الإصحاح الرابع

 

نجد هنا سر الكنيسة التي تموت مع المسيح لتقوم معه. فهنا نجد 12 رجلاً يحملون 12 حجراً من بطن الأردن لتقام خارجاً و12 حجراً من الخارج لتوضع في بطن الأردن. والـ12 رجلاً سبق اختيارهم لهذا العمل من قبل (12:3) ورقم 12 يمثل كنيسة المسيح سواء في العهد القديم (12 سبط) أو في العهد الجديد (12 تلميذ) وراجع (رؤ3:21 + 12:21 + خر27:15) [12 عين ماء رمز للكنيسة التي صار لها الروح القدس سر حياتها وتعزيتها وسط برية هذا العالم + خر4:24 (الكنيسة هي أعمدة حية في هيكل الرب السماوي + 1 مل31:18. ورقم 12= 3 (الثالوث) × 4 (كل أنحاء العالم)] لذلك فمعنى رقم 12 هم من يملك عليهم الله في كل العالم أو ملكوت الله في البشرية كلها. ويشوعنا الحقيقي بعد أن كسر شوكة الموت وجفف نهر الأردن (كسر شوكته) فتح ملكوت السموات لكل المؤمنين وأخرجهم من الموت إلى الحياة وهذا رمزه إخراج الأحجار من قاع نهر الأردن إلى الجلجال. ولكن على المؤمنين أن يحيوا باستمرار حياة الصليب كأنهم أموات عن العالم (ورمز هذا الحجارة التي وضعت في الأردن التي أتوا بها من الخارج). فالحجارة في عمق نهر الأردن تمثل ضرورة الموت والحجارة من الأردن لفوق تمثل ضرورة القيامة. وفي الواقع لا نستطيع الفصل بين الحجارة التي رفعت إلى الجلجال لتبني هناك، والحجارة التي أقيمت في قاع الأردن. فالأولى تشير للكنيسة بكونها جسد المسيح الذي إجتاز الأردن واحتمل الصليب والموت والدفن كل يوم ليقوم أيضاً مع رأسه ويختبر معه كل يوم الحياة الجديدة المقامة، أما الحجارة الأخرى فتشير إلى استمرار الصليب مع المسيح. فالكنيسة قد قامت مع المسيح على أنها يجب أن تتألم وتحزن يسيراً في هذا العالم وينبغي أن تموت ثم بعد هذا تنال القيامة (1بط3:1-7). وما يجعلنا نقبل الآلام ونشترك فيها أننا اختبرنا قوة قيامته. (في10:3،11) فهو اختبر قوة قيامته أولاً (ذكرها أولاً) لذلك اشترك في آلامه (ذكرها ثانية).

ومنطقة عبور الأردن سميت بيت عبرة وعندها كان يوحنا المعمدان يعمد (يو28:1) وسميت بيت عبرة أي بيت العبور بسبب عبور الشعب عندها. وفي هذا المكان عظم يوحنا المسيح (يو27:1). وفي (مت9:3) نجد يوحنا المعمدان يقول لليهود أن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم ويقال أن يوحنا كان يشير إلى الحجارة المنصوبة خارج الأردن أو داخل الأردن.

             

الأيات (1-3):-" 1وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى جَمِيعُ الشَّعْبِ مِنْ عُبُورِ الأُرْدُنِّ أَنَّ الرَّبَّ كَلَّمَ يَشُوعَ قَائِلاً: 2«انْتَخِبُوا مِنَ الشَّعْبِ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً، رَجُلاً وَاحِدًا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ، 3وَأْمُرُوهُمْ قَائِلِينَ: احْمِلُوا مِنْ هُنَا مِنْ وَسَطِ الأُرْدُنِّ، مِنْ مَوْقِفِ أَرْجُلِ الْكَهَنَةِ رَاسِخَةً، اثْنَيْ عَشَرَ حَجَرًا، وَعَبِّرُوهَا مَعَكُمْ وَضَعُوهَا فِي الْمَبِيتِ الَّذِي تَبِيتُونَ فِيهِ اللَّيْلَةَ»."

الله يكلم يشوع ولكن على يشوع أن يعمل مع الجماعة لذلك يقول له الله انتخبوا.... وضعوها في المبيت= أي في الجلجال لأنهم باتوا هذه الليلة في الجلجال.

 

الأيات (4-7):-" 4فَدَعَا يَشُوعُ الاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً الَّذِينَ عَيَّنَهُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، رَجُلاً وَاحِدًا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ. 5وَقَالَ لَهُمْ يَشُوعُ: «اعْبُرُوا أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ إِلَى وَسَطِ الأُرْدُنِّ، وَارْفَعُوا كُلُّ رَجُل حَجَرًا وَاحِدًا عَلَى كَتِفِهِ حَسَبَ عَدَدِ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، 6لِكَيْ تَكُونَ هذِهِ عَلاَمَةً فِي وَسَطِكُمْ. إِذَا سَأَلَ غَدًا بَنُوكُمْ قَائِلِينَ: مَا لَكُمْ وَهذِهِ الْحِجَارَةَ؟ 7تَقُولُونَ لَهُمْ: إِنَّ مِيَاهَ الأُرْدُنِّ قَدِ انْفَلَقَتْ أَمَامَ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ. عِنْدَ عُبُورِهِ الأُرْدُنَّ انْفَلَقَتْ مِيَاهُ الأُرْدُنِّ. فَتَكُونُ هذِهِ الْحِجَارَةُ تَذْكَارًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الدَّهْرِ»."

إقامة هذه الحجارة ليتعلم الناس في الأجيال القادمة ويذكروا عمل الله معهم فيحبونه. وهذه الحجارة ترمز للكنيسة التي كانت ميتة (قاع الأردن) وقامت (نصبت في الجلجال).

 

الأيات (8-9):-" 8فَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ هكَذاَ كَمَا أَمَرَ يَشُوعُ، وَحَمَلُوا اثْنَيْ عَشَرَ حَجَرًا مِنْ وَسَطِ الأُرْدُنِّ، كَمَا قَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ، حَسَبَ عَدَدِ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَعَبَّرُوهَا مَعَهُمْ إِلَى الْمَبِيتِ وَوَضَعُوهَا هُنَاكَ. 9وَنَصَبَ يَشُوعُ اثْنَيْ عَشَرَ حَجَرًا فِي وَسَطِ الأُرْدُنِّ تَحْتَ مَوْقِفِ أَرْجُلِ الْكَهَنَةِ حَامِلِي تَابُوتِ الْعَهْدِ. وَهِيَ هُنَاكَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ."

هذه الحجارة ترمز لموت المسيح عنا كلما رآها الشعب (ربما كانت ظاهرة فوق مستوى الماء بعد أن عاد الماء لسريانه الطبيعي) وكلما ننظر لهذه الحجارة نذكر يسوع الذي مات لأجلنا فنكره الخطية التي سببت له هذا ونكره شهوة الجسد والعين.. الخ أي نصلب أهوائنا مع شهواتنا، هذه الحجارة ترمز للكنيسة التي صلبت نفسها مع المسيح لتحيا (غل20:2).

 

آية (10):- " 10وَالْكَهَنَةُ حَامِلُو التَّابُوتِ وَقَفُوا فِي وَسَطِ الأُرْدُنِّ حَتَّى انْتَهَى كُلُّ شَيْءٍ أَمَرَ الرَّبُّ يَشُوعَ أَنْ يُكَلِّمَ بِهِ الشَّعْبَ، حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى يَشُوعَ. وَأَسْرَعَ الشَّعْبُ فَعَبَرُوا."

تظهر أن موسى أعطى تعليمات ليشوع وربما لم تدون في الأسفار الخمسة، أو وهو الأصح أن يشوع هنا يظهر نفسه ملتزماً بكل أمر أعطاه الله لموسى =حسب كل ما أمر به موسى يشوع فهو يقود الشعب ملتزماً بكل وصايا وناموس موسى، فضلاً عن كل ما يأمره به الله. وأسرع الشعب فعبروا= هناك من كان قليل الإيمان فهذا أسرع لأنه خاف أن يرجع الماء إلى أصله وهؤلاء لما رأوا المعجزة إزداد إيمانهم. وهناك من أسرع احتراماً لوصية يشوع وطاعة لله وهناك من أسرع اشتياقاً لأرض الميعاد. وهذا ما يحدث لنا. فمن يسرع للتوبة خوفاً من جهنم ومن الموت يكتشف حب الله ويزداد إيمانه ومن يسرع للتوبة طاعة لله أو اشتياقاً لأورشليم السماوية تزداد نقاوته وتنفتح بصيرته بالأكثر. المهم أن نسرع بلا رخاوة أو تهاون طول أيام غربتنا حتى نعبر تماماً. ولنسرع بالعبور خلال الإيمان العامل فنحيا مجاهدين في تتميم الوصايا الإلهية. (تك22:19 إهرب لحياتك) ولنلاحظ أن المياه عادت بعد أن عبر التابوت فإن لم يكن الله في وسطنا فالموت سيكون نصيبنا. والكهنة لم يخرجوا إلا بعد أن عبر كل الشعب، هذه هي الأبوة الحقة. فهم بدءوا العبور وانتهى بهم العبور وهذا مثال للمسيح الذي هو الأول والآخر (رؤ13:22) هو الذي يفتح الطريق لرعيته وهو الطريق لهم.

 

الآيات (11-13):- "  11وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى كُلُّ الشَّعْبِ مِنَ الْعُبُورِ، أَنَّهُ عَبَرَ تَابُوتُ الرَّبِّ وَالْكَهَنَةُ فِي حَضْرَةِ الشَّعْبِ. 12وَعَبَرَ بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادٍ وَنِصْفُ سِبْطِ مَنَسَّى مُتَجَهِّزِينَ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَمَا كَلَّمَهُمْ مُوسَى. 13نَحْوَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا مُتَجَرِّدِينَ لِلْجُنْدِ عَبَرُوا أَمَامَ الرَّبِّ لِلْحَرْبِ إِلَى عَرَبَاتِ أَرِيحَا."

هؤلاء المجاهدين عبروا أمام بني إسرائيل= رمزاً لمن سبقونا ووصلوا لأرض الراحة ينتظرون وصولنا. ولاحظ قوله عبروا أمام الرب= فلا يكفي أن نعمل لحساب الجماعة المقدسة لنموها بل يلزم أن يكون عملنا داخلياً لحساب رب الجماعة وإلا صارت الخدمة مجالاً للافتخار والبر الذاتي وخدمة كرامة للخدام لا كرامة لله ولاحظ أننا يمكن أن نخدع الناس ولكن لا يمكننا أن نخدع الله الذي يعرف أعماق قلوبنا.

 

آية (14):- " 14فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَظَّمَ الرَّبُّ يَشُوعَ فِي أَعْيُنِ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ، فَهَابُوهُ كَمَا هَابُوا مُوسَى كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ."

فهابوه كما هابوا موسى= اليهود هابوا موسى خلال الخوف من الناموس ونحن نهاب المسيح بالحب.

 

الآيات (15-19):- " 15وَكَلَّمَ الرَّبُّ يَشُوعَ قَائِلاً: 16«مُرِ الْكَهَنَةَ حَامِلِي تَابُوتِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَصْعَدُوا مِنَ الأُرْدُنِّ». 17فَأَمَرَ يَشُوعُ الْكَهَنَةَ قَائِلاً: «اصْعَدُوا مِنَ الأُرْدُنِّ». 18فَكَانَ لَمَّا صَعِدَ الْكَهَنَةُ حَامِلُو تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ مِنْ وَسَطِ الأُرْدُنِّ، وَاجْتُذِبَتْ بُطُونُ أَقْدَامِ الْكَهَنَةِ إِلَى الْيَابِسَةِ، أَنَّ مِيَاهَ الأُرْدُنِّ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا وَجَرَتْ كَمَا مِنْ قَبْلُ إِلَى كُلِّ شُطُوطِهِ. 19وَصَعِدَ الشَّعْبُ مِنَ الأُرْدُنِّ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ، وَحَلُّوا فِي الْجِلْجَالِ فِي تُخُمِ أَرِيحَا الشَّرْقِيِّ."

الشعب خرج في اليوم العاشر= بداية الفصح حين يختار كل واحد شاة يقدمها ذبيحة فصح للعبور (خر3:22). والله أراد أن يكون خروجهم من مصر في الفصح ودخولهم إلى كنعان في الفصح (العاشر من الشهر الأول) أيضاً. فالخروج من العبودية والحرية ودخول السماء كلاهما مرتبط بالفصح أي المسيح المصلوب. ولكي يحتفلوا بالفصح بحسب الشريعة أمرهم الله بدخول كنعان في اليوم العاشر من الشهر الأول بالذات فصعودهم إلى أرض الميراث يتحقق خلال الفصح أي سر الصليب.

ورقم 10 يشير للوصايا التي كسرناها فضاعت منا أرض الميعاد. ولكن بالمسيح صرنا غير كاسرين للناموس وصارت لنا حياة جديدة يعبر عنها الشهر الأول من السنة الجديدة. وكان هذا بواسطة المسيح الذي جاء ليضع نفسه تحت الناموس (غل4:4،5).

حلوا في الجلجال:- جلجال= متدحرج أو دائرة وهذا إعلان عن دحرجة عار العبودية القديم، فمع أنهم إنطلقوا من عبودية فرعون منذ 40عاماً لكن عار العبودية لم ينزع عنهم إلا بوطأ أقدامهم أرض الجلجال (كنعان) ونحن لا ينزع عنا عار الخطية إلا بدخولنا دائرة الأبدية وتمتعنا بعربون الميراث الأبدي في داخلنا. وفي الجلجال إختتن الشعب (معمودية) بعد عبور الأردن (معمودية؟، موت وقيامة مع المسيح) وهناك أقام الحجارة (سر الكنيسة). وكانت الجلجال مركز عمليات يشوع ثم شاول الملك. فالكنيسة بقيادة المسيح في حالة حرب مستمرة ونصرة مستمرة. والجلجال يظهر أيام صموئيل كمكان مقدس (1صم6:7) وفيه نصب شاول ملكاً (1صم8:10، 14:11) وقلبنا بوجود المسيح فيه يصير هيكلاً مقدساً.

 

الآيات (20-24):- " 20وَالاثْنَا عَشَرَ حَجَرًا الَّتِي أَخَذُوهَا مِنَ الأُرْدُنِّ نَصَبَهَا يَشُوعُ فِي الْجِلْجَالِ. 21وَكَلَّمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: «إِذَا سَأَلَ بَنُوكُمْ غَدًا آبَاءَهُمْ قَائِلِينَ: مَا هذِهِ الْحِجَارَةُ؟ 22تُعْلِمُونَ بَنِيكُمْ قَائِلِينَ: عَلَى الْيَابِسَةِ عَبَرَ إِسْرَائِيلُ هذَا الأُرْدُنَّ. 23لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ قَدْ يَبَّسَ مِيَاهَ الأُرْدُنِّ مِنْ أَمَامِكُمْ حَتَّى عَبَرْتُمْ، كَمَا فَعَلَ الرَّبُّ إِلهُكُمْ بِبَحْرِ سُوفٍ الَّذِي يَبَّسَهُ مِنْ أَمَامِنَا حَتَّى عَبَرْنَا، 24لِكَيْ تَعْلَمَ جَمِيعُ شُعُوبِ الأَرْضِ يَدَ الرَّبِّ أَنَّهَا قَوِيَّةٌ، لِكَيْ تَخَافُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ»."