الأيات (1-3):-" 1«وَهذِهِ هِيَ الْوَصَايَا
وَالْفَرَائِضُ وَالأَحْكَامُ الَّتِي أَمَرَ الرَّبُّ إِلهُكُمْ أَنْ
أُعَلِّمَكُمْ لِتَعْمَلُوهَا فِي الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ إِلَيْهَا
لِتَمْتَلِكُوهَا، 2لِكَيْ تَتَّقِيَ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَحْفَظَ
جَمِيعَ فَرَائِضِهِ وَوَصَايَاهُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا، أَنْتَ وَابْنُكَ
وَابْنُ ابْنِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ، وَلِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ. 3فَاسْمَعْ
يَا إِسْرَائِيلُ وَاحْتَرِزْ لِتَعْمَلَ، لِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ وَتَكْثُرَ
جِدًّا، كَمَا كَلَّمَكَ الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكَ فِي أَرْضٍ تَفِيضُ لَبَنًا
وَعَسَلاً."
الأيات (4-5):-" 4«اِسْمَعْ
يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. 5فَتُحِبُّ الرَّبَّ
إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ."
إسمع = بالعبرية شيما
واليهود يعتبرون الآيتين 5،4 من أروع العبارات الكتابية ويرددونهما دائماً
ويسمونهما شيما, والسيد المسيح إستعملها بكونها الوصية العظمى فى الناموس.
الرب
إلهنا رب واحد = أية تتضمن الوحدانية والتثليث إذ ذكر إسم الرب ثلاث مرات
فتحب
الرب إلهك من كل قلبك = طالما أن الله أحب هذا الشعب وصنع
له كل هذا الفداء العجيب وخلصهم من عبودية فرعون وعالهم فى البرية وأتى بهم إلى
أرض الميعاد فعليهم أن يُحبوه لأنه أحبهم أولاً. وهذا ما ينطبق على عمل المسيح
معنا تماماً. ولاحظ أن الله طلب أن نُحبه لا لإحتياجه لمحبتنا ولكن حينما تسود
محبة الله قلوبنا سنمتلىء بالفرح والسلام والحرية الحقيقية, ولكن إن أحببنا العالم
سنُستعبد للشيطان الذى قال " أعطيك كل هذه... إن خررت وسجدت لى"
بالإضافة إلى أن من يحب شىء فانٍ وباطل سيصير مثله (1يو15:2-17), إذاً فالله يطلب
أن نُحبه حتى نفرح ونتحرر ولا يسود علينا سواه فيستعبدنا ولابد أن يكون هذا من كل
القلب أى لا ينقسم القلب فيُحب الله جزئياً ويُحب العالم أيضاً فيكون قلباً
منقسماً بين محبة الله ومحبة العالم فهذا لا يُعطى الفرح الكامل ولا الحرية
الحقيقية. والقلب هو مركز العواطف والمشاعر. وعلينا أن نُحب الله من كل النفس أى
بكل حياتنا. ونُحبه من كل القوة أى نضع كل طاقاتنا وقدراتنا
فى خدمته وطاعته، لنُعَبِّر عن محبتنا له. ولقد أضاف السيد المسيح على ذلك فى
جوابه للناموسى " ومن كل فكرك " أى من كل عقلك وإنتباهك وفى هذا توضيح
أكثر لما قاله موسى. وهنا نقول أنه لو إنشغل الفكر بحب الله والصلة الدائمة بالله
يشتعل القلب بحب الله لذلك علمنا الآباء أن نُردد صلاة يسوع " يا ربى يسوع
المسيح إرحمنى أنا الخاطىء" طوال اليوم أو نُردد المزامير ونُرتلها, وفى هذا
يقول الآباء " من يحفظ المزامير تحفظه المزامير " أو ترديد أيات واللهج
فيها طوال اليوم فينشغل الفكر بهذا، وكلمة الله تُحيى الإنسان وتشعل قلبه بحب الله
وهذا ما عناه بولس الرسول حينما قال " صلوا بلا إنقطاع " ( 1تس16:5-18)
المحبة
بكل القلب = بكل الارادة والتصميم " يا ابني اعطني
قلبك "
المحبة
بكل النفس
= النفس هي اشارة للعواطف ، والمعني تكريس طاقة المحبة التي فينا لله .
المحبة
بكل القوة = تكريس كل قدرات الجسم لخدمة الله ، وهذا
اعلان عملي لمحبة الله .
المحبة
بكل الفكر = هي الاقتناع العقلي ، العبادة
العقلية وطاعة الله الكاملة ، وذلك بإقتناع ان هذا يؤدي للحياة الأفضل. راجع تفسير
( رو 12 : 1 + 2 كو 10 : 5 ) .
آية
(6):- " 6وَلْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ
بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ، "
أى ليكن موضوع
إهتمامك وتأمُلك, ولتشغل أفكارك وذهنك دائماً (اف 18:5-20)
آية
(7):- " 7وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلاَدِكَ، وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ
تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ
تَقُومُ،"
قصها
على أولادك
= حدِّث أولادك بأعمال الرب فيُحبونه وتكلم بها
حين تجلس فى بيتك أى ليتحول بيتك إلى كنيسة وحين تمشى فى الطريق = حين تمشى مع أصحابك فليكن كلامكم عن
شىء مقدس عوضاً عن الأحاديث البطالة (أف 29:4). وحين تمشى وحدك فليكن فكرك مشغولاً
بالله حتى لا تنجذب إلى عثرات النظر والسمع والفكر. وحين
تنام = فليكن آخر ما تفكر فيه قبل النوم هو الله ليحفظ فكرك قبل النوم وحين تقوم = مثلاً هناك من يفتح عينيه على ترديد
مزمور أو صلاة قصيرة
آية
(8):- " 8وَارْبُطْهَا عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ، وَلْتَكُنْ عَصَائِبَ
بَيْنَ عَيْنَيْكَ، "
من عادة الإنسان حين
يخاف أن ينسى شيئاً أن يربط علامة على يده. وهذا ما يطلبه الله هنا ألا ننسى,
ومعنى الآية أن تكون شريعة الله أمام عيوننا دائماً = ولتكن
عصائب بين عينيك = فلا تمتد اليد لفعل بطال = وأربطها علامة على
يدك . فحينما تكون العين على الوصية دائماً ويذكرها الإنسان دائماً
ستتقدس أعمال الإنسان, فاليد إشارة للأعمال. ولكن اليهود فهموا هذه الوصية بمعنى
حرفى فقد كتبوا كلمات الشريعة ووضعوها فى عصابة تُعلق إما على الجبهة لتكون بين
العينين أو على الساعد الأيسر. وقد ظن بعضهم أن هذه العصائب حرز يجلب البركة
والخير ويطرد الشر وكانوا يسمون العصابة " تفيلين". ومازال يهود اليوم
يلبسون شيئاً كهذا على شكل علبة جلدية على أياديهم يسمونها المازوزا. ومن
المسيحيين من لا يقرأ الإنجيل ولكن يضعه فى مكتبته أو تحت مخدة سريره كبركة.
آية
(9):- " 9وَاكْتُبْهَا عَلَى قَوَائِمِ أَبْوَابِ بَيْتِكَ وَعَلَى
أَبْوَابِكَ."
ربما قصد الله
فعلاً أن تُكتب كلمات الشريعة على القوائم والأبواب لندرة الكتب فى تلك الأيام،
وبهذه الوسيلة يحفظون كلمات الله، كما يعمل المؤمنون هذا بتعليق الأيات على
الحوائط. ولاحظ أن دم خروف الفصح وضع على القوائم وبهذا يتحد الدم بالوصية ويكون
الخلاص بالدم (عمل النعمة) وبحفظ الوصية (جهاد الإنسان)
آية
(10):- "10«وَمَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ
الَّتِي حَلَفَ لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَكَ، إِلَى
مُدُنٍ عَظِيمَةٍ جَيِّدَةٍ لَمْ تَبْنِهَا،
"
الرب خاف أن
تشغلهم البركات المادية فى الأرض الجديدة عن حفظ الوصايا فيهلكوا ويفقدوا الأرض
ثانية .
آية
(11):- " 11وَبُيُوتٍ مَمْلُوءَةٍ كُلَّ خَيْرٍ لَمْ تَمْلأْهَا،
وَأَبَآرٍ مَحْفُورَةٍ لَمْ تَحْفِرْهَا، وَكُرُومٍ وَزَيْتُونٍ لَمْ تَغْرِسْهَا،
وَأَكَلْتَ وَشَبِعْتَ،"
هذه العطايا
المادية تُشير للعطايا الروحية من شبع روحى وإمتلاء بالروح وثمار الروح
آية
(12):- " 12فَاحْتَرِزْ لِئَلاَّ تَنْسَى الرَّبَّ الَّذِي أَخْرَجَكَ
مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ."
بالأسف حين يشبع
الإنسان ويحيا حياة السعة, ينسى الله ويتجاهل أن الله هو مصدرها وعلينا أن نهتم
بالعاطى أكثر من العطية.
آية
(13):- " 13الرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقِي، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ،
وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ."
بهذه أجاب المسيح
على إبليس. ومعناها فلتكن العبادة لله وحده.
الأيات (14-15):-" 14لاَ
تَسِيرُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى مِنْ آلِهَةِ الأُمَمِ الَّتِي حَوْلَكُمْ، 15لأَنَّ
الرَّبَّ إِلهَكُمْ إِلهٌ غَيُورٌ فِي وَسَطِكُمْ، لِئَلاَّ يَحْمَى غَضَبُ
الرَّبِّ إِلهِكُمْ عَلَيْكُمْ فَيُبِيدَكُمْ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ."
الرب هو عريس
نفوسنا فلا يجب أن العروس (نحن) أن ننشغل بآخر
آية
(16):- " 16لاَ تُجَرِّبُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ كَمَا جَرَّبْتُمُوهُ
فِي مَسَّةَ."
وبهذه أيضاً أجاب
المسيح على إبليس. والشعب جَرَّب الله بقوله " أفى وسطنا الله أم لا" (خر7:17)
ونحن نتعرض دائماً لنفس السقطة ففى كل تجربة أو مرض نسأل نفس السؤال.
الأيات (17-19):-" 17احْفَظُوا
وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمْ وَشَهَادَاتِهِ وَفَرَائِضِهِ الَّتِي أَوْصَاكُمْ
بِهَا. 18وَاعْمَلِ الصَّالِحَ وَالْحَسَنَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،
لِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ، وَتَدْخُلَ وَتَمْتَلِكَ الأَرْضَ الْجَيِّدَةَ
الَّتِي حَلَفَ الرَّبُّ لآبَائِكَ 19أَنْ يَنْفِيَ جَمِيعَ
أَعْدَائِكَ مِنْ أَمَامِكَ. كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ."
مع أن دخولهم
للأرض هو نعمة وهبة من الله إلا أنه مشروط بعملهم الصالح
آية
(20):- " 20«إِذَا سَأَلَكَ ابْنُكَ غَدًا قَائِلاً: مَا هِيَ الشَّهَادَاتُ
وَالْفَرَائِضُ وَالأَحْكَامُ الَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا الرَّبُّ إِلهُنَا؟ "
حينما يسألكم
أولادكم ما أهمية وصايا الرب حتى تعطونها هذه العناية والإهتمام
آية
(21):- " 21تَقُولُ لابْنِكَ: كُنَّا عَبِيدًا لِفِرْعَوْنَ فِي مِصْرَ،
فَأَخْرَجَنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ."
تشير لأهمية
تعليم الصغار أعمال الله العظيمة
الأيات (22-24):-" 22وَصَنَعَ الرَّبُّ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ عَظِيمَةً
وَرَدِيئَةً بِمِصْرَ، بِفِرْعَوْنَ وَجَمِيعِ بَيْتِهِ أَمَامَ أَعْيُنِنَا 23وَأَخْرَجَنَا
مِنْ هُنَاكَ لِكَيْ يَأْتِيَ بِنَا وَيُعْطِيَنَا الأَرْضَ الَّتِي حَلَفَ
لآبَائِنَا. 24فَأَمَرَنَا الرَّبُّ أَنْ نَعْمَلَ جَمِيعَ هذِهِ
الْفَرَائِضَ وَنَتَّقِيَ الرَّبَّ إِلهَنَا، لِيَكُونَ لَنَا خَيْرٌ كُلَّ
الأَيَّامِ، وَيَسْتَبْقِيَنَا كَمَا فِي هذَا الْيَوْمِ. "
ملخص هذا: نحن
نحبه لأنه أحبنا أولاً. فلأنه عمل أعمالاً عجيبة معنا فنحن نحفظ وصاياه. وما صنعه
الله بنعمته وفدائه لشعب العهد القديم صنعه لنا فلنحبه بكل القلب
آية (25):- " 25وَإِنَّهُ يَكُونُ لَنَا بِرٌّ إِذَا
حَفِظْنَا جَمِيعَ هذِهِ الْوَصَايَا لِنَعْمَلَهَا أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِنَا
كَمَا أَوْصَانَا."
يكون لنا بر = طاعتنا لله تُسمى بر. والبر هو
الإمتناع عن الشر وعن كل ما يغضب الله, وأيضاً أن نقوم بعمل الخير. ولاحظ ان الشعب
اليهودى حسب أنه يستطيع أن يتبرر بتنفيذه للوصايا والناموس ولكنهم إكتشفوا عجزهم.
وما زلنا عاجزين على هذا حتى الآن، أن نتبرر بأعمالنا. ولكن المسيح جاء وأعطانا
طبيعة جديدة وصار يسوع هو القادر على تنفيذها عاملاً فينا بل حاملاً لعنة الناموس
الذى كسرناه وبررنا بدمه بشفاعته الكفارية . وكل من يجاهد ليحفظ الوصايا تعينه
نعمة الله فيصير باراً بالمسيح الذى فيه.