الآيات (1-3):- "1ثُمَّ ذَهَبَ شَمْشُونُ إِلَى غَزَّةَ، وَرَأَى هُنَاكَ
امْرَأَةً زَانِيَةً فَدَخَلَ إِلَيْهَا. 2فَقِيلَ لِلْغَزِّيِّينَ:
«قَدْ أَتَى شَمْشُونُ إِلَى هُنَا». فَأَحَاطُوا بِهِ وَكَمَنُوا لَهُ اللَّيْلَ
كُلَّهُ عِنْدَ بَابِ الْمَدِينَةِ. فَهَدَأُوا اللَّيْلَ كُلَّهُ قَائِلِينَ:
«عِنْدَ ضَوْءِ الصَّبَاحِ نَقْتُلُهُ». 3فَاضْطَجَعَ شَمْشُونُ إِلَى
نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَامَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ وَأَخَذَ مِصْرَاعَيْ بَابِ
الْمَدِينَةِ وَالْقَائِمَتَيْنِ وَقَلَعَهُمَا مَعَ الْعَارِضَةِ، وَوَضَعَهَا
عَلَى كَتِفَيْهِ وَصَعِدَ بِهَا إِلَى رَأْسِ الْجَبَلِ الَّذِي مُقَابِلَ
حَبْرُونَ. "
ذهب شمشون إلى غزة = ذهب إلى أكبر
مدنهم واثقاً فى قوته غير خائف ودخل إلى إمرأة
زانية = هذا الجبار الذى قتل ألاف ينهزم من شهوته. فكان قوياً جسدياً
لكنه كان ضعيفاً أمام شهوته. وهذه السقطة لشمشون سقطة فظيعة. حقاً كل قتلاها
أقوياء (أم 7: 26). ثم قام فى نصف الليل = ربما قام إستجابة لروح
الله الذى فيه، الذى عمل فيه للتوبة فأدرك أن هذا المكان لا يليق بنذير مثله. ما
حدث من شمشون كان خطية لكن من الناحية الرمزية يرى القديس أغسطينوس أنه يرمز لما
عمله المسيح بعد صلبه
30 - فهو
قام محطماً أبواب الهاوية وصعد للسماء ويشبه أغسطينوس البيت بالجحيم أى بيت
الزانية وهناك أعداء محيطين بالبيت ليمسكوه. ولكن لم يستطع أحد أن يمسك المسيح فى
الجحيم فخرج نازعاً الأبواب أى محطماً أبواب الهاوية للأبد. ثم صعد شمشون للجبل
كما صعد المسيح للسماء. وكان الأعداء المحيطين بالبيت كالحراس حول القبر لم
يستطيعوا أن يمنعوا القيامة بل هم لم يروا المسيح أصلاً.
الآيات (4-5):- "4وَكَانَ
بَعْدَ ذلِكَ أَنَّهُ أَحَبَّ امْرَأَةً فِي وَادِي سُورَقَ اسْمُهَا دَلِيلَةُ. 5فَصَعِدَ
إِلَيْهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالُوا لَهَا: «تَمَلَّقِيهِ
وَانْظُرِي بِمَاذَا قُوَّتُهُ الْعَظِيمَةُ، وَبِمَاذَا نَتَمَكَّنُ مِنْهُ
لِكَيْ نُوثِقَهُ لإِذْلاَلِهِ، فَنُعْطِيَكِ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا وَمِئَةَ
شَاقِلِ فِضَّةٍ»."
رأينا
شمشون يخطئ مراراً عديدة والروح القدس يرشده ويقوده حتى لا تهلكه الخطيئة، فكانت
قوته لا تفارقه لأنه يتجاوب مع نداء الروح القدس. لكن أمام إصرار الإنسان على
مقاومة الروح القدس يبدأ صوت تبكيت الروح ينخفض رويداً رويداً " لا تحزنوا
الروح.... لا تطفئوا الروح" وهذا ما حدث مع شمشون إذ سقط فى حب دليلة (ومعنى
إسمها مدللة أو معشوقة). لم يعد شمشون يتجاوب مع صوت الروح فى داخله فإنهار
تماماً. ودليلة هذه عاشت كزانية أحبها الرجال وأخيراً يأتى إليها شمشون ليسقط فى
حبها فيفقد مجد نذره ويحرم من بصيرته ويصير سخرية للعدو. والمسيح أرسلنا للعالم
كنور وكملح نسعى كسفراء ولكن إذا إنغمسنا فى شرور العالم وإشتركنا فيها نصير سخرية
وهزءاً من العالم. ودليلة لمحبتها فى المال أغراها أقطاب الفلسطينيين بالمال لتوقع
بشمشون.
الآيات (6-14):- "6فَقَالَتْ
دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ: «أَخْبِرْنِي بِمَاذَا قُوَّتُكَ الْعَظِيمَةُ؟ وَبِمَاذَا
تُوثَقُ لإِذْلاَلِكَ؟» 7فَقَالَ لَهَا شَمْشُونُ: «إِذَا أَوْثَقُونِي
بِسَبْعَةِ أَوْتَارٍ طَرِيَّةٍ لَمْ تَجِفَّ، أَضْعُفُ وَأَصِيرُ كَوَاحِدٍ مِنَ
النَّاسِ». 8فَأَصْعَدَ لَهَا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ سَبْعَةَ
أَوْتَارٍ طَرِيَّةٍ لَمْ تَجِفَّ، فَأَوْثَقَتْهُ بِهَا، 9وَالْكَمِينُ
لاَبِثٌ عِنْدَهَا فِي الْحُجْرَةِ. فَقَالَتْ لَهُ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ
عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ». فَقَطَعَ الأَوْتَارَ كَمَا يُقْطَعُ فَتِيلُ
الْمَشَاقَةِ إِذَا شَمَّ النَّارَ، وَلَمْ تُعْلَمْ قُوَّتُهُ. 10فَقَالَتْ
دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ: «هَا قَدْ خَتَلْتَنِي وَكَلَّمْتَنِي بِالْكَذِبِ،
فَأَخْبِرْنِيَ الآنَ بِمَاذَا تُوثَقُ؟». 11فَقَالَ لَهَا: «إِذَا
أَوْثَقُونِي بِحِبَال جَدِيدَةٍ لَمْ تُسْتَعْمَلْ، أَضْعُفُ وَأَصِيرُ كَوَاحِدٍ
مِنَ النَّاسِ». 12فَأَخَذَتْ دَلِيلَةُ حِبَالاً جَدِيدَةً
وَأَوْثَقَتْهُ بِهَا، وَقَالَتْ لَهُ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا
شَمْشُونُ، وَالْكَمِينُ لاَبِثٌ فِي الْحُجْرَةِ». فَقَطَعَهَا عَنْ ذِرَاعَيْهِ
كَخَيْطٍ. 13فَقَالَتْ دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ: «حَتَّى الآنَ
خَتَلْتَنِي وَكَلَّمْتَنِي بِالْكَذِبِ، فَأَخْبِرْنِي بِمَاذَا تُوثَقُ؟».
فَقَالَ لَهَا: «إِذَا ضَفَرْتِ سَبْعَ خُصَلِ رَأْسِي مَعَ السَّدَى» 14فَمَكَّنَتْهَا
بِالْوَتَدِ. وَقَالَتْ لَهُ: «الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ». فَانْتَبَهَ
مِنْ نَوْمِهِ وَقَلَعَ وَتَدَ النَّسِيجِ وَالسَّدَى. "
سألت
دليلة شمشون عن سر قوته 3 مرات لأنها ظنت مثل أقطاب الفلسطينيين أن قوة شمشون
نتيجة عمل سحرى إن أبطل فقد قوته. وشمشون عَرِف غرضها منذ المرة الأولى لذلك
خدعها. ولكن عوضاً عن أن يتركها إستمر فى حبها فلقد صار مستعبداً لشهوته بالكامل
وشهوته أعمته حتى أن 3 مرّات ينكشف فيها خداعها كانوا غير كافين لأن تنفتح عيناه
ويهرب من هذا المكان. سبعة أوتار طرية لم تجف = أى سبعة حبال من الكتان أو غيره من النباتات. فتيل المشاقة =
هو ما يسقط من الكتان عند مشقه أو تمشيطه ليُغزل ثم يستخدم كفتائل للسرج. السدى
= هى الخيوط الطويلة التى تستخدم فى ألة النسيج وأمّا الخيوط العريضة فتسمى
اللحمة. ولاحظ أنه فى المرة الثالثة إقترب من موضوع شعره فالخاضع لشهوته يقترب
للسقوط رويداً رويداً. والعجيب أنه فى الثلاث مرّات كان الفلسطينيون يهجمون عليه
فهل لم يفهم ؟! إذا الخطية تعمى العيون.... لهم عيون ولا يبصرون وأذان ولا يسمعون.
ونلاحظ أن سر قوته ليس شعره إنما فى الروح الذى عليه والروح فارقه لإستغراقه فى
شهوته.
آية (15):- "15فَقَالَتْ
لَهُ: «كَيْفَ تَقُولُ أُحِبُّكِ، وَقَلْبُكَ لَيْسَ مَعِي؟ هُوَذَا ثَلاَثَ
مَرَّاتٍ قَدْ خَتَلْتَنِي وَلَمْ تُخْبِرْنِي بِمَاذَا قُوَّتُكَ الْعَظِيمَةُ»."
كيف تقول أحبك وقلبك ليس معى = ماذا لو وجه
المسيح لنا هذا السؤال. إذاً علينا أن نعطى القلب لله، كل القلب ونعترف أمامه بكل
شىء ونطلب منه أن يُغيرنا.
الآيات (16-17):- "16وَلَمَّا
كَانَتْ تُضَايِقُهُ بِكَلاَمِهَا كُلَّ يَوْمٍ وَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ، ضَاقَتْ
نَفْسُهُ إِلَى الْمَوْتِ، 17فَكَشَفَ لَهَا كُلَّ قَلْبِهِ، وَقَالَ
لَهَا: «لَمْ يَعْلُ مُوسَى رَأْسِي لأَنِّي نَذِيرُ اللهِ مِنْ بَطْنِ أُمِّي،
فَإِنْ حُلِقْتُ تُفَارِقُنِي قُوَّتِي وَأَضْعُفُ وَأَصِيرُ كَأَحَدِ النَّاسِ»."
ضاقت نفسه إلى الموت = إذ إنحنت نفسه
لشهوات جسده الشريرة تضيق نفسه منجرفة نحو الموت. وإذا كان رأسنا هو المسيح فحلق
رؤوسنا إشارة لأننا فقدنا نعمة المسيح. فمن يستسلم لشهوات جسده فهو يُخدع ويحرم من
النعمة.
الآيات (18-21):- "18وَلَمَّا
رَأَتْ دَلِيلَةُ أَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَهَا بِكُلِّ مَا بِقَلْبِهِ، أَرْسَلَتْ
فَدَعَتْ أَقْطَابَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالَتِ: «اصْعَدُوا هذِهِ الْمَرَّةَ
فَإِنَّهُ قَدْ كَشَفَ لِي كُلَّ قَلْبِهِ». فَصَعِدَ إِلَيْهَا أَقْطَابُ
الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَصْعَدُوا الْفِضَّةَ بِيَدِهِمْ. 19وَأَنَامَتْهُ
عَلَى رُكْبَتَيْهَا وَدَعَتْ رَجُلاً وَحَلَقَتْ سَبْعَ خُصَلِ رَأْسِهِ،
وَابْتَدَأَتْ بِإِذْلاَلِهِ، وَفَارَقَتْهُ قُوَّتُهُ. 20وَقَالَتِ:
«الْفِلِسْطِينِيُّونَ عَلَيْكَ يَا شَمْشُونُ». فَانْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ
وَقَالَ: «أَخْرُجُ حَسَبَ كُلِّ مَرَّةٍ وَأَنْتَفِضُ». وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ
الرَّبَّ قَدْ فَارَقَهُ. 21فَأَخَذَهُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ
وَقَلَعُوا عَيْنَيْهِ، وَنَزَلُوا بِهِ إِلَى غَزَّةَ وَأَوْثَقُوهُ بِسَلاَسِلِ
نُحَاسٍ. وَكَانَ يَطْحَنُ فِي بَيْتِ السِّجْنِ. "
نام
شمشون على ركبتى دليلة مستغرقاً فى شهواته مغلقاً أذنيه عن صوت روح الله فى داخله،
ليستيقظ ويجد نفسه أسيراً فى يد أعدائه. وهكذا مع كل إنسان فإبليس يجعله ينام
مطمئناً فى خطيته شاعراً أنه فى أمان حتى يفقده كل كرامته وكل قوته ويصير أسيراً.
فمن يترك الله يتركه الله. ولنفهم أن شمشون إعتقد أن القوة التى فيه هى من نفسه
فسقط وفقد قوته، إذاً لنعلم أن أية قوة فينا مصدرها الله وليس برنا الذاتى. ولاحظ
قول شمشون.... أخرج حسب كل مرة = فهو يُحسبَ أنه بقوته يغلب ولكن هذه المرة كان
الرب قد فارقه. لذلك لم يقل الكتاب فى هذه المرة "حل عليه روح الرب" .
شمشون مثل حواء سقط لأنه دخل فى نقاش وحوار مع إبليس ولم يغلق باب الحوار معهُ كما
فعل يوسف "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطىء إلى الله ". ولاحظ أنهم
قلعوا عينيه لكنه هو كان قد فقد بصيرته الروحية نتيجة لشهوته من قبل وأنهم ربطوه
بسلاسل لأنه هو ربط نفسه بسلاسل الشهوة من قبل وأهانوا كرامته لكنه هو أهان نفسه
مع زانية قبل أن يهينوا هم كرامته أمام الجميع، هم ساقوه كحيوان ليجر الطاحونة
لأنه عاش فى شهوة حيوانية من قبل. لعلّ شمشون وهو يطحن، والأولاد، بل الجميع يسخر
منه كان يلعن اللحظات التى إعتبرها لذيذة على ركبتى دليلة. فهذه اللذة العابرة
أنزلته لدرجة أقل من الحيوان ولعلنا نتذكر عاقبة الخطية قبل أن نسقط فيها فسنوثق
بسلاسل ونهان. ولكن لنذكر أن أبواب التوبة مفتوحة لمن يريد، فكيف نحب يسوع وقاتل
يسوع أى الخطية. فالخطية هى قاتلة يسوع فلنتركها ونختار يسوع. حجر الرحى =
عمل الحيوانات وهذا منتهى الإذلال لمن كانوا يرتعبون من قوته. ولنلاحظ أن عدونا
الشيطان يسخر من الخطاة بشدة عندما يفقدون نعمة المسيح ويجعلهم كالحمير يدورون فى
طاحونة فاقدين نظرهم موضوعين فى سجن وأسر. الكارثة أن نفقد معية الرب.
آية (22):- "22وَابْتَدَأَ
شَعْرُ رَأْسِهِ يَنْبُتُ بَعْدَ أَنْ حُلِقَ. "
إبتدأ شعر رأسه ينبت = مرة أخرى ليست
القوة فى الشعر ولكنه وهو فى السجن يفكر فى قوته السابقة ويندم على ما خسره تاب،
مثل الإبن الضال الذى تذكر فى حظيرة الخنازير مجد بيت أبيه. فكون الكتاب يذكر أن
شعر رأسه ينبت فهذا يشير لأفكار التوبة وقرار التوبة الذى بدأ ينبت فى رأسه وأنه
بدأ يستجيب لصوت تبكيت الروح القدس فبدأت قوته تعود لهُ كما عاد للإبن الضال
الخاتم والحلة.
الآيات (23-31):- "23وَأَمَّا أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ فَاجْتَمَعُوا
لِيَذْبَحُوا ذَبِيحَةً عَظِيمَةً لِدَاجُونَ إِلهِهِمْ وَيَفْرَحُوا، وَقَالُوا:
«قَدْ دَفَعَ إِلهُنَا لِيَدِنَا شَمْشُونَ عَدُوَّنَا». 24وَلَمَّا
رَآهُ الشَّعْبُ مَجَّدُوا إِلهَهُمْ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «قَدْ دَفَعَ إِلهُنَا
لِيَدِنَا عَدُوَّنَا الَّذِي خَرَّبَ أَرْضَنَا وَكَثَّرَ قَتْلاَنَا». 25وَكَانَ
لَمَّا طَابَتْ قُلُوبُهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: «ادْعُوا شَمْشُونَ لِيَلْعَبَ
لَنَا». فَدَعَوْا شَمْشُونَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ، فَلَعِبَ أَمَامَهُمْ.
وَأَوْقَفُوهُ بَيْنَ الأَعْمِدَةِ. 26فَقَالَ شَمْشُونُ لِلْغُلاَمِ
الْمَاسِكِ بِيَدِهِ: «دَعْنِي أَلْمِسِ الأَعْمِدَةَ الَّتِي الْبَيْتُ قَائِمٌ
عَلَيْهَا لأَسْتَنِدَ عَلَيْهَا». 27وَكَانَ الْبَيْتُ مَمْلُوءًا
رِجَالاً وَنِسَاءً، وَكَانَ هُنَاكَ جَمِيعُ أَقْطَابِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ،
وَعَلَى السَّطْحِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُل وَامْرَأَةٍ يَنْظُرُونَ لِعْبَ
شَمْشُونَ. 28فَدَعَا شَمْشُونُ الرَّبَّ وَقَالَ: «يَا سَيِّدِي
الرَّبَّ، اذْكُرْنِي وَشَدِّدْنِي يَا اَللهُ هذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ،
فَأَنْتَقِمَ نَقْمَةً وَاحِدَةً عَنْ عَيْنَيَّ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ». 29وَقَبَضَ
شَمْشُونُ عَلَى الْعَمُودَيْنِ الْمُتَوَسِّطَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَ الْبَيْتُ
قَائِمًا عَلَيْهِمَا، وَاسْتَنَدَ عَلَيْهِمَا الْوَاحِدِ بِيَمِينِهِ وَالآخَرِ
بِيَسَارِهِ. 30وَقَالَ شَمْشُونُ: «لِتَمُتْ نَفْسِي مَعَ
الْفِلِسْطِينِيِّينَ». وَانْحَنَى بِقُوَّةٍ فَسَقَطَ الْبَيْتُ عَلَى
الأَقْطَابِ وَعَلَى كُلِّ الشَّعْبِ الَّذِي فِيهِ، فَكَانَ الْمَوْتَى الَّذِينَ
أَمَاتَهُمْ فِي مَوْتِهِ، أَكْثَرَ مِنَ الَّذِينَ أَمَاتَهُمْ فِي حَيَاتِهِ. 31فَنَزَلَ
إِخْوَتُهُ وَكُلُّ بَيْتِ أَبِيهِ وَحَمَلُوهُ وَصَعِدُوا بِهِ وَدَفَنُوهُ
بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ، فِي قَبْرِ مَنُوحَ أَبِيهِ. وَهُوَ قَضَى
لإِسْرَائِيلَ عِشْرِينَ سَنَةً. "
ظن
أقطاب الفلسطينيين أن إلههم داجون هو الذى أسلم لهم شمشون (داجون نصفه الأعلى
إنسان والأسفل على شكل سمكة). والله سمح بتسليم شمشون ليد الفلسطينيين ليتأدب
فيحسب من رجال الإيمان (عب 11 : 32) وليكون فى موته أكثر إيلاماً للفلسطينيين من
حياته. وفى إحتفالهم بإلههم وكانوا يقدمون له ذبائح أتوا بشمشون ليلعب مثل بهلوان.
ولكن شمشون كانت التوبة قد أرجعته إلى الله فرجع الله إليه، وعادت لهُ قوته. وكانت
صلاة شمشون (آية 28). هى توبة وندم وحنين إلى خدمته السابقة. والأن عرِف شمشون أن
الله هو سر قوته ولم يعد يخرج لينتفض متكلاً على ذاته، بل هو الأن يصلى ليعطيه
الله قوة. لقد أثمر التأديب توبة والتوبة أثمرت بصيرة روحية كانت الشهوة قد
أضاعتها. وشمشون تظاهر بالتعب أمام الغلام الماسك يده وقال له دعنى المس الأعمدة
وكان هذا الغلام يقوده للرقص وللعب. وبسط شمشون يديه
31 - كما بسط
المسيح ذراعيه على الصليب. وكما غلب شمشون أعدائه بموته هكذا المسيح 32 - فألام
شمشون صارت هلاكاً لمضطهديه (آية 30). والمسيح بموته تهشمت مملكة الموت. فبيت
الإله داجون يرمز لمملكة الشيطان. والمسيح بموته قلب مملكة إبليس رأساً على عقب
كما قلب شمشون هيكل داجون وهو فيه وكسره وأهلك كل أقطاب الفلسطينيين. وهناك فارِقْ
فشمشون مات وهو يصلى طالباً الإنتقام والمسيح مات وهو يصلى طالباً الصفح، إلاّ
أننا يمكن أن نقول أن المسيح طلب الصفح للبشر والإنتقام من إبليس. وموت شمشون لا
يعتبر إنتحاراً فهو لم يطلب الموت لنفسه يأساً بل موت الأعداء فهو مثل من يحارب.
ونلاحظ أن هناك عمودين لهيكل داجون وهناك عمودين تستند عليهما مملكة إبليس هما
الطمع والملذات (1تى 6 : 10) محبة المال أصل لكل الشرور + (أم 7 : 26). كل قتلاها
أقوياء. وحينما أتى أهل شمشون ليدفنوه وليأخذوا جثته لم يجسر الفلسطينيون على
منعهم بعد الدمار الذى حدث لهم.
تأملات في قصة شمشون
1)
ربما تكون قصة
شمشون كلها تطبيق للغز الذي قاله هو " يخرج
من الجافي حلاوة " فهناك تصرفات خاطئة كثيرة لشمشون ، لكن نجد
الله يحولها لخير شعبه . ونحن إن أخطأنا نخسر كثيرا ماديا وروحيا . ولكن ان قدمنا
توبة صادقة فالله وحده هو القادر ان يخرج من
الجافي حلاوة = اي يحول الخسائر
الي خير للتائب .إذاً فهذا المثل "يخرج من
الجافي حلاوة " لا ينطبق سوي
علي الله .
2)
يتضح من قصة
شمشون تفسيراً واضحاً لما قاله السيد المسيح " احملوا
نيري فهو هين " ...هو
هين لان المسيح يحمل معنا بل هو يحملنا ويعيننا وبدونه لا نقدر ان نفعل شيئا (يو
15 : 5 ) . والنير هو عصا تربط حيوانين معا ليجروا ساقية مثلا . وبهذا فالمسيح
يطلب ان نرتبط معه بتنفيذ وصاياه وهو يعين .
ومن ناحية اخري ، فشمشون لو كان قد
ارتبط بامراة من بنات اليهود لكان قد كون اسرة مقدسة يفرح بها ، وهذه المرأة ربما
تكون أقل جمالا من دليلة ، ولكن هذا هو الحمل الهين (ان يتزوج بامراة من شعب الله
حسب وصية الله ) وأما الحمل الثقيل حقيقة هو التحرر من وصايا الله والانقياد
للشهوات . فلقد ارتبط شمشون مع دليلة الجميلة (وهذا يمثل التحرر من الوصية ) فحمل
احمالا ثقيلة 1- غابت حكمته فأفشي سره 2- تغلب اعداؤه عليه 3- استعبد لهم 4- فقد
نظره 5- صار سخرية لاعدائه 6- واخيرا مات
ولنقارن الان بين الحمل الخفيف والحمل
الثقيل.