الآيات
(1-16):- "1وَحَدَثَ
بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّهُ كَانَ لِنَابُوتَ الْيَزْرَعِيلِيِّ كَرْمٌ فِي
يَزْرَعِيلَ بِجَانِبِ قَصْرِ أَخْآبَ مَلِكِ السَّامِرَةِ. 2فَكَلَّمَ
أَخْآبُ نَابُوتَ قَائِلاً: «أَعْطِنِي كَرْمَكَ فَيَكُونَ لِي بُسْتَانَ بُقُول،
لأَنَّهُ قَرِيبٌ بِجَانِبِ بَيْتِي، فَأُعْطِيَكَ عِوَضَهُ كَرْمًا أَحْسَنَ
مِنْهُ. أَوْ إِذَا حَسُنَ فِي عَيْنَيْكَ أَعْطَيْتُكَ ثَمَنَهُ فِضَّةً». 3فَقَالَ
نَابُوتُ لأَخْآبَ: «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أُعْطِيَكَ مِيرَاثَ آبَائِي».
4فَدَخَلَ أَخْآبُ بَيْتَهُ مُكْتَئِبًا مَغْمُومًا مِنْ أَجْلِ
الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ نَابُوتُ الْيَزْرَعِيلِيُّ قَائِلاً: «لاَ
أُعْطِيكَ مِيرَاثَ آبَائِي». وَاضْطَجَعَ عَلَى سَرِيرِهِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ
وَلَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا. 5فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ إِيزَابَلُ امْرَأَتُهُ
وَقَالَتْ لَهُ: «لِمَاذَا رُوحُكَ مُكْتَئِبَةٌ وَلاَ تَأْكُلُ خُبْزًا؟» 6فَقَالَ
لَهَا: «لأَنِّي كَلَّمْتُ نَابُوتَ الْيَزْرَعِيلِيَّ وَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي
كَرْمَكَ بِفِضَّةٍ، وَإِذَا شِئْتَ أَعْطَيْتُكَ كَرْمًا عِوَضَهُ، فَقَالَ: لاَ
أُعْطِيكَ كَرْمِي». 7فَقَالَتْ لَهُ إِيزَابَلُ: «أَأَنْتَ الآنَ
تَحْكُمُ عَلَى إِسْرَائِيلَ؟ قُمْ كُلْ خُبْزًا وَلْيَطِبْ قَلْبُكَ. أَنَا
أُعْطِيكَ كَرْمَ نَابُوتَ الْيَزْرَعِيلِيِّ». 8ثُمَّ كَتَبَتْ
رَسَائِلَ بِاسْمِ أَخْآبَ، وَخَتَمَتْهَا بِخَاتِمِهِ، وَأَرْسَلَتِ الرَّسَائِلَ
إِلَى الشُّيُوخِ وَالأَشْرَافِ الَّذِينَ فِي مَدِينَتِهِ السَّاكِنِينَ مَعَ
نَابُوتَ. 9وَكَتَبَتْ فِي الرَّسَائِلِ تَقُولُ: «نَادُوا بِصَوْمٍ؟
وَأَجْلِسُوا نَابُوتَ فِي رَأْسِ الشَّعْبِ. 10وَأَجْلِسُوا
رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَلِيَّعَالَ تُجَاهَهُ لِيَشْهَدَا قَائِلَيْنِ: قَدْ
جَدَّفْتَ عَلَى اللهِ وَعَلَى الْمَلِكِ. ثُمَّ أَخْرِجُوهُ وَارْجُمُوهُ
فَيَمُوتَ». 11فَفَعَلَ رِجَالُ مَدِينَتِهِ، الشُّيُوخُ وَالأَشْرَافُ
السَّاكِنُونَ فِي مَدِينَتِهِ، كَمَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ إِيزَابَلُ، كَمَا
هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الرَّسَائِلِ الَّتِي أَرْسَلَتْهَا إِلَيْهِمْ. 12فَنَادَوْا
بِصَوْمٍ وَأَجْلَسُوا نَابُوتَ فِي رَأْسِ الشَّعْبِ. 13وَأَتَى
رَجُلاَنِ مِنْ بَنِي بَلِيَّعَالَ وَجَلَسَا تُجَاهَهُ، وَشَهِدَ رَجُلاَ
بِليَّعَالَ عَلَى نَابُوتَ أَمَامَ الشَّعْبِ قَائِلَيْنِ: «قَدْ جَدَّفَ
نَابُوتُ عَلَى اللهِ وَعَلَى الْمَلِكِ». فَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ
وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ فَمَاتَ. 14وَأَرْسَلُوا إِلَى إِيزَابَلَ
يَقُولُونَ: «قَدْ رُجِمَ نَابُوتُ وَمَاتَ». 15وَلَمَّا سَمِعَتْ
إِيزَابَلُ أَنَّ نَابُوتَ قَدْ رُجِمَ وَمَاتَ، قَالَتْ إِيزَابَلُ لأَخْآبَ:
«قُمْ رِثْ كَرْمَ نَابُوتَ الْيَزْرَعِيلِيِّ الَّذِي أَبَى أَنْ يُعْطِيَكَ
إِيَّاهُ بِفِضَّةٍ، لأَنَّ نَابُوتَ لَيْسَ حَيًّا بَلْ هُوَ مَيْتٌ». 16وَلَمَّا
سَمِعَ أَخْآبُ أَنَّ نَابُوتَ قَدْ مَاتَ، قَامَ لِيَنْزِلَ إِلَى كَرْمِ
نَابُوتَ الْيَزْرَعِيلِيِّ لِيَرِثَهُ. "
فى
(1) بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ = أى الحرب
مع ارام. يَزْرَعِيلِ= هى مدينة فى سهل
يزرعيل تبعد عن السامرة 32 كم وكان فيها قصر للملك وهى مدينة جميلة. وكان أخاب
مولعا بالبناء
(39:22) وفى (3) حَاشَا
لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ = دليل وجود شعب مازال يخاف الرب ويحفظ
الناموس ولا يفرط فى الميراث تطبيقا للشريعة (عد 7:36 + لا 28،27:25)
وربما
حسب نابوت أخاب كوثنى لأنه ترك عبادة الرب. لقد كان نابوت من ضمن الـ 7000
ركبة
التى لم تنحن لبعل. ونلاحظ أن الأرض فى إسرائيل تشير لنصيبنا فى السماء ومن يرفض
أن يفرط فى نصيبه فى الأرض، أرض الله كنعان يشير لكل مؤمن يرفض كل إغراء كثمن
لأورشليم السماوية أو نصيبه فى كنعان السماوية. وقد رفض نابوت فى مقابل أرضه فضة
(أموال ومجد العالم) وكرم (الكرم يشير للأفراح العالمية)( آية 2) وعلى كل منا أن
يرفض أى مال أو مجد أو شهوة عالمية وأن نلتزم بالوصايا كما إلتزم نابوت حتى لا
نخسر نصيبنا فى كنعان السماوية وفى (4) مُكْتَئِبًا
مَغْمُومًا... وَحَوَّلَ وَجْهَهُ وَلَمْ
يَأْكُلْ خُبْزًا تظهر هنا شخصية أخاب الطفولية وتسلط إمرأته عليه.
ونلاحظ أنه لم يفكر هو بنفسه فى أن يغتصب حقل نابوت ولكن كانت إيزابل هى العقل
المدبر. ونلاحظ أن شعور عدم الرضا هو مشكلة داخلية فأخاب بالرغم من كل قصوره
وحدائقه وكل ما يملك نجده فى حزن وعدم رضا وبولس فى سجنه نجده فى فرح وسلام فشعور
عدم الرضا ناشىء من الشهوات لمجد هذا العالم. والذى يفرح بحق هو من لا يشتهى شيئا
من هذا العالم ومن يكون المسيح فيه يكون كمن يملك كل شىء. ومن لا يكون المسيح فيه
يكون كأنه لا يملك شىء حتى لو إمتلك كل العالم (2 كو 10:6) وأنظر كم هى تافهة
أمجاد هذا العالم. فربما كان نابوت سعيدا لأنه يجاور الملك وربما كان يتباهى بذلك
ولكن كان هذا الجار هو سبب موته وكم نفرح بأشياء عالمية ربما تكون سببا فى هلاكنا.
وفى (8) وَخَتَمَتْهَا بِخَاتِمِهِ =
كان الملك قد سلم لها خاتمه تفعل به ما تشاء فأخاب ترك كل شىء لإيزابل فهو يخاف أن
يتخذ قرار. ولكنه يسر به حين ينفذ. وبهذا الخاتم غالبا أصدرت أمر قتل الأنبياء
ونابوت. وكانت خطة إيزابل كالآتى:-
أن يجْلَسُوا نَابُوتَ فِي رَأْسِ الشَّعْبِ = ليظهر أمام
الشعب إنهم يكرموه فلا يشك الشعب بعد ذلك أن هناك مؤامرة ضده. خصوصا أن نابوت
غالبا كان محبوبا من الشعب له مركز موقر عندهم. بالإضافة إلى أن وجود نابوت فى
مركز القضاء وسط الشيوخ بل على الرأس هذا يجعله محكوما عليه أولا إن ظهر أنه
خاطىء. نَادُوا بِصَوْمٍ = هم يصومون
إن كان هناك مصيبة إعلانا عن غضب الله. فهم نادوا بصوم وسط الشعب وقالوا إن الله
غاضب وسوف تنسكب علينا ويلاته ولابد أن نعرف سببا لهذه المصيبة وسبب غضب الله (كما
فعل البحارة مع يونان) والصوم هو لرفع غضب الله ولمعرفة السبب فى غضب الله.
ويجلسون صائمين ونابوت غير صائم فهو لا يعلم ويكشفوا للناس أنه غير مهتم بغضب
الله. وفى وسط المناقشة يشهد شاهدا زور أن نابوت جدف على الله وعلى الملك فيقول
الشيوخ الآن علمنا سبب غضب الله ويصدرون حكما برجم نابوت ولأنه جدف على الملك فهذا
يعطى الملك الحق فى أن يصادر حقل نابوت. وهم قتلوا نابوت ثم بعد ذلك قتلوا أولاده
حتى لا يكون له وارث (2 مل 26:9) قُمْ رِثْ
= ولم يسأل أخاب كيف... فهو فرح بالميراث...و هذا يكفيه.
الآيات
(17-29):- "17فَكَانَ
كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى إِيلِيَّا التِّشْبِيِّ قَائِلاً: 18«قُمِ
انْزِلْ لِلِقَاءِ أَخْآبَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي فِي السَّامِرَةِ. هُوَذَا
هُوَ فِي كَرْمِ نَابُوتَ الَّذِي نَزَلَ إِلَيْهِ لِيَرِثَهُ. 19وَكَلِّمْهُ
قَائِلاً: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَلْ قَتَلْتَ وَوَرِثْتَ أَيْضًا؟ ثُمَّ
كَلِّمهُ قَائِلاً: هكَذاَ قَالَ الرَّبُّ: فِي الْمَكَانِ الَّذِي لَحَسَتْ فِيهِ
الْكِلاَبُ دَمَ نَابُوتَ تَلْحَسُ الْكِلاَبُ دَمَكَ أَنْتَ أَيْضًا». 20فَقَالَ
أَخْآبُ لإِيلِيَّا: «هَلْ وَجَدْتَنِي يَا عَدُوِّي؟» فَقَالَ: «قَدْ وَجَدْتُكَ
لأَنَّكَ قَدْ بِعْتَ نَفْسَكَ لِعَمَلِ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. 21هأَنَذَا
أَجْلِبُ عَلَيْكَ شَرًّا، وَأُبِيدُ نَسْلَكَ، وَأَقْطَعُ لأَخْآبَ كُلَّ بَائِلٍ
بِحَائِطٍ وَمَحْجُوزٍ وَمُطْلَق فِي إِسْرَائِيلَ. 22وَأَجْعَلُ
بَيْتَكَ كَبَيْتِ يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ، وَكَبَيْتِ بَعْشَا بْنِ أَخِيَّا،
لأَجْلِ الإِغَاظَةِ الَّتِي أَغَظْتَنِي، وَلِجَعْلِكَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ». 23وَتَكَلَّمَ
الرَّبُّ عَنْ إِيزَابَلَ أَيْضًا قَائِلاً: «إِنَّ الْكِلاَبَ تَأْكُلُ
إِيزَابَلَ عِنْدَ مِتْرَسَةِ يَزْرَعِيلَ. 24مَنْ مَاتَ لأَخْآبَ فِي
الْمَدِينَةِ تَأْكُلُهُ الْكِلاَبُ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْحَقْلِ تَأْكُلُهُ
طُيُورُ السَّمَاءِ». 25وَلَمْ يَكُنْ كَأَخْآبَ الَّذِي بَاعَ
نَفْسَهُ لِعَمَلِ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، الَّذِي أَغْوَتْهُ إِيزَابَلُ
امْرَأَتُهُ. 26وَرَجِسَ جِدًّا بِذَهَابِهِ وَرَاءَ الأَصْنَامِ
حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَ الأَمُورِيُّونَ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ
أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 27وَلَمَّا سَمِعَ أَخْآبُ هذَا
الْكَلاَمَ، شَقَّ ثِيَابَهُ وَجَعَلَ مِسْحًا عَلَى جَسَدِهِ، وَصَامَ
وَاضْطَجَعَ بِالْمِسْحِ وَمَشَى بِسُكُوتٍ. 28فَكَانَ كَلاَمُ
الرَّبِّ إِلَى إِيلِيَّا التِّشْبِيِّ قَائِلاً: 29«هَلْ رَأَيْتَ
كَيْفَ اتَّضَعَ أَخْآبُ أَمَامِي؟ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ اتَّضَعَ أَمَامِي
لاَ أَجْلِبُ الشَّرَّ فِي أَيَّامِهِ، بَلْ فِي أَيَّامِ ابْنِهِ أَجْلِبُ
الشَّرَّ عَلَى بَيْتِهِ»."
فى
أمر بنهدد يرسل الله لأخاب أنبياء مجهولين ولكن فى أمر نابوت يرسل إيليا النبى
العظيم!! فالله يهتم بظلم المساكين أكثر من الإنتصارات فى الحروب. الذى فى السامرة
ونلاحظ أن إيليا ذهب له فى يزرعيل لأنه كان هناك = هُوَذَا
هُوَ فِي كَرْمِ نَابُوتَ = فلماذا قال الله " الَّذِي فِي السَّامِرَةِ " لأن قصره فى
السامرة وهى عاصمة ملكه. وكأن الله لا يريد أن يقول ملك إسرائيل وإسرائيل شعبه
وهذا الملك لا يستحق أن يكون ملكا على شعبه
هَلْ قَتَلْتَ وَوَرِثْتَ = هى مسئوليته
فهو وافق على ما صنعته إيزابل ولم يسأل كيف ورث. تَلْحَسُ
الْكِلاَبُ دَمَكَ = ياهو قتل إبن أخاب (2 مل 24:9-26) وفى (1 مل 38:22)
غسلت مركبة أخاب فى بركة السامرة ولحست الكلاب دمه حسب كلام الرب وتمت النبوة فى
أخاب من جهة لحس الكلاب لدمه وفى إبنه من جهة المكان. وهناك رأى بأن بركة السامرة
هى بركة إسمها هكذا لكنها موجودة فى يزرعيل حيث قتل نابوت فتكون النبوة قد تحققت
حتى فى المكان. ولاحظ قول أخاب لإيليا هَلْ
وَجَدْتَنِي يَا عَدُوِّي = فمن يسير فى طريق الشر يصبح رجال الله له
أعداء بل هو يصير غير محتملا لكلمة الله. (هكذا اللص يجد رجال الشرطة أعداء له)
وربما هو إستيقظ ضميره فجأة. لأننا نجده وقد شَقَّ
ثِيَابَهُ = وعجيب هو الله فى رحمته فالله كما يرى الشرور وتحزنه جدا
يفرح بالتوبة جدا. ونرى الله يفرح بتوية أخاب ولكن يبدو أن توبته كانت مجرد خوف
ولم تكن توبة حقيقية. ودليل ذلك أنه مثلا لم يترك الكرم لورثة نابوت ولم يترك
عبادة البعل. ونلاحظ عقوبة أخاب أنه كما قتل نابوت وأولاده قتل هو وأولاده. والذى
قتل أولاده ياهو أحد قادته الذى غالبا قد رافقه وهو يتسلم كرم نابوت (2 مل 25:9)
ولنلاحظ أن الإهانات التى توجه للجسد(لحس الكلاب لدمه) إنما هى إشارة للعذاب الذى
ستلاقيه الروح بعد ذلك.