تذمر القيادات مريم وهرون
إذا كان الشعب قد تذمر على الله فليس عجيباً أن يحدث تذمر على خادم الله
موسى. فموسى تزوج بكوشية وقد تكون من ضمن الكوشيات اللواتى خرجن مع بنى إسرائيل من
مصر, وقد يكون هذا بعد موت صفورة قبل زواجه من الكوشية, وهناك رأى آخر بأنها هى
نفسها صفورة العربية , وتكون من قبائل كوش التى سكنت وسط العرب.
وفى حب 7:3 ( رايت خيام كوشان تحت بلية رجفت شقق
ارض مديان ). يجمع بين كوش ومديان , وغالباً سبب
التذمر ليس هو السبب المذكور , وهو زواج موسى بالكوشية بل ربما يرجع أن موسى فى
إختياره للشيوخ السبعين لم يستشرهما فدبت الغيرة والحسد فى قلبيهما.
ونجد الحسد هنا سبباً فى أخطاء كثيرة , فهما إحتقرا موهبة موسى وعظما
عطيتهما ليغطيا على عظمة موسى، لكن هل كان هناك مثل موسى الذى لمع وجهه فغطاه
ليخفى مجده , ولكن ها مريم هنا تخفى وجهها أيضاً ولكن لخزيها ( الذى يحسد لا يفرح
لخير الآخرين ويُسر ببلواهم ).
أية (1):- "1وَتَكَلَّمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ
عَلَى مُوسَى بِسَبَبِ الْمَرْأَةِ الْكُوشِيَّةِ الَّتِي اتَّخَذَهَا، لأَنَّهُ
كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً. "
مريم وهرون = ذُكرت مريم أولاً لعلها هى التى بدأت ولذلك هى التى عوقبت.
أية (2):- "2فَقَالاَ: «هَلْ كَلَّمَ الرَّبُّ
مُوسَى وَحْدَهُ؟ أَلَمْ يُكَلِّمْنَا نَحْنُ أَيْضًا؟» فَسَمِعَ الرَّبُّ."
هنا هما يعظمان أنفسهما , وينتفخان بما أعطاه الله لهما وهذا هو بداية
السقوط.
أية (3):- "3وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ
حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ."
حليماً = فى
العبرية تعنى متواضع لا يفكر فى مصلحته الشخصية ولا يفكر فى أهميته ودليل هذا قوله
الرجل موسى = ولم يقل موسى القائد الذى
أنقذ شعبه. ويكون المعنى أنه إحتمل الهجوم عليه بصبر دون أن يرد تاركاً الله ليحكم
لهُ. وموسى كتب هذا بإرشاد الروح القدس ليس إظهاراً لصفاته بل لنفهم درس هذا
الإصحاح. كما حدث مع بولس الذى إضطر لذكر نسبه وألامه وعطايا الله له وإختيار الله
لهُ مرات عديدة ليثبت صدق إرساليته وبالتالى صدق تعاليمه حتى لا ينهار الإيمان
أية (4):- "4فَقَالَ الرَّبُّ حَالاً لِمُوسَى
وَهَارُونَ وَمَرْيَمَ: «اخْرُجُوا أَنْتُمُ الثَّلاَثَةُ إِلَى خَيْمَةِ
الاجْتِمَاعِ». فَخَرَجُوا هُمُ الثَّلاَثَةُ."
كثيراً ما يسكت الله عن ظلم إنسان ولا يدافع عنهُ لفترة لصالحه الروحى
ولكنه هنا يدافع عن موسى فوراً حتى لا يتسبب الهجوم على موسى ومن إخوته فى أى خلل
فى القيادة.
أية (5):- " 5فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي عَمُودِ سَحَابٍ
وَوَقَفَ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ، وَدَعَا هَارُونَ وَمَرْيَمَ فَخَرَجَا
كِلاَهُمَا."
الأيات (6-8):- "6فَقَالَ: «اسْمَعَا كَلاَمِي. إِنْ كَانَ مِنْكُمْ نَبِيٌّ
لِلرَّبِّ، فَبِالرُّؤْيَا أَسْتَعْلِنُ لَهُ. فِي الْحُلْمِ أُكَلِّمُهُ. 7وَأَمَّا
عَبْدِي مُوسَى فَلَيْسَ هكَذَا، بَلْ هُوَ أَمِينٌ فِي كُلِّ بَيْتِي. 8فَمًا
إِلَى فَمٍ وَعَيَانًا أَتَكَلَّمُ مَعَهُ، لاَ بِالأَلْغَازِ. وَشِبْهَ الرَّبِّ
يُعَايِنُ. فَلِمَاذَا لاَ تَخْشَيَانِ أَنْ تَتَكَلَّمَا عَلَى عَبْدِي مُوسَى؟»."
من أجل حلم موسى ووداعته وكل صفاته نال ما لم ينله أحد وهنا أعلن الله ما
خبأه موسى من تواضعه فالله أعلن هنا أنه ليس مثل موسى ( جيد أن نصمت نحن ولا ندافع
عن أنفسنا والله يعلن برنا ). ولاحظ السبب فى محبة الله " وداعته وتواضعه
وحلمه "
ملحوظة = فى زواج موسى من كوشية ( وكوشية
تعنى سوداء ) (أر23:13) إشارة لعمل المسيح فى إقترانه بكنيسته وهى بعد فى خطيتها
مظلمة مثل الكوشية ( نش 5:1 ) , أما رفض هرون ومريم لهذا الزواج فهو يرمز لرفض
اليهود السيد المسيح ودخوله الأمم للإيمان.
أية (9):- "9فَحَمِيَ غَضَبُ
الرَّبِّ عَلَيْهِمَا وَمَضَى. "
ما
أخطر الحديث عن خدام الله. فهم لهم من يحاسبهم فلا داعى أن نخسر الملكوت بسببهم.
أية (10):-
" 10فَلَمَّا
ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ عَنِ الْخَيْمَةِ إِذَا مَرْيَمُ بَرْصَاءُ كَالثَّلْجِ.
فَالْتَفَتَ هَارُونُ إِلَى مَرْيَمَ وَإِذَا هِيَ بَرْصَاءُ."
البرص حل عليها حينما إرتفعت السحابة، إذاً البرص علامة على إبتعاد الله،
وذلك بسبب الخطية. فعندما تتركنا نعمة الله يظهر برص الخطيئة.
أية (11):-
" 11فَقَالَ
هَارُونُ لِمُوسَى: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي، لاَ تَجْعَلْ عَلَيْنَا
الْخَطِيَّةَ الَّتِي حَمِقْنَا وَأَخْطَأْنَا بِهَا."
لا تجعل علينا الخطية = أى لا تجعل علينا عقوبتها وواضح هنا تواضع هرون وإنكساره وربما أن الله
لم يعاقب هرون أيضاً حتى لا يلام الكهنوت ككل وربما لمسلكه المتواضع هذا.
فى إسترسال لنفس تأمل الملحوظة عاليه. فإن اليهود برفضهم المسيح ظهر عليهم
برص الخطية وبرص عدم الإيمان وفارقهم روح الرب. أما عودة مريم بعد أسبوع إشارة
لعودتهم فى نهاية الأزمنة ( رو 25:11 ).
أية (12):-
" 12فَلاَ
تَكُنْ كَالْمَيْتِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ رَحِمِ أُمِّهِ قَدْ
أُكِلَ نِصْفُ لَحْمِهِ»."
البرص كالموت فالأبرص ممنوع من مخالطة الناس ومن لمسه يتنجس وأعضاؤه تموت
على التوالى وتسقط.
الأيات (13-15):-" 13فَصَرَخَ
مُوسَى إِلَى الرَّبِّ قَائِلاً: «اللّهُمَّ اشْفِهَا». 14فَقَالَ
الرَّبُّ لِمُوسَى: «وَلَوْ بَصَقَ أَبُوهَا بَصْقًا فِي وَجْهِهَا، أَمَا كَانَتْ
تَخْجَلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ؟ تُحْجَزُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ،
وَبَعْدَ ذلِكَ تُرْجَعُ». 15فَحُجِزَتْ مَرْيَمُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ
سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَلَمْ يَرْتَحِلِ الشَّعْبُ حَتَّى أُرْجِعَتْ مَرْيَمُ. "
لاحظ أن موسى لم يوبخها بكلمة بل صلى لها وتشفع عنها لتشفى , لكن الله يعلم
متى يأتى التأديب بثماره
( اسبوع ) والأسبوع هو المقرر لكل أبرص. وخلال الأسبوع تبكت نفسها وتتوب ثم
تخضع للشريعة مثل باقى الناس. والبصق هنا يشير للتخلى. واليهود الآن بلا هيكل.
أية (16):-
" 16وَبَعْدَ
ذلِكَ ارْتَحَلَ الشَّعْبُ مِنْ حَضَيْرُوتَ وَنَزَلُوا فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ."
لاحظ كيف أن الخطية عوقت المسيرة أسبوعا.