الإصحاح التاسع

 

الآيات (1-2):- "1وَلَمَّا سَمِعَ جَمِيعُ الْمُلُوكِ الَّذِينَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ فِي الْجَبَلِ وَفِي السَّهْلِ وَفِي كُلِّ سَاحِلِ الْبَحْرِ الْكَبِيرِ إِلَى جِهَةِ لُبْنَانَ، الْحِثّيُونَ وَالأَمُورِيُّونَ وَالْكَنْعَانِيُّونَ وَالْفِرِزِّيُّونَ وَالْحِوِّيُّونَ وَالْيَبُوسِيُّونَ، 2اجْتَمَعُوا مَعًا لِمُحَارَبَةِ يَشُوعَ وَإِسْرَائِيلَ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ."

عبور نهر الأردن لم يكن خاتمة الجهاد بل بدايته، فلقد هاجت الشعوب الكنعانية واجتمعوا معاً لمحاربة يشوع وإسرائيل. ونحن بعد المعمودية وبعد أن نتمتع بإمكانيات الله التي صارت لنا لا لنفخر ونتباحث فيها إنما لنستخدمها في جهادنا الروحي لأننا مع كل نصرة روحية نتوقع حرباً أشد. وعجيب هو إتفاق هذه الأمم وفي هذا التوقيت الآن.

1.    فلماذا لم يهاجموا إسرائيل بعد عبورهم الأردن مباشرة وقبل أن ينظموا صفوفهم أو وهم محاصرين أريحا. وخطط إسرائيل للاستيلاء على كنعان لم تكن خافية على أحد.

2.    ولماذا لم يهاجموا إسرائيل من قبل، ويهاجموها الآن بعد أن أكتشفوا قوة إله إسرائيل في معركة أريحا وتخطيط يشوع في معركة عاى‍‍ لقد كان الأحكم أن يعقدوا مع إسرائيل معاهدة سلام لا أن يحاربوها. ولكن الله يعمي عيون أعداء شعبه فيتخبطون في قراراتهم.

 

الآيات (3-13):- "3وَأَمَّا سُكَّانُ جِبْعُونَ لَمَّا سَمِعُوا بِمَا عَمِلَهُ يَشُوعُ بِأَرِيحَا وَعَايٍ فَهُمْ 4عَمِلُوا بِغَدْرٍ، وَمَضَوْا وَدَارُوا وَأَخَذُوا جَوَالِقَ بَالِيَةً لِحَمِيرِهِمْ، وَزِقَاقَ خَمْرٍ بَالِيَةً مُشَقَّقَةً وَمَرْبُوطَةً، 5وَنِعَالاً بَالِيَةً وَمُرَقَّعَةً فِي أَرْجُلِهِمْ، وَثِيَابًا رَثَّةً عَلَيْهِمْ، وَكُلُّ خُبْزِ زَادِهِمْ يَابِسٌ قَدْ صَارَ فُتَاتَا. 6وَسَارُوا إِلَى يَشُوعَ إِلَى الْمَحَلَّةِ فِي الْجِلْجَالِ، وَقَالُوا لَهُ وَلِرِجَالِ إِسْرَائِيلَ: «مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ جِئْنَا. وَالآنَ اقْطَعُوا لَنَا عَهْدًا». 7فَقَالَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ لِلْحِوِّيِّينَ: «لَعَلَّكَ سَاكِنٌ فِي وَسَطِي، فَكَيْفَ أَقْطَعُ لَكَ عَهْدًا؟» 8فَقَالُوا لِيَشُوعَ: «عَبِيدُكَ نَحْنُ». فَقَالَ لَهُمْ يَشُوعُ: «مَنْ أَنْتُمْ؟ وَمِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟» 9فَقَالُوا لَهُ: «مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ جِدًّا جَاءَ عَبِيدُكَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ، لأَنَّنَا سَمِعْنَا خَبَرَهُ وَكُلَّ مَا عَمِلَ بِمِصْرَ، 10وَكُلَّ مَا عَمِلَ بِمَلِكَيِ الأَمُورِيِّينَ اللَّذَيْنِ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ: سِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ وَعُوجَ مَلِكِ بَاشَانَ الَّذِي فِي عَشْتَارُوثَ. 11فَكَلَّمَنَا شُيُوخُنَا وَجَمِيعُ سُكَّانِ أَرْضِنَا قَائِلِينَ: خُذُوا بِأَيْدِيكُمْ زَادًا لِلطَّرِيقِ، وَاذْهَبُوا لِلِقَائِهِمْ وَقُولُوا لَهُمْ: عَبِيدُكُمْ نَحْنُ. وَالآنَ اقْطَعُوا لَنَا عَهْدًا. 12هذَا خُبْزُنَا سُخْنًا تَزَوَّدْنَاهُ مِنْ بُيُوتِنَا يَوْمَ خُرُوجِنَا لِكَيْ نَسِيرَ إِلَيْكُمْ، وَهَا هُوَ الآنَ يَابِسٌ قَدْ صَارَ فُتَاتَا. 13وَهذِهِ زِقَاقُ الْخَمْرِ الَّتِي مَلأْنَاهَا جَدِيدَةً، هُوَذَا قَدْ تَشَقَّقَتْ. وَهذِهِ ثِيَابُنَا وَنِعَالُنَا قَدْ بَلِيَتْ مِنْ طُولِ الطَّرِيقِ جِدًّا». "

حيلة بني جبعون= جبعون تقع شمال أورشليم على بعد 6 ميل وصارت تابعة لبنيامين بعد ذلك. ولقد أدرك بنو جبعون ما أدركته راحاب الزانية وأراد الكل الخلاص إذ رأوا يد الله القوية تعمل لحساب شعبه. أما بنو جبعون فلم يبلغوا ما بلغته راحاب وأن كانوا قد أرتفعوا عن بقية الأمم حولهم. لقد ارتفعت راحاب بروح الإيمان والحب أما بنو جبعون فقد خلصوا من الموت بالخوف والمكر. وفي (4) عملوا بغدر= صحة ترجمة الكلمة عملوا بخداع. جوالق= أشولة للزاد ومربوطة= أى تشققت فى الطريق فلم يستطيعوا إصلاحها فربطوها. وفي خداعهم ذكروا في (9،10) أعمال الرب القديمة مع شعبه ولم يذكروا الأعمال الجديدة مثل شق الأردن وما بعده حتى لا يظهر أنهم سمعوا فيفهم يشوع أنهم قريبين. وهم لم يذكروا اسم بلدهم كأن يشوع لن يعرفها لبعدها. ولكنهم مجدوا اسم الله واظهروا أنهم يؤمنون به حتى ينالوا عطف يشوع بل عرضوا أن يكونوا عبيداً لإسرائيل وهذا يعني ضمناً أنهم قبلوا أن يصيروا عبيداً لله ورفضوا أوثانهم ولنتأمل فيما عملوا.. ألا يحق لنا أن نعمل مثلهم مع إلهنا ونترك كل خطية ونملكه على قلوبنا فنضمن حياتنا. لا ننكر أن بني جبعون لهم موقف إيجابي لكنهم يمثلون من يأتي إلى الله خوفاً من ضياع البركات الزمنية وخسارة أمور العالم البالية. ومن يلتصق بأمور العالم هو مازال يحيا في إنسانه العتيق لذلك يحيا كعبد. لذلك يمثل بنى جبعون أدنى درجات الإيمان وأقل المتمتعين بالمجد (1كو39:15-41). أما راحاب فتمثل الإنسان الذي خلع إنسانه القديم وألقى بشهوات جسده تحت قدميه طلباً للمجد الأبدي ولنلاحظ أن بني جبعون لو أعلنوا إيمانهم وتوبتهم عن وثنيتهم وشرورهم لكان من المؤكد أن الله سيأمر يشوع بقبولهم ولصاروا في درجة أعلى (يو2:14). ولكنهم بهذا الفكر والخوف والمكر إختاروا لأنفسهم أن يحيوا كعبيد وكان هذا قرار يشوع (آية 23) بل كان هذا طلبهم (آية 11). وقارن مع راحاب التي حصلت على العضوية وصارت أماً في إسرائيل بل أماً للمسيح بل رمزاً للكنيسة.

 

الآيات (14-22):- "14فَأَخَذَ الرِّجَالُ مِنْ زَادِهِمْ، وَمِنْ فَمِ الرَّبِّ لَمْ يَسْأَلُوا. 15فَعَمِلَ يَشُوعُ لَهُمْ صُلْحًا وَقَطَعَ لَهُمْ عَهْدًا لاسْتِحْيَائِهِمْ، وَحَلَفَ لَهُمْ رُؤَسَاءُ الْجَمَاعَةِ. 16وَفِي نِهَايَةِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَمَا قَطَعُوا لَهُمْ عَهْدًا سَمِعُوا أَنَّهُمْ قَرِيبُونَ إِلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ سَاكِنُونَ فِي وَسَطِهِمْ. 17فَارْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَجَاءُوا إِلَى مُدُنِهِمْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. وَمُدُنُهُمْ هِيَ جِبْعُونُ وَالْكَفِيرَةُ وَبَئِيرُوتُ وَقَرْيَةُ يَعَارِيمَ. 18وَلَمْ يَضْرِبْهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لأَنَّ رُؤَسَاءَ الْجَمَاعَةِ حَلَفُوا لَهُمْ بِالرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. فَتَذَمَّرَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ عَلَى الرُّؤَسَاءِ. 19فَقَالَ جَمِيعُ الرُّؤَسَاءِ لِكُلِّ الْجَمَاعَةِ: «إِنَّنَا قَدْ حَلَفْنَا لَهُمْ بِالرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. وَالآنَ لاَ نَتَمَكَّنُ مِنْ مَسِّهِمْ. 20هذَا نَصْنَعُهُ لَهُمْ وَنَسْتَحْيِيهِمْ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْنَا سَخَطٌ مِنْ أَجْلِ الْحَلْفِ الَّذِي حَلَفْنَا لَهُمْ». 21وَقَالَ لَهُمُ الرُّؤَسَاءُ: «يَحْيَوْنَ وَيَكُونُونَ مُحْتَطِبِي حَطَبٍ وَمُسْتَقِي مَاءٍ لِكُلِّ الْجَمَاعَةِ كَمَا كَلَّمَهُمُ الرُّؤَسَاءُ». 22فَدَعَاهُمْ يَشُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «لِمَاذَا خَدَعْتُمُونَا قَائِلِينَ: نَحْنُ بَعِيدُونَ عَنْكُمْ جِدًّا، وَأَنْتُمْ سَاكِنُونَ فِي وَسَطِنَا؟ "

فأخذ الرجال من زادهم= هذه الآية تفهم بمعنيين [1] صدق الشعب روايتهم بسبب حال زادهم [2] أكل الشعب من خبزهم علامة العهد. ومن فم الرب لم يسألوا= للمرة الثانية يسقط يشوع ورجاله في ذات الخطأ وهو التصرف دون مشورة الله. هم شكوا في أمر بني جبعون لكنهم اكتفوا باستخدام الحكمة البشرية دون الإلتجاء لله فانخدعوا. ولنلاحظ أن الشعب بالإيمان والطاعة غلب أريحا المحصنة، أما هنا فانخدعوا في معركة الخداع حيث يتظاهر العدو بأنه صديق يطلب الدخول في عهد (2كو3:11 + 1يو1:4). ولكن من المؤكد أن يشوع صدق خبرهم [1] في طيبة قلبه [2] الله لم يكشف له علاقة دخول الأمم للإيمان [3] لا يمنع الله دخول ضعاف الإيمان لشعبه وبمعاملاته معهم ينمو إيمانهم ويزداد.

وفي نهاية ثلاثة أيام= بعد أن وصل الوفد الجبعوني إلى بلاده وأشاع أخبار المعاهدة مع إسرائيل.

 

الآيات (23-27):- "23فَالآنَ مَلْعُونُونَ أَنْتُمْ. فَلاَ يَنْقَطِعُ مِنْكُمُ الْعَبِيدُ وَمُحْتَطِبُو الْحَطَبِ وَمُسْتَقُو الْمَاءِ لِبَيْتِ إِلهِي». 24فَأَجَابُوا يَشُوعَ وَقَالوُا: «أُخْبِرَ عَبِيدُكَ إِخْبَارًا بِمَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ إِلهُكَ مُوسَى عَبْدَهُ أَنْ يُعْطِيَكُمْ كُلَّ الأَرْضِ، وَيُبِيدَ جَمِيعَ سُكَّانِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ. فَخِفْنَا جِدًّا عَلَى أَنْفُسِنَا مِنْ قِبَلِكُمْ، فَفَعَلْنَا هذَا الأَمْرَ. 25وَالآنَ فَهُوَذَا نَحْنُ بِيَدِكَ، فَافْعَلْ بِنَا مَا هُوَ صَالِحٌ وَحَقٌّ فِي عَيْنَيْكَ أَنْ تَعْمَلَ». 26فَفَعَلَ بِهِمْ هكَذَا، وَأَنْقَذَهُمْ مِنْ يَدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَقْتُلُوهُمْ. 27وَجَعَلَهُمْ يَشُوعُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مُحْتَطِبِي حَطَبٍ وَمُسْتَقِي مَاءٍ لِلْجَمَاعَةِ وَلِمَذْبَحِ الرَّبِّ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ."

ملعونون= هو يؤكد نبوة نوح على كنعان. لا ينقطع منكم العبيد= سموا بعد ذلك النثينيم وهؤلاء صاروا عبيد. ولكنهم حصلوا على كرامة خدمة البيت= مستقو الماء لبيت إلهي.