هذا
المزمور هو مديح لصهيون كرمز للكنيسة. بل ما ذُكِرَ في هذا المزمور لا ينطبق
بالكامل إلا على كنيسة المسيح. ونجد في المزمور أن صهيون مفضلة عن باقي أرض
إسرائيل. لأن الهيكل مؤسس هناك، وهناك العبادة لله.
يرى
البعض أن المزمور كُتِبَ في فترة إزدهار أورشليم، أيام داود أو سليمان ويقول أصحاب
هذا الرأي أنه كُتِبَ أثناء نقل التابوت من بيت عوبيد أدوم إلى صهيون، أو أثناء
تدشين هيكل سليمان. وهناك من قال أنه كُتِبَ بعد السبي أثناء خراب أورشليم لتشجيع
المسبيين على العودة إلى أورشليم لتعميرها، بناءً على الوعود التي قيلت عنها ومحبة
الله لها. فبالرغم من أن أورشليم خربة ولا أحد يهتم بها، لكن الله قال عنها أشياء
مجيدة. وهذا ينطبق على كنيسة المسيح التي صار لها الأمجاد تحت راية المسيح. (سواء
الكنيسة على الأرض أو في السماء).
آية
(1):- "1أَسَاسُهُ فِي الْجِبَالِ الْمُقَدَّسَةِ."
أَسَاسُه = يتكلم المرتل هنا عن هيكل تأسس على
الجبال المقدسة. وهو مؤسس بقوة وهذا ما تشير إليه كلمة الْجِبَالِ الْمُقَدَّسَةِ. ولأن الهيكل مؤسس على الجبال فهو
ثابت، عكس المسكونة المؤسسة على البحار، إذاً هي متقلبة (مز2:24) والهيكل قد يكون
هيكل سليمان، أو الكنيسة هيكل المسيح (يو21:2). والكنيسة مؤسسة على الرسل
والأنبياء والمسيح هو حجر الزاوية (اف20:2). والهيكل كان مبنياً على جبل المريا في
صهيون. وطالما الكنيسة مؤسسة على المسيح (جبل بيت الرب) الثابت في رأس الجبال
(الرسل والأنبياء) (أش2:2) فهي لن تسقط أبداً، وهي عالية شامخة. وهي جبال مقدسة،
فالقداسة هي التي أعطت قوة للبناء.
آية
(2):- "2الرَّبُّ أَحَبَّ أَبْوَابَ صِهْيَوْنَ أَكْثَرَ مِنْ
جَمِيعِ مَسَاكِنِ يَعْقُوبَ."
صِهْيَوْنَ = هي أورشليم عاصمة إسرائيل، وهناك كان
الهيكل لذلك تعظمت على باقي مدن إسرائيل= مَسَاكِنِ
يَعْقُوبَ. خصوصاً بعد إنفصال العشرة أسباط عن يهوذا وعبادتهم للبعل.
وصهيون كلمة عبرية معناها حصن. وكان هذا الحصن قائماً على جبل إسمه صهيون.
وأورشليم ضمت هذا الجبل مع الجبال المحيطة وهم ثلاثة آخرين (المريا واكرا
والبيزيتا). وكانت أورشليم عاصمة أعظم ملوك إسرائيل وهم داود وسليمان. وكان الهيكل
فيها، وفي الهيكل تابوت العهد. بل كان ملكي صادق رمز المسيح الكاهن والملك حاكماً
على أورشليم. وعلى جبل المريا قدم إبراهيم ابنه اسحق ذبيحة وعاد حياً رمزاً لما
حدث مع المسيح. الرَّبُّ أَحَبَّ أَبْوَابَ
صِهْيَوْنَ = الله أحَّب صهيون ففيها الهيكل والعبادة وفيها كرسي داود
الذي أحبه الله. والله أحب أبواب صهيون لأن من هذه الأبواب يدخل المؤمنين ليعبدوا
في الهيكل. وبالنسبة للكنيسة فأبوابها الآن هي الإيمان المسلم مرة للقديسين (يه3)
والمعمودية والتوبة.
آية
(3):- "3قَدْ قِيلَ بِكِ أَمْجَادٌ يَا مَدِينَةَ اللهِ: سِلاَهْ."
هناك
أَمْجَادٌ كثيرة ونبوات مجيدة عن
أورشليم لأن الله ساكن فيها (مر11:9) وكما سكن الله في أورشليم سكن في بطن العذراء
مريم. لذلك ترتل الكنيسة هذه الآية عشية عيد ميلاد السيدة العذراء ومع هذه الآية
أجزاء أخرى "أعمال مجيدة قد قيلت لأجلك يا مدينة الله وهو العلي الذي أسسها
إلى الأبد لأن سكنى الفرحين جميعهم فيك" فالمزمور يشيد بصهيون الأم والذي ولد
فيها هو الإنسان وهو نفسه العلي الذي أسسها. وأورشليم أيضاً هي الكنيسة جسد المسيح
(سواء على الأرض أو في السماء) (عب22:12 + رؤ2:21-4) وما هي الأشياء المجيدة التي
قيلت عن كنيسة المسيح؟ أنها عروس المسيح وأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها وأنه
اشتراها بدمه وأنها كنيسة ملوك وكهنة.
آية
(4):- "4«أَذْكُرُ رَهَبَ وَبَابِلَ عَارِفَتَيَّ. هُوَذَا
فَلَسْطِينُ وَصُورُ مَعَ كُوشَ. هذَا وُلِدَ هُنَاكَ»."
رَهَبَ = هي مصر ومعنى الكلمة كبرياء. بَابِلَ= مركز عبادة الأصنام. صُور= حيث الغني والمال والخطايا البشعة كُوشَ = اللون الأسود رمز الخطية (أر23:13).
واللون الأسود يشير لظلام النفس والقلب. هؤلاء كانوا عابدي أوثان مع فلسطين. وبعد
مجيء المسيح دخل الأمم للإيمان لذلك قيل عن مصر
وَبَابِلَ عَارِفَتَيَّ وبعد أن كانت مصر رمز للكبرياء صارت بعد المسيح
من المؤمنين وقيل عنها مبارك شعبي مصر (أش25:19). هذَا
وُلِدَ هُنَاكَ = هؤلاء ولدوا هناك (سبعينية) فهذه الشعوب بالمعمودية
ولدت هناك، أي في صهيون أي الكنيسة.
آية
(5):- "5وَلِصِهْيَوْنَ يُقَالُ: «هذَا الإِنْسَانُ، وَهذَا
الإِنْسَانُ وُلِدَ فِيهَا، وَهِيَ الْعَلِيُّ يُثَبِّتُهَا»."
الإِنْسَانُ الذي وُلِدَ فِي صهيون هو المسيح الذي
بصليبه صار لنا ولادة ثانية بالمعمودية فتصير صهيون الكنيسة أمنا حينما نولد من
الماء والروح. وَهِيَ الْعَلِيُّ يُثَبِّتُهَا
= المسيح المولود في صهيون هو العليُّ الذي يثبت كنيسته.
آية
(6):- "6الرَّبُّ يَعُدُّ فِي كِتَابَةِ الشُّعُوبِ: «أَنَّ هذَا
وُلِدَ هُنَاكَ». سِلاَهْ."
كل
من ولد بالمعمودية يعده الله من المكتوبين في السماوات (لو20:10).
آية
(7):- "7وَمُغَنُّونَ كَعَازِفِينَ: «كُلُّ السُّكَّانِ فِيكِ»."
هذا
حال المؤمنين في الكنيسة، التسبيح والفرح بسبب ما هم فيه من سلام.
والكنيسة تصلي هذا المزمور طوال الصوم
الأربعيني المقدس بعد أن يفرغ الكاهن من انتقاء الحمل ووضعه في الصينية وبعد أن
يصب الخمر في الكأس، إشارة للكنيسة التي تأسست بذبيحة المسيح (التي يقدمها على
المذبح)، والكنيسة التي صار يسوع المسيح ساكناً فيها، وهو معنا على المذبح، فبعد
أن سكن في بطن العذراء، هو الآن ساكن وسط كنيسته يثبتها. كنيسته المولودة في
المعمودية. ونصلي بالمزمور في أثناء فترة الأربعين المقدسة لأنها تنتهي بأسبوع
الآلام الذي فيه صُلِب رب المجد ومات وقام، هذه الأمور التي قامت عليها الكنيسة
الجديدة.
ونصلي
بهذا المزمور في الساعة السادسة، ففي هذه الساعة صُلِب رب المجد ليجمع كل الشعوب
المتفرقة إلى واحد. ولن يكتب في سفر الحياة إلا الذين وُلِدوا في الكنيسة المقدسة،
هؤلاء هم الفرحون الذين يسكنون فيها إلى الأبد.