الآيات (1-6):- "1 حكمة
الوضيع ترفع رأسه وتجلسه في جماعة العظماء. 2 لا تمدح
الرجل لجماله ولا تذم الإنسان لمنظره. 3 النحل
صغير في الطيور وجناه راس كل حلاوة. 4 لا تفتخر
بتردي الثياب ولا تترفع في يوم الكرامة فان أعمال الرب عجيبة وأفعاله خفية عن
البشر. 5كثيرون من المتسلطين جلسوا على التراب والخامل الذكر لبس التاج. 6 كثيرون من
المقتدرين لحقهم اشد الهوان والمكرمون سلموا إلى أيدي الآخرين."
الحكمة
هي التي ترفع شأن الإنسان وليس جماله ومنظره وثيابه= لا
تفتخر بتردي (إرتداء) الثياب. إذاً
المهم الجوهر وليس الشكل (إختار الله داود للمملكة وهو أصغر إخوته). والمسيح إفتدى
العالم وتمجد "وليس له منظر فنشتهيه" (إش2:53،3). فالنحلة الصغيرة تصنع
أحلى عسل= جناه= ما تجنيه منه، رأس كل حلاوة= أحلى حلاوة. لا تترفع في يوم الكرامة= لا يركبك الغرور إذا
كرمك أحد وتسعى لمزيد من الكرامة فتكرم نفسك، بل دع الله يكرمك= أعمال الرب عجيبة= الله يعمل في الخفاء ويكرم
عبيده المستحقين. فالله يرفع البسطاء= خامل الذكر ويخفض
المتسلطين.
الآيات (7-9):- "7 لا تذم قبل أن
تفحص تفهم أولا ثم وبخ. 8 لا تجاوب قبل أن تسمع ولا تعترض حديث
أحد قبل تمامه. 9 لا تجادل في أمر لا يعنيك ولا تجلس
للقضاء مع الخطاة."
لا
تتسرع في الحكم ولا في الحديث ولا تتداخل فيما لا
يعنيك فلن تكون قادراً على فهم كل ما يحيط بالأمر. ولا تجلس للقضاء مع الخطأة= فسيكون حكمهم
ملتوياً ويجرونك إلى نفس مقاصدهم. ولا تعترض حديث
أحد= حتى تسمع الأمر بالكامل فيكون حكمك صائباً، ومقاطعة الناس عيب.
الآيات (10-30):- "10 يا بني لا
تتشاغل بأعمال كثيرة فانك أن أكثرت منها لم تخل من ملام أن تتبعتها لم تحشها وان
سبقتها لم تنج. 11 رب إنسان ينصب ويتعب ويجد ولا يزداد
إلا فاقة. 12 ورب إنسان بليد فاقد المدد قليل
القوة كثير الفقر. 13 نظرت إليه عينا الرب بالخير فنعشه من
ضعته ورفع رأسه فتعجب منه كثيرون. 14 الخير
والشر الحياة والموت الفقر والغنى من عند الرب. 15الحكمة
والعلم ومعرفة الشريعة من عند الرب المحبة وطرق الأعمال الصالحة من عنده. 16 الضلال
والظلمة خلقا مع الخطاة والذين يرتاحون إلى الشر في الشر يشيخون. 17 عطية
الرب تدوم للأتقياء ومرضاته تفوز إلى الأبد. 18 رب غني
استغنى باهتمامه وإمساكه وإنما حظه من أجرته. 19 أن يقول
قد بلغت الراحة وأنا الآن أكل من خيراتي. 20 وهولا
يعلم كم يمضي من الزمان حتى يترك ذلك لغيره ويموت. 21 أقم على
عهدك وثابر عليه وشخ في عملك. 22 لا تعجب
من أعمال الخطاة آمن بالرب وابق على جهدك. 23 فانه هين
في عيني الرب أن يغني المسكين في الحال بغتة. 24 بركة
الرب في أجرة التقي وهو في لحظة يجعل بركته مزهرة. 25 لا تقل
أي حاجة لي وأي خير يحصل لي منذ الآن. 26 لا تقل
لي ما يكفيني فلم أتعنى منذ الآن. 27 أن
البؤوس تنسى في يوم النعم والنعم لا تذكر في يوم البؤوس. 28فانه هين
عند الرب أن يجازي الإنسان بحسب طرقه يوم الموت. 29 شر ساعة
ينسي اللذات وفي وفاة الإنسان انكشاف أعماله. 30 لا تغبط
أحدا قبل موته أن الرجل يعرف ببنيه."
التركيز
في عمل ما أفضل من أن يشغل الإنسان نفسه بأعمال عديدة يفشل في أن ينجزها= فإنك إن أكثرت منها لا تخل من ملام= سيلومك
الناس إن لم تنجزها. إن تتبعتها= مهما
حاولت أن تنجزها فلكثرتها ستفشل= لم تَحُشْها=
لا تدركها. وأن سبقتها لم تنج= "ولا
تنجو بالهرب" في ترجمة أخرى. وفي (11-14) نجد أن الرزق، الغني والفقر من عند
الرب، ولا يتوقف على كثرة العمل. فالكل من عند الرب. بل الحكمة والعلم .. (15) الكل من عند الرب.
وبالتالي فالإتكال على الرب هو الغنى نفسه. ولماذا التباهي بالغنى فهو من عند
الرب. وأهم ما يعطيه الرب السلام والرضى والفرح الداخلي والأهم الحياة الأبدية.
فليعمل الإنسان بجدية ويفهم أن رزقه من عند الله. الله خلق الفرح والنور ولكن
الخطاة إجتذبوا لهم الضلال والظلمة= الضلال
والظلمة خلقا مع الخطاة الله لم يخلق الضلال والظلمة، ولكن خلقا هنا
بمعنى أنهما بدءا أو وُجِدا مع الخطاة.
فالله
خلق نور وعدم وجود النور يعنى ظلمة. والله خلق محبة وعدم وجود محبة يعنى فشل
للإنسان أن يحيا فى محبة، بل يحيا فى
كراهية، لكن الله لم يخلق كراهية. ويكون المعنى أن الله خلق بر ونور وفشل
الإنسان أن يحيا فى بر ونور يعنى أن خطية الضلال والظلمة وُجِدَت فى العالم.
الله
خلق كل شئ فإذا هو حَسن وخير وفشل الإنسان فى صنع الخير هو الشر لذلك وُجِدَ الشر
مع فشل الإنسان فى صنع الخير.ومن لا يقدم توبة تنغلق عيناه ويطفئ الروح القدس
داخله فيرتاح للشر وفيه يشيخ (16) أما الأتقياء فعطايا الله الحلوة تدوم لهم،
ورضاه عليهم يستمر حتى نهاية حياتهم بل وللأبد (17). رب
غنى إستغني بإهتمامه= من عمله وليس بركة من الرب، فهذا سيكون كل حظه.
المال الذي كنزه هو حظه بغير رضى الله ولا حياة أبدية. والآيات (19،20) هي نفس ما
قاله السيد المسيح عن الغنى الغبي الذي قال له الرب "في هذه الليلة تؤخذ
نفسك.."
وفي
(21) أقم على عهدك= حافظ على تقواك
العمر كله. لا تعجب من أعمال الخطأة= مهما
زادت أموالهم. آمن بالرب= وأنه هو الذي
يقوتك ويرعاك وإبق على جهدك= لا تتوقف
عن العمل. والله قادر أن يغنيك في لحظة= بغتة.
ولماذا لا يفعل؟ لأنه ربما لو زادت أموالك تترك الله وتنشغل بملذات العالم
فتخسر أبديتك. والله يعطي ويبارك التقي وهو في
لحظة يجعل بركته مزهرة. ولا تتكاسل عن العمل وتقول لي ما يكفيني فلم أتعنى= فلم أعاني التعب في العمل. فقد تفتقر
إلى المال بغتة وفي يوم البؤوس= الفقر
والبؤس ينسى الإنسان أيام النعمة ولا يشعر إلاّ بالبؤس، أي لن يعزيه النعم السابقة
ولن يشبعه الأيام السابقة. ولا تغتر بأموالك فتترك الله قائلاً لديّ ما يكفيني فلا
أحتاج لله ولا لبركات الله، ولأنعم بملذات العالم بعيداً عن التقوى التي لا حاجة
لي إليها. وتذكر يوم الموت، يوم يجازي
الرب كل إنسان بحسب طرقه. بل قد يأتي
على الإنسان وهو مازال في حياته شرور مؤلمة مثل الأمراض. وشر ساعة ينسى اللذات. وما أصعبها ساعة، ساعة
الوفاة إن لم يكن الله راضياً عن الإنسان. ساعة الوفاة إمّا يأتي الملائكة يحملوا
نفس المنتقل (مثل الفقير لعازر). أو يأتي الشيطان، الذي قال عنه السيد المسيح
"رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شئ" ومن يكون للشيطان فيه شئ، أي قبل
من يد الشيطان خطايا، يأتي الشيطان ليأخذه إلى الجحيم، ومن ظل ثابتاً في المسيح،
يحيا في تقوى، يستطيع أن يقول مع المسيح "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ
شئ" (يو30:14). وهذا يتضح ساعة الوفاة، فعادة من تجده مبتسماً فهو رأي
الملائكة، ومن تجد الفزع على وجهه فقد رأى الشيطان، وفي هذه اللحظة هل يتذكر
الخاطئ اللذات السابقة؟ هل هي قادرة أن تعزيه. لذلك
لا تغبط أحداً قبل موته. إن الرجل يُعرف ببنيه
وفي ترجمة أخرى "يُعرف عند موته". يعرف
ببنيه = فالحكيم يربى اولاده حسنا .
الآيات (31-36):- "31 لا تدخل كل
إنسان إلى بيتك فان مكايد الغشاش كثيرة. 32 كصفة
الحجل الصياد في القفص صفة قلب المتكبر وهو كراصد يرقب السقوط. 33 فانه
يكمن محولا الخير إلى الشر ويصم المختارين بالنقائص. 34 من شرارة
واحدة يكثر الحريق والرجل الخاطئ يكمن للدم. 35 أحذر من
الخبيث الذي يخترع المساوئ لئلا يجلب عليك عارا إلى الأبد. 36 ادخل
الأجنبي إلى بيتك فيقلب أحوالك بالمشاغب ويطردك عن خاصتك."
هذا غالباً ما
عناه الحكيم في (1:9) حينما قال "لا يُعلِّم عليك تعليماً سيئاً" أي لا
تعلم إمرأتك أو بناتك.. تعليماً سيئاً بأن تدخل بيتك رجالاً غرباء، يكونوا سبباً
في مشاكل لك معهن= فإن مكايد الغشاش كثيرة.
ويشبه هذا الغريب الغشاش بالحجل= وهو
طائر يجمع البيض من أعشاش الطيور الأخرى، وهي طيور لها صوت صراخ شديد. وهذا الغشاش
بكلماته اللينة قد يجذب بنت من بناتك. الحجل
الصياد= هي عن طريق صراخها تجذب طيوراً كثيرة. لذلك يحبسها الصيادون
ويعتمدون على صراخها في جذب طيور أخرى يصطادونها. وأيضاً هي تصطاد بيض الطيور
الأخرى وتخطفه، وهذا ما يفعله الغشاش الغريب. وهناك مشكلة أخرى للغريب الغشاش أنه
يتصيد أخطاء أهل البيت= كراصد يرقب السقوط فإنه
يكمن محولاً الخير (إستضافته) إلى الشر ويصم المختارين بالنقائص= يتكلم كلاماً
سيئاً على أهل البيت. والكلام الذي ينشره قد يسبب حريقاً مدمراً سمعة عائلة بل قد يطردك عن خاصتك= يتسبب في أن تترك منزلك
وعائلتك.