نجد
فى الإصحاحين 29،28 خطاب داود الأخير لشعبه وصلاتهُ. وهو ختام موافق لحياة داود
الذى ملك 40 سنة ونظم المملكة ونجاها من أعدائها ومجدها ونظم خدمة العبادة والتسبيح
لشعب اليهود، بل وللكنيسة المسيحية التى ترتل مزامير داود دائماً فى كل صلواتها.
وهنا فى أواخرحياته نجده لا يمجد ذاته بل يشهد أن الله هو الذى أنجح عملهُ وأن
ثبات المملكة ونجاحها يكونان فى الثبات على وصايا الله وتعاليمه. بل نجد الملك
العظيم يعترف أن الله هو الذى رفعه من حالة الذل إلى المجد ببركته ونعمته.
الآيات
(1-8):- "1وَجَمَعَ
دَاوُدُ كُلَّ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ، رُؤَسَاءَ الأَسْبَاطِ وَرُؤَسَاءَ
الْفِرَقِ الْخَادِمِينَ الْمَلِكَ، وَرُؤَسَاءَ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءَ
الْمِئَاتِ، وَرُؤَسَاءَ كُلِّ الأَمْوَالِ وَالأَمْلاَكِ الَّتِي لِلْمَلِكِ
وَلِبَنِيهِ، مَعَ الْخِصْيَانِ وَالأَبْطَالِ وَكُلِّ جَبَابِرَةِ الْبَأْسِ،
إِلَى أُورُشَلِيمَ. 2وَوَقَفَ دَاوُدُ الْمَلِكُ عَلَى رِجْلَيْهِ
وَقَالَ: «اِسْمَعُونِي يَا إِخْوَتِي وَشَعْبِي. كَانَ فِي قَلْبِي أَنْ أَبْنِيَ
بَيْتَ قَرَارٍ لِتَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِمَوْطِئِ قَدَمَيْ إِلهِنَا،
وَقَدْ هَيَّأْتُ لِلْبِنَاءِ. 3وَلكِنَّ اللهَ قَالَ لِي: لاَ تَبْنِي
بَيْتًا لاسْمِي لأَنَّكَ أَنْتَ رَجُلُ حُرُوبٍ وَقَدْ سَفَكْتَ دَمًا. 4وَقَدِ
اخْتَارَنِي الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ مِنْ كُلِّ بَيْتِ أَبِي لأَكُونَ
مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّهُ إِنَّمَا اخْتَارَ يَهُوذَا
رَئِيسًا، وَمِنْ بَيْتِ يَهُوذَا بَيْتَ أَبِي، وَمِنْ بَنِي أَبِي سُرَّ بِي
لِيُمَلِّكَنِي عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. 5وَمِنْ كُلِّ بَنِيَّ،
لأَنَّ الرَّبَّ أَعْطَانِي بَنِينَ كَثِيرِينَ، إِنَّماَ اخْتَارَ سُلَيْمَانَ
ابْنِي لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّ مَمْلَكَةِ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ. 6وَقَالَ
لِي: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكَ هُوَ يَبْنِي بَيْتِي وَدِيَارِي، لأَنِّي
اخْتَرْتُهُ لِي ابْنًا، وَأَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا، 7وَأُثَبِّتُ
مَمْلَكَتَهُ إِلَى الأَبَدِ إِذَا تَشَدَّدَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ وَصَايَايَ
وَأَحْكَامِي كَهذَا الْيَوْمِ. 8وَالآنَ فِي أَعْيُنِ كُلِّ
إِسْرَائِيلَ مَحْفَلِ الرَّبِّ، وَفِي سَمَاعِ إِلهِنَا، احْفَظُوا وَاطْلُبُوا
جَمِيعَ وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمْ لِكَيْ تَرِثُوا الأَرْضَ الْجَيِّدَةَ
وَتُوَرِّثُوهَا لأَوْلاَدِكُمْ بَعْدَكُمْ إِلَى الأَبَدِ. "
ونجد
أن داود جمع عظماء مملكته من رؤساء الخدمة العسكرية والمدنية ليقبلوا وصاياه
الأخيرة بشأن بناء الهيكل والخلافة ومستقبل المملكة ولتجديد عهودهم مع الرب.
الخصيان = هذه أول مرة تذكر هذه الكلمة فى
البلاط الملكى العبرى. وكان ملوك الأمم يستخدمون خصياناً للخدمة فى بيوت النساء
وربما نقلت الكلمة كمجرد كلمة نقلاً عن ملوك الأمم بمعنى وظيفة كبيرة لدى الملك
ولكن إن كان هذا قد حدث فعلاً وأساءوا إلى بعض الرجال ليخدموا النساء كما يفعل
الأمم فيكون هذا تقليداً لعادة سيئة لدى الأمم. وفى آية (2) ووقف داود = من حق الملك أن يتكلم وهو جالس ولكن
هذه المناسبة مناسبة عظيمة وهو وقف لأنه شعر إنما هو واقف أمام الرب الذى يوصيهم
أمامه ويتعهدون امامهُ يا إخوتى وشعبى = هذا تواضع كبير من الملك. كان فى قلبى = فهذه كانت شهوته وقصدهُ.
بيت قرا ر = أى بيت
إستقرار لأن التابوت كان يتنقل فى البرية ثم داخل إسرائيل موطىء قدمى إلهنا = لأن السماء عرش مجده، ولكنه قَبِل
أن يظهر مجده وسط البشر ويحل وسطهم وفى آية (6) قصد داود أن يثبت للعظماء أن الرب
قد عين سليمان ملكاً كما سبق وعين داود.
آية
(7) مواعيد الله ستكون لسليمان لو إتبع وصايا الله.
الآيات
(9-10):- "9وَأَنْتَ
يَا سُلَيْمَانُ ابْنِي، اعْرِفْ إِلهَ أَبِيكَ وَاعْبُدْهُ بِقَلْبٍ كَامِل
وَنَفْسٍ رَاغِبَةٍ، لأَنَّ الرَّبَّ يَفْحَصُ جَمِيعَ الْقُلُوبِ، وَيَفْهَمُ
كُلَّ تَصَوُّرَاتِ الأَفْكَارِ. فَإِذَا طَلَبْتَهُ يُوجَدُ مِنْكَ، وَإِذَا
تَرَكْتَهُ يَرْفُضُكَ إِلَى الأَبَدِ. 10اُنْظُرِ الآنَ لأَنَّ
الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَكَ لِتَبْنِيَ بَيْتًا لِلْمَقْدِسِ، فَتَشَدَّدْ
وَاعْمَلْ»."
إعرف إله أبيك = الذى أنعم على أبيك بالكثير، والذى
اطاعهُ أبيك فكن مثل أبيك وإعرف الله بقلبك معرفة مقترنة بالطاعة فى محبة.
الآيات
(11-19):- "11وَأَعْطَى
دَاوُدُ سُلَيْمَانَ ابْنَهُ مِثَالَ الرِّوَاقِ وَبُيُوتِهِ وَخَزَائِنِهِ
وَعَلاَلِيِّهِ
وَمَخَادِعِهِ الدَّاخِلِيَّةِ وَبَيْتِ الْغِطَاءِ، 12وَمِثَالَ
كُلِّ مَا كَانَ عِنْدَهُ بِالرُّوحِ لِدِيَارِ بَيْتِ الرَّبِّ وَلِجَمِيعِ
الْمَخَادِعِ حَوَالَيْهِ، وَلِخَزَائِنِ بَيْتِ اللهِ وَخَزَائِنِ الأَقْدَاسِ، 13وَلِفِرَقِ
الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ، وَلِكُلِّ عَمَلِ خِدْمَةِ بَيْتِ الرَّبِّ،
وَلِكُلِّ آنِيَةِ خِدْمَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. 14فَمِنَ الذَّهَبِ
بِالْوَزْنِ لِمَا هُوَ مِنْ ذَهَبٍ، لِكُلِّ آنِيَةِ خِدْمَةٍ فَخِدْمَةٍ،
وَلِجَمِيعِ آنِيَةِ الْفِضَّةِ فِضَّةً بِالْوَزْنِ، لِكُلِّ آنِيَةِ خِدْمَةٍ
فَخِدْمَةٍ. 15وَبِالْوَزْنِ لِمَنَائِرِ الذَّهَبِ وَسُرُجِهَا مِنْ
ذَهَبٍ بِالْوَزْنِ لِكُلِّ مَنَارَةٍ فَمَنَارَةٍ وَسُرُجِهَا، وَلِمَنَائِرِ
الْفِضَّةِ بِالْوَزْنِ لِكُلِّ مَنَارَةٍ وَسُرُجِهَا حَسَبَ خِدْمَةِ مَنَارَةٍ
فَمَنَارَةٍ. 16وَذَهَبًا بِالْوَزْنِ لِمَوَائِدِ خُبْزِ الْوُجُوهِ
لِكُلِّ مَائِدَةٍ فَمَائِدَةٍ، وَفِضَّةً لِمَوَائِدِ الْفِضَّةِ. 17وَذَهَبًا
خَالِصًا لِلْمَنَاشِلِ وَالْمَنَاضِحِ وَالْكُؤُوسِ. وَلأَقْدَاحِ الذَّهَبِ
بِالْوَزْنِ لِقَدَحٍ فَقَدَحٍ، وَلأَقْدَاحِ الْفِضَّةِ بِالْوَزْنِ لِقَدَحٍ
فَقَدَحٍ. 18وَلِمَذْبَحِ الْبَخُورِ ذَهَبًا مُصَفًّى بِالْوَزْنِ،
وَذَهَبًا لِمِثَالِ مَرْكَبَةِ الْكَرُوبِيمِ الْبَاسِطَةِ أَجْنِحَتَهَا
الْمُظَلِّلَةِ تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ. 19«قَدْ أَفْهَمَنِي الرَّبُّ
كُلَّ ذلِكَ بِالْكِتَابَةِ بِيَدِهِ عَلَيَّ، أَيْ كُلَّ أَشْغَالِ الْمِثَالِ»."
نجد
أن داود أعطى مثال الهيكل لسليمان.. وداود كان قد أخذهُ بالروح من الله كما أخذ
موسى رسم المسكن (خر 9،8:25) وفى (11) وبيوته
= أى بيوت الهيكل.
وفى
(19) رسم الهيكل بإرشاد الرب والهامه ككتبة الأسفار المقدسة فإنهم كتبوها بأيديهم
ورتبوها كل واحد بحسب تفكيره وشخصيته وفلسفته واما مضمونها فمن الله بالوحى.
والهيكل يرمز للمسيح. والكتاب المقدس هو الذى نرى فيه صورة المسيح. والكنيسة
بطقوسها التى تركها المسيح لتلاميذه كما فعل داود هنا نرى فيها صورة المسيح.
الآيات
(20-21):- "20وَقَالَ
دَاوُدُ لِسُلَيْمَانَ ابْنِهِ: «تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ وَاعْمَلْ. لاَ تَخَفْ
وَلاَ تَرْتَعِبْ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ إِلهِي مَعَكَ. لاَ يَخْذُلُكَ وَلاَ
يَتْرُكُكَ حَتَّى تُكَمِّلَ كُلَّ عَمَلِ خِدْمَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. 21وَهُوَذَا
فِرَقُ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ لِكُلِّ خِدْمَةِ، بَيْتِ اللهِ. وَمَعَكَ
فِي كُلِّ عَمَل كُلُّ نَبِيهٍ بِحِكْمَةٍ لِكُلِّ خِدْمَةٍ، وَالرُّؤَسَاءُ
وَكُلُّ الشَّعْبِ تَحْتَ كُلِّ أَوَامِرِكَ»."
تشدد وتشجع = لأن سليمان كان إبن 20 سنة وكان
أمامهُ عمل عظيم ولكن معنى تشجيع داود لإبنه أن سليمان لن يقوم بالعمل وحده فالله
معهُ وسيسنده بنعمته.