هو
مزمور تسبحة لله العادل القدوس، ونجد فيه إيماناً بالحياة الأبدية للصديق (9-10) ونرى
فيه عقوبة الأشرار وأنهم لم يستفيدوا من شرورهم (8).
يقول
بعض المفسرين أن مرتل المزمور هو داود حين اعتلى العرش بعد موت شاول.
آية
(1):- "1نَحْمَدُكَ، يَا اَللهُ نَحْمَدُكَ، وَاسْمُكَ قَرِيبٌ.
يُحَدِّثُونَ بِعَجَائِبِكَ."
تكرار
كلمة نَحْمَدُكَ تعبر عن قلب يشعر
بإحسانات الله بعمق. وَاسْمُكَ قَرِيبٌ
= الاسم يعبر عن الشخص، والله قريب جداً لكل الذين يدعونه وأعماله ظاهرة= يُحَدِّثُونَ بِعَجَائِبِكَ.
آية
(2):- "2«لأَنِّي أُعَيِّنُ مِيعَادًا. أَنَا بِالْمُسْتَقِيمَاتِ
أَقْضِي."
لأَنِّي أُعَيِّنُ مِيعَادًا = هنا الله هو
المتكلم وهو الذي حدد ميعاد لنهاية آلام داود ثم ارتقائه العرش، وحدد ميعاداً
لدينونة شاول وحدد ميعاد الدينونة الأبدية. أَنَا
بِالْمُسْتَقِيمَاتِ أَقْضِي = الله المتكلم أيضاً فليس غيره يقضي
بالعدل. ولكن أحكامه تأتي في ملء الزمان.
آية
(3):- "3ذَابَتِ الأَرْضُ وَكُلُّ سُكَّانِهَا. أَنَا وَزَنْتُ
أَعْمِدَتَهَا. سِلاَهْ."
حينما
يقول الله أنا أقضي بالمستقيمات. يذوب الأشرار في الأرض خوفاً= ذَابَتِ الأَرْضُ وَكُلُّ سُكَّانِهَا = فالأرض
ستزول هي ومن عليها في هذا اليوم (رؤ14:6-17). أَنَا
وَزَنْتُ أَعْمِدَتَهَا = في السبعينية شددت أعمدتها. فالله ضابط الكل
يثبت الأرض حينما يشاء ويجعلها تذوب أمام جبروته حينما يشاء.
الآيات
(4-5):- "4قُلْتُ لِلْمُفْتَخِرِينَ: لاَ تَفْتَخِرُوا.
وَلِلأَشْرَارِ، لاَ تَرْفَعُوا قَرْنًا. 5لاَ تَرْفَعُوا إِلَى
الْعُلَى قَرْنَكُمْ. لاَ تَتَكَلَّمُوا بِعُنُق مُتَصَلِّبٍ»."
نصيحة
من الله على فم داود لكل متكبر حتى لا يفتخر بقوته= قَرْنًه
ولا يعاند= عُنُق مُتَصَلِّبٍ. فتصلب
الرقبة دليل على الجبروت. ورفع القرن عند الحيوان إشارة للقتال.
الآيات
(6-7):- "6لأَنَّهُ لاَ مِنَ الْمَشْرِقِ وَلاَ مِنَ الْمَغْرِبِ
وَلاَ مِنْ بَرِّيَّةِ الْجِبَالِ. 7وَلكِنَّ اللهَ هُوَ الْقَاضِي.
هذَا يَضَعُهُ وَهذَا يَرْفَعُهُ."
القضاء
ومصير الإنسان لا يحدده أحد في الأرض لاَ مِنَ
الْمَشْرِقِ وَلاَ مِنَ الْمَغْرِبِ.. وَلكِنَّ
اللهَ هُوَ الْقَاضِي. هذَا يَضَعُهُ
وَهذَا يَرْفَعُهُ (لو51:1-53). والله لأنه عادل فهو يضع الظالم ويرفع
المظلوم (مز7:113،8).
آية
(8):- "8لأَنَّ فِي يَدِ الرَّبِّ كَأْسًا وَخَمْرُهَا
مُخْتَمِرَةٌ. مَلآنةٌ شَرَابًا مَمْزُوجًا. وَهُوَ يَسْكُبُ مِنْهَا. لكِنْ
عَكَرُهَا يَمَصُّهُ، يَشْرَبُهُ كُلُّ أَشْرَارِ الأَرْضِ."
كان
الأنبياء العبرانيون، عندما يصفون الإجراء العادل لله ضد الأشرار، غالباً يستخدمون
استعارة مفادها أن الله يقدم للشعوب والأمم وللأشرار كأس خمر كلها مرارة ولابد
سيشربونها حتى الثمالة (مز3:60، + أر15:25 + أش17:51 + حز32:23-34) بل الآلام
عموماً تشبه بكأس (مز10:73 + لو42:22). والفرح أيضاً يشار إليه أيضاً بكأس (مز5:16
+ مز13:116). وَخَمْرُهَا مُخْتَمِرَةٌ
= إشارة لحدة وقسوة العقوبات التي من نتيجتها تكون كخمر مسكرة جداً تسقط شاربها. عَكَرُهَا = كلما شرب منها الشرير إزدادت آلامه.
الآيات
(9-10):- "9أَمَّا أَنَا فَأُخْبِرُ إِلَى الدَّهْرِ. أُرَنِّمُ لإِلهِ
يَعْقُوبَ. 10وَكُلَّ قُرُونِ الأَشْرَارِ أَعْضِبُ. قُرُونُ
الصِّدِّيقِ تَنْتَصِبُ."
الصديق
في الملكوت يسبح الله إلى الدهر على إحساناته وخلاصه. هناك تَنْتَصِبُ قُرُونُ الصِّدِّيقِ = الصديق بلغة
المفرد فهناك وحدة بين الأبرار في السماء وهناك تظهر قوتهم بالمسيح رأسهم. أما قُرُونِ الأَشْرَارِ أَعْضِبُ = هنا الأشرار
بالجمع فهم متفككين بلا رأس تجمعهم وبلا قوة، فالله سيكسر كبريائهم. ولكن من الذي
يقول هذا الكلام قرون الأشرار أعضب؟ قد يكون داود حين امتلك العرش يتوعد الأشرار
بالعقوبة. ولكن داود يرمز للمسيح الذي سيكون دياناً في ذلك اليوم ويعاقب الأشرار.