الإصحاح الأول

 

آية (1):- "1حَدَثَ فِي أَيَّامِ حُكْمِ الْقُضَاةِ أَنَّهُ صَارَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ، فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا لِيَتَغَرَّبَ فِي بِلاَدِ مُوآبَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَابْنَاهُ. "

حدث = تربط هذه القصة بسفر القضاة.

صار جوع = لقد سمح الله بالمجاعة للتأديب ويبدو أن اليمالك لم يفتقر تماماً، فنعمى ذهبت وهى ممتلئة (آية 21). ولكنه لم يستطع أن يتحمل هذا الصليب البسيط وهرب من بيت لحم إلى موآب ولكنه مات ومات إبنيه.  والمعنى الرمزى أننا لن نستطيع أن نهرب من أى ضيقة بهروبنا من الله، بل علينا أن نهرب إلى الله. فأليمالك هرب من بيت لحم وأورشليم وذهب إلى موآب الوثنية. وهو هنا يمثل من يظن أن الكنيسة بيت لحم هى حرمان وأن المسيح خسارة فيهرب للعالم ليشبع ملذاته فيفقد كل شئ. عموماً فأى ضيقة هى تأديب من الله علينا أن نقبله لا أن نهرب منه فيؤتى ثماره. وهذه المجاعة كانت لتأديب إسرائيل على الفساد الذى تفشى وسطهم ورأيناه فى سفر القضاة.

 

آية (2):- "2وَاسْمُ الرَّجُلِ أَلِيمَالِكُ، وَاسْمُ امْرَأَتِهِ نُعْمِي، وَاسْمَا ابْنَيْهِ مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ، أَفْرَاتِيُّونَ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا. فَأَتَوْا إِلَى بِلاَدِ مُوآبَ وَكَانُوا هُنَاكَ. "

أليمالك = الهى ملك. بيت لحم = بيت الخبز وأفراته إسم ثانى لها بمعنى ثمار. نعمى = الحلوة أو متنعمة القلب. محلون = المستضعف أو جدب أو مرض. كليون = الهزيل أو خراب. وأسماء الأولاد متمشية مع المجاعة، هى صدى لها. ولاحظ أن المسيح خبز الحياة وولد فى بيت لحم (أى بيت الخبز). والمعنى الرمزى أن أليمالك لهُ إسم حلو فهو يمثل من لهُ الحياة الروحية المظهرية لكن بلا عمق، وهذا يترك بيت لحم أى لا يكون لهُ حياة المسيح فيكون حياته غير مثمرة (أفراته) وعقيمة ومجدبة (محلون وكليون). ومثل هذا لا يكون لهُ ثمار لأنه يطلب لذة الجسد (نعمى).

 

الآيات (3-5):- "3وَمَاتَ أَلِيمَالِكُ رَجُلُ نُعْمِي، وَبَقِيَتْ هِيَ وَابْنَاهَا. 4فَأَخَذَا لَهُمَا امْرَأَتَيْنِ مُوآبِيَّتَيْنِ، اسْمُ إِحْدَاهُمَا عُرْفَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى رَاعُوثُ. وَأَقَامَا هُنَاكَ نَحْوَ عَشَرِ سِنِينٍ. 5ثُمَّ مَاتَا كِلاَهُمَا مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ، فَتُرِكَتِ الْمَرْأَةُ مِنِ ابْنَيْهَا وَمِنْ رَجُلِهَا."

منع الله شعبه أن يختلط بموآب لوثنيتها (تث 23 : 3،4 + 7 : 3،4). ولكننا نجد أولاد أليمالك يتزوجوا بموآبيات ضد الشريعة. وهذا خطأ الأب الذى ترك أرضه.

 

الآيات (6-7):- "6فَقَامَتْ هِيَ وَكَنَّتَاهَا وَرَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ، لأَنَّهَا سَمِعَتْ فِي بِلاَدِ مُوآبَ أَنَّ الرَّبَّ قَدِ افْتَقَدَ شَعْبَهُ لِيُعْطِيَهُمْ خُبْزًا. 7وَخَرَجَتْ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَكَنَّتَاهَا مَعَهَا، وَسِرْنَ فِي الطَّرِيقِ لِلرُّجُوعِ إِلَى أَرْضِ يَهُوذَا. "

عادت نعمى لأرضها مثل عودة الإبن الضال. فالله يسمح بتأديبات كثيرة حتى نرجع إليه ونشعر بخطايانا ونشتاق للعودة. ونعمى بعد فقد رجلها وإبنيها صارت بلاد موآب لها مُرَّة فالله يُمرَّرْ لأولاده أرض الخطية ليشتهوا العودة إليه كما فعل مع الابن الضال. وقد يُمرَّرْ لنا الأرض لنشتهى السماء (المقصود بتمرير الأرض، الضيقات والآلام).

 

الآيات (8-9):-" 8فَقَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتَيْهَا: «اذْهَبَا ارْجِعَا كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى بَيْتِ أُمِّهَا. وَلْيَصْنَعِ الرَّبُّ مَعَكُمَا إِحْسَانًا كَمَا صَنَعْتُمَا بِالْمَوْتَى وَبِي. 9وَلْيُعْطِكُمَا الرَّبُّ أَنْ تَجِدَا رَاحَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتِ رَجُلِهَا». فَقَبَّلَتْهُمَا، وَرَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ وَبَكَيْنَ. "

نلاحظ رقة التعامل من نعمى لكنتيها. وهن شعرن بمحبتها أثناء عشرتهن لها فتمسكن بألاَّ يفارقنها، لقد ردوا الحب بالحب (آية 10).

 

الآيات (10-13): -" 10فَقَالَتَا لَهَا: «إِنَّنَا نَرْجعُ مَعَكِ إِلَى شَعْبِكِ». 11فَقَالَتْ نُعْمِي: «ارْجِعَا يَا بِنْتَيَّ. لِمَاذَا تَذْهَبَانِ مَعِي؟ هَلْ فِي أَحْشَائِي بَنُونَ بَعْدُ حَتَّى يَكُونُوا لَكُمَا رِجَالاً؟ 12اِرْجِعَا يَا بِنْتَيَّ وَاذْهَبَا لأَنِّي قَدْ شِخْتُ عَنْ أَنْ أَكُونَ لِرَجُل. وَإِنْ قُلْتُ لِي رَجَاءٌ أَيْضًا بِأَنِّي أَصِيرُ هذِهِ اللَّيْلَةَ لِرَجُل وَأَلِدُ بَنِينَ أَيْضًا، 13هَلْ تَصْبِرَانِ لَهُمْ حَتَّى يَكْبُرُوا؟ هَلْ تَنْحَجِزَانِ مِنْ أَجْلِهِمْ عَنْ أَنْ تَكُونَا لِرَجُل؟ لاَ يَا بِنْتَيَّ. فَإِنِّي مَغْمُومَةٌ جِدًّا مِنْ أَجْلِكُمَا لأَنَّ يَدَ الرَّبِّ قَدْ خَرَجَتْ عَلَيَّ». "

الشريعة تنص أنه لو مات الرجل دون أن ينجب يتزوج شقيقه من أرملته ليقيم لهُ نسلاً، أو أقرب ولى. ونعمى تشرح إستحالة تحقيق هذا. وهى لم تذكر شيئاً عن أن هناك وليين فى يهوذا فهى لا تعرف موقفهما بعد طول غيابها فى موآب. وهى لا ترضى لكنتيها أن يبقوا أرامل كل حياتهن فهى خافت إن رجعت بهن إلى يهوذا أن لا يقبل أحد من رجال يهوذا أن يتزوج منهن لأنهن وثنيات ولا حتى الوليين لذلك فضلت رجوعهن إلى موآب.

 

آية (14):- "14ثُمَّ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ وَبَكَيْنَ أَيْضًا. فَقَبَّلَتْ عُرْفَةُ حَمَاتَهَا، وَأَمَّا رَاعُوثُ فَلَصِقَتْ بِهَا. "

عرفة حملت وفاءً صادقاً لحماتها لكنها عادت لأهلها. ورمزياً فهى تمثل من يحب المسيح لكنه ليس على إستعداد لترك ملذات العالم من أجله، فهم يحبون المسيح لكنهم يحبون العالم أكثر. وأمّا راعوث فقد فاقت الحدود البشرية فى محبتها وأصبحت تمثل من يترك بإيمانه أرض الخطية لينطلق إلى المسيح كما ترك إبراهيم أور وحاران.

 

الآيات (15-18):- "15فَقَالَتْ: «هُوَذَا قَدْ رَجَعَتْ سِلْفَتُكِ إِلَى شَعْبِهَا وَآلِهَتِهَا. اِرْجِعِي أَنْتِ وَرَاءَ سِلْفَتِكِ». 16فَقَالَتْ رَاعُوثُ: «لاَ تُلِحِّي عَلَيَّ أَنْ أَتْرُكَكِ وَأَرْجعَ عَنْكِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبُ وَحَيْثُمَا بِتِّ أَبِيتُ. شَعْبُكِ شَعْبِي وَإِلهُكِ إِلهِي. 17حَيْثُمَا مُتِّ أَمُوتُ وَهُنَاكَ أَنْدَفِنُ. هكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ بِي وَهكَذَا يَزِيدُ. إِنَّمَا الْمَوْتُ يَفْصِلُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ». 18فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا مُشَدِّدَةٌ عَلَى الذَّهَابِ مَعَهَا، كَفَّتْ عَنِ الْكَلاَمِ إِلَيْهَا. "

التصاق راعوث بحماتها يرمز لإلتصاق الشخص بالكنيسة وعن طريق ذلك الإلتصاق يحدث الزواج مع العريس المسيح كما تزوجت راعوث ببوعز. هكذا يفعل الرب بى = راعوث تقسم بإسم الرب وهذا يظهر تمسكها بإله إسرائيل كإله لها. ولاحظ إلى أى درجة كانت محبة راعوث....حتى الموت. لقد أعطت نعمى حباً لكنتيها وها هى تجنى ثمار حبها … ولقد أحبنا المسيح حتى الموت فهل نحبه نحن؟.

 

آية (19):- "19فَذَهَبَتَا كِلْتَاهُمَا حَتَّى دَخَلَتَا بَيْتَ لَحْمٍ. وَكَانَ عِنْدَ دُخُولِهِمَا بَيْتَ لَحْمٍ أَنَّ الْمَدِينَةَ كُلَّهَا تَحَرَّكَتْ بِسَبَبِهِمَا، وَقَالُوا: «أَهذِهِ نُعْمِي؟» "

تحركت المدينة بسببهما = لأن الكل توقع أن تدخل نعمى بأولادها وأحفادها ومعها خيرات كثيرة ولكنها رجعت فارغة تماماً إلاّ من كنتها التى هى الآن ثقلاً ومسئولية.

 

الآيات (20-21):- "20فَقَالَتْ لَهُمْ: «لاَ تَدْعُونِي نُعْمِيَ بَلِ ادْعُونِي مُرَّةَ، لأَنَّ الْقَدِيرَ قَدْ أَمَرَّنِي جِدًّا. 21إِنِّي ذَهَبْتُ مُمْتَلِئَةً وَأَرْجَعَنِيَ الرَّبُّ فَارِغَةً. لِمَاذَا تَدْعُونَنِي نُعْمِي، وَالرَّبُّ قَدْ أَذَلَّنِي وَالْقَدِيرُ قَدْ كَسَّرَنِي؟»"

لقد حسبت نعمى ما حدث لها علامة غضب من الله بسبب خطاياها.

 

آية (22):- "22فَرَجَعَتْ نُعْمِي وَرَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ كَنَّتُهَا مَعَهَا، الَّتِي رَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ، وَدَخَلَتَا بَيْتَ لَحْمٍ فِي ابْتِدَاءِ حَصَادِ الشَّعِيرِ."

ودخلتا بيت لحم فى إبتداء حصاد الشعير = ها هى عادت لبيت لحم لتجد الحقول ممتلئة ومن يعود للكنيسة سيجد خيرات كثيرة. والله يشبع كل نفس عائدة إلى بيت لحم (الكنيسة). مولود بيت لحم قادر أن ينزع مرارة النفس التى عادت وهى مُرّة.