الإصحاح الثامن عشر

 

 

الأيات (1-2):-" 1«لاَ يَكُونُ لِلْكَهَنَةِ اللاَّوِيِّينَ، كُلِّ سِبْطِ لاَوِي، قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَ إِسْرَائِيلَ. يَأْكُلُونَ وَقَائِدَ الرَّبِّ وَنَصِيبَهُ. 2فَلاَ يَكُونُ لَهُ نَصِيبٌ فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. الرَّبُّ هُوَ نَصِيبُهُ كَمَا قَالَ لَهُ."

الكهنة اللاويين = إحتار المفسرون فى هذا التعبير الذى إستخدمه موسى فى سفر التثنية وتساءلوا لماذا لا يقول الكهنة أبناء هرون حتى أنهم إدعوا أن كاتب السفر شخص غير موسى وأنه لا يفهم فى الناموس الموسوى ونظام الكهنوت !! لكن السبب كما قلنا أن موسى لا يتكلم هنا مع الكهنة أو اللاويين بل مع الشعب وبالنسبة للشعب فالكهنة هم من سبط لاوى أى لاويين. وواجب الشعب أن يهتم بالكهنة واللاويين عموماً. فالكهنة واللاويين عملهم قاصر على الخدمة الروحية وعلى الشعب أن يهتم بهم.

وقائد الرب = فالكهنة يشتركون مع المذبح

 

آية (3):- " 3«وَهذَا يَكُونُ حَقُّ الْكَهَنَةِ مِنَ الشَّعْبِ، مِنَ الَّذِينَ يَذْبَحُونَ الذَّبَائِحَ بَقَرًا كَانَتْ أَوْ غَنَمًا. يُعْطُونَ الْكَاهِنَ السَّاعِدَ وَالْفَكَّيْنِ وَالْكِرْشَ."

الساعد = ساق الرفيعة. الفكين = جزء من الرأس وهما مع الكرش أى الأمعاء لم يذكروا من قبل فى سفر اللاويين وهما من الأجزاء الزهيدة الثمن وأعطاها موسى للكهنة هنا. اليهود يفهمون هذه الآية أنها على الحيوانات التى تذبح فى البيوت للإستعمال الشخصى. فسفر اللاويين حدد الصدر والساق اليُمنى من ذبائح السلامة (لا32:7-34) وهكذا من ذبائح الخطية (لا14:10) للكهنة

 

الأيات (4-5):-" 4وَتُعْطِيهِ أَوَّلَ حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ، وَأَوَّلَ جَزَازِ غَنَمِكَ. 5لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَدِ اخْتَارَهُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِكَ لِكَيْ يَقِفَ وَيَخْدِمَ بِاسْمِ الرَّبِّ، هُوَ وَبَنُوهُ كُلَّ الأَيَّامِ."

كان الربانيون يحددون الباكورات التى يعطيها الشخص للكهنة من كل نوع من الثمار.

 

الأيات (6-8):-" 6«وَإِذَا جَاءَ لاَوِيٌّ مِنْ أَحَدِ أَبْوَابِكَ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ حَيْثُ هُوَ مُتَغَرِّبٌ، وَجَاءَ بِكُلِّ رَغْبَةِ نَفْسِهِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ، 7وَخَدَمَ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ مِثْلَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ اللاَّوِيِّينَ الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ أَمَامَ الرَّبِّ، 8يَأْكُلُونَ أَقْسَامًا مُتَسَاوِيَةً، عَدَا مَا يَبِيعُهُ عَنْ آبَائِهِ."

كان للكهنة واللاويين 48 مدينة فى إسرائيل مع مزارعها وضواحيها وكان بعض اللاويين يقيمون فى مدنهم هذه للتعليم لباقى الشعب وبعضهم يخدمون فى الهيكل. ومثال ذلك كان صموئيل النبى وأبوه مع أنهما لاويين من نسل قورح إلا أنهما كانا يُقيمان خارج شيلوه وكان أبوه يذهب سنوياً إلى شيلوه حيث الإجتماع وبعد ذلك نذرت أم صموئيل إبنها للإقامة الدائمة حيث الخيمة. وكان اللاويين الذين يقيمون فى هذه المدن يملكون أرضاً ومواشى. والنص هنا يفيد أنه إذا كان هناك لاوى يملك أرضاً ورثها عن آبائه فإذا تنازل عن أرضه وباعها وأتى ليخدم فى الهيكل كان عليهم أن يقبلوه بل يعطونه نصيباً مثل باقى اللاويين ولا ينقصوا شيئاً من نصيبه بحجة أنه باع أرضه ومعهُ ثمنها ولاحظ تسمية الوحى للاوى الذى يملك أرض ويقيم فيها حيث هو مُتغرب= فقد إعتبره غريباً لأن مكانه فى الهيكل. ونحن غُرباء فى هذا العالم وموطننا السماء ومن يعود لخدمة الهيكل ويعود لله سيكون له نصيبه حتى لو جاء فى الساعة الحادية عشرة.

 

الأيات (9-10):-" 9«مَتَى دَخَلْتَ الأَرْضَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لاَ تَتَعَلَّمْ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ رِجْسِ أُولئِكَ الأُمَمِ. 10لاَ يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ، وَلاَ مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً، وَلاَ عَائِفٌ وَلاَ مُتَفَائِلٌ وَلاَ سَاحِرٌ،"

يجيز إبنه فى النار = هذه كانت طقوس وثنية ولها نوعان

أ‌-     يقدمون الأبناء كذبائح تُحرق بالنار إرضاء للآلهة.

ب‌-يمررونهم فى نار مذابحهم التى يعتبرونها مقدسة حتى يطيلوا أعمار أولادهم وتباركهم الآلهة.

 يعرف عرافة = يدعى علم الغيب ومثل هذا من يحاول معرفة الحظ والمستقبل عن طريق الكف أو النجوم. عائف = هى زجر طائر ليطير ويرى الناس الوجهة التى سيطير إليها الطائر فيتفاءلون أو يتشاءمون ومازالت هذه العادة باقية فى التشاؤم من نعيق وصوات البوم. متفائل = يتفائل بشىء معين. ويُعرف المستقبل بقراءة الكأس أو الفنجان ومازالت هذه موجودة للآن فيمن يتشاءم من سقوط أنية وإنكسارها. ولا ساحر أى يتعامل مع الشياطين صراحة ومازال هذا موجوداً فى الأحجبة وفك الأعمال والتعاويذ.  والمصريين والكلدانيين إشتهروا بأمور السحر

 

الأيات (11-12):-" 11وَلاَ مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً، وَلاَ مَنْ يَسْأَلُ جَانًّا أَوْ تَابِعَةً، وَلاَ مَنْ يَسْتَشِيرُ الْمَوْتَى. 12لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ. وَبِسَبَبِ هذِهِ الأَرْجَاسِ، الرَّبُّ إِلهُكَ طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ. "

يرقى رقية = هى أن يردد المرء كلمات وعبارات وتعاويذ ظناً أنها تجلب الشفاء والخير له أو لذويه. أو تابعة = الروح النجس الذى يظنون أنه يتبع المرء للإضرار به أو لإسعاده  وقد يكشف هذا الروح بعض الأسرار لتابعيه لعمل بلبلة وسط الناس (أع16:16-18)

ولا من يستشير موتى = هم من يحاولون تحضير الأرواح وسؤالها وهذه تكون شياطين تضلل من يفعل ذلك. وكل ما أتى فى الآيتين 11،10 يغضب الله وبسبب ذلك يطرد الأمم التى تفعلها, أما المؤمن فلا يهتم بالغد فهو يشعر أنه فى يد إلهه يدبره بحكمة وللخير. وإذا فكر فى المستقبل فهو يشتاق للسماء التى سيذهب إليها.

 

آية (13):- " 13تَكُونُ كَامِلاً لَدَى الرَّبِّ إِلهِكَ. "

تكون كاملاً = إذا لم نبحث عن المستقبل عند هؤلاء وكان لنا ثقة فى الله الذى فى يده مستقبلنا. ووضعنا كل ثقتنا فيه وإتكالنا عليه فهذا هو الكمال (أش19:8)

 

آية (14):- " 14إِنَّ هؤُلاَءِ الأُمَمَ الَّذِينَ تَخْلُفُهُمْ يَسْمَعُونَ لِلْعَائِفِينَ وَالْعَرَّافِينَ. وَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ يَسْمَحْ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هكَذَا."

هذه الآية تربط الأيات السابقة بالأيات الآتية التى تتنبأ صراحة عن المسيح وكأن الوحى يخبرنا عن الفرق بين من يسأل الشياطين وبين من هو تابع للمسيح. وكأنها تقول لمن يفعل هذه الأمور كفى تعامل مع الشياطين فالمسيح آت .

الذين يخلفهم = تأخذ الأرض خلفاً لهم أى بعد أن تطردهم منها.

 

آية (15):- " 15«يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ. "

هذه الأيات هى أوضح ما قيل فى نبوات موسى عن المسيح وراجع (أع22:3 + أع37:7 + يو14:6+ 1بط10:1 + يو46،45:5 + يو41،40:7). ولاحظ مواصفات هذا النبى وأنها تنطبق على المسيح يقيم لك الرب = أى الله يدعوه ويختاره (عب4:5-6) والمسيح دائماً كان يردد أبى أرسلنى (يو38:6-40) من وسطك = فهو سيأتى من إسرائيل ومن إخوتك (رو29:8 + عب11:2).

مثلى = أى مثل موسى أى إنسان مثله وهناك أوجه شبه عديدة بين المسيح وموسى فموسى رمز للمسيح:-

1-  كلاهما من شعب إسرائيل من وسطهم ومن إخوتهم.

2-  نجا كل منهما من مؤامرة أحد الملوك فى طفولته وفى كل مؤامرة إستشهد أطفال كثيرين

3-  موسى ترك القصر ليفتقد شعبه والمسيح أخلى ذاته ليفتقد شعبه وكلاهما فضّل أن يتألم مع شعبه

4-  الشعب اليهودى رفض موسى قاضياً ورفضوا المسيح ملكاً وكثيراً ما تذمروا على المسيح وعلى موسى

5-  أعمال كليهما صاحبها معجزات كثيرة

6-  كلاهما أنقذ شعبه من العبودية

7-  كلم الله شعبه عن طريق عبده موسى والمسيح هو كلمة الله

8-  كلاهما وسيط بين الله والناس

9-  موسى كان راعياً للخراف والمسيح كان الراعى الصالح

10- كلاهما صام 40 يوماً

11  - الله أعطى الشريعة لموسى على جبل والمسيح بدأ حياته العملية على جبل التطويبات

12  -  موسى وجهه لمع بعد ما تجلى له مجد الرب والمسيح تجلى مجده أمام تلاميذه

13  - المسيح إختار 12 تلميذاً و 70 رسولاً وموسى عين 12 رئيساً للأسباط و 70 شيخاً لمعاونته

14  - موسى رحّب بألداد وميداد حين تنبآ والمسيح لم يمنع من يخرج الشياطين (لو50،49:9)

15  - كلاهما بارك الشعب فى نهاية خدمته

16  - شفاعة موسى عن شعبه وكونه يفضل أن يموت عوض شعبه يشبه محبة المسيح فى فدائه

17  - مات كلاهما على جبل

18  - كان موسى نبياً وكذلك المسيح (تث15:18+ 10:34 + مر 15:6)

19  - موسى كان ملكاً فى يشورون (تث5:33) والمسيح أخذ كرسى داود أبيه (لو33،32:1)

20  - موسى أخذ وظيفة كاهن (مز6:99) والمسيح كان رئيس كهنة

21  - كلاهما كان وسيط عهد والعهدين كانا مختومين بالدم

22  - موسى أسس كنيسة العهد القديم والمسيح أسس الكنيسة فى العهد الجديد

23  - موسى كان قاضياً لشعبه والمسيح هو الديان.

24  - لم يوجد فى تاريخ البشرية من قدم الشريعة الإلهية سوى موسى والسيد المسيح.

هذا من ناحية الرمز لكن يجب ألا ننسى أن موسى نبى أرسله الله أما المسيح فإبن الله.

وموسى كان له ضعفاته أما المسيح فلم يكن له خطية. وشفاعة المسيح دائمة أبداً وهى شفاعة كفارية أما شفاعة موسى فهى شفاعة توسلية.

 

آية (16):- " 16حَسَبَ كُلِّ مَا طَلَبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ يَوْمَ الاجْتِمَاعِ قَائِلاً: لاَ أَعُودُ أَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِي وَلاَ أَرَى هذِهِ النَّارَ الْعَظِيمَةَ أَيْضًا لِئَلاَّ أَمُوتَ.

لم يحتمل الشعب أن يرى مجد الله لئلا يموتوا فطلبوا من موسى أن يكون الوسيط

 

آية (17):- " 17قَالَ لِيَ الرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلَّمُوا. "

أستصوب الله كلامهم لأنه يعلم أن الإنسان فى خطيته لن يحتمل أن يرى مجد الله فكان لابد من وجود وسيط بين الله والناس يكلمه الله فماً لفم مثل موسى وهو يكلمهم. وفى العهد الجديد صار المسيح هذا الوسيط فهو كلمة الله وأخذ جسداً أخفى مجده حتى يكلمنا ولا نموت. لذلك أستصوب الله كلامهم لأنه كان بحسب خطته الإلهية فى التجسد

 

آية (18):- " 18أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ."

المسيح هو النبى المنتظر، بل هو رب الأنبياء. وبسبب هذه النبوة قالوا " هذا هو بالحقيقة النبى الآتى إلى العالم (يو14:6) وهم سألوا يوحنا المعمدان " النبى أنت " (يو21:1)

 

آية (19):- " 19وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ لِكَلاَمِي الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ."

قارن مع (عب3:2 + 29:10 + 25:12 + رو13:2)

 

الأيات (20-22):-" 20وَأَمَّا النَّبِيُّ الَّذِي يُطْغِي، فَيَتَكَلَّمُ بِاسْمِي كَلاَمًا لَمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، أَوِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى، فَيَمُوتُ ذلِكَ النَّبِيُّ. 21وَإِنْ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الْكَلاَمَ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحْدُثْ وَلَمْ يَصِرْ، فَهُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ، بَلْ بِطُغْيَانٍ تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ، فَلاَ تَخَفْ مِنْهُ."

تحذير من الأنبياء الكذبة. ولاحظ أن ضد المسيح سيأتى كنبى كاذب مدعياً أنه المسيح مدعماً أعماله بمعجزات (رؤ5:13) وقد يقف الناس حيارى أمام هذه المعجزات والنبوات والتعاليم المخادعة، ولكن الله يحدد هنا طريقة سهلة نحكم بها هى ... هل يتحقق الكلام الذى يتنبأون به؟ إن لم يتحقق فهم كاذبون.

أيضاً هناك مبدأ عام :- هل ما يدعو إليه هذا النبى الكاذب يتفق مع أقوال الكتاب المقدس أو له تعاليم جديدة؟ هل يتفق مع الكنيسة وتعاليمها المسلمة لنا أم لا؟

هل تعاليم هذا النبى الكاذب تمجد الله وتمجد المسيح إبن الله وعمله أم لا؟ وهناك فرق واضح لا لبس فيه فالمسيح لن يأتى مرة أخرى كإنسان يظهر على الأرض بل هو أخبرنا أنه سيأتى فى المجىء الثانى على السحاب فى مجده (مت31:25) وهو يأتى للدينونة (مت32:25) وراجع (أع9:1-11).