لقد أثبت
سليمان في الإصحاحات (1-4) أن العالم باطل وابتداء من هذا الإصحاح نجده يقدم نصائح
عملية فيها يقدم لكل منا دوره العملي الذي يجب أن يسلك به.
آية (1):- "1اِحْفَظْ قَدَمَكَ حِينَ تَذْهَبُ إِلَى بَيْتِ اللهِ،
فَالاسْتِمَاعُ أَقْرَبُ مِنْ تَقْدِيمِ ذَبِيحَةِ الْجُهَّالِ، لأَنَّهُمْ لاَ
يُبَالُونَ بِفَعْلِ الشَّرِّ. "
احفظ
قدمك=
إصلاح
السلوك من كل طريق شر. وذلك قبل أن تدخل بيت الرب. حين
تذهب إلى بيت الله. وحفظ القدم قبل الذهاب إلى بيت الله تشبه أمر الله
لموسى أن يخلع حذاؤه لأنه في مكان مقدس (خر5:3) . وهذه تفهم بأنه يجب أن نخلع عنا
ما يمس الحياة الميتة أو أعمال الإنسان العتيق لنحيا بروح الله في جدة الحياة.
لندخل بيت الرب بقلوبنا بعد خلع حذائها منها فلا نسلك في الحياة الشريرة. فدخول
بيت الرب والسكنى فيه يتطلب نقاوة القلب وقداسته. وبيت الرب هو أيقونة السماء،
صورة لها، يلجأ إليه المؤمنون وسط هموم وخطايا العالم فيحمل روح الله قلوبهم
وأفكارهم ومشاعرهم إلى ما فوق الزمن، لهذا لا نعجب إذا كان الجامعة يبدأ نصائحه
للإنسان بعد تأكيده بطلان العالم بالذهاب إلى بيت الله وكأنه يقول إهرب من العالم
الزائل إلى خالقه الأبدي بالدخول إلى بيته المقدس، ولكن حتى تقابل الله في بيته
عليك أولاً أن تحفظ قدمك من الشر (مز6:23+ 3:61،4 + 14:73،17)
فالاستماع
أقرب من تقديم ذبيحة الجهال= المقصود
بالاستماع الطاعة لكلام الله في حب. أي لا تذهب لبيت الله للعبادة الشكلية ولكن
بالحب تتعبد لله بروح الطاعة الصادقة القلبية. لأنهم
لا يبالون بفعل الشر= الجاهل ليس فقط يخطئ بل يخطئ ولا يبالي، فلا تقبل
ذبيحته التي يقدمها.
آية (2):- "2لاَ تَسْتَعْجِلْ فَمَكَ وَلاَ يُسْرِعْ قَلْبُكَ إِلَى
نُطْقِ كَلاَمٍ قُدَّامَ اللهِ، لأَنَّ اللهَ فِي السَّمَاوَاتِ وَأَنْتَ عَلَى
الأَرْضِ، فَلِذلِكَ لِتَكُنْ كَلِمَاتُكَ قَلِيلَةً. "
لا
تستعجل فمك ولا يسرع قلبك= لا تكرر كلمات
كثيرة دون أن تكون صادرة من قلبك. بل لننطق بعد أن نفكر في كل كلمة قبل أن نقولها.
فلا نستعجل أفواهنا ويسبق لساننا أفكارنا، فالأفكار هي كلمات تنطق بها قلوبنا لله.
ولا يعني قول سليمان هذا أن نقلل صلواتنا بل أن نصلي بالروح وبالذهن أيضاً
(1كو15:14). فهناك من يصلي بلا تفكير وينصحنا هنا الجامعة أن ننطق بروية وخشوع.
وقطعاً لا يقصد أن نصلي قليلاً فبولس الرسول يقول صلوا بلا انقطاع (1تس17:5)، وكان
المسيح يقضى الليل كله في الصلاة (لو12:6 + كو3:1) ولكن المطلوب هنا أن لا تكن
صلاتنا هي كثرة الكلام (مت7:6). والقديس يوحنا سابا قال "سكت لسانك ليتكلم
قلبك، سكت قلبك ليتكلم فيك الروح" أي لا تتسرع في صلاتك لتنهيها، إنما بين
الحين والآخر أرفع فكرك ومشاعرك نحو الله، فتترك المجال لنعمة الله تعمل فيك أثناء
الصلاة وتسمع صوت الله، بل تتحول الصلاة إلى ديالوج حب يشترك فيه الإنسان لا
بلسانه وحده بل بكل كيانه الداخلي. بل يضع الروح كلمات علي افواهنا فيعلمنا كيف
نصلي (هو 14 : 1 ، 2 ) لأن الله في السموات وأنت
على الأرض= فنقف بخشوع أمام الله وباحترام فهو إله سماوي ونحن بشر
ترابيون. وتعلم في صلاتك الهدوء والانتظار ليعلن لك السماوي عن سمواته ويعلمك لغة
السماء، ويهبك شركة التسبيح مع السمائيين. هذه هي الصلاة وليست تكرار كلام بصورة
متكررة كأن الله محتاج لمن يذكره كما نفعل مع البشر. سليمان يطلب الهدوء أمام
الله.
آية (3):- "3لأَنَّ الْحُلْمَ يَأْتِي مِنْ كَثْرَةِ الشُّغْلِ،
وَقَوْلَ الْجَهْلِ مِنْ كَثْرَةِ الْكَلاَمِ. "
يقتبس الجامعة
مثلاً ليدلك به على أهمية الهدوء أمام الله وعدم ترديد كلام كثير أمامه بلا فائدة.
ومعنى المثل أنه كما أن الأحلام المشوشة تأتي نتيجة لما نفكر فيه اليوم كله
ولإنشغال الفكر بأشياء كثيرة تزحمه. هكذا كثير الكلام يتحول إلى جاهل وتكون كلماته
هي كلمات جهالة بل إن كثرة الكلام تكشف عن فراغ وجهالة. وهكذا كثير الكلام في
صلاته بلا هدوء وبلا استماع سيخرج فارغاً.
آية (4):- "4إِذَا نَذَرْتَ نَذْرًا ِللهِ فَلاَ تَتَأَخَّرْ عَنِ
الْوَفَاءِ بِهِ، لأَنَّهُ لاَ يُسَرُّ بِالْجُهَّالِ. فَأَوْفِ بِمَا نَذَرْتَهُ.
"
من ينذر ثم
يتلاعب يكون كمن يمزح مع الله، وهل هذا يليق إلا بجاهل. والنذر هو وعد بتكريس شئ
ما لله، يلتزم المرء بالوفاء به. والله يهتم أولاً بتكريس القلب نفسه له لمجد
اسمه.
الآيات (5-6):-
" 5أَنْ لاَ تَنْذُرُ خَيْرٌ مِنْ
أَنْ تَنْذُرَ وَلاَ تَفِيَ. 6لاَ تَدَعْ فَمَكَ يَجْعَلُ جَسَدَكَ
يُخْطِئُ، وَلاَ تَقُلْ قُدَّامَ الْمَلاَكِ: «إِنَّهُ سَهْوٌ». لِمَاذَا يَغْضَبُ
اللهُ عَلَى قَوْلِكَ، وَيُفْسِدُ عَمَلَ يَدَيْكَ؟ "
لقد كان خير
لحنانيا وسفيرة أن لا ينذران كل ثمن حقلهما من أن ينذران ثمن الحقل كله ثم لا
يوفوا ما نذروه. فعدم الوفاء بالنذر هو استخفاف بالله. وليس من نذر يفرح قلب الله
مثل تسبيحنا وشكرنا إياه وسط ضيقاتنا ومتاعبنا. لا
تدع فمك يجعل جسدك يخطئ= الجسد هنا يعني الإنسان بكليته. الملاك= هو كاهن الله (رؤ1:2) وكلمة ملاك تعني
المرسل من الله. والمعنى أن تتصنع الأعذار أمام الكاهن، مدعياً أن النذر الذي
نذرته لم تكن تقصده فالله يغضب على المتسرعين في كلماتهم ونذورهم. ويفسد عمل يديك= لا تكون بركة في أعمالهم.
آية (7):- "7لأَنَّ ذلِكَ مِنْ كَثْرَةِ الأَحْلاَمِ وَالأَبَاطِيلِ
وَكَثْرَةِ الْكَلاَمِ. وَلكِنِ اخْشَ اللهَ."
تشديد آخر على
عدم التسرع أمام الله. وقوله إخش الله= يفيد
بأن التسرع في الكلام والوعود والنذور فيه عدم خشية لله. والجامعة ذكر 3 أشياء
تسبب التسرع أمام الله. [1] كثرة الأحلام=
أي الإنشغال بالأوهام دون السلوك الواقعي العملي، وهذه تشمل الخوف من الأحلام أو
الأوهام غير الحقيقية، ولكن من يثق في الله لا يخاف من شئ. [2] الأباطيل= أي الإنشغال بأمور الحياة الباطلة [3]
كثرة الكلام= بدون تفكير. إذاً لكي
تكون تعهداتنا مقدسة وواقعية يلزمنا أن نهرب من الأفكار الباطلة (الأحلام) ومن
الأعمال الباطلة ومن الكلمات الباطلة ونضع مخافة الله نصب أعيننا عندما نفكر أو
نعمل أو نتكلم.
الآيات (8-9):-
"8إِنْ
رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ، فَلاَ
تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ، لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِيًا يُلاَحِظُ، وَالأَعْلَى
فَوْقَهُمَا. 9وَمَنْفَعَةُ الأَرْضِ لِلْكُلِّ. الْمَلِكُ مَخْدُومٌ
مِنَ الْحَقْلِ. "
في (8) يقول
إذا رأيت الظلم قد ساد على الأرض فلا تخف لأن الله الذي في السماء وهو أعلى من كل
عرش سينصف المظلومين ولكن عدله في الوقت المناسب. وإن كان الظالمون متعالين فمجد
الله فوق السموات. فوق العالي عالياً والأعلى
فوقهما= النظام السائد في العالم هو نظام التدرج الرئاسي فلكل رئيس
هناك رئيس أعلى منه، والله الأعلى فوق الكل.
أية
(9) تشير أن الملك يحتاج للعامل الفقير الذي يعمل في أرضه لينتج له طعامه فلماذا
يظلمه أو يتعالى عليه. هي نصيحة للرؤساء والملوك الأرضيين، أن الكل محتاج للكل
والله فوق الكل بعدل يحكم.
آية (10):- "10مَنْ يُحِبُّ الْفِضَّةَ لاَ يَشْبَعُ مِنَ الْفِضَّةِ،
وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لاَ يَشْبَعُ مِنْ دَخْل. هذَا أَيْضًا بَاطِلٌ."
الإنسان جسد
وروح، وربما يشبع الجسد من كثرة المال أي الفضة ولكن الروح لن تشبع من المال. بل
الجسد أيضاً مهما حصَّل من ثروة يزداد جشعه (حب5:2 + أم15:30 + في18:4).
آية (11):- "11إِذَا كَثُرَتِ الْخَيْرَاتُ كَثُرَ الَّذِينَ
يَأْكُلُونَهَا، وَأَيُّ مَنْفَعَةٍ لِصَاحِبِهَا إِلاَّ رُؤْيَتَهَا
بِعَيْنَيْهِ؟ "
إذا
كثرت الخيرات كثر الذين يأكلونها= إذ يزداد
الإنسان غنى تزداد مسئولياته، فهو ملتزم بالصرف على العاملين في أرضه وممتلكاته. وأي منفعة لصاحبها إلا رؤيتها بعينيه= لن ينتفع
هذا الغني بكل ما يملك فإنه مضطر أن يوزع منه على عماله والأجراء عنده. هذا الكلام
موجه لمن تكلم عنهم في آية (10) الذين لا يشبعون من الفضة، فهو هنا يسخر منهم
كأنهم يرون أن المال الذي يعطونه لعمالهم كثير عليهم، هم في حالة جشع فهم يمتلكون
ولكنهم يريدون أن يكنزوا أكثر وأكثر. وبينما هم في جشعهم غير مستريحين يكون العمال
الفقراء لديهم أكثر راحة.
آية (12):- "12نَوْمُ الْمُشْتَغِلِ حُلْوٌ، إِنْ أَكَلَ قَلِيلاً أَوْ
كَثِيرًا، وَوَفْرُ الْغَنِيِّ لاَ يُرِيحُهُ حَتَّى يَنَامَ. "
بهذه الآية
تكتمل الصورة، فالعامل الفقير يعمل ويكد ويحصل على القليل لكنه ينام في راحة
"الله يعطي لأحبائه نوماً". أما الجشع فلا يعرف معنى الراحة، لا ينشغل
سوى بمضاعفة ثروته، وهو خائف من ضياعها. نوم
المشتغل حلو= فالتعب الجسماني يجعل النوم يأتي سريعاً ليقوم الإنسان في
راحة نشيطاً، بل لأنه فقير فهو لا يعاني من أمراض الجشع التي للأغنياء، فهو ينام
مستريحاً بلا هم. وإن كان التعب الجسماني بسبب ضروريات الجسد يعطي لذة عند النوم،
فكم بالحري من يتعب ويجاهد روحياً لأجل خلاص نفسه.
آية (13):- "13يُوجَدُ شَرٌّ خَبِيثٌ رَأَيْتُهُ تَحْتَ الشَّمْسِ:
ثَرْوَةٌ مَصُونَةٌ لِصَاحِبِهَا لِضَرَرِهِ. "
شر عظيم أن يظل
الإنسان يصون ثروته ثم تصبح لضرره [1] لأحقاد الناس عليه وتدبيرهم شرور ضده لا لشئ
سوى ثروته. [2] لطمع اللصوص في ثروته. [3] لمرضه بسبب همومه للحفاظ على ثروته
ولزيادتها. [4] لخسارته الروحية وهلاك نفسه لإنشغاله بالماديات عن الروحيات.
ولنلاحظ أن
المشكلة لا تكمن في المال والثروة إنما في الارتباك بهما والولع بالكسب والإنشغال
عن الله. ولنذكر أن إبراهيم واسحق ويعقوب كانوا أغنياء (أم19:1).
الآيات
(14-17):- "14فَهَلَكَتْ تِلْكَ الثَّرْوَةُ بِأَمْرٍ سَيِّئٍ، ثُمَّ
وَلَدَ ابْنًا وَمَا بِيَدِهِ شَيْءٌ. 15كَمَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ
أُمِّهِ عُرْيَانًا يَرْجعُ ذَاهِبًا كَمَا جَاءَ، وَلاَ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ
تَعَبِهِ فَيَذْهَبُ بِهِ فِي يَدِهِ. 16وَهذَا أَيْضًا مَصِيبَةٌ
رَدِيئَةٌ، فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا جَاءَ هكَذَا يَذْهَبُ، فَأَيَّةُ مَنْفَعَةٍ
لَهُ، لِلَّذِي تَعِبَ لِلرِّيحِ؟ 17أَيْضًا يَأْكُلُ كُلَّ أَيَّامِهِ
فِي الظَّلاَمِ، وَيَغْتَمُّ كَثِيرًا مَعَ حُزْنٍ وَغَيْظٍ."
هذه موجهة لكل
مولع بالكسب، أو لمن يظن أن في زيادة ثروته ضمان لمستقبل آمن. فكم من غني ضاعت
ثروته في مشروع خاسر= هلكت تلك الثروة بأمر سيئ=
أو ضاعت بسبب أي مصيبة (حرب- زلزال.. .) ولم يترك لابنه شيئاً= ولد ابناً وما بيده شئ بل هو قد يموت ويترك كل
شئ= عرياناً يرجع ذاهباً كما جاء. فلماذا
الجشع والإكتناز، المال غير مضمون، هو وهم وسراب وخدّاع. ومن يظن أن فيه ضمان
لحياته يقبض الريح. مثل هذا الجشع محب المال يفقد بصيرته الروحية= يأكل كل أيامه في الظلام فإما أن يعبد الإنسان
الله أو المال، من يلقي بهمه على الله مؤمناً أنه يُدَّبر له حياته يحيا في فرح
ويرى يد الله التي تحفظه فيسبح الرب كل أيامه، أما من يعتمد ويتكل على أمواله فهو
محروم من نور الله، لا يرى فرحاً حقيقياً ولا أمل له في الخلاص، يأكل بلا فرح، بل
في غيظ وحزن خوفاً من حسد الناس أو خوفاً ممن يأكلون أمواله. لا يشعر بعناية الله،
بل يتهم الله أنه لا يعتني به، دائم التذمر على الله فهو في ظلام لا يرى يد الله
الحانية عليها، لقد سبق سليمان وطلب أن نقدم عبادة حقيقية لله ولا نكون جشعين في
طلب المال والمقابل أن يعطينا الله استنارة فنرى يده ونحيا في فرح مسبحين شاكرين
الله على ما نراه من أعماله.
الآيات (18-20):- "18هُوَذَا الَّذِي
رَأَيْتُهُ أَنَا خَيْرًا، الَّذِي هُوَ حَسَنٌ: أَنْ يَأْكُلَ الإِنْسَانُ
وَيَشْرَبَ وَيَرَى خَيْرًا مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ الَّذِي يَتْعَبُ فِيهِ تَحْتَ
الشَّمْسِ مُدَّةَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ الَّتِي أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهَا،
لأَنَّهُ نَصِيبُهُ. 19أَيْضًا كُلُّ إِنْسَانٍ أَعْطَاهُ اللهُ غِنًى
وَمَالاً وَسَلَّطَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْهُ، وَيَأْخُذَ نَصِيبَهُ،
وَيَفْرَحَ بِتَعَبِهِ، فَهذَا هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. 20لأَنَّهُ لاَ يَذْكُرُ
أَيَّامَ حَيَاتِهِ كَثِيرًا، لأَنَّ اللهَ مُلْهِيهِ بِفَرَحِ قَلْبِهِ."
نصائح
سليمان أن يأكل الإنسان ويشرب ويمارس عمله بفرح، ويحسن استغلال عطايا الله ويفرح
بها بشكر، يخدم الله بما أعطاه، وينتفع هو به بلا بخل ولا جشع فكل ما أعطاه الله
لنا هو هبة إلهية فلنفرح بها ونشكره عليها ونمارس حياتنا اليومية بفرح. لا يذكر أيام حياته= الله يطلب فرح أولاده، فلا
ينشغل أولاده بما في الحياة من هم ولن ينشغل أولاده بالغد ويقلقوا، فالله سيعطيهم
فرح واطمئنان أن الغد في يده هو. لأن الله ملهيه
بفرح قلبه= يترجمها البعض "لأن الله يعطيه سؤل قلبه فرحاً".
فلماذا لا يذكر أيام حياته بهمومها لأن
الله يعطيه سؤل قلبه فرحاً. فالله يتطلع إلى الإنسان المؤمن كطفله المحبوب لديه،
يلهيه بالحكمة السماوية وعربون المجد الأبدي والتعرف على بعض الأسرار كمن يود أن
يفرح قلبه بها، وهذه تلهيه عن أن ينشغل بهمومه (لو21:10). ولاحظ قوله لا يذكر أيام حياته كثيراً. فنحن لابد وسنذكر
ألامنا لأننا نحياها، ولكن سرعان ما تعزينا النعمة الإلهية فلا ننشغل بهمومنا
كثيراً. كحزانى ونحن دائماً فرحون (2كو10:6).