واضح أن نبوات هذا الكتاب لم توضع بترتيب زمنى فهذا الإصحاح أحداثه
وقعت أيام صدقيا الملك. وسيأتى بعد هذا فى إصحاحات قادمة أحداث حدثت أيام يهوياقيم
وغيره.
الأيات
(1-7):-" 1اَلْكَلاَمُ الَّذِي
صَارَ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ، حِينَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ
صِدْقِيَّا فَشْحُورَ بْنَ مَلْكِيَّا وَصَفَنْيَا بْنَ مَعْسِيَّا الْكَاهِنَ
قَائِلاً: 2«اسْأَلِ الرَّبَّ مِنْ أَجْلِنَا، لأَنَّ
نَبُوخَذْراَصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ يُحَارِبُنَا. لَعَلَّ الرَّبَّ يَصْنَعُ
مَعَنَا حَسَبَ كُلِّ عَجَائِبِهِ فَيَصْعَدَ عَنَّا».3فَقَالَ لَهُمَا
إِرْمِيَا: «هكَذَا تَقُولاَنِ لِصِدْقِيَّا: 4هكَذَا قَالَ الرَّبُّ
إِلهُ إِسْرَائِيلَ: هأَنَذَا أَرُدُّ أَدَوَاتِ الْحَرْبِ الَّتِي بِيَدِكُمُ
الَّتِي أَنْتُمْ مُحَارِبُونَ بِهَا مَلِكَ بَابِلَ وَالْكَلْدَانِيِّينَ
الَّذِينَ يُحَاصِرُونَكُمْ خَارِجَ السُّورِ، وَأَجْمَعُهُمْ فِي وَسْطِ هذِهِ
الْمَدِينَةِ. 5وَأَنَا أُحَارِبُكُمْ بِيَدٍ مَمْدُودَةٍ وَبِذِرَاعٍ
شَدِيدَةٍ، وَبِغَضَبٍ وَحُمُوٍّ وَغَيْظٍ عَظِيمٍ. 6وَأَضْرِبُ
سُكَّانَ هذِهِ الْمَدِينَةِ، النَّاسَ وَالْبَهَائِمَ مَعًا. بِوَبَإٍ عَظِيمٍ
يَمُوتُونَ. 7ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ الرَّبُّ: أَدْفَعُ صِدْقِيَّا
مَلِكَ يَهُوذَا وَعَبِيدَهُ وَالشَّعْبَ وَالْبَاقِينَ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ
مِنَ الْوَبَإِ وَالسَّيْفِ وَالْجُوعِ لِيَدِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ
وَلِيَدِ أَعْدَائِهِمْ وَلِيَدِ طَالِبِي نُفُوسِهِمْ، فَيَضْرِبُهُمْ بِحَدِّ
السَّيْفِ. لاَ يَتَرَأَّفُ عَلَيْهِمْ وَلاَ يَشْفُقُ وَلاَ يَرْحَمُ»."
قد يتبادر إلى الذهن أن صدقيا الملك بهذا قد قدم توبة لله وتواضع لكن
بمقارنة هذا مع (2أى12:36) نجد أن صدقيا لم يتضع أمام أرمياء. ولكنه أمام ضغط
الحاجة يطلب مساعدة النبى ولكنه يرفض مشورته بتقديم توبة. وواضح الأن أن نبوخذ نصر
قد غزا الأرض وربما بدأ حصار المدينة. فلنلاحظ أن من يضع يوم الرب بعيداً فحين
يأتى يرتعب منه. ولنلاحظ أن أرمياء الذى كان يشكو السخرية سابقاً هو الآن محل
توقير وهكذا الحال فى هذا العالم. وبدأ بعضهم يدرك صدق نبواته فقد بدأت تتحقق ووصل
الجيش الكلدانى. ولكنهم هنا يشبهون العذارى الجاهلات يطلبن زيتاً بعد فوات الأوان.
ولكن فى (2) هم لا يريدون توبة بل لعل الرب يصنع معنا حسب عجائبه
كما صنع مع جيش أشور أيام حزقيا الملك. ولكن الفارق فى توبة الشعب أيام حزقيا
وفساده إرتداد هؤلاء. ولاحظ هنا طريقة نطق إسم ملك بابل نبوخذ راصر. فهناك نطق
عبرانى ونطق بابلى، وفى هذا الإصحاح كان ملك بابل قد وصل لأسوار أورشليم غالباً.
وفى (4) هكذا قال الرب = ربما لو رد النبى من نفسه لإنخدع وطلب لهم السلام فأولاً هو لا
يريد الشر لأورشليم وثانياً فهذه فرصة ليوقروه بزيادة. ولكن كلمة الرب لا يستطيع
أن يغيرها. وكانت كلمة الرب بلا كلمة تعزية. بل أردُ
أدوات الحرب التى بيدكم = أى ضدكم وسيخرب الغزاة
بلدكم لأنه أصبح مركزاً للخطية. وسيموت الإنسان والحيوان بسبب المجاعة.
الأيات
(8-14):-" 8«وَتَقُولُ لِهذَا الشَّعْبِ: هكَذَا
قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَجْعَلُ أَمَامَكُمْ طَرِيقَ الْحَيَاةِ وَطَرِيقَ
الْمَوْتِ. 9الَّذِي يُقِيمُ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ يَمُوتُ
بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَإِ. وَالَّذِي يَخْرُجُ وَيَسْقُطُ إِلَى
الْكَلْدَانِيِّينَ الَّذِينَ يُحَاصِرُونَكُمْ يَحْيَا وَتَصِيرُ نَفْسُهُ لَهُ
غَنِيمَةً. 10لأَنِّي قَدْ جَعَلْتُ وَجْهِي عَلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ
لِلشَّرِّ لاَ لِلْخَيْرِ، يَقُولُ الرَّبُّ. لِيَدِ مَلِكِ بَابِلَ تُدْفَعُ
فَيُحْرِقُهَا بِالنَّارِ. 11«وَلِبَيْتِ مَلِكِ يَهُوذَا تَقُولُ:
اسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ 12يَا بَيْتَ دَاوُدَ، هكَذَا قَالَ
الرَّبُّ: اقْضُوا فِي الصَّبَاحِ عَدْلاً، وَأَنْقِذُوا الْمَغْصُوبَ مِنْ يَدِ
الظَّالِمِ، لِئَلاَّ يَخْرُجَ كَنَارٍ غَضَبِي فَيُحْرِقَ وَلَيْسَ مَنْ
يُطْفِئُ، مِنْ أَجْلِ شَرِّ أَعْمَالِكُمْ، 13هأَنَذَا ضِدُّكِ يَا
سَاكِنَةَ الْعُمْقِ، صَخْرَةَ السَّهْلِ، يَقُولُ الرَّبُّ. الَّذِينَ
يَقُولُونَ: مَنْ يَنْزِلُ عَلَيْنَا وَمَنْ يَدْخُلُ إِلَى مَنَازِلِنَا؟ 14وَلكِنَّنِي
أُعَاقِبُكُمْ حَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُشْعِلُ نَارًا
فِي وَعْرِهِ فَتَأْكُلُ مَا حَوَالَيْهَا."
النبى
هنا يطلب منهم أن يستسلموا لبابل وهذا ضد أمنياتهم التى طالما ضللهم بها الأنبياء
الكذبة الذين طلبوا منه الصمود. ولكن يعرض عليهم من قِبَل الرب نصيحة يمكن تسميتها
(أحْسَنْ الوِحِشْ) فسبيهم خير من حرقهم بالنار. وليس معنى هذه النصيحة أن النبى
كان محباً لبابل، بل هو عَلِمَ أن بابل كانت أداة تأديب فى يد الرب. وفى (9) صار طريق الحياة هو الإستسلام، هذه تشبه
"يخلص كما بنار" (1كو15:3)، هو طريق مُرْ ولكن فى (10) الله يقول قد جعلت وجهى ضد هذه المدينة.
فمن يبقى فى المدينة يكون طريقه هو طريق الموت ولكن قلوبهم تقَست ورفضوا الإستسلام. والأيات (11-14) إنتهز الرب
هذه الفرصة ليحثهم على التوبة فهذا هو الحل الوحيد. والنصيحة هنا للملك ليكون قدوة
لشعبه بل ويستخدم سلطانه فيرتدع الشرير وفى (12) (فى كل صباح = كان الملك يقوم
بالقضاء صباحاً) يا بيت داود = ليذكرهم بما يجب أن يكونوا عليه وأن يشابهوا أبيهم داود الذى كان
قلبه حسب قلب الله ولو كانوا مثله لنالوا بركات كثيرة. ولنلاحظ أن الظلم يضايق
الله كثيراً فيخرج كنار غضبه. وفى (13) ساكنة العمق= هى أورشليم المحصنة طبيعياً فهى على تل وسط
جبال. ويحيط بها سهل = صخرة السهل فهى كصخرة وسط سهل ومحاطة بالجبال فيصعب الوصول إليها مما أعطاهم
إحساساً زائفاً بالأمان فإن لم يكن الله هو حاميهم فلن يحرسهم أحد "إن لم
يحرس الرب المدينة فباطلاً سهر الحراس".