هذا
المزمور تسبحة لداود على الخلاص الذي أعطاه له الله، وأنه جعله ملكاً على أعدائه.
هو
نبوة عن المسيح ملك الملوك. وبعض الآيات في هذا المزمور لا تنطبق سوى عليه مثل آية
(4) فداود لم يحيا إلى الدهر وإلى الأبد. بل المسيح ملك بعد صعوده للأبد.
كل
من يملك الرب على قلبه فيملك على أهوائه ويضبط جسده بمعونة الله يرنم بهذا
المزمور. فقد صار المؤمنين ملوكاً محاربين منتصرين يتلقون المعونة من ملك الملوك.
آية
(1):- "1يَا رَبُّ، بِقُوَّتِكَ يَفْرَحُ الْمَلِكُ، وَبِخَلاَصِكَ
كَيْفَ لاَ يَبْتَهِجُ جِدًّا!"
داود
لم يفرح بعرشه بل بقوة الله. والمسيح الملك يفرح بخلاص شعبه وأن الآب استجاب
لشفاعته الكفارية بعد قيامته. ونحن نفرح بقوة الله التي تجعلنا غالبين (2كو14:2).
آية
(2):- "2شَهْوَةَ قَلْبِهِ أَعْطَيْتَهُ، وَمُلْتَمَسَ شَفَتَيْهِ
لَمْ تَمْنَعْهُ. سِلاَهْ."
لو
كانت شهوة قلب إنسان هي خلاص نفسه وانتصاره على شهواته، وطلب هذا أيضاً بشفتيه
لاستجاب الله قطعاً طلباته. وهذا عكس (يع3:4) (مز4:27 + في23:1 + 1مل9:3،10 +
1تي1:3 + لو34:12) والقديسون اشتهوا الاستشهاد. هذه الشهوات يستجيب لها الله.
آية
(3):- "3لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُهُ بِبَرَكَاتِ خَيْرٍ. وَضَعْتَ عَلَى
رَأْسِهِ تَاجًا مِنْ إِبْرِيزٍ."
الله
يعطي أكثر مما نطلب. والله أعطى داود الراعي الصغير ملكاً على كل إسرائيل. وعلينا
أن نطلب ملكوت الله وبره والباقي يعطي لنا ويزاد (مت33:6). والله وضع على رأس داود
إكليل الملك. ولكن المسيح وُضِعَ على رأسه إكليل شوك مرئي للناس ليفوز بإكليل
إبريز أي إكليل سماوي (الذهب يرمز للسماويات) بعد صعوده وجلوسه عن يمين الآب. وكل
مؤمن مجاهد يحصل على إكليل بر (2تي7:4). وهناك إكليل الاستشهاد وإكليل الرسولية
والبركات التي حصل عليها داود كثيرة. والتي يحصل عليها المؤمن لا تعد خلال حياته.
آية
(4):- "4حَيَاةً سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ. طُولَ الأَيَّامِ إِلَى
الدَّهْرِ وَالأَبَدِ."
من
أهم الأسباب التي تجعلنا نشكر الله أننا تمتعنا بالحياة الجديدة. وداود يشكر الله
الذي أعطاه حياة بعد كل محاولة من الأعداء لقتله. وهذه تشير لقيامة المسيح بعد
موته، وهي حياة أبدية له ولكنيسته، أعطاها لكنيسته إذ غلب الموت بحياته. لذلك قال
المسيح أنا هو القيامة والحياة (يو25:11،26) وهو يقدم لنا جسده ودمه لنحيا.
آية
(5):- "5عَظِيمٌ مَجْدُهُ بِخَلاَصِكَ، جَلاَلاً وَبَهَاءً تَضَعُ
عَلَيْهِ."
لأجلنا
أخلى المسيح ذاته ولأجلنا تمجد ونال من الآب كرامة ومجداً ليضع التيجان الملوكية
على رؤوس مؤمنيه الأتقياء بيده. وفي استحقاقات الدم الثمين وهبنا المسيح روحه
القدوس، ليجدد صورتنا لنتغير إلى صورة المسيح (غل19:4).
آية
(6):- "6لأَنَّكَ جَعَلْتَهُ بَرَكَاتٍ إِلَى الأَبَدِ. تُفَرِّحُهُ
ابْتِهَاجًا أَمَامَكَ."
المسيح
المبارك مصدر كل بركة، وصار مصدر كل بهجة وفرح لحياتنا. (ثمار الروح).
تُفَرِّحُهُ = المسيح يفرح بالخلاص
الذي تم لبني البشر ويشبع بكثرة المؤمنين الأتقياء (يو34:4 + إش11:53)
آية
(7):- "7لأَنَّ الْمَلِكَ يَتَوَكَّلُ عَلَى الرَّبِّ، وَبِنِعْمَةِ
الْعَلِيِّ لاَ يَتَزَعْزَعُ."
الإنسان
الذي يتوكل على الله يضبط شهواته ويملك عليها، وهذا سيعظم مجده جداً بخلاص الرب،
وبعد جهاده سيضع عليه الرب إكليل مجد وجلال (مت43:13). بل يصير جهاد الإنسان بركة
لمن حوله (كما كان يوسف العفيف). المهم أن ننسب نصرتنا لله لا لأنفسنا.
الآيات
(8-13):- "8تُصِيبُ يَدُكَ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ. يَمِينُكَ تُصِيبُ
كُلَّ مُبْغِضِيكَ. 9تَجْعَلُهُمْ مِثْلَ تَنُّورِ نَارٍ فِي زَمَانِ
حُضُورِكَ. الرَّبُّ بِسَخَطِهِ يَبْتَلِعُهُمْ وَتَأْكُلُهُمُ النَّارُ. 10تُبِيدُ
ثَمَرَهُمْ مِنَ الأَرْضِ وَذُرِّيَّتَهُمْ مِنْ بَيْنِ بَنِي آدَمَ. 11لأَنَّهُمْ
نَصَبُوا عَلَيْكَ شَرًّا. تَفَكَّرُوا بِمَكِيدَةٍ. لَمْ يَسْتَطِيعُوهَا. 12لأَنَّكَ
تَجْعَلُهُمْ يَتَوَلَّوْنَ. تُفَوِّقُ السِّهَامَ عَلَى أَوْتَارِكَ تِلْقَاءَ
وُجُوهِهِمْ. 13ارْتَفِعْ يَا رَبُّ بِقُوَّتِكَ. نُرَنِّمْ
وَنُنَغِّمْ بِجَبَرُوتِكَ."
هنا
نرى عقوبة الله للأشرار عند مجيئه الثاني. فبالصليب مزق الرب صك خطايانا وشهَّر
بعدو الخير. وعند مجيئه الثاني سيلقيه ومن تبعه في البحيرة المتقدة بالنار
(رؤ20:19). فِي زَمَانِ حُضُورِكَ =
يوم الدينونة. تُبِيدُ ثَمَرَهُمْ مِنَ الأَرْضِ =
الثمر هو أولادهم وأعمالهم الشريرة المظلمة. والمسيح هو الذي سيدين. ويد الرب رمز
للابن قوة الله، الذي سيدين وبقوة = يَمِينُكَ
= تشير لقوة الله. وسيكون هلاكهم تاماً وخرابهم تاماً، وهذا معنى كلمة تُبِيد، فلا يعود لهم سلطان أو غواية أو قدرة
على ظلم أولاد الله. وفي (11) هذه هي أعمال إبليس وأتباعه ضد المسيح وكنيسته لذلك
يعاقبهم. تُفَوِّقُ السِّهَامَ = أي
يضع السهم على القوس ويشد وتره ضد أعدائه ليعاقبهم. وينهي المزمور بصلاة ليخلص
بقوة حينئذ سيكون تسبيحنا أبدياً على أعماله.