اٌلإصحاحات
(17-21) حدثت أحداثها غالباً قبل قيام القضاة لتظهر بؤس الحالة قبل وجود القضاة
ولإظهار أن الحالة كانت أفضل كثيراً مع القضاة. ونرى فى هذه الإصحاحات صورة لزيغان
الشعب بل اللاويين نحو عبادة هى مزيج من عبادة الله وعبادة الأوثان. ونرى صورة
لمدى الفساد الخلقى الذى وصل إليه الشعب من شهوات وعنف بصورة لا توصف.
ص 17، 18 تمثال ميخا
ص 19 – 21 اللاوى وسريته
الآيات (1-6):- "1وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ اسْمُهُ مِيخَا. 2فَقَالَ
لأُمِّهِ: «إِنَّ الأَلْفَ وَالْمِئَةَ شَاقِلِ الْفِضَّةِ الَّتِي أُخِذَتْ
مِنْكِ، وَأَنْتِ لَعَنْتِ وَقُلْتِ أَيْضًا فِي أُذُنَيَّ. هُوَذَا الْفِضَّةُ
مَعِي. أَنَا أَخَذْتُهَا». فَقَالَتْ أُمُّهُ: «مُبَارَكٌ أَنْتَ مِنَ الرَّبِّ
يَا ابْنِي». 3فَرَدَّ الأَلْفَ وَالْمِئَةَ شَاقِلِ الْفِضَّةِ لأُمِّهِ.
فَقَالَتْ أُمُّهُ: «تَقْدِيسًا قَدَّسْتُ الْفِضَّةَ لِلرَّبِّ مِنْ يَدِي
لابْنِي لِعَمَلِ تِمْثَال مَنْحُوتٍ وَتِمْثَال مَسْبُوكٍ. فَالآنَ أَرُدُّهَا
لَكَ». 4فَرَدَّ الْفِضَّةَ لأُمِّهِ، فَأَخَذَتْ أُمُّهُ مِئَتَيْ
شَاقِلِ فِضَّةٍ وَأَعْطَتْهَا لِلصَّائِغِ فَعَمِلَهَا تِمْثَالاً مَنْحُوتًا
وَتِمْثَالاً مَسْبُوكًا. وَكَانَا فِي بَيْتِ مِيخَا. 5وَكَانَ
لِلرَّجُلِ مِيخَا بَيْتٌ لِلآلِهَةِ، فَعَمِلَ أَفُودًا وَتَرَافِيمَ وَمَلأَ
يَدَ وَاحِدٍ مِنْ بَنِيهِ فَصَارَ لَهُ كَاهِنًا. 6وَفِي تِلْكَ
الأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ. كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ
مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ. "
سرق
ميخا من والدته الغنية 1100 شاقل من الفضة. ولم تعرف أمه من هو السارق وأنه إبنها
فلعنت السارق. فخاف ميخا حين سمعها تلعن السارق وبلا شك فهذه نقطة إيجابية فى ميخا
فهو يدرك أن المال بدون بركة لا يساوى شىء. ولذلك إعترف ميخا بالسرقة وأتى بالفضة
لأمه وهذه نقطة إيجابية ثانية فى ميخا. والأم أرادت أن تبرر لعنتها للسارق بأنها
قد نذرت المبلغ للرب. او هى نذرت إن وجدت المبلغ تعطيه للرب. ورفضت الأم إستلام
المبلغ وطلبت عمل تمثال منحوت وتمثال مسبوك وسلمتها لإبنها ميخا ليضعها فى بيته فى
موضع مقدس ليقدم بواسطتها عبادة للرب ربما ليسامحه على سرقته ولتنزع اللعنة منه
ويكون بيته مقدساً فعمل ميخا تمثال منحوت
= يكون من الخشب ومطلياً بالفضة. وتمثال مسبوك
= يكون كله من الفضة. وربما كانت هذه التماثيل على هيئة عجول فهكذا صنع يربعام
فيما بعد. ونلاحظ أنهم كانوا يعبدون الله على هيئة تماثيل. ولكن هذا النوع من
العبادة فتح الباب بعد ذلك للعبادة الوثنية أى عبادة آلهة أخرى من آلهة الشعوب غير
الله. وعمل ميخا افودا = أى ثياب
الكهنة وعمل ترافيم = هى تماثيل أشورية
تستخدم كآلهة خاصة بكل عائلة. وملأ يد واحد من بنيه = هذا تعبير مأخوذ من سفر اللاويين
ويعنى تكريس الكاهن أى جعل الشخص كاهناً لله مكرساً لهذا العمل. وعائلة ميخا هى
عائلة متدينة كما هو واضح ولكن طريقة عبادتهم كشفت عن الجهل المتفشى وسطهم والعمى
الروحى:
1.
التماثيل
المسبوكة والمنحوتة والترافيم هى عبادة مرفوضة وضد الوصايا العشر وهذه القصة تمثل
أول مخالفة من هذا النوع بعد عصر يشوع.
2.
لاحظ قوله فى آية
5: بيت للآلهة = فهو يعبد الله لكن
يعبد معهُ آلهة أخرى نرى هنا إذن أن الوثنية بدأت تزحف لشعب الله.
3.
أقام ميخا كاهناً
من أولاده مخالفاً شريعة الرب أن الكاهن يجب أن يكون لاوياً ومن نسل هارون. وأقام
عبادة فى بيته خارجاً عن خيمة الإجتماع وهذا ضد الناموس. لذلك يقول الكتاب "
هلك شعبى من عدم المعرفة" فهم يريدون أن يرضوا الله لكنهم لا يعرفون كيف يرضونه،
يتمسكون بمظهريات العبادة دون جوهرها.
4.
نلاحظ أن الأم
نذرت المبلغ كله لله لكنها وقت التنفيذ أعطت 200 شاقل فقط. وإحتفظت بالباقى
لنفسها.
والكتاب
يقدم تفسيراً لهذه الفوضى فى (آية 6):- أنه لم يكن
ملك فى إسرائيل.وإذا كانت هذه التصرفات تصدر من الأتقياء فما بال عامة
الشعب.
ملحوظة:
أقام
ميخا إلهاً من فضته وأقام كاهناً حسب هواه وحتى اليوم يقيم كثيرين آلهة وعبادات
وكهنة بحسب هواهم " آلهتهم بطونهم" (فى 3 : 19).
الآيات (7-13):- "7وَكَانَ غُلاَمٌ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا مِنْ عَشِيرَةِ
يَهُوذَا، وَهُوَ لاَوِيٌّ مُتَغَرِّبٌ هُنَاكَ. 8فَذَهَبَ الرَّجُلُ
مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا لِكَيْ يَتَغَرَّبَ حَيْثُمَا
اتَّفَقَ. فَأَتَى إِلَى جَبَلِ أَفْرَايِمَ إِلَى بَيْتِ مِيخَا وَهُوَ آخِذٌ فِي
طَرِيقِهِ. 9فَقَالَ لَهُ مِيخَا: «مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟» فَقَالَ
لَهُ: «أَنَا لاَوِيٌّ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا، وَأَنَا ذَاهِبٌ لِكَيْ
أَتَغَرَّبَ حَيْثُمَا اتَّفَقَ». 10فَقَالَ لَهُ مِيخَا: «أَقِمْ
عِنْدِي وَكُنْ لِي أَبًا وَكَاهِنًا، وَأَنَا أُعْطِيكَ عَشَرَةَ شَوَاقِلِ
فِضَّةٍ فِي السَّنَةِ، وَحُلَّةَ ثِيَابٍ، وَقُوتَكَ». فَذَهَبَ مَعَهُ
اللاَّوِيُّ. 11فَرَضِيَ اللاَّوِيُّ بِالإِقَامَةِ مَعَ الرَّجُلِ،
وَكَانَ الْغُلاَمُ لَهُ كَأَحَدِ بَنِيهِ. 12فَمَلأَ مِيخَا يَدَ
اللاَّوِيِّ، وَكَانَ الْغُلاَمُ لَهُ كَاهِنًا، وَكَانَ فِي بَيْتِ مِيخَا. 13فَقَالَ
مِيخَا: «الآنَ عَلِمْتُ أَنَّ الرَّبَّ يُحْسِنُ إِلَيَّ، لأَنَّهُ صَارَ لِيَ
اللاَّوِيُّ كَاهِنًا»."
نجد
هنا علامة جهل أخرى فنجد ميخا يقيم لهُ كاهناً من اللاويين وهذه مخالفة أخرى ولكن
من أقام لهُ آلهة بحسب هواه وعيَّن إبنه كاهناً ليس غريباً عليه أن يقيم هذا
اللاوى كاهناً بل يحسب هذا علامة رضى من الله ؟! منتهى الجهل بشريعة الله من ميخا
ومن اللاوى. فالكاهن ينبغى أن يكون إبناً لهرون ويقدم ذبائحه فى خيمة الإجتماع فقط
وليس أمام تماثيل. لقد نسى اللاويون خدمتهم وخرجوا يبحثون عن المال وقبلوا أن
يستأجرهم أى أحد، لقد إهتموا ببطونهم تاركين خدمة الرب. وربما فعل اللاويون هذا
نتيجة أن الشعب أهمل العبادة ففرغت خزائن بيت الرب ممّا إضطر هذا اللاوى أن يبحث
عن من يستأجره. ونجد أن ميخا كان مازال متبقياً لديه بعض من المعرفة فحين وَجَد
لاوياً فضله على إبنه، إذاً هو يعرف أن الكاهن ينبغى أن يكون لاوياً. وكان اللاوى من عشيرة يهوذا = ربما لإقامته فترة فى
يهوذا وربما لأن والدته من يهوذا. وسأله ميخا أن
يكون أباً له = أى كاهناً ومرشداً وواعظاً. ولقد فرح اللاوى بعرض ميخا
وهذا يدل على فساد الكل حتى اللاويين الذين تجاهلوا الشريعة الإلهية. وفى (آية
13): الرب يحسن إلى = مع أن الله من
المؤكد أنه رافض لكل هذه الأفكار التى تدل على الجهل.