بعد أن أعلن الله
البركات واللعنات خشى الله أن يسقط الشعب فى اليأس بعد أن أخبرهم بغضبه وهنا
يُخبرهم بثلاث أمور مهمة:-
1-
لا داعى لليأس
فطريق التوبة مفتوح حتى وإن ضرب الله الخاطىء.
2-
الوصية ليست صعبة
فهو يعين الإنسان على تنفيذها.
3-
كل إنسان حر... إذاً
طاعة الوصية متوقفة على قرارى وإرادتى وبحريتى.
وهذا الإصحاح
يعتبره البعض نبوة عن دعوة اليهود فى آخر الأيام للإيمان
آية
(1):- " 1«وَمَتَى أَتَتْ عَلَيْكَ كُلُّ هذِهِ الأُمُورِ،
الْبَرَكَةُ وَاللَّعْنَةُ، اللَّتَانِ جَعَلْتُهُمَا قُدَّامَكَ، فَإِنْ رَدَدْتَ
فِي قَلْبِكَ بَيْنَ جَمِيعِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ
إِلَيْهِمْ، "
فإن
رددت فى قلبك = إن التأديب كثيراً ما يرد الإنسان إلى صوابه، فإن رجع إلى
نفسه وراجع ضميره وندم على خطاياه يفتح له الله باب التوبة ويعده بالمغفرة. وأول
خطوة فى طريق التوبة كما فعل الإبن الضال حين قارن بين حاله وحال خدام أبيه، بعدها
عاد لأبيه.
آية
(2):- " 2وَرَجَعْتَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِكَ، وَسَمِعْتَ لِصَوْتِهِ
حَسَبَ كُلِّ مَا أَنَا أُوصِيكَ بِهِ الْيَوْمَ، أَنْتَ وَبَنُوكَ، بِكُلِّ
قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ،"
شرط التوبة أن
تكون غير مترددة وبكل القلب يطيع وصايا الله = سمعت
لصوته ويترك كل منافس لله فى حياته.
آية (3):- " 3يَرُدُّ
الرَّبُّ إِلهُكَ سَبْيَكَ وَيَرْحَمُكَ، وَيَعُودُ فَيَجْمَعُكَ مِنْ جَمِيعِ
الشُّعُوبِ الَّذِينَ بَدَّدَكَ إِلَيْهِمِ الرَّبُّ إِلهُكَ."
قارن مع قول
القديسين " التوبة تحول الزانى إلى بتول " + (حز 23:18)
الأيات
(4-10):-" 4إِنْ يَكُنْ قَدْ بَدَّدَكَ إِلَى أَقْصَاءِ
السَّمَاوَاتِ، فَمِنْ هُنَاكَ يَجْمَعُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، وَمِنْ هُنَاكَ
يَأْخُذُكَ، 5وَيَأْتِي بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي
امْتَلَكَهَا آبَاؤُكَ فَتَمْتَلِكُهَا، وَيُحْسِنُ إِلَيْكَ وَيُكَثِّرُكَ
أَكْثَرَ مِنْ آبَائِكَ. 6وَيَخْتِنُ الرَّبُّ إِلهُكَ قَلْبَكَ
وَقَلْبَ نَسْلِكَ، لِكَيْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ
كُلِّ نَفْسِكَ لِتَحْيَا. 7وَيَجْعَلُ الرَّبُّ إِلهُكَ كُلَّ هذِهِ
اللَّعَنَاتِ عَلَى أَعْدَائِكَ، وَعَلَى مُبْغِضِيكَ الَّذِينَ طَرَدُوكَ. 8وَأَمَّا
أَنْتَ فَتَعُودُ تَسْمَعُ لِصَوْتِ الرَّبِّ، وَتَعْمَلُ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ
الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ، 9فَيَزِيدُكَ الرَّبُّ
إِلهُكَ خَيْرًا فِي كُلِّ عَمَلِ يَدِكَ، فِي ثَمَرَةِ بَطْنِكَ وَثَمَرَةِ
بَهَائِمِكَ وَثَمَرَةِ أَرْضِكَ. لأَنَّ الرَّبَّ يَرْجعُ لِيَفْرَحَ لَكَ
بِالْخَيْرِ كَمَا فَرِحَ لآبَائِكَ، 10إِذَا سَمِعْتَ لِصَوْتِ
الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ الْمَكْتُوبَةَ فِي سِفْرِ
الشَّرِيعَةِ هذَا. إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الرَّبِّ إِلهِكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ
وَبِكُلِّ نَفْسِكَ."
الختان الروحى
للقلب معناه تجديد الحياة وكمالها ونزع كل خطية من الإنسان والله بروحه القدوس
(بنعمته) يفعل هذا (رو13:8) لو أظهر الإنسان بجهاده وندمه إستعداده لذلك. أكثر من أبائك = الله دائماً يعمل أعمالاً مدهشة
جديدة كل يوم.
آية (11):- " 11«إِنَّ هذِهِ الْوَصِيَّةَ الَّتِي
أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ لَيْسَتْ عَسِرَةً عَلَيْكَ وَلاَ بَعِيدَةً مِنْكَ. "
إذاً الوصايا
ليست صعبة (1يو3:5) فنعمة الله تسند وتساعد لذلك فنيره هين وحمله خفيف
(مت30،29:11) المهم أن يقرر الإنسان أنه يختار طريق الله. والوصايا ليست بعيدة عنك = لأن الرب قد سبق وكلمهم بها من
على الجبل وكلمهم بها موسى وهرون وهى مكتوبة على ألواح وطالما أرسل الله لهم
أنبياء يحملون وصاياه ورسائله .
آية
(12):- " 12لَيْسَتْ هِيَ فِي السَّمَاءِ حَتَّى تَقُولَ: مَنْ يَصْعَدُ
لأَجْلِنَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَأْخُذُهَا لَنَا وَيُسْمِعُنَا إِيَّاهَا
لِنَعْمَلَ بِهَا؟ "
كلمة الرب ليست
صعبة المنال أو عالية على مستوى الإنسان كأنها فى السماء لا نصل لها.
آية
(13):- " 13وَلاَ هِيَ فِي عَبْرِ الْبَحْرِ حَتَّى تَقُولَ: مَنْ يَعْبُرُ
لأَجْلِنَا الْبَحْرَ وَيَأْخُذُهَا لَنَا وَيُسْمِعُنَا إِيَّاهَا لِنَعْمَلَ
بِهَا؟ "
وكلمة الرب ليست فى عبر البحر = الأصل العبرى فى عمق البحر لا
يصل إليه إنسان
آية
(14):- " 14بَلِ الْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ جِدًّا، فِي فَمِكَ وَفِي
قَلْبِكَ لِتَعْمَلَ بِهَا."
بل
كلمة الرب فى فمك = فالله أمرهم أن يرددوها ولو فعلوا ستكون فى قلبك = إذا رددتها وتأملت فيها ستتمسك بها
وتحبها. وهذا يمكن تنفيذه سواء فى العهد القديم أو العهد الجديد والفارق فى
المستوى, ففى العهد القديم نسمع الوصايا لا تزنى / لا تقتل وفى العهد الجديد نسمع
لا تنظر لتشتهى ولا تغضب.
وما جعل الوصية
سهلة التنفيذ فى العهد الجديد المسيح الساكن فينا والروح القدس الذى يعيننا. ولقد
إقتبس بولس الرسول هذا النص فى (رو5:10-10) ويقصد بولس الرسول أنه يجب على الإنسان
أن يؤمن إيماناً كاملاً بسيطاً بعمل المسيح لأجل البشر وأن المسيح ليس بعيداً
فنقول أنه فى السماء فالمسيح تجسد وجاء من السماء إلى بيت لحم وتحدث معنا فماً لفم
وليس كما تحدث للأنبياء من السماء (عب1:1 + 1يو1:1-4) وليس هى فى عمق البحر وهذه
تعنى الموت (راجع يون3:2-6) أى لم يبق المسيح فى القبر ولكنه قام ولم يعد ميتاً
بعد ليعطينا حياة القيامة والنصرة. وأصبح قريب منا جداً وفينا ولذلك يقول إثبتوا
فىَّ وأنا فيكم . بولس هنا فهم أن كلمة الله فى هذه الآيات هو المسيح كلمة الله
(يو14:1)، والمسيح ليس بعيداً عنا.
الأيات (15-19):-" 15«اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ الْيَوْمَ
قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ، 16بِمَا
أَنِّي أَوْصَيْتُكَ الْيَوْمَ أَنْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْلُكَ فِي
طُرُقِهِ وَتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ لِكَيْ تَحْيَا
وَتَنْمُوَ، وَيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ دَاخِلٌ
إِلَيْهَا لِكَيْ تَمْتَلِكَهَا. 17فَإِنِ انْصَرَفَ قَلْبُكَ وَلَمْ
تَسْمَعْ، بَلْ غَوَيْتَ وَسَجَدْتَ لآلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا، 18فَإِنِّي
أُنْبِئُكُمُ الْيَوْمَ أَنَّكُمْ لاَ مَحَالَةَ تَهْلِكُونَ. لاَ تُطِيلُ
الأَيَّامَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ عَابِرٌ الأُرْدُنَّ لِكَيْ تَدْخُلَهَا
وَتَمْتَلِكَهَا. 19أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ السَّمَاءَ
وَالأَرْضَ. قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ
وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ، "
قدامك
الحياة... والموت = أى الإختيار إختيارك، وكل إنسان حُر فى قراره.
آية (20):- " 20إِذْ تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ
وَتَسْمَعُ لِصَوْتِهِ وَتَلْتَصِقُ بِهِ، لأَنَّهُ هُوَ حَيَاتُكَ وَالَّذِي
يُطِيلُ أَيَّامَكَ لِكَيْ تَسْكُنَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفَ الرَّبُّ
لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا."
من يلتصق بالرب ويثبت فيه تكون لهُ حياة على هذه
الأرض وفى الحياة الأبدية.