الآيات (1-18):- "1 بنو
الحكمة جماعة الصديقين وذريتهم أهل الطاعة والمحبة.
2 يا بني اسمعوا أقوال أبيكم واعملوا بها لكي تخلصوا. 3 فان الرب
قد اكرم الأب في الأولاد واثبت حكم الأم في البنين. 4 من اكرم
أباه فانه يكفر خطاياه ويمتنع عنها ويستجاب له في صلاة كل يوم. 5ومن احترم
أمه فهو كمدخر الكنوز. 6 من اكرم أباه سر بأولاده وفي يوم
صلاته يستجاب له. 7 من احترم أباه طالت أيامه ومن أطاع
أباه أراح أمه. 8 الذي يتقي الرب يكرم
أبويه ويخدم والديه بمنزلة سيدين له. 9 اكرم أباك
بفعالك ومقالك بكل أناة. 10 لكي تحل عليك البركة منه وتبقى بركته
إلى المنتهى.
11 فان بركة الأب توطد بيوت البنين ولعنة الأم تقلع أسسها. 12 لا تفتخر
بهوان أبيك فان هوان أبيك ليس فخرا لك. 13 بل فخر
الإنسان بكرامة أبيه ومذلة الأم عار للبنين. 14 يا بني
اعن أباك في شيخوخته ولا تحزنه في حياته. 15 وان ضعف
عقله فاعذر ولا تهنه وأنت في وفور قوتك فان الرحمة للوالد لا تنسى. 16
وباحتمالك هفوات أمك تجزى خيرا. 17 وعلى برك
يبنى لك بيت وتذكر يوم ضيقك وكالجليد في الصحو تحل خطاياك. 18 من خذل
أباه فهو بمنزلة المجدف ومن غاظ أمه فهو ملعون من الرب."
هي
تفصيل لوصية "أكرم أباك وأمك" وخطورة هذه الوصية أن من يكرم أباه وأمه
فهو كمن يكرم الله. ونستعير هذا التصوير من القديس يوحنا ونطبقه على حالتنا
هذه" فمن لا يكرم أباه الذي يراه والذي رباه فكيف يستطيع أن يكرم الله الذي
لا يراه" راجع (1يو20:4)
بنو
الحكمة=
هم
من لهم حكمة تحكم تصرفاتهم هم جماعة الصديقيين=
فلا حكمة لمن يسلك في الشر. وذريتهم أهل
الطاعة والمحبة ومن يسلك بالحكمة يكافئه الله في ذريته التي تسلك في
طاعة للأب والأم، ويخرج الأولاد ليعيشوا في محبة للجميع. ثم نرى بركات من يكرم
أبويه، واللعنات على من لا يفعل. ومن ضمن صور إكرام الوالدين طاعتهم. وفي طاعتهم
خلاص، فالأب الحكيم لن ينصح أولاده بما ليس فيه خلاص نفوسهم. ومن يريد الرب أن
يكرمه يعطيه أولاداً لهم طاعة. وأثبت حكم الأم في
البنين= أثبت حق الأم في أن يطيعها أولادها. من أكرم أباه فإنه يكفر خطاياه= دم المسيح وحده
هو الذي يكفر عن خطايا البشر. ولكن إكرام الأباء كأي عمل صالح يثبت إستحقاق الشخص
لبركات الفداء، طاعة الوصية تعبر عن قلب مستعد ومستحق للتمتع بنعمة الفداء. فلا
نعمة بدون جهاد. حقاً كما قال الأباء فإن النعمة مجانية ولكنها لا تعطى إلاّ لمن
يستحقها. والنعمة لا تعمل فقط في غفران الخطايا، بل تعطى قوة لنكف عن الخطايا= ويمتنع عنها. ويكون مقبولاً أمام الله= يستجاب له في صلاة كل يوم. ومن يكرم أباه يكرمه
أولاده والعكس. هذه كقول عوبديا "كما فعلت يفعل بك. عملك يرتد على رأسك"
(عو15). ومن بركات العهد القديم طول الأيام، وبركات العهد الجديد هي بركات روحية. من أطاع أباه أراح أمه= هذه صورة للبيوت
المملوءة بركة. فالأب يحب الأم والأم تحب الأب والأولاد يحبون والديهم. والأم تفرح
حين ترى الأبناء يكرمون أباهم التي هي أيضاً تكرمه. وكيف نكرم الأباء؟ بالأفعال
والأقوال والصبر عليهم= بفعالك ومقالك بكل أناة=
وصورة عكسية لعنة الأم تقلع أسس بيوت البنين.
لا تفتخر بهوان أبيك= فمهما كانت أخطاء الأب فليكملها الإبن ولا يشهر
بأبيه فهذا ليس فخراًَ. من يكرم أبويه ينسى الله خطاياه= كالجليد (الثلج) في
الصحو (مع حرارة الشمس) تحل خطاياك
(أي تذوب). وما قيل عن الأباء الجسديين يقال عن الآباء الروحيين.
الآيات (19-26):- "19 يا بني اقض
أعمالك بالوداعة فيحبك الإنسان الصالح. 20 ازدد
تواضعا ما ازددت عظمة فتنال حظوة لدى الرب. 21 لأن قدرة
الرب عظيمة وبالمتواضعين يمجد. 22 لا تطلب
ما يعييك نيله ولا تبحث عما يتجاوز قدرتك لكن ما أمرك الله به فيه تأمل ولا ترغب
في استقصاء أعماله الكثيرة. 23 فانه لا
حاجة لك أن ترى المغيبات بعينيك. 24وما جاوز
أعمالك فلا تكثر الاهتمام به. 25 فانك قد
اطلعت على أشياء كثيرة تفوق إدراك الإنسان. 26 وان
كثيرين قد أضلهم زعمهم وأزل عقولهم وهمهم الفاسد."
قال السيد
المسيح "تمثلوا بي فإني وديع ومتواضع القلب" (وقال طوبى للودعاء فإنهم
يرثون الأرض" وقال إشعياء أن الله يسكن عند المتضعين والمنسحقين (15:57) وهنا
إقض أعمالك بالوداعة فيحبك الإنسان الصالح=
هذه تساوي فإنهم يرثون الأرض أي يحبهم الناس. ومن
يزداد تواضعاً ينال حظوة لدي الرب= فهو يسير في نفس طريق الرب يسوع
المتضع. قدرة الرب عظيمة وهي تظهر في
الإنسان المتضع= بالمتواضعين يمجد= يري
الناس تواضعه وانكاره لذاته فيمجدوا الله . أما المتكبر فهو يخفي عمل الله
بكبريائه. لذلك إفتخر بولس بضعفه" (2كو9:12،10). ومن الإتضاع أيضاً أن يظن
إنسان أنه قادر على فهم كل شئ! وهذا لا يمكن حدوثه، فحكمة الله أسمى وأعلى من
حكمتنا كما علت السموات عن الأرض. ولكن في بعض الأحيان يعطى الله فهماً، إذا كان
في هذا فائدة للشخص. بل إن حيرتك آية فإتركها. وفي وقت مناسب سيعطيك الله فهماً
لها. ولكن المتكبر حين لا يفهم آية فإنه يتهم الكتاب المقدس بالخطأ. المغيبات= أسرار حكمة الله، لماذا يسمح الله لي
بهذه الضيقة، أسرار الخليقة ماذا كان قبل الخلقة.
الآيات (27-34):- "27 القلب القاسي
عاقبته السوء والذي يحب الخطر يسقط فيه.
28 القلب الساعي في طريقين لا ينجح
والفاسد القلب يعثر فيهما. 29 القلب القاسي يثقل بالمشقات والخاطئ
يزيد خطيئة على خطيئة. 30 داء المتكبر لا دواء له لان جرثومة
الشر قد تأصلت فيه. 31 قلب العاقل يتأمل في المثل ومنية
الحكيم أذن سامعة. 32 القلب الحكيم العاقل يمتنع من
الخطايا وينجح في أعمال البر. 33 الماء
يطفئ النار الملتهبة والصدقة تكفر الخطايا. 34 من صنع
جميلا ذكر في أواخره وصادف سندا في يوم سقوطه."
القلب القاسي يثقل
بالمشقات= عاقبة هذا الإنسان دائماً سيئة،
فكما يتعامل بقسوة سيتعامل معه الآخرين بقسوة "عملك يرتد على رأسك"
(عو15) "وما يزرعه الإنسان فإياه يحصد"
الخاطئ
يزيد خطيئة على خطيئة= من يسير في
طريق الشر فهو كمن يتدحرج على منحدر، فمن سيئ إلى أسوأ. فداود بعد أن زنى قتل. داء المتكبر لا دواء له= كل خطية هي مرض روحي
ولكن حين يرجع الإنسان بالتوبة تغفر الخطية،
أما المتكبر فهو واثق في نفسه لا يريد أن يرجع، لأنه يشعر أنه أفضل إنسان
في العالم، ومثل هذا يقال عنه جرثومة الشر قد
تأصلت فيه= الجرثومة تبدأ كشئ صغير لكنه ينمو حتى يفسد الحياة، وهكذا
الكبرياء، فالمتكبر لا يمكن أن يعترف بأنه قد أخطأ ولا يقبل أن يسمع من أحد آخر.
والعكس بالنسبة للحكيم فهو يتأمل وله أذن سامعة
لذلك يتعلم ومن يتعلم يمتنع عن الخطايا.
وكما أن الماء يطفئ النار الملتهبة هكذا الصدقة تكفر الخطايا (راجع تفسير آية 4
في نفس الإصحاح). من صنع جميلاً ذُكِرَ له في
أواخره هذه تساوي "كنت جوعاناً فأطعمتموني.." (مت25).