الآيات (1-13):- "1 لا
تغر على المرأة التي في حجرك ولا تعلم عليك تعليما سيئا. 2 لا تسلم
نفسك إلى المرأة لئلا تتسلط على قدرتك. 3 لا تلق
المرأة البغي لئلا تقع في إشراكها. 4 لا تالف
المغنية لئلا تصطاد بفنونها. 5 لا تتفرس
في العذراء لئلا تعثرك محاسنها. 6 لا تسلم
نفسك إلى الزواني لئلا تتلف ميراثك. 7 لا تسرح
بصرك في أزقة المدينة ولا تتجول في أخليتها. 8 اصرف طرفك
عن المرأة الجميلة ولا تتفرس في حسن الغريبة. 9 فان حسن
المرأة أغوى كثيرين وبه يتلهب العشق كالنار. 10 كل امرأة
زانية تداس كالزبل في الطريق. 11 كثيرون
افتتنوا بجمال المرأة الغريبة فكان حظهم الرذل لان محادثتها تتلهب كالنار. 12 لا تجالس
ذات البعل البتة ولا تتكئ معها على المرفق. 13 ولا تكن
لها منادما على الخمر لئلا تميل نفسك إليها وتزل بقلبك إلى الهلاك."
هذه
الآيات عن التعامل مع النساء. لا تغر على المرأة
التي في حجرك= لا داعي للغيرة الجنونية التي بلا مبرر، فهذه تدفع
للجنون، بل فليثق كل طرف بالآخر إذا لم يكن هناك داعٍ للشك. التي في حجرك= "التي في حضنك" في
ترجمة أخرى. والمقصود الزوجة. ولا تعلم عليك
تعليماً سيئاً= في ترجمة أخرى "لا تعلمها تعليماً يسئ إليك".
فمثلاً لا تعلمها أن تجالس الغرباء وتأتي أنت برجال غرباء لبيتك، ربما تعتبرهم
أصدقاء لك، فقد يحدث إرتباط عاطفي مع أحدهم.
لا تسلم نفسك إلى المرأة لئلا تتسلط
على قدرتك= الرجل هو رأس المرأة، فلا يصح أن
تصبح هي رأسه وتتسلط عليه. هذا يعتبر وضع معكوس ناشئ من تدليل خطأ. ثم يمنع تماماً
التعامل مع المرأة البغي= أي الساقطات
وهكذا لا تألف المغنية= "لا تطيل
المقام معها" في ترجمة أخرى. لا تتفرس في
العذراء= حتى لا تثار شهوات لا داعِ لها قد تقود للخطأ. ولا تسلم نفسك إلى الزواني لئلا تتلف ميراثك= ميراثك
الأرضي، فأموالك ستذهب لها، وميراثك السماوي، فالزناة لا نصيب لهم في ملكوت
السموات (1كو9:6 ،10). ولا تترك عينك تسعى وراء شهوات هذا العالم= لا تسرح بصرك في أزقة المدينة= المقصود أن لا
يسرح بصرك وراء النساء، ولا تتجول في أخليتها=
أي "زواياها المقفرة" حيث الساقطات ينتظرن من يلتقطهن. ولا تطيل
النظر للمرأة الجميلة= فهذا سيثير
شهوتك، وفكر في أن كل هذا الجمال سيتحول إلى تراب يوماً ما. الغريبة= التي هي ليست زوجتك. والأفضل كما يقول
عدم الدخول مع النساء في مصادقات لا داعِ لها= لا
تجالس .. لا تكن منادماً لها على الخمر.
حَجْر = المنع
من التصرف0 حَجْرِك= الحرام والمقصود
زوجتك فهى لك
الآيات (14-25):- "14 لا تقاطع
صديقك القديم فان الحديث لا يماثله. 15 الصديق
الحديث خمر جديدة إذا عتقت لذ لك شربها. 16 لا تغر
من مجد الخاطئ فانك لا تعلم كيف يكون انقلابه. 17 لا ترتض
بمرضاة المنافقين اذكر انهم إلى الجحيم لا يتزكون. 18 تباعد
عمن له سلطان على القتل فلا تجري في خاطرك مخافة الموت. 19 وان دنوت
منه فلا تجرم لئلا يذهب بحياتك. 20 اعلم انك
تتخطى بين الفخاخ وتتمشى على متارس المدن. 21 اختبر
الناس ما استطعت وشاور الحكماء منهم. 22 ليكن
مؤاكلوك من الأبرار وافتخارك بمخافة الرب. 23 اجعل
عشرتك مع العقلاء وكل حديثك في شريعة العلي. 24 يثنى على
عمل الصناع لأجل أيديهم أما رئيس الشعب فانه حكيم لأجل كلامه. 25 الفتيق
اللسان يخاف منه في مدينته والهاذر في كلامه يمقت."
الصديق القديم= هو
من إختبرته ومع الأيام ثبت لك إخلاصه. فلا تقاطعه من أجل صديق حديث لا تعرف عن
إخلاصه شيئاً. وشبه الصديق القديم بالخمر كلما كانت عتيقة تكون أفضل. ويحذر من أن
نرى مجد الخاطئ فنغار منه، فهو من المؤكد لن يستمر في مجده، (مز3:73،18)
لا ترتضى بمرضاة المنافقين= لا
ترضى بما يرضي المنافقين، ولا تساير الخطاة. أذكر
أنهم إلى الجحيم لا يتزكون= أي حتى يموتوا (وهم سيذهبون للجحيم) لن
يتزكوا، لن يقبلهم الله. هؤلاء الأشرار قد يكون لهم نجاح مؤقت ولكنه لا يدوم. تباعد عمن له سلطان على القتل فلا تجري في خاطرك مخافة
الموت إبتعد عن الأشرار الذين يستهينون بالدم، فلو عاشرتهم سيختفي من
داخلك الشعور بمخافة الموت لأنك ستعتاد عليه ،بل لا تعود تخاف أنت من الموت وتتبلد
مشاعرك تجاهه. (أثناء الحرب الأهلية اللبنانية وقد إعتاد الناس مناظر الدم، سادت
هناك لعبة غريبة. فيضع الشبان رصاصة واحدة في مسدس، ويراهن بأن يطلقها ولا يموت..
[وطبعاً إحتمالات الموت هي 1 : 6 فالمسدس يسع 6 رصاصات].. لكن هو إستهانة بالموت
الذي اعتادوا عليه.) وإن دنوت منه= إن
إضطرتك الظروف أن تتعامل مع مثل هذا الإنسان، فحاذر أن تخطئ، فالدم لا قيمة له
عنده= فلا تجرم لئلا يذهب بحياتك. حياتك
مع مثل هذا الإنسان تشبه من يتخطي بين الفخاخ=
معرض للسقوط كل لحظة. وتتمشى على متارس المدن=
من يختبئ وراء أسوار المدن هو في حماية، ولكن من يتمشى بلا إحتراس على أسوار
المدن هو معرض لسهام العدو المحيط بالمدينة. أي حياة الإنسان الذي يعاشر هذا
المجنون الدموي هي في خطر مستمر فليحذر. والعكس حاول أن تعاشر العقلاء (23) ولذلك إختبر الناس ما إستطعت= لتعرف من تعاشره ومن
تتجنبه. وشاور الحكماء ليخبروك من
تعاشره ومن تبتعد عنه. وحاول أن يكون حديثك
عن شريعة العلي وافتخارك بمخافة الرب والأبرار
سيفرحون بهذا الحديث فعاشرهم، والأشرار سينفرون من هذا الحديث فستكتشف شرهم
وبالتالي تجنبهم. عموماً بين أولاد الله يلذ الحديث عن الله وشريعة الله وأعمال
الله. ولكن كل واحد له مجاله فالصناع الذين
يعملون بأيديهم يثنى عليهم لو كانت لهم أعمال جيدة. أما رئيس الشعب فهو لا يعمل بيده، بل يحكم عليه
ويثنى عليه لأجل كلامه لو كان فيه
حكمة. والفتيق اللسان= الثرثار يُخاف منه= لنشره شائعات تسبب مشاكل ويتلف
أعمالاً جيدة، هكذا الهاذر الذي يسخر
من كل شئ. وفي ترجمة أخرى جاء "السريع الغضب"
بدلاً من الهاذر.
تعليق على
الآيات (18-23) هناك من يميل
لمعاشرة المجرمين ظناً أنهم يحمونه بل يستهين بالموت وربما يظلم ويقتل
وينتفخ ظناً أنهم يحمونه وهناك من يميل إلى أن يعاشر الرؤساء والملوك والولاة ويفتخر
بهذا، بل يسعى إلى ذلك منتهزاً أى فرصة لذلك، وينتفخ بهذا ويتكبر إذ هو
صار له معرفة بهم. والحكيم ينبه أن هذا خطر فهؤلاء وأولئك ممن لهم السلطان أو
القوة إن أخطأ الإنسان فيهم فإنهم سيقتلونه. وهذا يكون في إرتفاعه كمن يسير على
أسوار المدن فيتعرض لسهام العدو القاتلة. هى معرفة وإن كان لها فوائد لكن لها
مخاطرها. وينصح الحكيم بدلاً من ذلك أن نعاشر الحكماء ومَن إختبرنا تقواهم وبرهم
والأفضل والأكثر أمناً أن نحتمي بالله.