في
النسخة السبعينية نجد المزموران (9،10) كلاهما عبارة عن مزمور واحد هو رقم (9)
وهناك أسباب كثيرة تؤكد وحدة المزمورين:
1.
ثمة نسق هجائي
عبراني، أو تركيب لغوي (ألفا بيتا) ممتد في المزمورين.
2.
لا يوجد عنوان
للمزمور العاشر، وهذا يؤكد أنه امتداد للمزمور التاسع.
3.
استمرارية
الأفكار فمزمور (9) يتكلم عن الأعداء الخارجين ومزمور (10) يتكلم عن الأعداء
الداخليين الذين يظلمون المساكين. ولكن كلاهما يتكلم عن أزمنة الضيق.
غالباً
فداود رنم هذا المزمور بعد انتصاره في إحدى معاركه ضد أعداء شعبه.
على موت الابن= قد تعني أن نغمة المزمور على لحن
مشهور بهذا الاسم. وهناك من قال أنه قالها بعد انتصاره على قوات إبشالوم وموت
إبشالوم ابنه. إلا أنه من الناحية النبوية يشير لموت المسيح الابن الوحيد بالجسد
ليعطينا الخلاص وهذا هو سبب الفرح والتهليل والتسبيح في المزمور.
الآيات
(1-2):- "1أَحْمَدُ الرَّبَّ بِكُلِّ قَلْبِي. أُحَدِّثُ بِجَمِيعِ
عَجَائِبِكَ. 2أَفْرَحُ وَأَبْتَهِجُ بِكَ. أُرَنِّمُ لاسْمِكَ
أَيُّهَا الْعَلِيُّ."
صلاة
شكر لأجل الانتصار على عدو، وأولاد الله لا يكفون عن شكره عن كل أعمال محبته، فهم
أدركوا محبته وعنايته وحكمته حتى في الآلام التي تحل بهم لذلك تصلي الكنيسة شاكرة
الله على كل حال.. بِكُلِّ قَلْبِي =
فمن يحب الله من كل قلبه سيشكره من كل قلبه أي بكل همة ونشاط. ومن يتأمل في أعمال
الله معه سيجد أعماله كلها عجيبة وكل اليوم وكلها بحكمة تصنع. وإذا فهمنا أن
المزمور يتحدث عن الخلاص الذي تم بالصليب. أَفْرَحُ
وَأَبْتَهِجُ بِكَ = من يفرح بالعالم يفرح بشيء فانٍ سينتهي وربما يفرح
اليوم وينتهي الفرح في الغد، أما من يفرح بالله ففرحه دائم كامل أبدي.
آية
(3):- "3عِنْدَ رُجُوعِ أَعْدَائِي إِلَى خَلْفٍ، يَسْقُطُونَ
وَيَهْلِكُونَ مِنْ قُدَّامِ وَجْهِكَ،"
رجوع
الأعداء لخلف حدث مع داود حينما سقط عدوه جليات. وحدثت حينما أتى اليهود للقبض على
المسيح وقال لهم أنا هو فسقطوا، وحدثت في اندحار إبليس حينما حاول أن يجرب المسيح
على الجبل وحدثت في معركة الصليب. وتحدث في حياة كل منا حين يغلب المسيح إبليس فينا
(رؤ2:6). فالمسيح هو قائد مسيرتنا (راجع3:18-6).
الآيات
(4-9):- "4لأَنَّكَ أَقَمْتَ حَقِّي وَدَعْوَايَ. جَلَسْتَ عَلَى
الْكُرْسِيِّ قَاضِيًا عَادِلاً. 5انْتَهَرْتَ الأُمَمَ. أَهْلَكْتَ
الشِّرِّيرَ. مَحَوْتَ اسْمَهُمْ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ. 6اَلْعَدُوُّ
تَمَّ خَرَابُهُ إِلَى الأَبَدِ. وَهَدَمْتَ مُدُنًا. بَادَ ذِكْرُهُ نَفْسُهُ. 7أَمَّا
الرَّبُّ فَإِلَى الدَّهْرِ يَجْلِسُ. ثَبَّتَ لِلْقَضَاءِ كُرْسِيَّهُ، 8وَهُوَ
يَقْضِي لِلْمَسْكُونَةِ بِالْعَدْلِ. يَدِينُ الشُّعُوبَ بِالاسْتِقَامَةِ. 9وَيَكُونُ
الرَّبُّ مَلْجَأً لِلْمُنْسَحِقِ. مَلْجَأً فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ."
جَلَسْتَ عَلَى الْكُرْسِيِّ قَاضِيًا عَادِلاً = بعد صعود
المسيح جلس عن يمين الآب والابن أُعطِىَ له الدينونة (يو22:5). وحين يأتي على
السحاب سيدين الأحياء والأموات. بل هو يجلس أيضاً كملك في قلوب محبيه ويدين الخطية
فيهم أي ينزعها من داخلهم إذ ملكوه عليهم فينزع الكرسي الذي امتلكه إبليس في
قلوبهم ويجلس هو عليه. انْتَهَرْتَ الأُمَمَ
= بالنسبة لداود فالأمم هي الأمم الوثنية التي حاربته. ونفهم الأمم بالنسبة لنا
أنها الخطايا والشرور، فحينما يملك المسيح ينتهر خطايانا ويبكتنا عليها فلا شركة
للنور مع الظلمة. أَهْلَكْتَ الشِّرِّيرَ
= طالما بصيغة المفرد فهذا يشير لإبليس مَحَوْتَ
اسْمَهُمْ إِلَى الأبدِ = بعد الصليب لم يعد للشيطان قوة ولا سلطان لمن
يتبع المسيح. هَدَمْتَ مُدُنًهم= المدن
عادة محصنة، وهكذا كان إبليس ولكن المسيح هدم كل قوته ومَنَعَتَهَ. فصار يسهل على
كل المؤمنين هزيمته باسم المسيح وإشارة الصليب. وصار الله ملجأ لنا. مَلْجَأً لِلْمُنْسَحِقِ = كل متواضع يعرف ضعفه
ويلجأ للمسيح يحتمي فيه، يغلب إبليس.
آية
(10):- "10وَيَتَّكِلُ عَلَيْكَ الْعَارِفُونَ اسْمَكَ، لأَنَّكَ لَمْ
تَتْرُكْ طَالِبِيكَ يَا رَبُّ."
الْعَارِفُونَ اسْمَكَ = اسم الله يعني
شخصيته وقوته، ومن يختبرها يلجأ إليه وحده.
آية
(11):- "11رَنِّمُوا لِلرَّبِّ السَّاكِنِ فِي صِهْيَوْنَ، أَخْبِرُوا
بَيْنَ الشُّعُوبِ بِأَفْعَالِهِ."
من
يعرف أعمال الرب عليه أن يسبحه على محبته، وبتسبحته يخبر الآخرين ويكرز بها.
الآيات (12-20):- "12لأَنَّهُ مُطَالِبٌ بِالدِّمَاءِ.
ذَكَرَهُمْ. لَمْ يَنْسَ صُرَاخَ الْمَسَاكِينِ.
13اِرْحَمْنِي يَا رَبُّ. انْظُرْ
مَذَلَّتِي مِنْ مُبْغِضِيَّ، يَا رَافِعِي مِنْ أَبْوَابِ الْمَوْتِ، 14لِكَيْ
أُحَدِّثَ بِكُلِّ تَسَابِيحِكَ فِي أَبْوَابِ ابْنَةِ صِهْيَوْنَ، مُبْتَهِجًا
بِخَلاَصِكَ.
15تَوَرَّطَتِ الأُمَمُ فِي الْحُفْرَةِ
الَّتِي عَمِلُوهَا. فِي الشَّبَكَةِ الَّتِي أَخْفَوْهَا انْتَشَبَتْ
أَرْجُلُهُمْ. 16مَعْرُوفٌ هُوَ الرَّبُّ. قَضَاءً أَمْضَى.
الشِّرِّيرُ يَعْلَقُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ. ضَرْبُ الأَوْتَارِ. سِلاَهْ. 17اَلأَشْرَارُ
يَرْجِعُونَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، كُلُّ الأُمَمِ النَّاسِينَ اللهَ. 18لأَنَّهُ
لاَ يُنْسَى الْمِسْكِينُ إِلَى الأَبَدِ. رَجَاءُ الْبَائِسِينَ لاَ يَخِيبُ
إِلَى الدَّهْرِ. 19قُمْ يَا رَبُّ. لاَ يَعْتَزَّ الإِنْسَانُ.
لِتُحَاكَمِ الأُمَمُ قُدَّامَكَ. 20يَا رَبُّ اجْعَلْ عَلَيْهِمْ
رُعْبًا لِيَعْلَمَ الأُمَمُ أَنَّهُمْ بَشَرٌ. سِلاَهْ."
نرى
فيها انتقام الله من الأشرار، ورحمته وخلاصه للمساكين. مُطَالِبٌ بِالدِّمَاءِ ربما تشير لأعداء
داود القتلة ولكنها تشير لإبليس الذي أهلك الإنسان (يو44:8). والله سيطالب الأشرار
بكل دم سفكوه للشهداء (تك10:4). انْظُرْ مَذَلَّتِي مِنْ مُبْغِضِيَّ = فإبليس يثيرنا
بالشهوة وإذ سقطنا يذلنا. يَا رَافِعِي مِنْ أَبْوَابِ الْمَوْتِ = المسيح خلصنا
من موت الخطية. ومن تحرر يسبح = لِكَيْ أُحَدِّثَ بِكُلِّ تَسَابِيحِكَ
فِي أَبْوَابِ ابْنَةِ صِهْيَوْنَ = الكنيسة. مَعْرُوفٌ هُوَ الرَّبُّ = عدالته معروفة
وستظهر حين يدين الأشرار ويكافئ الأبرار. وعندما يصل المرتل في آية (16) لعقاب
الله للشرير يقول ملحوظة.. ضَرْبُ الأَوْتَارِ. وأصل الكلمة
هيجايَّون وقد تترجم بوقفة موسيقية أو وقفة خشوعية للتأمل فيما قيل.
وفي
(20) أَنَّهُمْ بَشَرٌ = أي يعلم
المؤمنين أنهم ضعفاء وأنك أنت الإله القوي وحدك.