسمى الخبز الدائم. راجع
(رؤ2:22) وكان يقدم بلا إنقطاع فهذا عهد دائم بين الله والشعب (لاحظ نفس الشيء
فنحن نعطى لله والله هو الذي أعطانا لنعطيه). ويسمى الخبز المقدس، لأن الذي يأكله
هم الكهنة المقدسين للعمل ويأكلونه في الخيمة يوم السبت (يوم الراحة) فهو لا يشير
للشبع الجسدي بل لشبع روحي يليق بحياة القداسة. وهو يؤكل يوم الراحة لذلك يشير أو
يخص الراحة الأبدية (رؤ7:2،17:2)
ورقم 12 يشير للأسباط وللتلاميذ أي
لشعبه أو للكنيسة. إذاً هذا الخبز هو جسده الذي يعطيه للكهنة ليأكلوه. وعموماً
فالمائدة تشير للشركة. فهنا نجد أن للمؤمنين شركة مع الله في لذته وشبعه بإبنه
الوحيد (1يو3:1). فالله لا يريد فقط أن يقيم وسط شعبه بل أن يجعل بيته وليمة. وحيث
أنه يقدم جديداً دائماً فهذا يشير أنه دائما لنا جديد في المسيح. وأما اللبان فهو
إشارة لرائحة المسيح الذكية.
طقس الدقيق: (لا5:24-9) يصنع يوم السبت
حيث لا يجوز أي عمل. لذلك هو يشير للخبز السماوي الذي ليس من هذا العالم أي المسيح
نفسه.
تقديمه ساخناً: إشارة لقلبه الملتهب
حباً لإشباعنا.
كان الخبز يوضع في صفين: رقم 2 يشير
للشهادة فهذا الخبز شهادة بمحبة الله. وراجع (1كو16:10،17) فإننا نحن الكثيرين خبز
واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد. إذاً نحن في المسيح خبز واحد.
العصوين: إشارة لأن المسيح معنا دائماً
كخبز سماوي.
المائدة لها إكليلان ذهب وحاجب على شبر
حواليها: الحاجب هو حائط أو سور يحيط بالمائدة. فالله هو سور وحصن لشعبه. وهو شبر
إشارة ليد الله التي تحفظ شعبه. قارن مع (حز15:42-20) فالله يحيط بشعبه ويحفظهم من
العالم الخارجي، من الذين يحاولون أن يعتدوا على شعبه وقارن مع (زك5:2) فهذه اليد
قوتها لا نهائية ونعمتها لا نهائية وتعطي بسخاء ولا تعير.
والإكليل ليحمي الخبز من السقوط. ولكونه
إكليل فهو يشير للمسيح في مجده (عب9:2 + يو4:17،5) لذلك الإكليل كله من ذهب فهو
يشير لمجد المسيح الأزلى قبل تجسده والإكليل الآخر يحفظ شعب المسيح في علاقة معه.
هو إكليل للحاجب.
إكليل منهم يشير للمسيح في مجده الأزلى
والأخر يشير للمسيح الذي في طاعته أتى وأكمل عمله وأتى بالبشر الذين كانوا قد
تمردوا على الله، هو مجد نعمته المتمثل في أرغفة الخبز التي وحدنا بها فيه فأمسك
بنسل إبراهيم (عب16:2) وسيج حوله حتى لا يخطفهم أحد منه (يو28:10). والحاجب يذكرنا
بأن نمتحن أنفسنا قبل أن نقترب لنأكل (1كو28:11)
وكانت الصحاف تستخدم في إحضار الخبز إلى
المائدة ورفعه عنها. أما الصحون ففيها البخور (لا7:24) ويوضع في الكاسات الخمر
للتقدمة. وتستخدم الجامات في صب الخمر. والأدوات كلها ذهب. أي لا يمكن التمتع
بالبركات الروحية إلا بالروح القدس فالذهب هنا يرمز للروح القدس الذي يأخذ مما
للمسيح ويخبرنا.
والسكيب يشير لسكب حياته ودمه على
الصليب فكان موضع سرور وفرح الآب.
قوس نصر تيطس بروما:
وجدوا منقوشاً عليه شكل المنارة والمائدة
وصحافها وقد نقشهم تذكاراً لانتصاره سنة 70م ومن هذه الأشكال تصورنا أشكال القطع.
الآيات (31-40):- "31«وَتَصْنَعُ مَنَارَةً مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. عَمَلَ
الْخِرَاطَةِ تُصْنَعُ الْمَنَارَةُ، قَاعِدَتُهَا وَسَاقُهَا. تَكُونُ
كَأْسَاتُهَا وَعُجَرُهَا وَأَزْهَارُهَا مِنْهَا. 32وَسِتُّ شُعَبٍ
خَارِجَةٌ مِنْ جَانِبَيْهَا. مِنْ جَانِبِهَا الْوَاحِدِ ثَلاَثُ شُعَبِ
مَنَارَةٍ، وَمِنْ جَانِبِهَا الثَّانِي ثَلاَثُ شُعَبِ مَنَارَةٍ. 33فِي
الشُّعْبَةِ الْوَاحِدَةِ ثَلاَثُ كَأْسَاتٍ لَوْزِيَّةٍ بِعُجْرَةٍ وَزَهْرٍ، وَفِي
الشُّعْبَةِ الثَّانِيَةِ ثَلاَثُ كَأْسَاتٍ لَوْزِيَّةٍ بِعُجْرَةٍ وَزَهْرٍ،
وَهكَذَا إِلَى السِّتِّ الشُّعَبِ الْخَارِجَةِ مِنَ الْمَنَارَةِ. 34وَفِي
الْمَنَارَةِ أَرْبَعُ كَأْسَاتٍ لَوْزِيَّةٍ بِعُجَرِهَا وَأَزْهَارِهَا. 35وَتَحْتَ
الشُّعْبَتَيْنِ مِنْهَا عُجْرَةٌ، وَتَحْتَ الشُّعْبَتَيْنِ مِنْهَا عُجْرَةٌ،
وَتَحْتَ الشُّعْبَتَيْنِ مِنْهَا عُجْرَةٌ إِلَى السِّتِّ الشُّعَبِ الْخَارِجَةِ
مِنَ الْمَنَارَةِ. 36تَكُونُ عُجَرُهَا وَشُعَبُهَا مِنْهَا.
جَمِيعُهَا خِرَاطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. 37وَتَصْنَعُ
سُرُجَهَا سَبْعَةً، فَتُصْعَدُ سُرُجُهَا لِتُضِيءَ إِلَى مُقَابِلِهَا. 38وَمَلاَقِطُهَا
وَمَنَافِضُهَا مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. 39مِنْ وَزْنَةِ ذَهَبٍ نَقِيٍّ
تُصْنَعُ مَعَ جَمِيعِ هذِهِ الأَوَانِي. 40وَانْظُرْ فَاصْنَعْهَا
عَلَى مِثَالِهَا الَّذِي أُظْهِرَ لَكَ فِي الْجَبَلِ."
المنارة:
المنارة هي المصدر الوحيد للإضاءة داخل
القدس. وحيث أنها من ذهب خالص فهي لا تشير للمسيح بل للروح
القدس. فهنا لا يوجد خشب سنط. إذاً لا
إشارة للتجسد ففي المائدة رأينا الشركة في جسد المسيح وفي المنارة نجد الروح القدس
يعطي استنارة لذلك فطقس كنيستنا الرائع يحدد قراءة فصل المولود أعمى يوم عيد أحد
التناصير فالمعمودية وبعدها الميرون يعطي استنارة ويفتح الأعين لتدرك أسرار
السماويات.
الكأسات والعجر والأزهار:
غالباً هي ثلاثة أجزاء لنبات اللوز.
والأجزاء الثلاثة هي برعم النبات (أي وهو يبدأ في النمو) ثم الزهرة ثم الثمرة. في
شكل عنقود واحد. وبالتالي فالمنارة تصبح كأنها شجيرة لوز. وهي تشير للحياة المقامة
من الأموات. وقد رأينا في (عد8:17) عصا هرون وقد أفرخت الثلاث أشياء (فروخاً
وزهراً ولوزاً أي نفس مراحل الحياة لشجرة اللوز الموجودة في المنارة) والعصا
مقطوعة من شجرة إذاً هي ميتة. وهذه العصا قد أفرخت، أي الموت تحول إلى حياة، وهذا
دليل الحياة المقامة. ولاحظ أن كل فرع به 3 وحدات وكل وحدة تشتمل على الكأس
والعجرة والزهرة. ورقم 3 يشير للقيامة، قيامة المسيح من بين الأموات بعد أن كان قد
قطع من أرض الأحياء (أش53). ورقم 3 هو رقم الأقنوم الثالث فهو الذي يعطي الحياة
الآن لكل من مات بالخطية.
وكلمة لوز في العبرية تعني المستيقظ WAKEFUL أو يقظ أو أرق وتعنى أيضاً المتعجل HASTENER أو المسرع فهي أول شجرة تستيقظ بعد الشتاء
وتظهر براعمها في شهر يناير. والمسيح يسميه بولس الرسول باكورة الراقدين
(1كو20:15) ولاحظ أن عمل الروح القدس أن يجعلنا في حالة يقظة.
والثلاث المراحل تشير لعمل الروح القدس
في الأحداث والشباب والرجال (1يو13:2) أو لثلاث مراحل النضج الروحي. ومعنى ظهور
الثلاثة مراحل معاً شاملة عدم النضج وشاملة الثمر والزهر يشير أن الروح يعمل في
الجميع ويعمل على نمو الجميع، فحتى المسيح كان ينمو في القامة والحكمة والنعمة.
فعدم النضج في مفهومنا يعني النقص. ولكن في مفهوم الله أنه مرحلة تعقبها مرحلة حتى
يكون للشخص ثمار في حالة نضجه والروح القدس له ثمار (غل22:5). وأيضاً لأن شجرة
اللوز تعنى التيقظ فعلى كل مؤمن أن يظل في حالة سهر على خلاص نفسه حينئذ سيكون لهم
ثمر.
لا مقاسات للمنارة
لأن المنارة تشير للروح القدس والروح
القدس لم يتجسد فلا تعطى أبعاد للمنارة هكذا للمرحضة وهكذا للغطاء، إلا أن الغطاء
له بعد واحد فقط معطى وهو ½ 2 × ½ 1 ليشير أن المسيح بعمله الفدائي استوفى المطالب
الإلهية. وهي قد صنعت من وزنة واحدة من الذهب أي حوالي 4كجم صنعة خراطة.
الفتائل والأسرجة
هي إشارة للمؤمنين الأواني البشرية الضعيفة
التي يستخدمها الروح القدس ليظهر نور المسيح "ولكن لنا هذا الكنز في أوان
خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا" (2كو7:4) ولكي يظهر النور فلابد من وجود
فتائل "أنتم نور العالم". وكانت الأدوات المستخدمة هي الملاقط وهذه
تستخدم في إصلاح فتائل المنارة والمنافض كانت توضع فيها الأشرطة أو الفتائل
المحترقة. والأدوات كلها ذهب فهي تشير لأن العمل هو عمل الروح القدس وكان عمل هرون
هو إيقاد السرج السبعة والاعتناء بها. وهرون رمز للمسيح وهنا نرى كيف أن عمل الروح
القدس مرتبط بعمل المسيح على الأرض وبعمله في السماء وأيضاً نرى أن العناية
والرعاية الكهنوتية لازمة لخدمة أولاد الله. والمؤمن حين يحترق لينير للآخرين يصير
فتيلة في سراج منير. ولاحظ عمل الخدمة في إزالة ما احترق وتجديده حتى يستمر في
عمله كنور للعالم "يجدد كالنسر شبابك".
ولاحظ أنه لم يذكر أية أداة لإطفاء
السرج فالله يريد أن يكون النور دائم والله لا يطفئ حتى الفتيلة المدخنة
(مت20:12). إذاً عمل الخدمة هو لحفظ نور الفتائل (المؤمنين) لامعاً. ولاحظ أن
الفتائل التي تحترق تجمع أيضاً في أواني ذهبية. لذلك فحين مات العازر الفقير حملته
الملائكة ونحن نصلي في صلاة الغروب للعذراء بقولنا "وعند مفارقة نفسي من جسدي
احضري عندي" هذا عن نفس الإنسان، لكن حتى أجسادنا حين تموت فالله يهتم بها.
وتنقية الفتائل يتمشى مع قول المسيح كل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر.
والفتائل لا تضئ من نفسها بل هي تنقل الزيت خلال فتائلها فالفتيلة لو تعرضت للنار
وحدها لاحترقت. ولكن وجود الزيت هو الذي يجعلها تنير. فالمؤمن هو مجرد قناة توصل
لكن الفتيلة المحترقة تشير للإعجاب بالذات. والمقصود الفتيلة التي بلا زيت، أي
إنسان غير مملوء من الروح القدس.
النور:
النور يذكرنا بالله الذي أوجده كأول
أعمال خليقته (تك3:1) والمسيح كان نوراً للعالم يضئ وسط الظلمة (أش2:9 + 6:42 +
6:49) والمسيح جعلنا نوراً للعالم. والكنائس في سفر الرؤيا ظهرت كسبع منائر فالروح
القدس يعمل فيها ليجعلها تنير للعالم. والكنيسة كانت تصلي القداس في وجود أنوار
كثيرة (أع8:20) والكنيسة تضع شموع أمام صور القديسين فهم بالمسيح صاروا نوراً
للعالم والشمعدانات تشير للملائكة النورانيين. والكاهن في صلاة عشية ورفع بخور
باكر يبارك الشعب بصليب وثلاث شمعات وأثناء الإنجيل تضاء كل أنوار الكنيسة ويقف
حول الإنجيل اثنين من الشمامسة يمسكون بشمعة مضيئة. ولاحظ أن المنارة وحدها هي التي
كانت تضئ داخل القدس فلا يوجد نور غريب في الداخل بل الروح القدس وحده سر
الاستنارة. وهذا النور الداخلي يسطع على الذهب (الألواح الذهبية) وعلى الشقق
الملونة فيظهر جمالها ويسطع على المائدة ويجعلها تبرق بلمعان ذهبي. وهذا كله له
معنى واحد أن نور الروح القدس أو أن الاستنارة التي يعطيها الروح القدس تجعلنا
نمجد المسيح ونراه كإله سماوي (ذهب) ونرى حياته النقية وفداؤه وملكه (الشقق
الملونة) فنحبه ونمجده ونراه في شركته معنا (المائدة). أي نرى مجد المسيح ومحبته
وعظمته في نور واستنارة الروح القدس. فالمنارة إذاً هي النور الإلهي الكامل بقوة
الروح القدس في القدس. وهي تشير لكمال ونور وتأثير الروح القدس المؤسس على عمل
المسيح الكامل والمقترن به اقتراناً تاماً. ولاحظ أن ذكر المنارة جاء بعد ذكر
المائدة فالروح القدس لم يعطي إلا بعد أن تمجد يسوع (يو39:7) وكان يستعمل للإضاءة
زيت نقي جداً والزيت إشارة للروح القدس الذي مُسِحَ به المسيح (أش1:61 +
2كو21:1،22).
سبعة سرج:
المنارة مكونة من 6 شعب + ساق (به شعبة)
+ قاعدة. الكل سبع أسرجة والسبعة سرج تشير لعمل الروح القدس الناري الذي يضئ ويلهب
الكنيسة بنار الحب الإلهي. عاملاً في أسرارها السبعة. بل وفي كل عمل روحي تمتد
إليه الكنيسة لكي يعيش المؤمنين في استنارة دائمة. وفي (رؤ1:3) نسمع أن المسيح له
سبعة أرواح الله هذا يشير لعمل الروح القدس الكامل في المسيح فرقم 7 يشير للكمال.
(أش2:11) يحل عليه روح الرب/ روح الحكمة والفهم/ روح
المشورة والقوة/ روح المعرفة ومخافة الرب. هنا السبعة أرواح المذكورة على نسق
تركيب المنارة الذهبية. أي ساق رئيسية وثلاث مجموعات زوجية والساق هنا تمثل المسيح
الذي حل عليه الروح القدس أقنومياً (روح الرب)
روح الحكمة والفهم: الحكمة هي المعرفة
وهي مرتبطة بالفهم أي بالحكم الصحيح وكلمة فهم في أصلها تعني إفراز أي تمييز الغث
من الثمين (هذا يمثل حلول الروح على المسيح ثم على الكنيسة)
روح المشورة والقوة: كلمة مشورة تعنى أن
الإنسان يكون قوي يستطيع أن يسيطر ثم يعطي النصيحة والمسيح كان يعلم بسلطان (هذا
يمثل حلول الروح على المسيح ثم على الكنيسة)
روح المعرفة ومخافة الرب: المعرفة التي
بها حاول الإنسان أن يعرف بالإنفصال عن الله كانت مدمرة. والإنسان يحتاج أن يعرف
لكن ليس بالإنفصال عن الله لأن هذه هي الخطية فالإنفصال وعدم الطاعة نتيجتهما عالم
مخرب. أما الحكمة الحقيقية فهي من الله (1كو20:1) والحكمة العالمية سدت منافذ حكمة
الله (1كو21:1) وكبرياء الإنسان يطرد مخافة الله. أما خوف الله هو بدء الحكمة
(أم57:1) وسقوط آدم كان نتيجة أنه ظن أنه يريد أن يعرف مثل الله. ولننظر للمسيح
الذي يعرف كل شئ ولكنه يطيع الآب حتى الموت.
ولاحظ رقم 7 = 6+1 = الإنسان الناقص +
المسيح والروح يحل على المسيح وكنيسته.
وكانت سرجها لتضئ إلى مقابلها وبمقابلة
(35:26 مع 24:40) نجد أن المنارة مقابل المائدة وربما يشير هذا لأن المنارة تضئ
للمائدة لتظهر أن المسيح هو سر الشبع الحقيقي. أو أن الأسرجة تضئ للساق وهنا رأى
بأن كل سراج له فتحتان واحدة للفتيلة والأخرى ليملأ منها الزيت. والمطلوب أن تكون
الفتائل كلها في اتجاه الساق. والساق يرمز للمسيح. إذاً المقصود إعلان مجده
[1] المسيح استوفى مطاليب العدالة الإلهية، لكن من يستفيد من دم المسيح هو من آمن بالمسيح وجاهد حتى الدم.