الآيات (1-3):- "1وَكَانَ يَفْتَاحُ الْجِلْعَادِيُّ جَبَّارَ بَأْسٍ، وَهُوَ
ابْنُ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ. وَجِلْعَادُ وَلَدَ يَفْتَاحَ. 2ثُمَّ
وَلَدَتِ امْرَأَةُ جِلْعَادَ لَهُ بَنِينَ. فَلَمَّا كَبِرَ بَنُو الْمَرْأَةِ
طَرَدُوا يَفْتَاحَ، وَقَالُوا لَهُ: «لاَ تَرِثْ فِي بَيْتِ أَبِينَا لأَنَّكَ
أَنْتَ ابْنُ امْرَأَةٍ أُخْرَى». 3فَهَرَبَ يَفْتَاحُ مِنْ وَجْهِ
إِخْوَتِهِ وَأَقَامَ فِي أَرْضِ طُوبٍ. فَاجْتَمَعَ إِلَى يَفْتَاحَ رِجَالٌ
بَطَّالُونَ وَكَانُوا يَخْرُجُونَ مَعَهُ. "
كلمة
يفتاح = الذى يفتح. إبناً لإمراة
زانية = الكلمة كما سبق وقلنا مع راحاب قد تعنى صاحبة فندق، وهى عموماً
كنعانية غريبة عن شعب الرب وليست إسرائيلية. وكونه أبن زنا فهذا لا يعيبه فالأبن
لا يطالب بخطية أبيه فالنفس التى تخطئ هى تموت (حز 18 : 4). لذلك فبولس الرسول
يحسب يفتاح فى عداد الأبرار (عب 11 : 32). ولكن اجتماعياً فأبن الزنا يعامل معاملة
سيئة ولذلك حرمته الشريعة من دخول الجماعة، أى من العضوية فى المجمع حتى لا
يُعيَّر بكونه أبن زنا لكن كان هذا لا يحرمه من قيادة الجيش والقضاء ولا التمتع
بالميراث الأبدى. ولقد طرده أخوته فخسروه بلا ذنب إرتكبه هو. ونتيجة معاملة
المجتمع السيئة لهُ ألتصق بالأشرار وصار زعيماً لهم وربما فى السلب والنهب. وكان
جبار بأس. ونلاحظ ان الله لهُ طرق متعددة فى دعوة رجاله وإعدادهم. فهنا لم يظهر
ملاك ليفتاح كما ظهر لجدعون ولوالدى شمشون. ولكن الله إستعمل الطريق الطبيعى
فالشعب جلس يفكر فى قائد والله أرشده ليفتاح كقائد مناسب. وكان الله قد سمح بكل
هذه الظروف التى أحاطت بحياته كإعداد لهُ. فالله استفاد من كونه جبار بأس طريد
عنيف ليقود الجيش الخائر فيحسن قيادته. وككل قاضٍ فهو له رموز للمسيح :
1.
إسمه "الذى
يفتح" والمسيح هو الذى يفتح ولا أحد يغلق (رؤ 3 : 7).
2.
يفتاح كان
مطروداً ومرفوضاً من إخوته وهكذا المسيح الذى لم يجد مكاناً يولد فيه وليس لهُ أى
يسند رأسه.
3.
ويفتاح المطرود
قبل أن يخلص من طردوه والمسيح فتح قلبه وبالحب على الصليب ليضم الجميع. وفتح لنا
باب الفردوس.
وقد
دُعى يفتاج الجلعادى من جانبين :
1.
نشأ فى جلعاد.
2.
أبيه يدعى جلعاد.
الآيات (4-11):- "4وَكَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ أَنَّ بَنِي عَمُّونَ حَارَبُوا
إِسْرَائِيلَ. 5وَلَمَّا حَارَبَ بَنُو عَمُّونَ إِسْرَائِيلَ ذَهَبَ
شُيُوخُ جِلْعَادَ لِيَأْتُوا بِيَفْتَاحَ مِنْ أَرْضِ طُوبٍ. 6وَقَالُوا
لِيَفْتَاحَ: «تَعَالَ وَكُنْ لَنَا قَائِدًا فَنُحَارِبَ بَنِي عَمُّونَ». 7فَقَالَ
يَفْتَاحُ لِشُيُوخِ جِلْعَادَ: «أَمَا أَبْغَضْتُمُونِي أَنْتُمْ
وَطَرَدْتُمُونِي مِنْ بَيْتِ أَبِي؟ فَلِمَاذَا أَتَيْتُمْ إِلَيَّ الآنَ إِذْ
تَضَايَقْتُمْ؟» 8فَقَالَ شُيُوخُ جِلْعَادَ لِيَفْتَاحَ: «لِذلِكَ
قَدْ رَجَعْنَا الآنَ إِلَيْكَ لِتَذْهَبَ مَعَنَا وَتُحَارِبَ بَنِي عَمُّونَ،
وَتَكُونَ لَنَا رَأْسًا لِكُلِّ سُكَّانِ جِلْعَادَ». 9فَقَالَ
يَفْتَاحُ لِشُيُوخِ جِلْعَادَ: «إِذَا أَرْجَعْتُمُونِي لِمُحَارَبَةِ بَنِي
عَمُّونَ وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ أَمَامِي فَأَنَا أَكُونُ لَكُمْ رَأْسًا». 10فَقَالَ
شُيُوخُ جِلْعَادَ لِيَفْتَاحَ: «الرَّبُّ يَكُونُ سَامِعًا بَيْنَنَا إِنْ كُنَّا
لاَ نَفْعَلُ هكَذَا حَسَبَ كَلاَمِكَ». 11فَذَهَبَ يَفْتَاحُ مَعَ
شُيُوخِ جِلْعَادَ، وَجَعَلَهُ الشَّعْبُ عَلَيْهِمْ رَأْسًا وَقَائِدًا.
فَتَكَلَّمَ يَفْتَاحُ بِجَمِيعِ كَلاَمِهِ أَمَامَ الرَّبِّ فِي الْمِصْفَاةِ. "
حيت
طُرِد يفتاح من جلعاد استند إخوته على حكم من شيوخ جلعاد. والآن جاء الشيوخ أنفسهم
يسألونه أن يكون قائداً. فهو معروف بقوته وجبروته وأنه جبار بأس ومشهور بجرأته
كزعيم عصابة. وقالوا له كُن لنا قائداً
= كلمة قائد التى استخدمها الشيوخ تعنى فى الحرب فقط ويفتاح لم يقبل أن يكون
قائداً فى الحرب فقط بل طلب أن يكون لهم رأساً أى قائد فى الحرب وفى السلم. ونجده
يعاتب الشيوخ على قرارهم السابق بطرده = أما
أبغضتمونى. وهم أعلنوا أسفهم على ذلك بقولهم لذلك قد رجعنا الأن إليك. وقد قبل الشيوخ أن
يكون لهم رأساً فدخل يفتاح فى علاقة مع الرب فى المصفاة (آية 11) وكأنه تسلم العمل
من يدى الرب وليس من أيدى الشيوخ = فتكلم يفتاح
بجميع كلامه أمام الرب. وطالما أرسله الرب فهو ملأه بالروح ونجده قد
تغير بعد ذلك تماماً وصارت لهُ حكمة ومواقف إيمان.
آية (12):- "12فَأَرْسَلَ
يَفْتَاحُ رُسُلاً إِلَى مَلِكِ بَنِي عَمُّونَ يَقُولُ: «مَا لِي وَلَكَ أَنَّكَ
أَتَيْتَ إِلَيَّ لِلْمُحَارَبَةِ فِي أَرْضِي؟»."
ظهرت
حكمة يفتاح فى أنه بدأ عمله بروح الحكمة والحوار وطلب السلم وليس بالحرب. وأرسل
رسالة عتاب لملك بنى عمون أن لا يحاربه فى أرضه.
آية (13):- "13فَقَالَ
مَلِكُ بَنِي عَمُّونَ لِرُسُلِ يَفْتَاحَ: «لأَنَّ إِسْرَائِيلَ قَدْ أَخَذَ
أَرْضِي عِنْدَ صُعُودِهِ مِنْ مِصْرَ، مِنْ أَرْنُونَ إِلَى الْيَبُّوقِ وَإِلَى
الأُرْدُنِّ. فَالآنَ رُدَّهَا بِسَلاَمٍ»."
إدّعى
ملك بنى عمون أن إسرائيل فى صعوده من مصر أخذ أرض بنى عمون وحقيقة الأمر أن الله
منع إسرائيل من التعدى على أرض موآب وأرض بنى عمون. فكلام ملك بنى عمون (تث 2 :
9،19). ولكن الأرض موضع خلافهم كانت فى الأصل لبنى عمون وقد أستولى عليها
الأموريون (عد 21 : 26). وبنى إسرائيل أخذوا الأرض من الأموريون وليس من بنى عمون.
الآيات (14-27):- "14وَعَادَ
أَيْضًا يَفْتَاحُ وَأَرْسَلَ رُسُلاً إِلَى مَلِكِ بَنِي عَمُّونَ 15وَقَالَ
لَهُ: «هكَذَا يَقُولُ يَفْتَاحُ: لَمْ يَأْخُذْ إِسْرَائِيلُ أَرْضَ مُوآبَ وَلاَ
أَرْضَ بَنِي عَمُّونَ، 16لأَنَّهُ عِنْدَ صُعُودِ إِسْرَائِيلَ مِنْ
مِصْرَ سَارَ فِي الْقَفْرِ إِلَى بَحْرِ سُوفٍ وَأَتَى إِلَى قَادَشَ. 17وَأَرْسَلَ
إِسْرَائِيلُ رُسُلاً إِلَى مَلِكِ أَدُومَ قَائِلاً: دَعْنِي أَعْبُرْ فِي
أَرْضِكَ. فَلَمْ يَسْمَعْ مَلِكُ أَدُومَ. فَأَرْسَلَ أَيْضًا إِلَى مَلِكِ
مُوآبَ فَلَمْ يَرْضَ. فَأَقَامَ إِسْرَائِيلُ فِي قَادَشَ. 18وَسَارَ
فِي الْقَفْرِ وَدَارَ بِأَرْضِ أَدُومَ وَأَرْضِ مُوآبَ وَأَتَى مِنْ مَشْرِقِ
الشَّمْسِ إِلَى أَرْضِ مُوآبَ وَنَزَلَ فِي عَبْرِ أَرْنُونَ، وَلَمْ يَأْتُوا
إِلَى تُخْمِ مُوآبَ لأَنَّ أَرْنُونَ تُخْمُ مُوآبَ. 19ثُمَّ أَرْسَلَ
إِسْرَائِيلُ رُسُلاً إِلَى سِيحُونَ مَلِكِ الأَمُورِيِّينَ، مَلِكِ حَشْبُونَ،
وَقَالَ لَهُ إِسْرَائِيلُ: دَعْنِي أَعْبُرْ فِي أَرْضِكَ إِلَى مَكَانِي. 20وَلَمْ
يَأْمَنْ سِيحُونُ لإِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْبُرَ فِي تُخْمِهِ، بَلْ جَمَعَ
سِيحُونُ كُلَّ شَعْبِهِ وَنَزَلُوا فِي يَاهَصَ وَحَارَبُوا إِسْرَائِيلَ. 21فَدَفَعَ
الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ سِيحُونَ وَكُلَّ شَعْبِهِ لِيَدِ إِسْرَائِيلَ
فَضَرَبُوهُمْ، وَامْتَلَكَ إِسْرَائِيلُ كُلَّ أَرْضِ الأَمُورِيِّينَ سُكَّانِ
تِلْكَ الأَرْضِ. 22فَامْتَلَكُوا كُلَّ تُخْمِ الأَمُورِيِّينَ مِنْ
أَرْنُونَ إِلَى الْيَبُّوقِ وَمِنَ الْقَفْرِ إِلَى الأُرْدُنِّ. 23وَالآنَ
الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ قَدْ طَرَدَ الأَمُورِيِّينَ مِنْ أَمَامِ شَعْبِهِ
إِسْرَائِيلَ. أَفَأَنْتَ تَمْتَلِكُهُ؟ 24أَلَيْسَ مَا يُمَلِّكُكَ إِيَّاهُ
كَمُوشُ إِلهُكَ تَمْتَلِكُ؟ وَجَمِيعُ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ إِلهُنَا
مِنْ أَمَامِنَا فَإِيَّاهُمْ نَمْتَلِكُ. 25وَالآنَ فَهَلْ أَنْتَ
خَيْرٌ مِنْ بَالاَقَ بْنِ صِفُّورَ مَلِكِ مُوآبَ؟ فَهَلْ خَاصَمَ إِسْرَائِيلَ
أَوْ حَارَبَهُمْ مُحَارَبَةً 26حِينَ أَقَامَ إِسْرَائِيلُ فِي
حَشْبُونَ وَقُرَاهَا، وَعَرُوعِيرَ وَقُرَاهَا وَكُلِّ الْمُدُنِ الَّتِي عَلَى
جَانِبِ أَرْنُونَ ثَلاَثَ مِئَةِ سَنَةٍ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تَسْتَرِدَّهَا فِي
تِلْكَ الْمُدَّةِ؟ 27فَأَنَا لَمْ أُخْطِئْ إِلَيْكَ. وَأَمَّا أَنْتَ
فَإِنَّكَ تَفْعَلُ بِي شَرًّا بِمُحَارَبَتِي. لِيَقْضِ الرَّبُّ الْقَاضِي
الْيَوْمَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَنِي عَمُّونَ»."
كانت
حجج يفتاح فى الرد على ملك بنى عمون:
1.
ان الأرض التى
أستولى عليها إسرائيل هى أرض سيحون وعوج اللذين منعوا إسرائيل من المرور فى أرضهما
بل خرجا لمحاربة إسرائيل وهزمهما إسرائيل وأخذوا أرضهما. فمطالبة بنى عمون الأن
بالأرض هى بدون وجه حق.
2.
لقد إستولى
إسرائيل على الأرض منذ حوالى 300 عام فصارت الأرض ملكاً لهم بوضع اليد (آية 26)
يفتاح يتكلم غالباً وهو فى القرن الثالث بعد دخول أرض الميعاد ولكنه يقول 300 عام
كرقم شامل.
3.
ما ناله إسرائيل
ليس من يد بنى عمون ولكن من يد الرب عطية إلهية (آية 23) وكأن موضوع الحوار ليس
الأرض وإنما مملكة الله فالأرض أعطاها لهم الله فهل يرفضوها، بل كان التراخى فى
إمتلاكها يحسب إهانة لله وبنفس الفكر (1كو 6 : 15).
4.
أستشهد يفتاح بأن
موآب لم تطالب بالأرض كما يفعل بنى عمون الأن (آية 25).
آية (28):- "28فَلَمْ يَسْمَعْ مَلِكُ بَنِي عَمُّونَ لِكَلاَمِ يَفْتَاحَ
الَّذِي أَرْسَلَ إِلَيْهِ. "
رفض
ملك بنى عمون السِلمْ وعرض يفتاح فهو تعود لمدة 18 سنة أن يستغل إسرائيل وهم
صامتين والأن يريد أن يلتهمها كلها.
آية (29):- " 29فَكَانَ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى
يَفْتَاحَ، فَعَبَرَ جِلْعَادَ وَمَنَسَّى وَعَبَرَ مِصْفَاةَ جِلْعَادَ، وَمِنْ
مِصْفَاةِ جِلْعَادَ عَبَرَ إِلَى بَنِي عَمُّونَ. "
كان
الروح على يفتاح ليتنبأ بل ليعطيه موهبة قيادة الجيش فالله يعده للعمل الذى أرسله
إليه.
الآيات (30-31):- "30وَنَذَرَ يَفْتَاحُ نَذْرًا لِلرَّبِّ قَائِلاً: «إِنْ دَفَعْتَ
بَنِي عَمُّونَ لِيَدِي، 31فَالْخَارِجُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ
أَبْوَابِ بَيْتِي لِلِقَائِي عِنْدَ رُجُوعِي بِالسَّلاَمَةِ مِنْ عِنْدِ بَنِي
عَمُّونَ يَكُونُ لِلرَّبِّ، وَأُصْعِدُهُ مُحْرَقَةً»."
بتأثير
الجو الكنعانى الوثنى والأم الكنعانية أعتقد يفتاح أنه يرضى الله بالذبائح
البشرية. وهو نذر ليس فيه شئ من الحكمة والله لا يوافق عليه. ولكن الله صمت ولم
يمنع تقديم الإبنة كنذر:
1.
ليلقن كل
المؤمنين درساً قاسياً أن هذا النذر بهذا الأسلوب أى تقديم نفوس بشرية كذبائح هو
شئ مرفوض.
2.
حتى يتعلم يفتاح
الدرس بصفة شخصية سمح الله لإبنته العذراء أن تخرج هى للقائه فصارت القصة مريرة
ولكن هل لو قابلته أى عذراء أخرى كان سيشعر بنفس المرارة ؟ هو لن يشعر لكن أهلها
سيشعرون إذن هو درس لهُ.
عموماً
فالنذر ليس ثمناً فالله يعطيه من محبته مجاناً بدون ثمن ويعطى بسخاء ولا يُعيِّر.
ولكن النذر هو تعبير عن شكر. ولكن هذا النذر غير المقبول كان نذراً قاسياً وكان
تحقيقه أكثر مرارة. ولا توجد مقارنة بين هذه القصة وتقديم إسحق محرقة. فالله الذى
طلبه ليشرح قصة فداء المسيح لذلك لم يترك إبراهيم يذبحه. ولكن يُحسب ليفتاح
ولأبنته إنهما قبلا تنفيذ النذر ولم يتراجعا. فهما بجهل من كليهما أشتاق أن يقدما
أغلى ما عندهما لله فقدما شئ لا يوافق الله عليه لكن ما فعلاه كان يعبر عن حب شديد
وإخلاص شديد لله.
الآيات (32-40):- "32ثُمَّ عَبَرَ يَفْتَاحُ إِلَى بَنِي عَمُّونَ لِمُحَارَبَتِهِمْ.
فَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ لِيَدِهِ. 33فَضَرَبَهُمْ مِنْ عَرُوعِيرَ إِلَى
مَجِيئِكَ إِلَى مِنِّيتَ، عِشْرِينَ مَدِينَةً، وَإِلَى آبَلِ الْكُرُومِ
ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدًّا. فَذَلَّ بَنُو عَمُّونَ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
34ثُمَّ أَتَى يَفْتَاحُ إِلَى الْمِصْفَاةِ إِلَى بَيْتِهِ، وَإِذَا
بِابْنَتِهِ خَارِجَةً لِلِقَائِهِ بِدُفُوفٍ وَرَقْصٍ. وَهِيَ وَحِيدَةٌ. لَمْ
يَكُنْ لَهُ ابْنٌ وَلاَ ابْنَةٌ غَيْرَهَا. 35وَكَانَ لَمَّا رَآهَا
أَنَّهُ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَقَالَ: «آهِ يَا بِنْتِي! قَدْ أَحْزَنْتِنِي حُزْنًا
وَصِرْتِ بَيْنَ مُكَدِّرِيَّ، لأَنِّي قَدْ فَتَحْتُ فَمِي إِلَى الرَّبِّ وَلاَ
يُمْكِنُنِي الرُّجُوعُ». 36فَقَالَتْ لَهُ: «يَا أَبِي، هَلْ فَتَحْتَ
فَاكَ إِلَى الرَّبِّ؟ فَافْعَلْ بِي كَمَا خَرَجَ مِنْ فِيكَ، بِمَا أَنَّ
الرَّبَّ قَدِ انْتَقَمَ لَكَ مِنْ أَعْدَائِكَ بَنِي عَمُّونَ». 37ثُمَّ
قَالَتْ لأَبِيهَا: «فَلْيُفْعَلْ لِي هذَا الأَمْرُ: اتْرُكْنِي شَهْرَيْنِ
فَأَذْهَبَ وَأَنْزِلَ عَلَى الْجِبَالِ وَأَبْكِيَ عَذْرَاوِيَّتِي أَنَا
وَصَاحِبَاتِي». 38فَقَالَ: «اذْهَبِي». وَأَرْسَلَهَا إِلَى
شَهْرَيْنِ. فَذَهَبَتْ هِيَ وَصَاحِبَاتُهَا وَبَكَتْ عَذْرَاوِيَّتَهَا عَلَى
الْجِبَالِ. 39وَكَانَ عِنْدَ نِهَايَةِ الشَّهْرَيْنِ أَنَّهَا
رَجَعَتْ إِلَى أَبِيهَا، فَفَعَلَ بِهَا نَذْرَهُ الَّذِي نَذَرَ. وَهِيَ لَمْ
تَعْرِفْ رَجُلاً. فَصَارَتْ عَادَةً فِي إِسْرَائِيلَ 40أَنَّ بَنَاتِ
إِسْرَائِيلَ يَذْهَبْنَ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ لِيَنُحْنَ عَلَى بِنْتِ
يَفْتَاحَ الْجِلْعَادِيِّ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فِي السَّنَةِ. "