هذا
المزمور يحكي قصة تاريخ شعب إسرائيل منذ أيام موسى إلى أيام داود. والعجائب
والآيات التي صنعها معهم. وخطايا الشعب خلال هذه الرحلة التي أغاظت الله، وتأديب
الله لهم خلال هذه الرحلة. لقد انتهى المزمور السابق بأن موسى وهرون يقودان الشعب
وهنا استفاضة لرحلة الشعب تحت قيادتهما.. ثم يسترسل إلى فترة داود. والهدف من
ترتيل هذا المزمور أن تتحذر الأجيال الحديثة من إغاظة الرب كما فعل الآباء.
آية
(1):- "1اِصْغَ يَا شَعْبِي إِلَى شَرِيعَتِي. أَمِيلُوا آذَانَكُمْ
إِلَى كَلاَمِ فَمِي."
اِصْغَ يَا شَعْبِي = ربما داود هو قائل هذه العبارة
كملك وراعٍ للشعب. ولكن هذا صوت الله على لسان المرنم أياً كان هذا المرنم،
ليسمعوا شريعة الرب.
آية
(2):- "2أَفْتَحُ بِمَثَل فَمِي. أُذِيعُ أَلْغَازًا مُنْذُ
الْقِدَمِ."
مَثَل.. أَلْغَاز=
أي ليفكروا فيما سيسمعوه ويفكروا بعمق ليفهموا ويستوعبوا.
الآيات
(3-6):- "3الَّتِي سَمِعْنَاهَا وَعَرَفْنَاهَا وَآبَاؤُنَا
أَخْبَرُونَا. 4لاَ نُخْفِي عَنْ بَنِيهِمْ إِلَى الْجِيلِ الآخِرِ،
مُخْبِرِينَ بِتَسَابِيحِ الرَّبِّ وَقُوَّتِهِ وَعَجَائِبِهِ الَّتِي صَنَعَ. 5أَقَامَ
شَهَادَةً فِي يَعْقُوبَ، وَوَضَعَ شَرِيعَةً فِي إِسْرَائِيلَ، الَّتِي أَوْصَى
آبَاءَنَا أَنْ يُعَرِّفُوا بِهَا أَبْنَاءَهُمْ، 6لِكَيْ يَعْلَمَ
الْجِيلُ الآخِرُ. بَنُونَ يُولَدُونَ فَيَقُومُونَ وَيُخْبِرُونَ أَبْنَاءَهُمْ،"
كل
جيل يسلم الجيل التالي خبراته، وهذا أمرهم به الرب. وليس الخيرات فقط بل هم يسلمون
للأبناء الإيمان والشريعة بحسب ما تسلموها دون تعديل (2تي2:2).
الآيات
(7-8):- "7فَيَجْعَلُونَ عَلَى اللهِ اعْتِمَادَهُمْ، وَلاَ
يَنْسَوْنَ أَعْمَالَ اللهِ، بَلْ يَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ. 8وَلاَ
يَكُونُونَ مِثْلَ آبَائِهِمْ، جِيلاً زَائِغًا وَمَارِدًا، جِيلاً لَمْ يُثَبِّتْ
قَلْبَهُ وَلَمْ تَكُنْ رُوحُهُ أَمِينَةً لِلهِ."
هدف
التعليم أن نستفيد مما حدث للآباء فلا نخطئ مثلهم فيسخط الله علينا.
آية
(9):- "9بَنُو أَفْرَايِمَ النَّازِعُونَ فِي الْقَوْسِ،
الرَّامُونَ، انْقَلَبُوا فِي يَوْمِ الْحَرْبِ."
مثال
لسخط الله بَنُو أَفْرَايِمَ. فهؤلاء
كانوا أشداء في الحرب = النَّازِعُونَ فِي
الْقَوْسِ ولكن بسبب ارتدادهم عن الله، تخلى عنهم. الرَّامُونَ انْقَلَبُوا (انهزموا) في يوم
الحرب.
الآيات
(10-11):- "10لَمْ يَحْفَظُوا عَهْدَ اللهِ، وَأَبَوْا السُّلُوكَ فِي
شَرِيعَتِهِ، 11وَنَسُوا أَفْعَالَهُ وَعَجَائِبَهُ الَّتِي أَرَاهُمْ."
هذه
هي خطايا إفرايم التي بسببها تخلى الله عنهم.
الآيات
(12-32):- "12قُدَّامَ آبَائِهِمْ صَنَعَ أُعْجُوبَةً فِي أَرْضِ مِصْرَ
، بِلاَدِ صُوعَنَ. 13شَقَّ الْبَحْرَ فَعَبَّرَهُمْ، وَنَصَبَ
الْمِيَاهَ كَنَدٍّ. 14وَهَدَاهُمْ بِالسَّحَابِ نَهَارًا، وَاللَّيْلَ
كُلَّهُ بِنُورِ نَارٍ. 15شَقَّ صُخُورًا فِي الْبَرِّيَّةِ،
وَسَقَاهُمْ كَأَنَّهُ مِنْ لُجَجٍ عَظِيمَةٍ. 16أَخْرَجَ مَجَارِيَ
مِنْ صَخْرَةٍ، وَأَجْرَى مِيَاهًا كَالأَنْهَارِ. 17ثُمَّ عَادُوا
أَيْضًا لِيُخْطِئُوا إِلَيْهِ، لِعِصْيَانِ الْعَلِيِّ فِي الأَرْضِ
النَّاشِفَةِ. 18وَجَرَّبُوا اللهَ فِي قُلُوبِهِمْ، بِسُؤَالِهِمْ
طَعَامًا لِشَهْوَتِهِمْ. 19فَوَقَعُوا فِي اللهِ. قَالُوا: «هَلْ
يَقْدِرُ اللهُ أَنْ يُرَتِّبَ مَائِدَةً فِي الْبَرِّيَّةِ؟ 20هُوَذَا
ضَرَبَ الصَّخْرَةَ فَجَرَتِ الْمِيَاهُ وَفَاضَتِ الأَوْدِيَةُ. هَلْ يَقْدِرُ
أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَ خُبْزًا، أَوْ يُهَيِّئَ لَحْمًا لِشَعْبِهِ؟». 21لِذلِكَ
سَمِعَ الرَّبُّ فَغَضِبَ، وَاشْتَعَلَتْ نَارٌ فِي يَعْقُوبَ، وَسَخَطٌ أَيْضًا
صَعِدَ عَلَى إِسْرَائِيلَ، 22لأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ
وَلَمْ يَتَّكِلُوا عَلَى خَلاَصِهِ. 23فَأَمَرَ السَّحَابَ مِنْ
فَوْقُ، وَفَتَحَ مَصَارِيعَ السَّمَاوَاتِ. 24وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمْ
مَنًّا لِلأَكْلِ، وَبُرَّ السَّمَاءِ أَعْطَاهُمْ. 25أَكَلَ
الإِنْسَانُ خُبْزَ الْمَلاَئِكَةِ. أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ زَادًا لِلشِّبَعِ. 26أَهَاجَ
شَرْقِيَّةً فِي السَّمَاءِ، وَسَاقَ بِقُوَّتِهِ جَنُوبِيَّةً. 27وَأَمْطَرَ
عَلَيْهِمْ لَحْمًا مِثْلَ التُّرَابِ، وَكَرَمْلِ الْبَحْرِ طُيُورًا ذَوَاتِ
أَجْنِحَةٍ. 28وَأَسْقَطَهَا فِي وَسَطِ مَحَلَّتِهِمْ حَوَالَيْ
مَسَاكِنِهِمْ. 29فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جِدًّا، وَأَتَاهُمْ
بِشَهْوَتِهِمْ. 30لَمْ يَزُوغُوا عَنْ شَهْوَتِهِمْ. طَعَامُهُمْ
بَعْدُ فِي أَفْوَاهِهِمْ، 31فَصَعِدَ عَلَيْهِمْ غَضَبُ اللهِ،
وَقَتَلَ مِنْ أَسْمَنِهِمْ، وَصَرَعَ مُخْتَارِي إِسْرَائِيلَ. 32فِي
هذَا كُلِّهِ أَخْطَأُوا بَعْدُ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِعَجَائِبِهِ."
ملخص
لأعمال الله وإحساناته على شعبه وتمرد الشعب عليه. وفي (17) فِي الأَرْضِ النَّاشِفَةِ = أي برية سيناء
فبينما هم رأوا عمل الله وكيف أخرج لهم ماءً من الصخور كانوا هم دائمي التذمر على
الله وفي (19) فَوَقَعُوا فِي اللهِ =
تكلموا بالردئ عن الله وشككوا في قوته متسائلين هل يقدر أن يرتب مائدة في البرية
القاحلة. وفي (24) بُرَّ السَّمَاءِ=
أي القمح (راجع مز13:65). وأسماه بُر السماء لأن المن
نزل من السماء. وفي (26) لَحْمًا مِثْلَ
التُّرَابِ = أي كثيراً جداً. ولقد أعطى الله لهم شهوتهم فلم يشكروا،
بل استمروا في شهوتهم وتذمرهم= لَمْ يَزُوغُوا
عَنْ شَهْوَتِهِمْ لذلك ضربهم الله وَقَتَلَ
مِنْ أَسْمَنِهِمْ = يبدو أن من مات، مات من كثرة الأكل، كأن الله لن
يعود فيعطيهم ثانية.
الآيات (33-41):- "33فَأَفْنَى أَيَّامَهُمْ
بِالْبَاطِلِ وَسِنِيهِمْ بِالرُّعْبِ. 34إِذْ قَتَلَهُمْ طَلَبُوهُ،
وَرَجَعُوا وَبَكَّرُوا إِلَى اللهِ، 35وَذَكَرُوا أَنَّ اللهَ
صَخْرَتُهُمْ، وَاللهَ الْعَلِيَّ وَلِيُّهُمْ. 36فَخَادَعُوهُ
بِأَفْوَاهِهِمْ، وَكَذَبُوا عَلَيْهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ. 37أَمَّا
قُلُوبُهُمْ فَلَمْ تُثَبَّتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي عَهْدِهِ.
38أَمَّا هُوَ فَرَؤُوفٌ، يَغْفِرُ
الإِثْمَ وَلاَ يُهْلِكُ. وَكَثِيرًا مَا رَدَّ غَضَبَهُ، وَلَمْ يُشْعِلْ كُلَّ
سَخَطِهِ. 39ذَكَرَ أَنَّهُمْ بَشَرٌ. رِيحٌ تَذْهَبُ وَلاَ تَعُودُ. 40كَمْ
عَصَوْهُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَأَحْزَنُوهُ فِي الْقَفْرِ! 41رَجَعُوا
وَجَرَّبُوا اللهَ وَعَنَّوْا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ."
حينما
ضربهم الله قدموا توبة، ولكنها للأسف لم تكن من القلب بل من الفم كانت ناتجة عن
الخوف وليس عن اقتناع وتوبة قلبية. لذلك تكرر سقوطهم. ولكن الله لم يكن يعاقبهم في
كل مرة فهو يعرف أنهم بشر سريعي الزيغان. عَنَّوْا=
جعلوا الله يعاني منهم ويغتاظ منهم.
الآيات
(42-53):- "42لَمْ يَذْكُرُوا يَدَهُ يَوْمَ فَدَاهُمْ مِنَ الْعَدُوِّ، 43حَيْثُ
جَعَلَ فِي مِصْرَ آيَاتِهِ، وَعَجَائِبَهُ فِي بِلاَدِ صُوعَنَ. 44إِذْ
حَوَّلَ خُلْجَانَهُمْ إِلَى دَمٍ، وَمَجَارِيَهُمْ لِكَيْ لاَ يَشْرَبُوا. 45أَرْسَلَ
عَلَيْهِمْ بَعُوضًا فَأَكَلَهُمْ، وَضَفَادِعَ فَأَفْسَدَتْهُمْ. 46أَسْلَمَ
لِلْجَرْدَمِ غَلَّتَهُمْ، وَتَعَبَهُمْ لِلْجَرَادِ. 47أَهْلَكَ
بِالْبَرَدِ كُرُومَهُمْ، وَجُمَّيْزَهُمْ بِالصَّقِيعِ. 48وَدَفَعَ
إِلَى الْبَرَدِ بَهَائِمَهُمْ، وَمَوَاشِيَهُمْ لِلْبُرُوقِ. 49أَرْسَلَ
عَلَيْهِمْ حُمُوَّ غَضَبِهِ، سَخَطًا وَرِجْزًا وَضِيْقًا، جَيْشَ مَلاَئِكَةٍ
أَشْرَارٍ. 50مَهَّدَ سَبِيلاً لِغَضَبِهِ. لَمْ يَمْنَعْ مِنَ
الْمَوْتِ أَنْفُسَهُمْ، بَلْ دَفَعَ حَيَاتَهُمْ لِلْوَبَإِ. 51وَضَرَبَ
كُلَّ بِكْرٍ فِي مِصْرَ. أَوَائِلَ الْقُدْرَةِ فِي خِيَامِ حَامٍ. 52وَسَاقَ
مِثْلَ الْغَنَمِ شَعْبَهُ، وَقَادَهُمْ مِثْلَ قَطِيعٍ فِي الْبَرِّيَّةِ. 53وَهَدَاهُمْ
آمِنِينَ فَلَمْ يَجْزَعُوا. أَمَّا أَعْدَاؤُهُمْ فَغَمَرَهُمُ الْبَحْرُ."
المرنم
هنا يذكر ضربات الرب ضد المصريين. ويعاتب الشعب أنهم رأوا كل هذه الضربات ولكنهم
لم يؤمنوا بل كانوا يرتدون عن الله فشابهوا المصريين واستحقوا أن يضربهم الله كما
ضرب المصريين. في (49) مَلاَئِكَةٍ أَشْرَارٍ
= أي ملائكة يأتون على الشعب بضربات شريرة مؤلمة وترجمت "ملائكة مؤدبين"
وفي (50) مَهَّدَ سَبِيلاً لِغَضَبِهِ =
ضربات الله تأتي بالتدريج، وقبل أن يضرب بالموت يؤدب بالوبأ لعلهم يتوبون.
الآيات
(54-55):- "54وَأَدْخَلَهُمْ فِي تُخُومِ قُدْسِهِ، هذَا الْجَبَلِ
الَّذِي اقْتَنَتْهُ يَمِينُهُ. 55وَطَرَدَ الأُمَمَ مِنْ قُدَّامِهِمْ
وَقَسَمَهُمْ بِالْحَبْلِ مِيرَاثًا، وَأَسْكَنَ فِي خِيَامِهِمْ أَسْبَاطَ
إِسْرَائِيلَ."
الْجَبَلِ = إشارة لأرض إسرائيل التي دخلها يشوع
مع الشعب وقسمها لهم.
الآيات
(56-64):- "56فَجَرَّبُوا وَعَصَوْا اللهَ الْعَلِيَّ، وَشَهَادَاتِهِ
لَمْ يَحْفَظُوا، 57بَلِ ارْتَدُّوا وَغَدَرُوا مِثْلَ آبَائِهِمْ.
انْحَرَفُوا كَقَوْسٍ مُخْطِئَةٍ. 58أَغَاظُوهُ بِمُرْتَفَعَاتِهِمْ،
وَأَغَارُوهُ بِتَمَاثِيلِهِمْ. 59سَمِعَ اللهُ فَغَضِبَ، وَرَذَلَ
إِسْرَائِيلَ جِدًّا، 60وَرَفَضَ مَسْكِنَ شِيلُوِ، الْخَيْمَةَ
الَّتِي نَصَبَهَا بَيْنَ النَّاسِ. 61وَسَلَّمَ لِلسَّبْيِ عِزَّهُ،
وَجَلاَلَهُ لِيَدِ الْعَدُوِّ. 62وَدَفَعَ إِلَى السَّيْفِ شَعْبَهُ،
وَغَضِبَ عَلَى مِيرَاثِهِ. 63مُخْتَارُوهُ أَكَلَتْهُمُ النَّارُ،
وَعَذَارَاهُ لَمْ يُحْمَدْنَ. 64كَهَنَتُهُ سَقَطُوا بِالسَّيْفِ،
وَأَرَامِلُهُ لَمْ يَبْكِينَ."
لقد
رأى الجيل الذي دخل أرض الميعاد أعمال الله الإعجازية مع يشوع وهزيمة ملوك كثيرين
أمامهم. ولكنهم عوضاً أن يشكروا الله ارتدوا وعبدوا الأوثان فعاد الله وضربهم. وَرَفَضَ مَسْكِنَ شِيلُوِ.. وَسَلَّمَ لِلسَّبْيِ عِزَّهُ = إشارة لحادثة
سبي تابوت العهد بواسطة الفلسطينيين. وتابوت العهد كان في شيلوه. وكان هذا في أيام
عالي الكاهن. ومات أولاد عالي الكهنة وهلك عدد كبير من جيش إسرائيل= مُخْتَارُوهُ أَكَلَتْهُمُ النَّارُ. وَعَذَارَاهُ لَمْ يُحْمَدْنَ = أي لم يجدن من
يتزوجهن فالرجال ماتوا في الحرب. وكلمة يُحمدن أي كما
هي عادة الأفراح يغنون للعروس ليستحسنوا جمالها معجبين به وبأخلاقها. هؤلاء لم
يسمعن هذه الأغاني التي تقال في الأفراح، إذ لا أفراح.
الآيات
(65-72):- "65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ، كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ
مِنَ الْخَمْرِ. 66فَضَرَبَ أَعْدَاءَهُ إِلَى الْوَرَاءِ. جَعَلَهُمْ
عَارًا أَبَدِيًّا. 67وَرَفَضَ خَيْمَةَ يُوسُفَ، وَلَمْ يَخْتَرْ
سِبْطَ أَفْرَايِمَ. 68بَلِ اخْتَارَ سِبْطَ يَهُوذَا، جَبَلَ
صِهْيَوْنَ الَّذِي أَحَبَّهُ. 69وَبَنَى مِثْلَ مُرْتَفَعَاتٍ
مَقْدِسَهُ، كَالأَرْضِ الَّتِي أَسَّسَهَا إِلَى الأَبَدِ. 70وَاخْتَارَ
دَاوُدَ عَبْدَهُ، وَأَخَذَهُ مِنْ حَظَائِرِ الْغَنَمِ. 71مِنْ خَلْفِ
الْمُرْضِعَاتِ أَتَى بِهِ، لِيَرْعَى يَعْقُوبَ شَعْبَهُ، وَإِسْرَائِيلَ
مِيرَاثَهُ. 72فَرَعَاهُمْ حَسَبَ كَمَالِ قَلْبِهِ، وَبِمَهَارَةِ
يَدَيْهِ هَدَاهُمْ."
لم
يستمر غضب الله على شعبه بل اسْتَيْقَظَ كَنَائِمٍ=
ونومه هنا كناية عن أنه ترك شعبه للتأديب وضرب أعداؤه الذين أذلوا شعبه واستعبدوهم
. فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ
مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ. رأت كنيستنا في هذه الاية نبوة عن قيامة
المسيح ووضعتها في تسابيح عيد القيامة . مُعَيِّطٍ
= ثمل . فالمسيح لم يكن موته كموت الانسان العادي ، فنحن حين نموت تنفصل الروح عن
الجسد فيموت الجسد ويتحلل ويتعفن ، اما جسد المسيح المتحد بلاهوته فلم يفقد حيويته
، لذلك ما كان ممكنا ان يتحلل او يتعفن (مز16 : 10). ورفض كل شعب إسرائيل (يوسف
وإفرايم) وأختار سبط يهوذا ليخرج منه داود الملك الذي اختاره الله. وَبَنَى مِثْلَ مُرْتَفَعَاتٍ مَقْدِسَهُ = مَقْدِسَه = الهيكل في أورشليم، ولكن هذه الآيات
تشير للمسيح الذي إذ وجد شعبه مستعبداً للشيطان، جاء وتجسد من سبط يهوذا ومن نسل
داود. ومات. ولكنه لم يستمر ميتاً بل كان في موته كجبار معيط من الخمر. وكان كنائم
ثم استيقظ بقيامته. وضرب أعدائه إلى الوراء وهم الشياطين وجعلهم عاراً أبدياً.
ولأن اليهود هم الذين صلبوه ثم رفضوا الإيمان به، رفضهم هو= رَفَضَ خَيْمَةَ يُوسُفَ واختار كنيسته عروساً
له= اخْتَارَ سِبْطَ يَهُوذَا، جَبَلَ صِهْيَوْنَ
الَّذِي أَحَبَّهُ. وأسس كنيسته السماوية = وَبَنَى مِثْلَ مُرْتَفَعَاتٍ مَقْدِسَهُ = أي بنى كنيسته مثل
مرتفعات مقدسة وثبتها للأبد كالأرض التي أسسها إلى الأبد. وكان المسيح وسط كنيسته
الراعي الصالح= فَرَعَاهُمْ حَسَبَ كَمَالِ
قَلْبِهِ. وبقوته قاد كنيسته= بِمَهَارَةِ
يَدَيْهِ هَدَاهُمْ. أَخَذَهُ مِنْ
حَظَائِرِ الْغَنَمِ = أي تجسد المسيح ابن داود من البشر وهم الغنم
الذين رعاهم بعد هذا.اما داود فالله اخذه ليملك فعلا وهو راع للغنم.