الإصحاح السابع والعشرون

 

بنات صلفحاد وإقامة يشوع (الإيمان القوى)

بنات صلفحاد هن نموذج رائع للإيمان القوى. ولنقارن بين مواقف عدم إيمان الشعب فى العديد من المواقف التى شككوا فيها فى دخولهم الأرض وبين ثقة بنات صلفحاد فى ذلك وطلبهن أن يكون لهن نصيب. وايضاً نجد هنا نموذج للإيمان فى إهتمام موسى بتعيين خلف لهُ يكمِّل المسيرة حتى أرض الميعاد. كلهم لهم إيمان حى فى أن وعد الله سيتم.

وبالرجوع إلى (عد33:26) نجد أن صلفحاد لم يكن لهُ بنون بل بنات ، فلم يدخل فى التعداد. فأتت بناته يعرضن قضيتهن بقوة حجة وبشجاعة لكن فى وقار وإتضاع وأعلن أن أباهن مات ميتة طبيعية كما مات كل الجيل السابق ولكنه لم يكن من جماعة قورح الذين حاولوا إغتصاب الكهنوت وكان سؤالهن لماذا يحذف إسمه من بين وارثى الأرض الجديدة. فكانت كلماتهن كلها إيمان وتمسك بوعود الله, وهذا يفتح السماء للإستجابة, وكان قانون جديد أنه إن لم يكن للمتوفى إبن فترثه بنته وإن لم يكن له إبنة فإخوته أو أعمامه أو أقرب من لهُ فى عشيرته ونلاحظ :-

1-    الله وعدنا بالميراث لكنه يريدنا أن نصارع فى الطلب منه وفى الصلاة بلجاجة وإيمان

2-    هؤلاء البنات يمثلن العذارى الحكيمات فهن ملأن آنيتهن بزيت الإيمان.

3-  كون أن الله وافق على طلبهن بأن يبقى لصلفحاد أبيهن إسم رغماً عن موته ميتة طبيعية أى نتيجة الخطيئة الأصلية فهذا يفتح لنا باب الرجاء أن كل من يموت ميتة طبيعية له نصيب فى الميراث السماوى, فخطايانا العادية التى يقدم عنها توبة لا تمنع نصيبنا بل يمنعه تحدى الله ورفض التوبة وراجع (غل 29،28:3) فنحن لنا ميراث

4-    نتيجة إصرار بنات صلفحاد على الحصول على نصيبهن ، كان بركة هذا حصولهم على قانون جديد للميراث

5-  معانى الأسماء صلفحاد = صل فى حاد = ظل فى خوف فهذا هو حالنا فكلنا ولدنا فى ظل الخطية خائفين من الموت وكنا قبل المسيح فى عبودية (عب 15:2) ونلاحظ فى أسماء بنات صلفحاد النمو فى النعمة مع المسيح : 1) محلة  = عجز / وهن / ضعف 2) فوعة = تجوال 3) حجلة = ترقص فى فرح 4) ملكة = مَلِكَة 5)  ترصة = مقبولة, والمعنى أنه فى ظل ولادتنا تحت الخطية كنا فى حزن قلبى بسبب خطايانا وكنا نتجول كمن يبحث عن حل وتعزية ومعونة وهذا وجدناه فى المسيح فتحول حزننا لفرح وهو جعلنا ملوكاً وكهنة وسنكون مقبولين أمامه وبلا عيب فيه.

 

الأيات (1-11):-" 1فَتَقَدَّمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ بْنِ حَافَرَ بْنِ جِلْعَادَ بْنِ مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى، مِنْ عَشَائِرِ مَنَسَّى بْنِ يُوسُفَ. وَهذِهِ أَسْمَاءُ بَنَاتِهِ: مَحْلَةُ وَنُوعَةُ وَحُجْلَةُ وَمِلْكَةُ وَتِرْصَةُ. 2وَوَقَفْنَ أَمَامَ مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَأَمَامَ الرُّؤَسَاءِ وَكُلِّ الْجَمَاعَةِ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ قَائِلاَتٍ: 3«أَبُونَا مَاتَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى الرَّبِّ فِي جَمَاعَةِ قُورَحَ، بَلْ بِخَطِيَّتِهِ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَنُونَ. 4لِمَاذَا يُحْذَفُ اسْمُ أَبِينَا مِنْ بَيْنِ عَشِيرَتِهِ لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ابْنٌ؟ أَعْطِنَا مُلْكًا بَيْنَ إِخْوةِ أَبِينَا». 5فَقَدَّمَ مُوسَى دَعْوَاهُنَّ أَمَامَ الرَّبِّ.

6فَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: 7«بِحَقّ تَكَلَّمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ، فَتُعْطِيهِنَّ مُلْكَ نَصِيبٍ بَيْنَ إِخْوَةِ أَبِيهنَّ، وَتَنْقُلُ نَصِيبَ أَبِيهِنَّ إِلَيْهِنَّ. 8وَتُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: أَيُّمَا رَجُل مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ، تَنْقُلُونَ مُلْكَهُ إِلَى ابْنَتِهِ. 9وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ ابْنَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لإِخْوَتِهِ. 10وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِخْوَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لإخوَةِ أَبِيهِ. 11وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لأَبِيهِ إِخْوَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لِنَسِيبِهِ الأَقْرَبِ إِلَيْهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَيَرِثُهُ». فَصَارَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَرِيضَةَ قَضَاءٍ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى."

الأيات (12-23):-" 12وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اصْعَدْ إِلَى جَبَلِ عَبَارِيمَ هذَا وَانْظُرِ الأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 13وَمَتَى نَظَرْتَهَا، تُضَمُّ إِلَى قَوْمِكَ أَنْتَ أَيْضًا كَمَا ضُمَّ هَارُونُ أَخُوكَ. 14لأَنَّكُمَا فِي بَرِّيَّةِ صِينَ، عِنْدَ مُخَاصَمَةِ الْجَمَاعَةِ، عَصَيْتُمَا قَوْلِي أَنْ تُقَدِّسَانِي بِالْمَاءِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ». ذلِكَ مَاءُ مَرِيبَةِ قَادَشَ فِي بَرِّيَّةِ صِينَ. 15فَكَلَّمَ مُوسَى الرَّبِّ قَائِلاً: 16«لِيُوَكِّلِ الرَّبُّ إِلهُ أَرْوَاحِ جَمِيعِ الْبَشَرِ رَجُلاً عَلَى الْجَمَاعَةِ، 17يَخْرُجُ أَمَامَهُمْ وَيَدْخُلُ أَمَامَهُمْ وَيُخْرِجُهُمْ وَيُدْخِلُهُمْ، لِكَيْلاَ تَكُونَ جَمَاعَةُ الرَّبِّ كَالْغَنَمِ الَّتِي لاَ رَاعِيَ لَهَا». 18فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ يَشُوعَ بْنَ نُونَ، رَجُلاً فِيهِ رُوحٌ، وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهِ، 19وَأَوْقِفْهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، وَأَوْصِهِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ. 20وَاجْعَلْ مِنْ هَيْبَتِكَ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ لَهُ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، 21فَيَقِفَ أَمَامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ فَيَسْأَلُ لَهُ بِقَضَاءِ الأُورِيمِ أَمَامَ الرَّبِّ. حَسَبَ قَوْلِهِ يَخْرُجُونَ، وَحَسَبَ قَوْلِهِ يَدْخُلُونَ، هُوَ وَكُلُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَهُ، كُلُّ الْجَمَاعَةِ». 22فَفَعَلَ مُوسَى كَمَا أَمَرَهُ الرَّبُّ. أَخَذَ يَشُوعَ وَأَوْقَفَهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، 23وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَأَوْصَاهُ كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى."

أمر الله موسى أن يصعد للجبل لينظر أرض الميعاد من فوق فهو لن يدخلها وموسى لم ينفذ هذا الأمر فوراً بل وضع بعض الترتيبات وترك بعض الوعظات التى إستمرت طوال سفر التثنية (عد28 – تث 33). وهنا الله يطلب منه أن يصعد الجبل كما حدث مع هرون وهذا هو موت القديسين صعود لأعلى. وفى الصعود نرى ورأى موسى أرض الميعاد، وتستريح نفسه إلى أن ما جاهد لأجله سنين عديدة رآه أخيراً. هذه مكافأة لموسى.

 

أية (13):- "13وَمَتَى نَظَرْتَهَا، تُضَمُّ إِلَى قَوْمِكَ أَنْتَ أَيْضًا كَمَا ضُمَّ هَارُونُ أَخُوكَ."

كما ضُمَ هرون أخيك = إذاً الموت ليس فناء فقومه مازالوا موجودين فى مكان ما.

 

أية (16):- "16«لِيُوَكِّلِ الرَّبُّ إِلهُ أَرْوَاحِ جَمِيعِ الْبَشَرِ رَجُلاً عَلَى الْجَمَاعَةِ،"

تظهر هنا عظمة موسى فهو لم يطلب من الله عن نفسه بل عن الشعب حتى لا يستمر بلا راعى فيتشتت. هذه هى الرعاية وهذا هو الحب أن ينس الخادم نفسه من أجل الجماعة. ومن عظمته أيضاً أنه لم يوصى بأن يحتل أبناؤه مراكز القيادة. بل هو يترك الرب يختار من يراه. وهكذا الكنيسة فى إختيار أحد الرعاة ينبغى أن تصلى كثيراً.

 

أية (18):- "18فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ يَشُوعَ بْنَ نُونَ، رَجُلاً فِيهِ رُوحٌ، وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهِ،"

يشوع الذى كان ذراع موسى الأيمن وتلميذة ولم يكن يفارق خيمته (خر11:33) وهذه هى التلمذة. وهو الذى دخل أرض الموعد وجاء يقدم لإخوته عربون الحياة الجديدة. ضع يدك عليه = لهذا إرتبط وضع الأيدى بسيامة خدام الله وتسليم بركة إلهية (يعقوب وأولاد يوسف) وشفاء المرضى وفى الكنيسة يستعمل فى السيامة وحلول الروح القدس وصلاة التحليل للمعترفين (أع 6:6، 3:13 + 1 تى22:5 + 2تى16:1 + مز 5:6،23:8 + لو 4:4، 13:13 + مت 18:9، 15،13:19).

 

أية (19):- "19وَأَوْقِفْهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، وَأَوْصِهِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ. "

أوقفه قدام العازار الكاهن وقدام كل الجماعة = هنا نرى الدور الإيجابى للكهنة والشعب فى السيامات. فالشعب كما الكهنة لا يقفوا متفرجين بل يلتزمون بالمساهمة فى هذا العمل والتعاون معهم.

 

أية (20):- "20وَاجْعَلْ مِنْ هَيْبَتِكَ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ لَهُ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ،"

أجعل من هيبتك عليه = إن كان موسى يضع الأيدى. لكن الله الذى وهب موسى روحه ومهابته هو الذى يهب يشوع ذات العطايا. وكان على موسى أن يتكلم عن يشوع وصفاته الجليلة أمام الشعب فيهابه الشعب مثل موسى ويشركه معه فى الرعاية فى فترة حياته فلا يختلف عليه أحد بعد موت موسى.

 

أية (21):- "21فَيَقِفَ أَمَامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ فَيَسْأَلُ لَهُ بِقَضَاءِ الأُورِيمِ أَمَامَ الرَّبِّ. حَسَبَ قَوْلِهِ يَخْرُجُونَ، وَحَسَبَ قَوْلِهِ يَدْخُلُونَ، هُوَ وَكُلُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَهُ، كُلُّ الْجَمَاعَةِ»."

على يشوع أن يتعاون مع رئيس الكهنة الذى يسأل بالأوريم والتميم (الأنوار والكمالات، إشارة لعمل الروح القدس الذى يهب الإنسان إستنارة وكمال . أما موسى وحده هو كان يكلم الله دون رئيس كهنة بل وجهاً لوجه.