الآيات (1-20):- "1فِي ذلِكَ الزَّمَانِ مَرِضَ أَبِيَّا بْنُ يَرُبْعَامَ. 2فَقَالَ
يَرُبْعَامُ لامْرَأَتِهِ: «قُومِي غَيِّرِي شَكْلَكِ حَتَّى لاَ يَعْلَمُوا
أَنَّكِ امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ وَاذْهَبِي إِلَى شِيلُوهَ. هُوَذَا هُنَاكَ
أَخِيَّا النَّبِيُّ الَّذِي قَالَ عَنِّي إِنِّي أَمْلِكُ عَلَى هذَا الشَّعْبِ. 3وَخُذِي
بِيَدِكِ عَشَرَةَ أَرْغِفَةٍ وَكَعْكًا وَجَرَّةَ عَسَل، وَسِيرِي إِلَيْهِ
وَهُوَ يُخْبِرُكِ مَاذَا يَكُونُ لِلْغُلاَمِ». 4فَفَعَلَتِ امْرَأَةُ
يَرُبْعَامَ هكَذَا، وَقَامَتْ وَذَهَبَتْ إِلَى شِيلُوهَ وَدَخَلَتْ بَيْتَ
أَخِيَّا. وَكَانَ أَخِيَّا لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُبْصِرَ لأَنَّهُ قَدْ قَامَتْ
عَيْنَاهُ بِسَبَبِ شَيْخُوخَتِهِ. 5وَقَالَ الرَّبُّ لأَخِيَّا:
«هُوَذَا امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ آتِيَةٌ لِتَسْأَلَ مِنْكَ شَيْئًا مِنْ جِهَةِ
ابْنِهَا لأَنَّهُ مَرِيضٌ. فَقُلْ لَهَا: كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّهَا عِنْدَ
دُخُولِهَا تَتَنَكَّرُ». 6فَلَمَّا سَمِعَ أَخِيَّا حِسَّ رِجْلَيْهَا
وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْبَابِ قَالَ: «ادْخُلِي يَا امْرَأَةَ يَرُبْعَامَ.
لِمَاذَا تَتَنَكَّرِينَ وَأَنَا مُرْسَلٌ إِلَيْكِ بِقَوْل قَاسٍ؟ 7اِذْهَبِي
قُولِي لِيَرُبْعَامَ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: مِنْ أَجْلِ
أَنِّي قَدْ رَفَعْتُكَ مِنْ وَسَطِ الشَّعْبِ وَجَعَلْتُكَ رَئِيسًا عَلَى
شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، 8وَشَقَقْتُ الْمَمْلَكَةَ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَأَعْطَيْتُكَ
إِيَّاهَا، وَلَمْ تَكُنْ كَعَبْدِي دَاوُدَ الَّذِي حَفِظَ وَصَايَايَ وَالَّذِي
سَارَ وَرَائِي بِكُلِّ قَلْبِهِ لِيَفْعَلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فَقَطْ فِي
عَيْنَيَّ، 9وَقَدْ سَاءَ عَمَلُكَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ
كَانُوا قَبْلَكَ، فَسِرْتَ وَعَمِلْتَ لِنَفْسِكَ آلِهَةً أُخْرَى وَمَسْبُوكَاتٍ
لِتُغِيظَنِي، وَقَدْ طَرَحْتَنِي وَرَاءَ ظَهْرِكَ. 10لِذلِكَ
هأَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى بَيْتِ يَرُبْعَامَ، وَأَقْطَعُ لِيَرُبْعَامَ
كُلَّ بَائِلٍ بِحَائِطٍ مَحْجُوزًا وَمُطْلَقًا فِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنْزِعُ
آخِرَ بَيْتِ يَرُبْعَامَ كَمَا يُنْزَعُ الْبَعْرُ حَتَّى يَفْنَى. 11مَنْ
مَاتَ لِيَرُبْعَامَ فِي الْمَدِينَةِ تَأْكُلُهُ الْكِلاَبُ، وَمَنْ مَاتَ فِي
الْحَقْلِ تَأْكُلُهُ طُيُورُ السَّمَاءِ، لأَنَّ الرَّبَّ تَكَلَّمَ. 12وَأَنْتِ
فَقُومِي وَانْطَلِقِي إِلَى بَيْتِكِ، وَعِنْدَ دُخُولِ رِجْلَيْكِ الْمَدِينَةَ
يَمُوتُ الْوَلَدُ، 13وَيَنْدُبُهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ
وَيَدْفِنُونَهُ، لأَنَّ هذَا وَحْدَهُ مِنْ يَرُبْعَامَ يَدْخُلُ الْقَبْرَ،
لأَنَّهُ وُجِدَ فِيهِ أَمْرٌ صَالِحٌ نَحْوَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ فِي
بَيْتِ يَرُبْعَامَ. 14وَيُقِيمُ الرَّبُّ لِنَفْسِهِ مَلِكًا عَلَى
إِسْرَائِيلَ يَقْرِضُ بَيْتَ يَرُبْعَامَ هذَا الْيَوْمَ. وَمَاذَا؟ اَلآنَ
أَيْضًا! 15وَيَضْرِبُ الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ كَاهْتِزَازِ الْقَصَبِ
فِي الْمَاءِ، وَيَسْتَأْصِلُ إِسْرَائِيلَ عَنْ هذِهِ الأَرْضِ الصَّالِحَةِ
الَّتِي أَعْطَاهَا لآبَائِهِمْ، وَيُبَدِّدُهُمْ إِلَى عَبْرِ النَّهْرِ
لأَنَّهُمْ عَمِلُوا سَوَارِيَهُمْ وَأَغَاظُوا الرَّبَّ. 16وَيَدْفَعُ
إِسْرَائِيلَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ الَّذِي أَخْطَأَ وَجَعَلَ إِسْرَائِيلَ
يُخْطِئُ».
17فَقَامَتِ امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ
وَذَهَبَتْ وَجَاءَتْ إِلَى تِرْصَةَ، وَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَى عَتَبَةِ الْبَابِ
مَاتَ الْغُلاَمُ، 18فَدَفَنَهُ وَنَدَبَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ
حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ عَبْدِهِ أَخِيَّا
النَّبِيِّ. 19وَأَمَّا بَقِيَّةُ أُمُورِ يَرُبْعَامَ، كَيْفَ حَارَبَ
وَكَيْفَ مَلَكَ، فَإِنَّهَا مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ
لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. 20وَالزَّمَانُ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ
يَرُبْعَامُ هُوَ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سَنَةً، ثُمَّ اضْطَجَعَ مَعَ آبَائِهِ،
وَمَلَكَ نَادَابُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. "
نجد
هنا إنذار جديد ليربعام أقسى وأشد فتأديب الله يتصاعد ويشتد ضد الخاطىء حتى يتوب
ونجد هنا أن إبن يربعام وربما هو بكره أو ولى عهده قد مرض. ولم يرد يربعام أن يذهب
إلى أخيا النبى بنفسه فهو يعرف أنه خالف أوامره وجعل إمرأته تتنكر لنفس السبب حتى
لا يعرف أنها إمرأته وهو ظن أن أخيا لن يقبله ثم هو خاف أن يعرف أحد من الشعب أنه
يلجأ لنبى الله. ولنلاحظ أن يربعام لم يلجأ إلى عجوله لشفاء الولد بل لجأ إلى أخيا
وإلى إله أورشليم مما يثبت أنه يعلم تماما ضلال طريقه. وهو يلجأ لله لكن ليس كتائب
بل مختبئا، فهل الإختباء من الله يحمى الإنسان من غضب الله (مثال لذلك يونان)
وربما لو قدم يربعام توبة ونزع الأوثان لقبله الله وشفى له إبنه وثبت كرسيه. وعجيب
هو طلب يربعام!!.
فكل
ما طلبه أن يعرف مستقبل الغلام ولم يطلب شفاء له. ولنلاحظ أن عقله بدأ يظلم وهذا
مصير كل من يخالف الله. فكيف يعرف أخيا مستقبل الغلام ولا يعرف أن المرأة زوجته
ولاحظ أن ذو العين السليمة فقد الرؤية وصار يتخبط فى قراراته وأن النبى الأعمى له
رؤية واضحة وحتى الآن فكثيرين مشغولون بمعرفة المستقبل ولكنهم لا يطلبون التوبة.
وفى (2) شِيلُوهَ = هى جنوب شكيم
وتقع بين أورشليم وشكيم. ونلاحظ هنا أن يربعام نقل مقر ملكه إلى ترصة (آية 17) وهى
مدينة معروفة بجمالها (نش 4:6). ولاحظ بالرغم من كل ما يحدث فى إسرائيل أن الله
مازال يقول شَعْبِي إِسْرَائِيلَ (آية 7) فالله لم
يرفضهم حتى هذه اللحظة. وفى (10) كُلَّ بَائِلٍ بِحَائِطٍ = وقد تشير
للإنسان المشرد الذى ليس له مكان أو بيت فحتى هذا سينزع وكانت تقال عن كل ذكر وهذه كناية يبدو أنها
كانت مستخدمة فى تلك الأيام. وبائل معناها من يتبول فمن يتبول على حائط لابد وأن
يكون ذكرا. مَحْجُوزًا وَمُطْلَقًا = هو تعبير أيضا
يشير إلى جميع الناس وهناك من يفسره أنه يعنى العبيد والأحرار وهناك من فسره أنه
يعنى سكان المدن ذات الأسوار (محجوز) والقرى التى لا أسوار لها (مطلق) كَمَا يُنْزَعُ الْبَعْرُ حَتَّى
يَفْنَى
=
البعر هو الروث الجاف والتشبيه هنا أن الله سيحرق إسرائيل حتى تفنى كما تفنى
النيران الروث الجاف تماما لأنهم إحتقروا الرب. وفى (13) يَنْدُبُهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ = ويقال أن هذا
الإبن كان محبوبا وصالحا ورافضا لعبادة الأوثان وطلب رجوع العبادة لأورشليم (هكذا
تقول التقاليد اليهودية) ولأن الرب أحبه أخذه حتى لا يتأثر بالعبادات الوثنية
وسيكون هو الوحيد الذى سيدفن بكرامة من كل العائلة. وفى (14) هذا الملك هو بعشا (27:15-29).
وَمَاذَا؟ اَلآنَ أَيْضًا = أى ما الفائدة
أن أطيل الكلام والوقت قريب الذى فيه سيتحقق هذا الكلام. وفى (15) كَاهْتِزَازِ الْقَصَبِ =القصب علامة
الضعف وعدم الثبات. وَيُبَدِّدُهُمْ إِلَى عَبْرِ النَّهْرِ = هذه نبوة
بالسبى إلى أشور فالنهر هو نهر الفرات وهذه النبوة تحققت بعد 230 سنة (2 مل 6:17).
سَوَارِيَهُمْ = تماثيل من خشب
منقوشة. وفى (17) تحققت نبوة النبى ومَاتَ الْغُلاَمُ = وموت الولد عند
دخول أمه إلى ترصة كان علامة على أن باقى النبوة ستحقق فهل تابوا؟!! أبدا وفى (19)
حارب يربعام رحبعام وأبنه أبيام (أبيا) (2 مل 30:14 + 2 أى 2:13).
الآيات (21-31):- "21وَأَمَّا رَحُبْعَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَمَلَكَ فِي يَهُوذَا.
وَكَانَ رَحُبْعَامُ ابْنَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ
سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا
الرَّبُّ لِوَضْعِ اسْمِهِ فِيهَا مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، وَاسْمُ
أُمِّهِ نِعْمَةُ الْعَمُّونِيَّةُ. 22وَعَمِلَ يَهُوذَا الشَّرَّ فِي
عَيْنَيِ الرَّبِّ وَأَغَارُوهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَا عَمِلَ آبَاؤُهُمْ
بِخَطَايَاهُمُ الَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا. 23وَبَنَوْا هُمْ أَيْضًا
لأَنْفُسِهِمْ مُرْتَفَعَاتٍ وَأَنْصَابًا وَسَوَارِيَ عَلَى كُلِّ تَلّ مُرْتَفِعٍ
وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ. 24وَكَانَ أَيْضًا مَأْبُونُونَ
فِي الأَرْضِ، فَعَلُوا حَسَبَ كُلِّ أَرْجَاسِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ
الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
25وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ
لِلْمَلِكِ رَحُبْعَامَ، صَعِدَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 26وَأَخَذَ
خَزَائِنَ بَيْتِ الرَّبِّ وَخَزَائِنَ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ.
وَأَخَذَ جَمِيعَ أَتْرَاسِ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ. 27فَعَمِلَ
الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ عِوَضًا عَنْهَا أَتْرَاسَ نُحَاسٍ وَسَلَّمَهَا لِيَدِ
رُؤَسَاءِ السُّعَاةِ الْحَافِظِينَ بَابَ بَيْتِ الْمَلِكِ. 28وَكَانَ
إِذَا دَخَلَ الْمَلِكُ بَيْتَ الرَّبِّ يَحْمِلُهَا السُّعَاةُ، ثُمَّ
يُرْجِعُونَهَا إِلَى غُرْفَةِ السُّعَاةِ. 29وَبَقِيَّةُ أُمُورِ
رَحُبْعَامَ وَكُلُّ مَا فَعَلَ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ
الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ 30وَكَانَتْ حَرْبٌ بَيْنَ رَحُبْعَامَ
وَيَرُبْعَامَ كُلَّ الأَيَّامِ. 31ثُمَّ اضْطَجَعَ رَحُبْعَامُ مَعَ
آبَائِهِ، وَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ. وَاسْمُ أُمِّهِ نِعْمَةُ
الْعَمُّونِيَّةُ. وَمَلَكَ أَبِيَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. "
ينتقل
الوحى الآن إلى قصة رحبعام وذلك لأننا نجد أن قصة تاريخ يهوذا وإسرائيل متداخلتان
فى كتاب الملوك. وفى (21) الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الرَّبُّ = ليفرق بينها
وبين العبادات فى إسرائيل ففى أورشليم هيكل الرب. وأيضا ذكر أورشليم كمدينة
إختارها الرب يزيد من بشاعة خطية يهوذا الذين لهم الهيكل والشرائع والكهنوت فهم أقاموا أَنْصَابًا = تمثل الجانب
المذكر فى الآلهة وهى حجر لعبادة البعل. وَسَوَارِيَ جمع سارية وهى
تمثل الجانب المؤنث فى الآلهة وهى تماثيل خشبية. مَأْبُونُونَ = هم ذكور شواذ
جنسياً كرسوا أنفسهم لعبادة البعل القبيحة وهم يتبرعون بدخلهم من زناهم للهيكل
وكان هناك أيضا زانيات مخصصات لذلك. ولذلك سمح الله شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ أن يؤدب يهوذا
وربما كان صعود شيشق بالإتفاق مع يربعام لأنه وجد فى الأوثان المصرية أن شيشق
إستولى على عدة مدن فى إسرائيل وربما كانت هذه المدن مازالت تحت سلطة يهوذا
فإستولى عليها شيشق وأعطاها لحليفه يربعام. وأخذ شيشق ثروة سليمان العظيمة وتحول
الذهب إلى نحاس لأن عبادة الرب تحولت إلى عبادة أوثان.
ونجد
أن الملك يؤدى عبادة مظاهر للرب فهو يذهب للهيكل وأمامه جنوده حاملين أتراس فهل
يليق هذا بالتواضع أمام الله. ومما يثبت أن العبادة للرب ظاهرية أن القلوب كانت
منقسمة ما بين عبادة الله وعبادة الأوثان.