الإصحاح الخامس والعشرون

 

السقوط مع الموآبيات والمديانيات

إذ لم يستطع بلعام أن يلعن الشعب فيأخذ مكافأته التى يحلم بها، قدم لبالاق مشورة شريرة وهو أن يلقى معثرة لهذا الشعب خلال الموآبيات فيحل بهم غضب الله فينهزموا. وهنا نجد المؤامرة بين موآب ومديان على مستوى ملك موآب وشيوخ مديان. بل إمتدت لأن تتآمر بنات موآب مع بنات مديان ليسقطوا الشعب فى الزنا. وكانت العبادة الوثنية تحتوى طقوس زنا فى معابدهم فأحبها الشعب اليهودى. ولاحظ أن الشعب لم يقف أمامه سيحون ولا عوج ولا عماليق، لكن شهوتهم أسقطتهم " كل واحد يُجرّب إذا إنجذب وإنخدع من شهوته (يع14:2) ويقول القديس أغسطينوس " وراء كل مُلْحِد شهوة، فهو يحاول أن يهدىء ضميره بإنكاره وجود الله. ولنلاحظ أنه لا سلطان لأحد ضدى من الذين هم من خارج (سيحون/ عوج / بلعام..) بل الخطر من الشهوة الكامنة فىَ إذا إنجذبت لها. ونجد هنا مرحلة جديدة من حروب إبليس فبعد أن فشل فى الهجوم من خارج لمنعهم من دخول الأرض المقدسة بدأت مرحلة الحرب من داخل أى شهواتهم. والنساء لم يكتفين بالزنا بل بدعوة الشعب للسجود لبعل فغور (البخور) والشعب قبل هذا من أجل أن يرضوا شهواتهم " أعطيك كل هذه إن خررت وسجدت لى ". فبين كل الألام التى تحارب فكر الإنسان ليس شىء أقوى من مرض الملذات، فالسقوط مع العالم المُبتسم أسهل من السقوط مع العالم العابس " لذلك لنهرب من مرض الملذات

(راجع عد 16:31 + رؤ14:2 + يه11).

 

أية (1):- " 1وَأَقَامَ إِسْرَائِيلُ فِي شِطِّيمَ، وَابْتَدَأَ الشَّعْبُ يَزْنُونَ مَعَ بَنَاتِ مُوآبَ. "

 

أية (2):- "2فَدَعَوْنَ الشَّعْبَ إِلَى ذَبَائِحِ آلِهَتِهِنَّ، فَأَكَلَ الشَّعْبُ وَسَجَدُوا لآلِهَتِهِنَّ."

هذا ما حدث مع الملك سليمان مع كل حكمته فهو زاغ لأنه ترك نفسه لكثير من النساء.

أية (3):- "3وَتَعَلَّقَ إِسْرَائِيلُ بِبَعْلِ فَغُورَ. فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ."

هم تعلقوا ببعل فاغور بسبب الزنا فى هياكله.

 

أية (4):- "4فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ الشَّعْبِ وَعَلِّقْهُمْ لِلرَّبِّ مُقَابِلَ الشَّمْسِ، فَيَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ عَنْ إِسْرَائِيلَ»."

هى أوامر قاسية لكن بتر العضو الفاسد خير من هلاك وموت الإنسان, مقابل الشمس = أى فى وضح النهار حتى يرى الجميع ويأخذوا عبرة. خذ جميع رؤوس الشعب = فالرئيس هو قاض له سلطة عقاب المخطىء فلماذا لم يمنع الخطأ، والواضح أنهم هم أيضاً أخطأوا.

علقهم = كان المعلق يقتل أولاً بالسيف أو الرجم ثم يعلق إعلاناً لخطيته لذلك قيل ملعون كل من عُلَق على خشبة (تث23،22:21). ولاحظ أن تعليقهم مقابل الشمس رمز ليوم الدينونة أمام شمس البر.

 

أية (5):- "5فَقَالَ مُوسَى لِقُضَاةِ إِسْرَائِيلَ: «اقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ قَوْمَهُ الْمُتَعَلِّقِينَ بِبَعْلِ فَغُورَ»."

إقتلوا كل واحد قومه = أى كل من تعلق ببعل فغور. ومن المؤكد أن موسى حدد من يقوم بالمهمة.

 

أية (6):- "6وَإِذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَ وَقَدَّمَ إِلَى إِخْوَتِهِ الْمِدْيَانِيَّةَ، أَمَامَ عَيْنَيْ مُوسَى وَأَعْيُنِ كُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُمْ بَاكُونَ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ."

وصل فجور هذا الرجل أنه أتى بمن يزنى معها ربما ليتفاخر بجمالها أو نسبها أمام إخوته فهى بنت رئيس فى مديان. ولنلاحظ : 1- لم يكن فى قلبه خوف الله البتة 2- إقتحم المحلة ولم يهتم بناموس الله ولا بوجود موسى ولا بكاء الجميع وتحدى الكل 3- إستهتر بالعبادة والصلاة مع أن الكل كان يصلى 4- هو وضع عثرة جديدة أمام الشعب.

الأيات (7-9):-" 7فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ فِينْحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ الْكَاهِنُ، قَامَ مِنْ وَسَطِ الْجَمَاعَةِ وَأَخَذَ رُمْحًا بِيَدِهِ، 8وَدَخَلَ وَرَاءَ الرَّجُلِ الإِسْرَائِيلِيِّ إِلَى الْقُبَّةِ وَطَعَنَ كِلَيْهِمَا، الرَّجُلَ الإِسْرَائِيلِيَّ وَالْمَرْأَةَ فِي بَطْنِهَا. فَامْتَنَعَ الْوَبَأُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 9وَكَانَ الَّذِينَ مَاتُوا بِالْوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا."

فينحاس هنا ينفذ أمر الله السابق ومن المؤكد أنه كان من الذين عينهم موسى فالقتل ليس مباحاً لكل أحد (راجع آية5) : فقال موسى لقضاة اسرائيل اقتلوا كل واحد قومه المتعلقين ببعل فغور.

 أما نحن فعلينا أن نصلى فقط لمنع الشر. ونسمع هنا أن الوبأ إمتنع ولكن لم نعرف متى بدأ وغالباً حين ذكر الوحى فحمى غضب الرب على إسرائيل = والقديسيين بصلواتهم فى أماكن كثيرة يمنعون كثيراً من الشرور. عدد الذين ماتوا 24000 + 1كو 8:10

 

أية (10):- " 10فَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: "

 

الأيات (11-13):-"  11«فِينْحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ الْكَاهِنُ قَدْ رَدَّ سَخَطِي عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِكَوْنِهِ غَارَ غَيْرَتِي فِي وَسَطِهِمْ حَتَّى لَمْ أُفْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِغَيْرَتِي. 12لِذلِكَ قُلْ: هأَنَذَا أُعْطِيهِ مِيثَاقِي مِيثَاقَ السَّلاَمِ، 13فَيَكُونُ لَهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِيثَاقَ كَهَنُوتٍ أَبَدِيٍّ، لأَجْلِ أَنَّهُ غَارَ ِللهِ وَكَفَّرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ»."

فينحاس بغيرته يشير للمسيح الذى قال " غيرة بيتك أكلتنى " فكان لنسله الروحى أى المسيحيين كهنوت أبدى، خصوصاً فالعهد معه كان عهد سلام ، والمسيح ملك السلام " سلامى أترك لكم.." وهو صنع تكفيراً (كفارة) فأنقذ شعبه.

 

الأيات (14-15):-" 14وَكَانَ اسْمُ الرَّجُلِ الإِسْرَائِيلِيِّ الَّذِي قُتِلَ مَعَ الْمِدْيَانِيَّةِ، زِمْرِيَ بْنَ سَالُو، رَئِيسَ بَيْتِ أَبٍ مِنَ الشِّمْعُونِيِّينَ. 15وَاسْمُ الْمَرْأَةِ الْمِدْيَانِيَّةِ الْمَقْتُولَةِ كُزْبِيَ بِنْتَ صُورٍ، هُوَ رَئِيسُ قَبَائِلِ بَيْتِ أَبٍ فِي مِدْيَانَ."

 

الأيات (16-18):-"  16ثُمَّ كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: 17«ضَايِقُوا الْمِدْيَانِيِّينَ وَاضْرِبُوهُمْ، 18لأَنَّهُمْ ضَايَقُوكُمْ بِمَكَايِدِهِمِ الَّتِي كَادُوكُمْ بِهَا فِي أَمْرِ فَغُورَ وَأَمْرِ كُزْبِي أُخْتِهِمْ بِنْتِ رَئِيسٍ لِمِدْيَانَ، الَّتِي قُتِلَتْ يَوْمَ الْوَبَإِ بِسَبَبِ فَغُورَ»."

هنا الرب يأمر بضرب مديان كلها بسبب الشر الذى وضعوه كفخ لهلاك الشعب ونجد تنفيذ هذا الأمر فى إصحاح 31. أما بالنسبة لموآب فلا يدخل أحد منها لجماعة الرب حتى الجيل العاشر (تث 4،3:23 + نح2،1:13)

ملحوظات:- 1- العار الذى لحق بشمعون جعل موسى لا ينطق ببركة لهُ (تث33)

1-    زمرى يعنى من يشبه بقر الوحش وكذبى معناها كذب. إذاً المطلوب هو إبادة الشر ورفضه فالرجل كان شهوانياً مثل بقر الوحش لا يفكر ولا يتعقل والمرأة كانت كاذبة ومخادعة

2-    بولس يذكر من ماتوا فى يوم واحد وهم 23000 وسفر العدد يذكر العدد الإجمالى 24000