الآيات
(1-7):- "1وَكَانَ
نُعْمَانُ رَئِيسُ جَيْشِ مَلِكِ أَرَامَ رَجُلاً عَظِيمًا عِنْدَ سَيِّدِهِ
مَرْفُوعَ الْوَجْهِ، لأَنَّهُ عَنْ يَدِهِ أَعْطَى الرَّبُّ خَلاَصًا لأَرَامَ.
وَكَانَ الرَّجُلُ جَبَّارَ بَأْسٍ، أَبْرَصَ. 2وَكَانَ الأَرَامِيُّونَ
قَدْ خَرَجُوا غُزَاةً فَسَبَوْا مِنْ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ فَتَاةً صَغِيرَةً،
فَكَانَتْ بَيْنَ يَدَيِ امْرَأَةِ نُعْمَانَ. 3فَقَالَتْ
لِمَوْلاَتِهَا: «يَا لَيْتَ سَيِّدِي أَمَامَ النَّبِيِّ الَّذِي فِي
السَّامِرَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَشْفِيهِ مِنْ بَرَصِهِ». 4فَدَخَلَ
وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ قَائِلاً: «كَذَا وَكَذَا قَالَتِ الْجَارِيَةُ الَّتِي مِنْ
أَرْضِ إِسْرَائِيلَ». 5فَقَالَ مَلِكُ أَرَامَ: «انْطَلِقْ ذَاهِبًا،
فَأُرْسِلَ كِتَابًا إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ». فَذَهَبَ وَأَخَذَ بِيَدِهِ
عَشَرَ وَزَنَاتٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَسِتَّةَ آلاَفِ شَاقِل مِنَ الذَّهَبِ،
وَعَشَرَ حُلَل مِنَ الثِّيَابِ. 6وَأَتَى بِالْكِتَابِ إِلَى مَلِكِ
إِسْرَائِيلَ يَقُولُ فِيهِ: «فَالآنَ عِنْدَ وُصُولِ هذَا الْكِتَابِ إِلَيْكَ،
هُوَذَا قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ نُعْمَانَ عَبْدِي فَاشْفِهِ مِنْ بَرَصِهِ». 7فَلَمَّا
قَرَأَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَقَالَ: «هَلْ أَنَا
اللهُ لِكَيْ أُمِيتَ وَأُحْيِيَ، حَتَّى إِنَّ هذَا يُرْسِلُ إِلَيَّ أَنْ
أَشْفِيَ رَجُلاً مِنْ بَرَصِهِ؟ فَاعْلَمُوا وَانْظُرُوا أَنَّهُ إِنَّمَا
يَتَعَرَّضُ لِي»."
9- إبراء نعمان من برصه
هذه
القصة حدثت غالبا فى أواخر أيام إليشع وغالبا كان هذا فى أيام ياهو الملك (بعد
إصحاحات 7،6).
(أى بعد الأحداث
التى وقعت فيها) و مَلِكِ أَرَامَ =
غالبا هو بنهدد. مَرْفُوعَ الْوَجْهِ =
رفعه الملك وكرمه. أَعْطَى الرَّبُّ خَلاَصًا
لأَرَامَ = أى إنتصارا فى حروبها ضد أعدائها ولا يعقل أن يقال هذا إذ
كان العدو هو إسرائيل فيكون معنى الكلام عدوا آخر غالبا هو أشور. أَبْرَصَ = كان اليهود بحسب الناموس يعزلون
البرص من الحياة العامة ولكن بالنسبة للأراميين فلا مانع عندهم من ذلك. النَّبِيِّ الَّذِي فِي السَّامِرَةِ = كان
إليشع له بيت معروف ومكانه معروف ومشهورا وسط الشعب وليس مثل إيليا. فَإِنَّهُ كَانَ يَشْفِيهِ لاحظ أن فتاة صغيرة
أسيرة شهدت لله. وسنرى الآن الملك على كرسيه فى خزى ممزق الملابس فالله قادر أن
يعمل ويحول الصغار لشهود له. والله الذى سمح بغزوة أرام لإسرائيل لخطاياهم تأديبا
لهم سمح لهذه الفتاة البريئة أن تسقط فى أيديهم أسيرة ولكن نجد الله قد حماها
وتعهدها فى أرض السبى بل إستخدمها فى البشارة فكل الأمور تعمل معاً للخير.
ولكن
من المؤكد أن أهل هذه البنت علموها أمور دينها وهى صغيرة وكان هذا سببا فى خلاص
عظيم. فى (4). فَدَخَلَ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ =
دخل نعمان وأخبر سيده الملك بما قالته الفتاة وفى (5) نجد ملك أرام يرسل خطابا
لملك إسرائيل وهذا يشير لعلاقات ودية بينهما فى هذه الفترة. ولكن يبدو أن ملك
إسرائيل كان قد نسى إليشع أو هو لم يصدق أن يصنع معجزة كهذه لذلك ظن أن ملك أرام
يخطط لغزو إسرائيل ويطلب شيئا صعبا كشفاء نعمان حتى أنه حين يفشل فى علاجه يعلن
الحرب عليه لذلك مَزَّقَ ثِيَابَهُ.
ونلاحظ أن نعمان وملك أرام لم يخطئوا بأن يرسلوا لإستدعاء إليشع بل أعطوا كرامة
للنبى بذهاب نعمان بنفسه وفى هيئة رسمية وذهبوا لملك إسرائيل أولا ثم ذهبوا للنبى
فى مكانه وهم لم يذهبوا فارغين بل ومعهم هدايا. ونلاحظ أن شفاء نعمان رمز لشفاء
الأمم وهذه الفتاة الصغيرة التى نشرت الإيمان بعد أن تشتت الشعب إلى إرام تشير
لتشتت المسيحيين من أورشليم ونشرهم المسيحية (أع4:8).
الآيات
(8-14):- "8وَلَمَّا
سَمِعَ أَلِيشَعُ رَجُلُ اللهِ أَنَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ قَدْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ،
أَرْسَلَ إِلَى الْمَلِكِ يَقُولُ: «لِمَاذَا مَزَّقْتَ ثِيَابَكَ؟ لِيَأْتِ
إِلَيَّ فَيَعْلَمَ أَنَّهُ يُوجَدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ». 9فَجَاءَ
نُعْمَانُ بِخَيْلِهِ وَمَرْكَبَاتِهِ وَوَقَفَ عِنْدَ بَابِ بَيْتِ أَلِيشَعَ. 10فَأَرْسَلَ
إِلَيْهِ أَلِيشَعُ رَسُولاً يَقُولُ: «اذْهَبْ وَاغْتَسِلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي
الأُرْدُنِّ، فَيَرْجعَ لَحْمُكَ إِلَيْكَ وَتَطْهُرَ». 11فَغَضِبَ
نُعْمَانُ وَمَضَى وَقَالَ: «هُوَذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَخْرُجُ إِلَيَّ، وَيَقِفُ
وَيَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِهِ، وَيُرَدِّدُ يَدَهُ فَوْقَ الْمَوْضِعِ
فَيَشْفِي الأَبْرَصَ. 12أَلَيْسَ أَبَانَةُ وَفَرْفَرُ نَهْرَا
دِمَشْقَ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ مِيَاهِ إِسْرَائِيلَ؟ أَمَا كُنْتُ أَغْتَسِلُ
بِهِمَا فَأَطْهُرَ؟» وَرَجَعَ وَمَضَى بِغَيْظٍ. 13فَتَقَدَّمَ
عَبِيدُهُ وَكَلَّمُوهُ وَقَالُوا: «يَا أَبَانَا، لَوْ قَالَ لَكَ النَّبِيُّ
أَمْرًا عَظِيمًا، أَمَا كُنْتَ تَعْمَلُهُ؟ فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِذْ قَالَ لَكَ:
اغْتَسِلْ وَاطْهُرْ؟». 14فَنَزَلَ وَغَطَسَ فِي الأُرْدُنِّ سَبْعَ
مَرَّاتٍ، حَسَبَ قَوْلِ رَجُلِ اللهِ، فَرَجَعَ لَحْمُهُ كَلَحْمِ صَبِيٍّ
صَغِيرٍ وَطَهُرَ. "
سَبْعَ مَرَّاتٍ = رقم كامل ومقدس. فَغَضِبَ نُعْمَانُ = بعد أن ترك قصر الملك ذهب
ووقف بباب النبى وظن هذا تنازلا كبيرا منه خصوصا أن إليشع لم يخرج لإستقباله ولكن
غالبا إليشع لم يخرج ليس بسبب الكبرياء لكن هو أراد أن يظهر له أن الذى يشفيه هو
الله وليس إليشع فنعمان إنتظر ممارسات سحرية مثلما يفعل كهنة بلاده وأن يضع إليشع
يده على موضع المرض ولكن إليشع أراه أن الله هو مصدر النعمة. بالإضافة إلى أن
نعمان بحكم مركزه فهو رجل متكبر ولكى يحصل على نعمة من الله يجب أن يتواضع وتنكسر
كبرياؤه وهو فعلا رجع ووقف بتواضع أمام النبى فقد شفى من كبريائه. وَنَهْر أَبَانَةُ
= هو نهر بردى الحالى وهو يمر وسط دمشق وَفَرْفَرُ
= غالبا هو نهر الأعرج الذى يخرج من جبل الشيخ وهما أنهار كبيرة
بالمقارنة بنهر الأردن. وقد أظهر نعمان طاعة فى أنه إستجاب لتعليمات إليشع. ومن
الناحية الرمزية:-
فالبرص
يشير للخطية والإغتسال فى الأردن يشير للتطهير من الخطية فى المعمودية. ولقد تشكك
نعمان من الشفاء بهذا الأسلوب السهل والمعمودية فى منتهى السهولة فتغطيس المعمد فى
ماء المعمودية يشفى من برص الخطايا الأصلية والتى صنعها الإنسان. وهكذا التوبة
والإعتراف ويسمي المعمودية الثانية. وهو خلاص مجانى لكل من يريده لذلك رفض إليشع
الهدية والمعمودية تعطى ولادة جديدة... لاحظ قول إليشع فَيَرْجعَ لَحْمُكَ إِلَيْكَ وَتَطْهُرَ آية (10).إن أنهار
دمشق بعظمتها التى تسقى أرض شعوب وثنية أقصى ما تستطيعه هو تنظيف الجسد أما نهر
الأردن الذى يسقى أرض الله يشفى البرص. وكان أمر الله أن يغتسل نعمان فيه.
الآيات
(15-19):- "15فَرَجَعَ إِلَى رَجُلِ اللهِ هُوَ
وَكُلُّ جَيْشِهِ وَدَخَلَ وَوَقَفَ أَمَامَهُ وَقَالَ: «هُوَذَا قَدْ عَرَفْتُ
أَنَّهُ لَيْسَ إِلهٌ فِي كُلِّ الأَرْضِ إِلاَّ فِي إِسْرَائِيلَ، وَالآنَ فَخُذْ
بَرَكَةً مِنْ عَبْدِكَ». 16فَقَالَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي
أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ، إِنِّي لاَ آخُذُ». وَأَلَحَّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ
فَأَبَى. 17فَقَالَ نُعْمَانُ: «أَمَا يُعْطَى لِعَبْدِكَ حِمْلُ
بَغْلَيْنِ مِنَ التُّرَابِ، لأَنَّهُ لاَ يُقَرِّبُ بَعْدُ عَبْدُكَ مُحْرَقَةً وَلاَ
ذَبِيحَةً لآلِهَةٍ أُخْرَى بَلْ لِلرَّبِّ. 18عَنْ هذَا الأَمْرِ
يَصْفَحُ الرَّبُّ لِعَبْدِكَ: عِنْدَ دُخُولِ سَيِّدِي إِلَى بَيْتِ رِمُّونَ
لِيَسْجُدَ هُنَاكَ، وَيَسْتَنِدُ عَلَى يَدِي فَأَسْجُدُ فِي بَيْتِ رِمُّونَ،
فَعِنْدَ سُجُودِي فِي بَيْتِ رِمُّونَ يَصْفَحُ الرَّبُّ لِعَبْدِكَ عَنْ هذَا
الأَمْرِ». 19فَقَالَ لَهُ: «امْضِ بِسَلاَمٍ». وَلَمَّا مَضَى مِنْ
عِنْدِهِ مَسَافَةً مِنَ الأَرْضِ،"
هنا
نرى نعمان الذى تطهر ليس فقط من البرص بل من وثنيته:-
1.
رجوعه إلى إليشع
(آية 15). هُوَذَا قَدْ عَرَفْتُ
أَنَّهُ لَيْسَ إِلهٌ فِي كُلِّ الأَرْضِ إِلاَّ فِي إِسْرَائِيلَ. هو آمن بالله
فالإغتسال فتح عينيه مثلما فتح الإغتسال فى بركة سلوام عينى المولود أعمى فآمن
بالمسيح أنه إبن الله. لقد أعطاه الإغتسال إستنارة (سر المعمودية).
2.
هو عاد كل
المسافة من الأردن إلى الكرمل حيث إليشع ليقدم الشكر = وَالآنَ فَخُذْ بَرَكَةً أى خذ الهدية
فأتبارك أنا. هنا هو يشبه الأبرص الذى عاد من وسط 10 برص شفاهم المسيح (لو
12:17-19). وفى مثل السيد المسيح كان الذى عاد سامريا غريب الجنس مثل نعمان
وبرجوعه للمسيح حصل هذا السامرى على الخلاص..." إيمانك خلصك" وهكذا
نعمان.
3.
رفض نعمان أن
يقدم ذبائح لإله آخر غير يهوة بل سيصنع مذبحا من تراب إسرائيل ليقدم ذبائح ليهوه
عليه. لذلك يطلب حِمْلُ
بَغْلَيْنِ مِنَ التُّرَابِ لأنه إعتبر أن
أرض إسرائيل أرض الرب هى أرض مقدسة فهذا الذى إحتقر الأردن هو الآن يقدس تراب
إسرائيل.
4.
نجد لنعمان هنا
ضعفة إيمانية آية (18) فهو يطلب إستثناء من إليشع أنه عند عودته لدمشق فهو كرئيس
للجيش يجب عليه أن يقدم سجودا لآلهة أرام فى بيت رمون وهو يرى أنه غير قادر على
المجاهرة بأنه سيمتنع عن ذلك. ونجد إليشع بحكمة يقول له امْضِ بِسَلاَمٍ فهو ترك له حرية القرار
حينما رآه مترددا فهو لا يستطيع أن يوافقه على عبادة وثنية وبعد أن أعلن إيمانه
بالله ولا يستطيع إرغامه كقائد جيش وحديث الإيمان بالله أن يتغير تغييرا فجائيا.
بل إليشع ترك التغيير لله مع الوقت. وهل نلوم نعمان على هذه الضعفة ولا نلوم
إسرائيل الذى يعبد الله والبعل.
5.
رفض إليشع للهدية
درس لهذا المؤمن الجديد بأن أولاد الله يحتقرون ماديات العالم ويظهر له أن الشفاء
هو من إله إسرائيل وهو مجانى
الآيات (20-27):- "20قَالَ جِيحْزِي غُلاَمُ أَلِيشَعَ رَجُلِ اللهِ: «هُوَذَا
سَيِّدِي قَدِ امْتَنَعَ عَنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ يَدِ نُعْمَانَ الأَرَامِيِّ
هذَا مَا أَحْضَرَهُ. حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنِّي أَجْرِي وَرَاءَهُ وَآخُذُ
مِنْهُ شَيْئًا». 21فَسَارَ جِيحْزِي وَرَاءَ نُعْمَانَ. وَلَمَّا
رَآهُ نُعْمَانُ رَاكِضًا وَرَاءَهُ نَزَلَ عَنِ الْمَرْكَبَةِ لِلِقَائِهِ
وَقَالَ: «أَسَلاَمٌ؟». 22فَقَالَ: «سَلاَمٌ. إِنَّ سَيِّدِي قَدْ
أَرْسَلَنِي قَائِلاً: هُوَذَا فِي هذَا الْوَقْتِ قَدْ جَاءَ إِلَيَّ غُلاَمَانِ
مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ مِنْ بَنِي الأَنْبِيَاءِ، فَأَعْطِهِمَا وَزْنَةَ
فِضَّةٍ وَحُلَّتَيْ ثِيَابٍ». 23فَقَالَ نُعْمَانُ: «اقْبَلْ وَخُذْ
وَزْنَتَيْنِ». وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، وَصَرَّ وَزْنَتَيْ فِضَّةٍ فِي كِيسَيْنِ،
وَحُلَّتَيِ الثِّيَابِ، وَدَفَعَهَا لِغُلاَمَيْهِ فَحَمَلاَهَا قُدَّامَهُ. 24وَلَمَّا
وَصَلَ إِلَى الأَكَمَةِ أَخَذَهَا مِنْ أَيْدِيهِمَا وَأَوْدَعَهَا فِي الْبَيْتِ
وَأَطْلَقَ الرَّجُلَيْنِ فَانْطَلَقَا. 25وَأَمَّا هُوَ فَدَخَلَ
وَوَقَفَ أَمَامَ سَيِّدِهِ. فَقَالَ لَهُ أَلِيشَعُ: «مِنْ أَيْنَ يَا جِيحْزِي؟»
فَقَالَ: «لَمْ يَذْهَبْ عَبْدُكَ إِلَى هُنَا أَوْ هُنَاكَ». 26فَقَالَ
لَهُ: «أَلَمْ يَذْهَبْ قَلْبِي حِينَ رَجَعَ الرَّجُلُ مِنْ مَرْكَبَتِهِ
لِلِقَائِكَ؟ أَهُوَ وَقْتٌ لأَخْذِ الْفِضَّةِ وَلأَخْذِ ثِيَابٍ وَزَيْتُونٍ
وَكُرُومٍ وَغَنَمٍ وَبَقَرٍ وَعَبِيدٍ وَجَوَارٍ؟ 27فَبَرَصُ
نُعْمَانَ يَلْصَقُ بِكَ وَبِنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ». فَخَرَجَ مِنْ أَمَامِهِ
أَبْرَصَ كَالثَّلْجِ. "
لاحظ
أن جيحزى يحلف بإسم الرب وهو ينوى الكذب والخيانة = حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وفى (21) نَزَلَ عَنِ الْمَرْكَبَةِ = أعطاه نعمان
هذا التكريم لأنه تلميذ إليشع ولكن تلميذ إليشع هذا خدعه. وفى (26) أَلَمْ يَذْهَبْ قَلْبِي... = الله أعلم
إليشع بما حدث فكأنه رأى وسمع ما فعله جيحزى. أَهُوَ وَقْتٌ = بل هو وقت
كرازة بالله وسط الأراميين الوثنين هذا هو الفارق بين الخادم الحقيقى الذى يهتم
بخلاص النفوس وبين الخادم الذى يهتم بمكسبه المادى أولا. لأَخْذِ الْفِضَّةِ وَالثِيَابٍ = وهذه أخذها. وَزَيْتُونٍ وَكُرُومٍ.... هذه التى كانت
نيته متجهة لشرائها بوزنتى الفضة، لقد رأى إليشع ما فى قلب جيحزى. وفى (27) فَبَرَصُ = هو إشتهى ما
لنعمان فأخذ أيضا برصه. عجيب أن جيحزى تلميذ إليشع يكون بهذه الصورة عوضا عن أن
يكون قديسا بينما أن رجال نعمان الوثنيين كانت مشورتهم صالحة وكانوا أفضل منه
كثيرا. نعمان هذا يشير لقبول الأمم للمسيح بينما جيحزى هذا يشير لليهود الذين
رفضوا المسيح فلصقت بهم خطيتهم فهم لم يستفيدوا من إمكانيات دم المسيح. وكان
اليهود من خاصة المسيح من شعبه ومن لحمه وعظامه ورفضوه كما أن جيحزى كان خادم
إليشع الملتصق به ولم يستفد من قداسته. وخطايا جيحزى متعددة:-
1.
محبته للمال
ومحبة المال أصل كل الشرور.
2.
أدان معلمه النبى
العظيم داخل قلبه وحسبه أخطأ إذ رفض الهدية فهو حسب نفسه أحكم من معلمه.
3.
حسد هذا الأممى
الغريب إذ حصل على هذه النعمة مجانا.
4.
وسارق إذ أخذ
الهدية التى كان يجب أن يعطيها لسيده.
5.
شوه صورة سيده
أمام الغرباء فهو أظهر صورته كمن ندم على كرمه وكان هذا كفيلا بأن يرتد نعمان عن
إيمانه.
أخفى
ما أخذه وكذب على إليشع وكثرة الخطايا سببت له عمى فهو لم يدرك أن إليشع الذى يعلم
كل شىء قادر أن يكشف خداعه. وهذه الحقيقة أن إليشع قادر أن يعرف كل شىء أدركها حتى
الأعداء (2 مل 12:6) فهذه الحقيقة عرفها الوثنيين لكن لم يدركها جيحزى لجشعه.
فالخطايا والأغراض الخبيثة داخل القلب تسبب عمى القلب عن إدراك ما يدركه أبسط
الناس بل أن حتى كذبته كانت ساذجة فهل غلامان من بنى الأنبياء يحتاجان وزنة من
الفضة (3000 شاقل وثمن العبد 30 شاقل) بسبب كل هذا وقع عليه عقاب شديد كما حدث مع
حنانيا وسفيرة اللذان كذبا على الروح القدس هو كسب وزنتى فضة ولكنه خسر صحته
وكرامته وسمعته وربما خلاص نفسه، وإلتصاق البرص به وببيته للأبد وهذا ما دعى بعض
المفسرين أن يقولوا أن عائلته قد إنقرضت سريعا.