المزمور الخامس والستون

 

هذا المزمور فيه يعطي المرنم مجداً لله على أعماله ، و قوته ومحبته ويدعونا لنفعل نفس الشيء.

 

الآيات (1-2):- "1لَكَ يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ يَا اَللهُ فِي صِهْيَوْنَ، وَلَكَ يُوفَى النَّذْرُ. 2يَا سَامِعَ الصَّلاَةِ، إِلَيْكَ يَأْتِي كُلُّ بَشَرٍ."

في المزمور السابق رأينا الله ينتقم من الأعداء (الشياطين). وهنا النفس التي فرحت بهذا الخلاص تسبح مسيحها على عمله. وتسبحه في الكنيسة= صهيون التي فداها واشتراها بدمه. ومازال يستجيب لصلواتها= يَا سَامِعَ الصَّلاَةِ. بل هو يفرح بصوتها (نش14:2). فالمسيح يفرح بصوت كنيسته. وهي تسبحه على استجابته لصلواتها.

 

الآيات (3-4):- "3آثامٌ قَدْ قَوِيَتْ عَلَيَّ. مَعَاصِينَا أَنْتَ تُكَفِّرُ عَنْهَا. 4طُوبَى لِلَّذِي تَخْتَارُهُ وَتُقَرِّبُهُ لِيَسْكُنَ فِي دِيَارِكَ. لَنَشْبَعَنَّ مِنْ خَيْرِ بَيْتِكَ، قُدْسِ هَيْكَلِكَ."

يتذكر النبي الأثام التي سقط فيها فيصرخ = آثامٌ قَدْ قَوِيَتْ عَلَيَّ ولكنه بروح النبوة رأي عمل المسيح الكفاري= أَنْتَ تُكَفِّرُ أي تغطيها بدمك. وبعمل المسيح اختار المؤمنين ليسكنوا في كنيسته، وطوبى لمن اختاره الرب ويشبعه من خيراته في كنيسته. (موضوع الاختيار شرحه القديس بولس في رو28:8-30). وهؤلاء يسكنون في بيت الله الآن ثم في أورشليم السماوية للأبد. والموت كان عقوبة وانفصال عن الله قبل المسيح. والآن نصلي بهذه الآية في الصلوات التي تتلوها الكنيسة عند انتقال أحد المؤمنين لأننا نعتبر أن الله اختاره ليبدأ الحياة في راحة مع القديسين، وهناك يكون الشبع بشخص المسيح .

 

آية (5):- "5بِمَخَاوِفَ فِي الْعَدْلِ تَسْتَجِيبُنَا يَا إِلهَ خَلاَصِنَا، يَا مُتَّكَلَ جَمِيعِ أَقَاصِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ الْبَعِيدَةِ."

بِمَخَاوِفَ فِي الْعَدْلِ تَسْتَجِيبُنَا = الله في عدله يضرب أعداء كنيسته ضربات مخيفة. وهو أيضاً في قداسته لا يقبل أن شعبه يخطئ لذلك يضرب شعبه ويؤدبهم بضربات مخيفة لتأديبهم حتى لا يهلكوا أبدياً، لذلك يكمل بقوله يَا إِلهَ خَلاَصِنَا = فكل تأديباته هي للخلاص والله يستجيب لشعبه في كل مكان وهو مُتَّكَلَ جَمِيعِ أَقَاصِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ الْبَعِيدَةِ = تفهم أيضاً أن الله يهتم بمن هم مازالوا بعيداً عنه، فالبحر بملوحته يشير للعالم المضطرب. وجاءت عبارة بِمَخَاوِفَ فِي الْعَدْلِ تَسْتَجِيبُنَا في الإنجليزية بأعمال مخيفة تستجيبنا لخلاصنا، ونفهم منها أن الله في بعض الأحيان يسمح بأحداث مخيفة في حياتنا لنعرف يده كما سمح لشعبه عند خروجهم من مصر بتجارب رأوا فيها أعمال عنايته ولكن لأعدائهم كانت يده ثقيلة على المصريين لينقذ أولاده. وهذه طرق الله لكي يجعل إيماننا يزداد، فبدون إيمان لا يمكن إرضاءه (عب6:11). ولكن حتى يزداد إيماننا وينمو علينا إذا واجهنا هذه المخاوف أن لا نتذمر بل نشكر الله، فالشكر يجعل الإيمان يزداد (كو7:2).

 

الآيات (6-7):- "6الْمُثْبِتُ الْجِبَالَ بِقُوَّتِهِ، الْمُتَنَطِّقُ بِالْقُدْرَةِ، 7الْمُهْدِّئُ عَجِيجَ الْبِحَارِ، عَجِيجَ أَمْوَاجِهَا، وَضَجِيجَ الأُمَمِ."

هو يسبح الله المتنطق قدرة أي القدير. وبقدرته يثبت الجبال ويهدئ البحار والمسيح أسكت أمواج البحر. وتفهم أن الأمم الذين يشبهون البحر في هيجانهم ومتكبرون مثل الجبال في عزتها، هؤلاء بإيمانهم ثبتهم الله في كنيسته وأعطاهم سلاماً.

 

آية (8):- "8وَتَخَافُ سُكَّانُ الأَقَاصِي مِنْ آيَاتِكَ. تَجْعَلُ مَطَالِعَ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ تَبْتَهِجُ."

توالي الليل والنهار، إشراق الشمس بنورها صباحاً، وقدوم الليل بهدوئه هي أسباب نسبح الله عليها ونفرح بها كعلامات عنايته بالبشر وعلامات لقوته ونلاحظ أن الله جعل الشمس والقمر لآيات وأوقات وأيام وسنين (تك14:1). وهذه في انتظام دوراتها تعطينا أن نرى يد الله ونسبحه. ولكن الله بقدرته يجعلها تخرج من القوانين العادية لها وهذا يجعل الإنسان في خوف (كما وقفت الشمس أيام يشوع ورجعت أيام حزقيا واختفت يوم صلب المسيح). ومعنى الآية أن الله جعل سكان أقاصي الأرض يخافون من آياتك (الآية هي عمل قوي يدل على قدرات الشخص). وهكذا خاف البابليون الذين يعبدون الشمس إذ رجعت إلى خلف أيام حزقيا فأتوا لحزقيا، وكانت فرصة لأن يشهد حزقيا لله، ولكنه فضل على ذلك أن يظهر قوته ليحميه البابليون يوماً ما. فحزن الله من تصرفه. وأيضاً تفهم الآية بأن سكان الأرض كلها يفرحون بأعمال الله التي تدل على قدراته والتي تظهر في شروق الشمس فيذهبون لأعمالهم وفي غروبها يذهبون ليستريحوا.

 

الآيات (9-13):- "9تَعَهَّدْتَ الأَرْضَ وَجَعَلْتَهَا تَفِيضُ. تُغْنِيهَا جِدًّا. سَوَاقِي اللهِ مَلآنَةٌ مَاءً. تُهَيِّئُ طَعَامَهُمْ لأَنَّكَ هكَذَا تُعِدُّهَا. 10أَرْوِ أَتْلاَمَهَا. مَهِّدْ أَخَادِيدَهَا. بِالْغُيُوثِ تُحَلِّلُهَا. تُبَارِكُ غَلَّتَهَا. 11كَلَّلْتَ السَّنَةَ بِجُودِكَ، وَآثارُكَ تَقْطُرُ دَسَمًا. 12تَقْطُرُ مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ، وَتَتَنَطَّقُ الآكَامُ بِالْبَهْجَةِ. 13اكْتَسَتِ الْمُرُوجُ غَنَمًا، وَالأَوْدِيَةُ تَتَعَطَّفُ بُرًّا. تَهْتِفُ وَأَيْضًا تُغَنِّي."

نرى هنا إحسانات الله على الإنسان، إذ هو يعطي المطر ليروي الأرض فتفيض من خيراتها وذلك طوال السنة. وروحياً فالأنهار والسواقي تشير للروح القدس الذي يروي أجسادنا (الأرض فالأجساد من تراب الأرض) فيكون لنا ثمار (غل22:5،23) والله يشبعنا روحياً بكلامه المقدس، وبجسده ودمه في التناول. أَتْلاَمَهَا = الأرض المحروثة. الْغُيُوثِ= الندى. كَلَّلْتَ السَّنَةَ بِجُودِكَ = الآن سنة مقبولة (لو19:4 + أش2:61). هذه السنة التي باركها الرب هي مدة عمرنا، فلننتهز الفرصة ونقدم توبة فيبارك لنا الرب، كما بارك في كل من أطاع من قبل= آثارُكَ تَقْطُرُ دَسَمًا = كل القديسين السابقين هم ببركات حياتهم شهود على بركات الرب، هم أثار عمل نعمة الرب فيهم. وكل أثارهم فيها دسامة عمله. مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ = إشارة للأمم الذين كانوا قبلاً برية، وجعلها الله مراعي خضراء مملوءة بالمؤمنين = اكْتَسَتِ الْمُرُوجُ غَنَمًا. وهو في وسطها الراعي الصالح. والآكَامُ هي القديسين. في الآية (9) تُهَيِّئُ طَعَامَهُمْ = في أصلها العبري تعد لهم القمح. وفي الآية (13) الأَوْدِيَةُ تَتَعَطَّفُ بُرًّا = وهذه في أصلها أن الأودية قد تغطت بالقمح. بُرًّ= قمح ولكن في آية (9)، آية (13) كلمتي القمح مختلفتان فبينما تعني في آية (9) القمح فعلاً تشير الكلمة في آية (13) إلى إبيضاض الحقول وأنها قد ابيضت من نضوج الثمر. (يو35:4). والترجمة العربية تشير لأن المسيح برر شعبه. لأن كلمة قمح المستخدمة في آية (13) لها معاني أخرى تشمل "الاختيار، يُلَّمِعْ الشئ، ينقيه، يطهره..".