الآيات (1-11):- "1 السهر
لأجل الغنى يذيب الجسم والاهتمام به ينفي النوم. 2 سهر
الاهتمام يحرم الوسن والمرض الشديد يذهبه النوم. 3 يجد الغني
في جمع الأموال وفي راحته يشبع من اللذات. 4 يجد
الفقير في حاجة العيش وفي راحته يمسي معوزا. 5 من احب
الذهب لا يزكى ومن اتبع الفساد يشبع منه. 6 كثيرون
سقطوا لأجل الذهب فأضحى هلاكهم أمام وجوههم. 7 الذهب عود
عثار للذين يذبحون له وكل جاهل يصطاد به. 8 طوبى
للغني الذي وجد بغير عيب ولم يسع وراء الذهب. 9 من هو
فنغبطه لأنه صنع عجائب في شعبه. 10 من الذي
امتحن به فوجد كاملا به فليفتخر من الذي قدر أن يتعدى فلم يتعد وان يصنع الشر ولم
يصنع. 11 ستكون خيراته ثابتة وتخبر الجماعة بصدقاته."
الإنسان
الذي يسعى وراء الغني يذيب جسمه. والإهتمام به= في ترجمة أخرى أدق همه يبعد النوم. سهر
الإهتمام يحرم الوسن= الذي يحمل الهم ويفكر في جمع الأموال يحرم من
النعاس= الوسن وهذا الهم قد يتسبب في
أمراض شديدة ولكن حين ينام الشخص يستعيد صحته= المرض
الشديد يُذِهِبَه النوم. وفي (3،4) الغنى يجد ليزيد أمواله والفقير يجد
لمجرد أن يجد لقمة العيش. وبينما الغني يصرف أمواله في اللذات، تجد الفقير في راحته أي في أحسن أحواله معوزاً. وهذا ما يتطلب من الغني أن يهتم
بالفقراء. ومن أحب الذهب لا يزكى= الله
ليس ضد الغنى، فالله خلق العالم لكي نستعمله، ولكن على ألاّ يكون هدفاً لنا، نحبه
بل هناك من يعبده = يذبحون لهُ= (7).
فمحبة العالم عداوة لله (يع4:4) لذلك قال الرب "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين..
الله والمال" (مت24:6). فمن أحب المال لهذه الدرجة لا يزكى= ببساطة لأن قلبه سيتعلق بالمال تاركاً
الله. ومن إتبع الفساد يشبع منه= في
ترجمة أخرى "من إتبع الكسب يضل فيه" أي من إتبع الكسب الحرام يضل في
طريق الحرام. وفي هذا الطريق كثيرون سقطوا لأجل
إقتناء الذهب وبهذا هم بالتأكيد سائرون في طريق الهلاك= فأضحى هلاكهم أمام وجوههم. الذهب عود عثار=
هو فخ عثرة للذين يذبحون له= يعبدونه.
وكل جاهل (ينسى الله كإله ويعبد الذهب)
يُصطاد به. طوبى
للغنى الذي وُجِدَ بغير عيب= إذاً الله ليس ضد الغني، على أن لا يعبد
أحد الذهب. فإبراهيم وإسحق ويعقوب وأيوب وإبراهيم الجوهري كانوا أغنياء. وإبراهيم
الجوهري بماله صنع عجائب في شعبه. عموماً
فالغنى الذي يتعفف عن السعي وراء الذهب ويخدم الله بماله هو مغبوط، ويعتبر هذا من
العجائب، هذا شئ نادر. وسيتحدث عنه كل الناس أنه لم يتعدى بينما هو قادر بماله أن
يتعدى. به فليفتخر= بمثل هذا فليفتخر
الناس. وتخبر الجماعة بصدقاته= فما زال
الناس تردد قصص إبراهيم الجوهري حتى الآن.
ستكون خيراته ثابتة= نصيبه
السماوي أكيد، فهو صنع أصدقاء بمال الظلم.
الآيات (12-29):- "12 إذا جلست على
مائدة حافلة فلا تفتح لها حنجرتك. 13 ولا تقل
ما اكثر ما عليها. 14 اذكر أن العين الشريرة سوء عظيم. 15 أي شيء
خلق أسوأ من العين فلذلك هي تدمع من كل شخص. 16 حيثما
لحظت فلا تمدد إليه يدك. 17 ولا تزاحمها في الصحفة. 18افهم ما
عند القريب مما عندك وتأمل في كل أمر. 19 كل مما
وضع أمامك كما يأكل الإنسان ولا تكن لهما لئلا تكره. 20 وكن أول
من امسك مراعاة للأدب ولا تتضلع لئلا ينكر عليك. 21 وإذا
اتكأت بين كثيرين فلا تمدد يدك قبلهم. 22 ما اقل
ما يكتفي به الإنسان المتأدب ومثل هذا لا تأخذه الكظة على فراشه. 23 السهاد
والهيضة والمغص للرجل الشره. 24 رقاد
الصحة لقنوع الجوف يقوم باكرا وهو مالك نفسه. 25 وإذا
أكرهت على الأكل فاعتزل من بين الجماعة فتستريح. 26 اسمع لي
يا بني ولا تستخف بي وأخيرا تختبر أقوالي. 27 في جميع
أعمالك كن نشيطا فلا يلحق بك سقم. 28 من سخا
بالطعام تباركه الشفاه ويشهد بكرمه شهادة صدق. 29 من شح
بالطعام تتذمر عليه المدينة ويشهد بلؤمه شهادة يقين."
هذه
عن الشره ومساوئه، وضرورة التعفف عند الطعام. لا
تقل ما أكثر ما عليها= أي أمامي فرصة لآكل كثيراً. العين الشريرة= "عين الشره" في ترجمة
أخرى أدق. فالعين التي تشتهي قال عنها أنها ليس أسوأ منها. فلذلك هي تدمع (تتأثر) من كل شخص= أي لا تترك عينك تتأثر بالطعام
فتشتهيه، فطبيعة العين أنها تنظر وتتأثر فتشتهي. إذاً ما العمل؟ لا تنظر كثيراً. وإذا لَحَظَتْ فلا تمدد يدك ولا تزاحمها في الصحفة= في
ترجمة أخرى "حيثما نظر ضيفك فلا تمدد يدك ولا تزاحمه في الصحفة
"فالموضوع ليس صراع، من يأخذ أكثر، أو من يأخذ قبل الآخر. إفهم ما عند القريب مما عندك= فصديقك مثلك فلا
ترهقه بأن تأخذ كل ما عنده= تأمل في كل أمر
أي تروى وليكن لك حياء وتعفف حتى لا ترهق من أضافك. كل مما وضع أمامك كما يأكل الإنسان= وليس كما
تأكل الوحوش. لذلك أضافت ترجمة أخرى على كلمة الإنسان صفة المتأدب. ولا تكن لهماً لئلا تُكْرَه= لهماً هي إصدار
أصوات من الفم أثناء الأكل للتلذذ بالطعام، وفي ترجمة أخرى "لا تعمل
الفكين". وحاول أن تكون أول من يتوقف عن الأكل ولا تكن نهماً= لا تتضلع لئلا ينكر عليك= تضلع
الرجل اي امتلأ شبعا ورياً ، فيستنكر الناس ما تعمله. والإنسان المتأدب يكتفي
بالقليل (22) فلا تأخذه الكظة على فراشه=
أي لا يلهث من ضغط الطعام على معدته. والشره يعاني من السهاد=
لا ينام. والهيضة= التقيؤ. والعكس
فمن يأكل قليلاً يستيقظ مبكراً في نشاط.
وإذا أكرهت على الأكل فإعتزل من بين
الجماعة فتستريح= إعتزل في ترجمة
أخرى تقيأ لتستريح وبالتالي تستطيع أن
تأكل وتجامل مضيفك. لذلك من الأفضل عدم الضغط على أحد، حتى لا يحدث له هذا التعب.
ثم
يوجه حديثه للمضيف بأن يكون سخياً= من سخا بالطعام
تباركه الشفاه. والعكس فالذي يبخل في ولائمه يتذمر عليه الجميع ويشتهر
بخله في كل المدينة= يشهد بلؤمه (بخله)
شهادة يقين= بحق.
الآيات (30-42):- "30 لا تكن ذا باس
تجاه الخمر فان الخمر أهلكت كثيرين. 31 الأتون
يمتحن الحديد الممهى والخمر تمتحن قلوب المتجبرين في القتال. 32 الخمر
حياة للإنسان إذا اقتصدت في شربها. 33 أي عيش
لمن ليس له خمر. 34 أي شيء يعدم الحياة الموت. 35 الخمر من
البدء خلقت للانبساط لا للسكر. 36 الخمر
ابتهاج القلب وسرور النفس لمن شرب منها في وقتها ما كفى. 37 الشرب
بالرفق صحة للنفس والجسد. 38 الإفراط من شرب الخمر خصومة ونزاع. 39 الإفراط
من شرب الخمر مرارة للنفس. 40 السكر
يهيج غضب الجاهل لمصرعه ويقلل القوة ويكثر الجراح. 41 في مجلس
الخمر لا توبخ القريب ولا تحتقره في سروره. 42 لا
تخاطبه بكلام تعيير ولا تضايقه في المطالبة."
هذه
عن الخمر. وكان اليهود مثلهم مثل من يعيش في بلاد باردة يشربون الخمر، وكانوا
يستعملونها في أفراحهم (عرس قانا الجليل).
لا تكن ذا بأس تجاه الخمر= لا
تدعي القوة تجاه الخمر فتشرب كثيراً ظاناً أن الخمر لا يؤثر فيك وذلك:-
1.
قد تسكر وتفقد الوعي فيهزأ الناس بك.
2. تدمن الخمر فتفقد مالك وصحتك.
وهذا
ما يعنيه بقوله= فإن الخمر أهلكت كثيرين. بل
يقول كما أن الأتون (الفرن) يمتحن الحديد الممهي (الفولاذ) أي يصهره، هكذا
الخمر تضيع إرادة الرجال الأقوياء= تمتحن قلوب
المتجبرين في القتال= وتحول هؤلاء الأقوياء إلى جبناء يهربون من
القتال. ثم ينادي الحكيم بالإعتدال في شرب الخمر= الخمر
حياة للإنسان إذا إقتصدت في شربها= أي هي مصدر مسرة، وكانوا يستخدمونها
كعلاج (السامري الصالح + 1تي23:5) الخمر من البدء
خلقت للإنبساط لا للسكر= فالسُكر أفقد نوح كرامته وجعل هيرودس يقتل
يوحنا المعمدان. ولأنهم إستخدموها كعلاج يقول الشرب
بالرفق صحة للنفس والجسد. أمّا الإفراط
في شرب الخمر فيتسبب عنه السُكْر وفقدان الوعي وبالتالي خصومة ونزاع. وبالتبعية مرارة للنفس= [1] بسبب الخصومات [2] إفلاس
المدمن [3] خراب بيته وصحته. لذلك من يفعل ذلك فهو جاهل= السُكر يهيج غضب الجاهل وذلك يؤدي لمصرعه= دخوله في صراعات. ثم نصيحة أن لا نهزأ
بالسكران فهذا عيب= في مجلس الخمر لا توبخ القريب
السكران ولا تضايقه في المطالبة=
كأن تطلب منه التوقيع على شئ وهو فاقد وعيه، وهذا ما حدث مع هيرودس.
ملحوظة عن الخمر:- فى العهد القديم لم يكن أمامهم سوى الأفراح عن
طريق الأكل والشرب والغناء (سيراخ5:32-8). "فالروح القدس لم يكن قد أعطى بعد
لأن يسوع لم يكن قد مُجِّدَ بعد" (يو39:7). ولكن لنسمع الآن قول بولس الرسول
"لا تسكروا بالخمر الذى فيه الخلاعة بل إمتلأوا بالروح" (أف18:5) ومن
ثمار الروح الفرح. وعرس قانا الجليل يشرح كيف تكون أفراحنا، حيث يسوع موجود فى
وسطنا, وبشركة القديسين (فمريم أمه وتلاميذه كانوا هناك). ويسوع يُحوِّل الماء
(جهادنا لتطهير انفسنا) إلى خمر أى فرح روحى (حُبَّك أطيب من الخمر (نش2:1).
والروح القدس الذى إذا إمتلأنا به يسكب محبة المسيح فى قلوبنا فيكون لنا الفرح
الروحى الذى هو الخمر الجيدة (يو6:2) + (يو22:16)
ولنعرف فكر
العهد القديم عن الخمر راجع الايات الاتية : -
وانفق الفضة في
كل ما تشتهي نفسك في البقر والغنم والخمر والمسكر وكل ما تطلب منك نفسك وكل هناك
امام الرب وافرح انت واهل بيتك ( تث 14 :26 )
فقال لهم
اذهبوا وكلوا السمين واشربوا الحلو وابعثوا انصبة لمن لم يعد لهم لان اليوم انما
هو مقدس لسيدنا ولا تحزنوا لان فرح الرب هو قوتكم ......... فذهب كل الشعب لياكلوا
ويشربوا ويبعثوا انصبة ويعملوا فرحا عظيما ( نحميا 8 : 10 – 12 )
فهذه اقوال
موسي ونحميا الذين يريدون للشعب ان يفرح . فهذه ارادة الله لشعبه وكانت هذه هي
وسيلة الفرح في العهد القديم. مع ملاحظة ان العهد القديم يحذر من السكر اى شرب
الخمر بكميات كبيرة تصل بالانسان لدرجة السكر كما في هذا الاصحاح
الاية 31 الخمر خلقت من البدء للانبساط لا للسكر.
وراجع ما
قاله الانبياء عن رفض الله للسكر وما حدث لرجال شهد لهم الكتاب انهم ابرار مثل نوح
ولوط وراجع ايضا ما قاله الحكيم عن الخمر مثلا في ( ام 23 :29 – 32).
اما العهد
الجديد حيث يسكن الروح القدس في اولاد الله , يكون الروح القدس هو مصدر الفرح
والتعزية وهذا لم يكن متاحا لشعب العهد القديم . مع ملاحظة الاتي :-
1 – ان كل
الاشياء تحل لى لكن ليس كل شئ يوافق او يبني 1 كو 6 : 12 + 1
كو 10 : 23 ) والمعني انه لا يوجد شئ نجس قد
خلقه الله لكن كيف نستعمل كل
الاشياء.
2- لا مقارنة
بين الافراح والتعزيات التي يعطيها لنا الروح القدس والافراح التي يعطيها
العالم بكل ما فيه من اكل وشرب وخمر وغناء .....الخ فما
يعطيه الله لا سلطان
لشئ او لخليقة أو حتي الموت ان ينزعه
منا ( يو 16 : 22).
3 – ان مشكلة
من لا يزال يستخدم العالم لكي يفرح.... انه لا يعرف طريق الفرح
الروحي, وكيف يمتلئ من الروح فيختبر هذا الفرح ( اف 5 :
15 -21).