الآيات (1-2):-
"1كَانَ
شَاوُلُ ابْنَ سَنَةٍ فِي مُلْكِهِ، وَمَلَكَ سَنَتَيْنِ عَلَى إِسْرَائِيلَ. 2وَاخْتَارَ
شَاوُلُ لِنَفْسِهِ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ مِنْ إِسْرَائِيلَ، فَكَانَ أَلْفَانِ مَعَ
شَاوُلَ فِي مِخْمَاسَ وَفِي جَبَلِ بَيْتِ إِيلَ، وَأَلْفٌ كَانَ مَعَ
يُونَاثَانَ فِي جِبْعَةِ بَنْيَامِينَ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الشَّعْبِ
فَأَرْسَلَهُمْ كُلَّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. "
كَانَ
شَاوُلُ ابْنَ سَنَةٍ فِي مُلْكِهِ وَمَلَكَ سَنَتَيْنِ عَلَى إِسْرَائِيلَ: هكذا جاء النص
العبرى. والإحتمال الكبير إن هذه الآيةتنتمى للإصحاح السابق بمعنى أن شاول أنهى
حربه مع بنى عمون وتُوّج ملكاً للمرة الثانية (14:11) بعد سنة من مسحه بقنينة
الدهن لأوّل مرة (1:10) ثم كلام صموئيل فى الإصحاح السابق وشاول لهُ سنتين فى
الحكم. وَاخْتَارَ شَاوُلُ لِنَفْسِهِ 3000 مِنْ
إِسْرَائِيلَ، فَكَانَ 2000 مَعَ شَاوُلَ وَ1000
كَانَ مَعَ يُونَاثَانَ: هذه الآيةبينها وبين الآية(1) السابقة ليس أقل
من 20 سنة إنتشر فيها الفساد. وضعف جيش شاول وإنصرف كل واحد إلى خيمته. وفيها
كَبُر يوناثان فشاول كان شاباً وقت إختياره ملكاً (2:9) والآن نجد إبنه يوناثان
يقود 1000 جندى ونجد هناك فارقاً كبيراً بين شاول المنتصر وجيشه القوى أمام ناحاش
وإسرائيل المنكسرة تماماً التى لا تجد سلاح لجنودها (22:13) وهذا راجع بالتأكيد
لإنتشار الخطية وفساد الشعب وكبرياء شاول.
الآيات (3-7):- "3وَضَرَبَ
يُونَاثَانُ نَصَبَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ الَّذِي فِي جِبْعَ، فَسَمِعَ
الْفِلِسْطِينِيُّونَ. وَضَرَبَ شَاوُلُ بِالْبُوقِ فِي جَمِيعِ الأَرْضِ
قَائِلاً: «لِيَسْمَعِ الْعِبْرَانِيُّونَ». 4فَسَمِعَ جَمِيعُ
إِسْرَائِيلَ قَوْلاً: «قَدْ ضَرَبَ شَاوُلُ نَصَبَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ،
وَأَيْضًا قَدْ أَنْتَنَ إِسْرَائِيلُ لَدَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ». فَاجْتَمَعَ
الشَّعْبُ وَرَاءَ شَاوُلَ إِلَى الْجِلْجَالِ. 5وَتَجَمَّعَ
الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِمُحَارَبَةِ إِسْرَائِيلَ، ثَلاَثُونَ أَلْفَ مَرْكَبَةٍ،
وَسِتَّةُ آلاَفِ فَارِسٍ، وَشَعْبٌ كَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ
فِي الْكَثْرَةِ. وَصَعِدُوا وَنَزَلُوا فِي مِخْمَاسَ شَرْقِيَّ بَيْتِ آوِنَ. 6وَلَمَّا
رَأَى رِجَالُ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمْ فِي ضَنْكٍ، لأَنَّ الشَّعْبَ تَضَايَقَ،
اخْتَبَأَ الشَّعْبُ فِي الْمَغَايِرِ وَالْغِيَاضِ وَالصُّخُورِ وَالصُّرُوحِ
وَالآبَارِ. 7وَبَعْضُ الْعِبْرَانِيِّينَ عَبَرُوا الأُرْدُنَّ إِلَى
أَرْضِ جَادَ وَجِلْعَادَ. وَكَانَ شَاوُلُ بَعْدُ فِي الْجِلْجَالِ وَكُلُّ
الشَّعْبِ ارْتَعَدَ وَرَاءَهُ. "
نَصَبَ
الْفِلِسْطِينِيِّينَ: سمعنا عن هذا فى
(5:10) فلماذا توجد هذه الحامية حتى الآن ولماذا ترك شاول هذا الجيب أو هذه البؤرة
الصديدية فى جسد إسرائيل (هذه تمثل خطية محبوبة لدى الإنسان يتركها ولا يحاربها
فتكون سبب مشاكل فى المستقبل) وشاول لإهتمامه بإغراءات مركزه نسى الحرب هذه
العشرين سنة ولم يهتم بتطهير جبعة. وكان إبنه يوناثان الشاب أكثر حرارة منه فضرب
هو هذه البؤرة أو هذه الحامية العسكرية وفى آية(4) ضَرَبَ
شَاوُلُ: الفعل ليوناثان وقد نسبه الناس لأبيه الملك أَنْتَنَ إِسْرَائِيلُ: أى بعمله هذا جعل
الأعداء يكرهوننا جداً. والفلسطينيون حسبوا هذا مهانة لهم فصعدوا بأعداد ضخمة إلى مخماس.
ولاحظ أن شاول كان فى مخماس والآن تركها هو وجنوده لينضموا إلى يوناثان والآن صار
الفلسطينيين فى مخماس وشاول ويوناثان ورجالهم فى الجلجال. وطبعاً صعود شاول إلى
الجلجال سهّل مهمة الفلسطينيين فى إحتلال مخماس. وربما قصد الفلسطينيين أن يضربوا
شاول أولاً فى مخماس ثم يستديروا ليضربوا يوناثان فى الجلجال لكن شاول ترك مخماس
وذهب للجلجال ربما ليساند يوناثان أو ليهرب من الفلسطينيين حينما رأى ضخامة
أعدادهم. ولاحظ الحال الرديئة لجيش شاول وهربهم حتى أن عدد رجاله إنخفض من 2000
إلى 600 آية(15) والخوف والرعدة سببهم ضعف إيمانهم أو فقدان إيمانهم وذلك راجع
للفساد الذى إنتشر.
الآيات (8-12):- "8فَمَكَثَ
سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَسَبَ مِيعَادِ صَمُوئِيلَ، وَلَمْ يَأْتِ صَمُوئِيلُ إِلَى
الْجِلْجَالِ، وَالشَّعْبُ تَفَرَّقَ عَنْهُ. 9فَقَالَ شَاوُلُ:
«قَدِّمُوا إِلَيَّ الْمُحْرَقَةَ وَذَبَائِحَ السَّلاَمَةِ». فَأَصْعَدَ
الْمُحْرَقَةَ. 10وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى مِنْ إِصْعَادِ
الْمُحْرَقَةِ إِذَا صَمُوئِيلُ مُقْبِلٌ، فَخَرَجَ شَاوُلُ لِلِقَائِهِ
لِيُبَارِكَهُ. 11فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟» فَقَالَ
شَاوُلُ: «لأَنِّي رَأَيْتُ أَنَّ الشَّعْبَ قَدْ تَفَرَّقَ عَنِّي، وَأَنْتَ لَمْ
تَأْتِ فِي أَيَّامِ الْمِيعَادِ، وَالْفِلِسْطِينِيُّونَ مُتَجَمِّعُونَ فِي
مِخْمَاسَ، 12فَقُلْتُ: الآنَ يَنْزِلُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ إِلَيَّ
إِلَى الْجِلْجَالِ وَلَمْ أَتَضَرَّعْ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ، فَتَجَلَّدْتُ
وَأَصْعَدْتُ الْمُحْرَقَةَ»."
يمكن تلخيص خطايا
شاول من هذه الآيات فيما يلى
1-
عزم أن يقابل
الفلسطينيين دون أن يستشير صموئيل أو يأخذ بركة منُه وقارن مع (7:11).
2-
إغتصب الكهنوت
وقدّم الذبيحة ولا كهنوت له. وهو لم يبعث برسول ليسأل عن صموئيل بل إنتهز الفرصة
وقدّم الذبيحة. ولنلاحظ أن الله لا يطلب الذبيحة بل الطاعة (مز51: 16،17).
3-
بل إنطلق هو ليُسلّم على صموئيل ويبارك هو
صموئيل.
4-
وبخ صموئيل على تأخيره وحمله نتيجة أى خطأ ليظهر
أنهُ هو غيور على شعب الله وصموئيل هو المخطئ.
5-
هو لم يقم بواجبه كملك ويهيئ جيشه بأسلحة مناسبة
(آية22) ثم يغتصب عمل الكهنوت.
6-
حين أنبه صموئيل لم يبد أى ندم أو إستعداد
للتوبة بل كلمات عذره كانت عجيبة أنا كنت محتاج أن أتضرع إلى الرب: إذاً
تقديم الذبيحة هى بالنسبة لهُ مجرد شكليات فبالنسبة لهُ كان يمكنه أن يصلى فقط.
لكنه ظن المحرقة أشبه بحجاب يؤدى للنصر. بل قال البعض أن مذبح عظيم كالجلجال كان
لابد من وجود كاهن لهُ لكن شاول لم يستدعِ هذا الكاهن مفضلاً أن يقوم هو بعمل
الكهنوت. وقد غفر الله لداود خطايا أصعب من هذا لكن لشاول لم يغفر لسببين 1- واضح
أن وراء كل هذه خطية كبرياء فظيعة. 2- داود كان دائماً مستعد للتوبة والبكاء
بتواضع شديد. فَتَجَلَّدْتُ: أى داس
على ما بقى لهُ من ضمير يؤنبه على الخطأ. وفى آية(8) حَسَبَ
مِيعَادِ صَمُوئِيلَ وهذه مما تزيد خطاياه فصموئيل كان قد وَعَدَهُ أن
يأتى ليصلى عَنْهُ ويقدم الذبيحة عَنْهُ.
الآيات
(13-14):- "13فَقَالَ
صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «قَدِ انْحَمَقْتَ! لَمْ تَحْفَظْ وَصِيَّةَ الرَّبِّ
إِلهِكَ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا، لأَنَّهُ الآنَ كَانَ الرَّبُّ قَدْ ثَبَّتَ
مَمْلَكَتَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ. 14وَأَمَّا الآنَ
فَمَمْلَكَتُكَ لاَ تَقُومُ. قَدِ انْتَخَبَ الرَّبُّ لِنَفْسِهِ رَجُلاً حَسَبَ
قَلْبِهِ، وَأَمَرَهُ الرَّبُّ أَنْ يَتَرَأَّسَ عَلَى شَعْبِهِ. لأَنَّكَ لَمْ
تَحْفَظْ مَا أَمَرَكَ بِهِ الرَّبُّ»."
كما
سقط إبليس بسبب كبريائه سقطت مملكة شاول وأعطيت لداود رَجُلاً
حَسَبَ قَلْبِهِ. وقولِهِ قَدْ ثَبَّتَ
مَمْلَكَتَكَ إِلَى الأَبَدِ: الله كان يعلم أنه سيخطئ وينزع مملكته
عنهُ ويعطيها لداود وقد سبق يعقوب وتنبأ أن الملك ليهوذا. ولكن هذه تشبه أن آدم
كان الله خلقه ليحيا إلى الأبد لكن بخطيته مات فأرسل الله المسيح الرجل الذى حسب
قلبه، إبن داود ليملك إلى الأبد. فالله
سمح بإقامة شاول ليكتمل الرمز ونفهم خطة الله. بل شاول أيضاً كان يمثل إسرائيل
التى ستفقد الملك ، بل ترفض نهائيا . ويملك يسوع المسيح روحياً وليس جسدياً.
اية
(15 ):- "15وَقَامَ
صَمُوئِيلُ وَصَعِدَ مِنَ الْجِلْجَالِ إِلَى جِبْعَةِ بَنْيَامِينَ. وَعَدَّ
شَاوُلُ الشَّعْبَ الْمَوْجُودَ مَعَهُ نَحْوَ سِتِّ مِئَةِ رَجُل. "
الآيات
(16-18):- "16وَكَانَ
شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ ابْنُهُ وَالشَّعْبُ الْمَوْجُودُ مَعَهُمَا مُقِيمِينَ فِي
جِبْعِ بَنْيَامِينَ، وَالْفِلِسْطِينِيُّونَ نَزَلُوا فِي مِخْمَاسَ. 17فَخَرَجَ
الْمُخَرِّبُونَ مِنْ مَحَلَّةِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ فِي ثَلاَثِ فِرَق.
الْفِرْقَةُ الْوَاحِدَةُ تَوَجَّهَتْ فِي طَرِيقِ عَفْرَةَ إِلَى أَرْضِ
شُوعَالَ، 18وَالْفِرْقَةُ الأُخْرَى تَوَجَّهَتْ فِي طَرِيقِ بَيْتِ
حُورُونَ، وَالْفِرْقَةُ الأُخْرَى تَوَجَّهَتْ فِي طَرِيقِ التُّخُمِ الْمُشْرِفِ
عَلَى وَادِي صَبُوعِيمَ نَحْوَ الْبَرِّيَّةِ. "
إنحصر
شاول ويوناثان فى جبع بنيامين وحاصرهم الفلسطينيون إذ دخلوا إلى ممرات عجلون وبيت
حورون بل إمتدوا حتى مخماس. وصار يفصلهم عن شاول وادٍ ضيق عميق، وبهذا عزلوا شاول
تماماً. وفى (17) خَرَجَ الْمُخَرِّبُونَ:
أى الناهبون وغايتهم إذلال إسرائيل ولعلهم قصدوا تهييج شاول ليخرج من أماكنه
المحصنة وفى طريقهم أخذوا غنائم وخربوا الأرض. ولكن الله الرحيم لم يعطهم حكمة فلو
نزلوا فى البداية إلى الجلجال لضربوا شاول والـ 600 رجل الذين معهُ ويوناثان وبهذا
يستولون على إسرائيل. ولكن الله يعمى أعداء الكنيسة عن طريق الضرر لشعبه. الله
يؤدب فقط لكن لا يميت ويقطع كل علاقة مع شعبه لذلك سمح الله للمخربون أن ينهبوا
فالشعب كله فى حالة خطية.
الآيات
(19-22):- "19وَلَمْ
يُوجَدْ صَانِعٌ فِي كُلِّ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ الْفِلِسْطِينِيِّينَ
قَالُوا: «لِئَلاَّ يَعْمَلَ الْعِبْرَانِيُّونَ سَيْفًا أَوْ رُمْحًا». 20بَلْ
كَانَ يَنْزِلُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ لِيُحَدِّدَ كُلُّ
وَاحِدٍ سِكَّتَهُ وَمِنْجَلَهُ وَفَأْسَهُ وَمِعْوَلَهُ 21عِنْدَمَا
كَلَّتْ حُدُودُ السِّكَكِ وَالْمَنَاجِلِ وَالْمُثَلَّثَاتِ الأَسْنَانِ
وَالْفُؤُوسِ وَلِتَرْوِيسِ الْمَنَاسِيسِ. 22وَكَانَ فِي يَوْمِ
الْحَرْبِ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَيْفٌ وَلاَ رُمْحٌ بِيَدِ جَمِيعِ الشَّعْبِ
الَّذِي مَعَ شَاوُلَ وَمَعَ يُونَاثَانَ. عَلَى أَنَّهُ وُجِدَ مَعَ شَاوُلَ
وَيُونَاثَانَ ابْنِهِ. "
لقد
أذل الفلسطينيون إسرائيل إذ لم يسمحوا بوجود صانع بينهم حتى لا يعملوا سيفاً ولا
رمحاً. هى صورة مؤلمة لعمل الخطية فى حياة الإنسان حينما يفقد إبليس الخاطئ أسلحته
ويحطم كل طاقاته وإمكانياته ويحدره إلى الذل والمهانة. بنهاية هذا الإصحاح نجد
إسرائيل فى حالة منحطة تماماً وفى منتهى الضعف. بدايات شاول كانت غير نهاياته.
وهذه الحالة المزرية إستمرت حتى جاء داود وأصلح الحال.
آية(23):- "23وَخَرَجَ حَفَظَةُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ إِلَى مَعْبَرِ
مِخْمَاسَ. "
حَفَظَةُ
الْفِلِسْطِينِيِّينَ: غالباً هى حامية
فلسطينية كانت وظيفتها مراقبة جيش شاول.