فى الإصحاح السابق رأينا نبوات ضد يكنيا ويهوياقيم ويهوأحاز والأن
جاء الدور على صدقيا، لكن النبى لا يشير صراحة إلى إسم صدقيا. ولكن يشير إليه وإلى
نهاية حكمه بطريقة رمزية، ونلاحظ الآتى :- فمعنى إسم صدقيا = الرب بر. وهنا يتنبأ
أرمياء بأن هناك ملك جديد يخرج كغصن من شجرة داود التى قطعت فى شخص صدقيا حين قتله
نبوخذ نصر ويسمى المسيح هنا الرب برنا أية 6 وأن المسيح هو غصن البر الذى يأتى
ليملك أية 5 والمعنى أن البر بالمفهوم اليهودى أى المظاهر سينتهى ليقيم الله بر
حقيقى بالمسيح. والإصحاح يشير للفساد الذى وصلت لهُ البشرية عموماً تنجسوا
جميعاً (11) بل أن الأيات 9-40 تشير لفساد عام. وهذه إلى حد بعيد تشبه ما قاله
بولس الرسول "الجميع زاغوا وفسدوا" (رو3) وإحتاج الجميع للبر الذى
بالمسيح (راجع رو3). ولكننا نرى فى الأيات 1-8 أن المسيح يبرر. وكون أن الأيات 1-8
تسبق الأيات 9-40 أو ان فكرة المسيح الذى يبرر تسبق أخبار فساد الشعب، فهذا يشير
لأزلية فكرة الفداء. وهذا الإصحاح يجمع وظيفتى المسيح 1- ملك أية 5 2- راعى أية 4 ولاحظ أن المسيح هو المخلص الذى يرد لنا
ميراثنا السماوى أية (6) فى أيامه يخلص يهوذا (الكنيسة) . ويسكن إسرائيل امناً (فى ميراثه
السماوى).
لكن الخلاص ليس للجميع، بل
للبقية التى ستؤمن، فدائماً فى الضربات هناك بقية هى تخلص (نوح وعائلته فى
الطوفان/ لوط وبنته...) وفى خراب أورشليم هناك بقية تخلص. وحين يأتى المسيح هناك
بقية ستؤمن = أنا أجمع بقية غنمى (أية 3) ومن يؤمن تعود لهُ البركة. التى
فقدها أدم = "اثمروا واكثروا" وهنا نسمع فتثمر وتكثر (أية 3).
ولاحظ أن بالخطية صار كنياهو ومعه البشر فى حالة عقم، لكن بالمسيح تعود البركة،
ولاحظ فبولس صار لهُ بلايين الأولاد (1كو15:4).
الأيات
(1-8):-" 1« وَيْلٌ لِلرُّعَاةِ الَّذِينَ
يُهْلِكُونَ وَيُبَدِّدُونَ غَنَمَ رَعِيَّتِي، يَقُولُ الرَّبُّ. 2لِذلِكَ
هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الرُّعَاةِ الَّذِينَ يَرْعَوْنَ
شَعْبِي: أَنْتُمْ بَدَّدْتُمْ غَنَمِي وَطَرَدْتُمُوهَا وَلَمْ تَتَعَهَّدُوهَا.
هأَنَذَا أُعَاقِبُكُمْ عَلَى شَرِّ أَعْمَالِكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. 3وَأَنَا
أَجْمَعُ بَقِيَّةَ غَنَمِي مِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي الَّتِي طَرَدْتُهَا
إِلَيْهَا، وَأَرُدُّهَا إِلَى مَرَابِضِهَا فَتُثْمِرُ وَتَكْثُرُ. 4وَأُقِيمُ
عَلَيْهَا رُعَاةً يَرْعَوْنَهَا فَلاَ تَخَافُ بَعْدُ وَلاَ تَرْتَعِدُ وَلاَ
تُفْقَدُ، يَقُولُ الرَّبُّ. 5«هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ
الرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ،
وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ. 6فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ
يَهُوذَا، وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِنًا، وَهذَا هُوَ اسْمُهُ الَّذِي
يَدْعُونَهُ بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا. 7لِذلِكَ هَا أَيَّامٌ تَأْتِي،
يَقُولُ الرَّبُّ، وَلاَ يَقُولُونَ بَعْدُ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَصْعَدَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، 8بَلْ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ
الَّذِي أَصْعَدَ وَأَتَى بِنَسْلِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ الشِّمَالِ
وَمِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي الَّتِي طَرَدْتُهُمْ إِلَيْهَا فَيَسْكُنُونَ فِي
أَرْضِهِمْ»."
هنا كلمات مرعبة ويل للرعاة المهملين سواء ملوك أو كهنة الذين كان يجب أن يرعوا رعية الله (غنم رعيتى) ولكنهم بظلمهم بددوها.
وهؤلاء الرعاة سيعاقبهم الله (2،1) وكلمة راعى أطلقت على كورش كملك حرر اليهود من
السبى (أش28:44) وها هى تطلق هنا على الكهنة. ولكن الراعى الحقيقى، كملك حررنا،
وككاهن قدم ذبيحة نفسه ليفتش على الخروف الضال هو السيد المسيح (يو11:10). لذلك فى
(3) يتولى الله رعاية غنمه، أنا أجمع
بقية غنمى. من جميع الأراضى فهو
سيجمع الجميع يهوداً وأمم. فالله طرد الإنسان من الجنة بسبب الخطية وها هو بالفداء
سوف يعيده للسماويات. وسيقيم الله على شعبه رعاة كوكلاء عنهُ. والمسيح كراعٍ صالح
يقول " الذين أعطيتنى لم يهلك منهم أحد إلا إبن الهلاك ". وحدث هذا فى
العودة من السبى الذى كان رمزاً لعمل المسيح، أن أقام الله رعاة أمناء، مثل زربابل
ونحميا وعزرا. ثم ينتقل الكلام بوضوح أكثر عن المسيا المنتظر، المسيح الذى يبررنا
ويحررنا ويرعانا ويملك علينا وسيأتى فى أواخر الأيام (أيام الدولة اليهودية)
ليبارك كنيسته ويكون مجداً لشعبه (6،5) فبعد أن تنبأ النبى بأنه لن يجلس إبن
ليكنيا على كرسى داود. ولكن الله سبق وَوَعد داود بأن له إبن يجلس على العرش إلى
الأبد. وهكذا يتحقق الوعد فى المسيح وفى المسيح قام عرش داود أكثر لمعاناً. وهذه
النبوة واضحة جداً عن المسيح. ويسمى هنا الغصن (زك8:3) وهذا يعنى أن بداية المسيحية كانت صغيرة وبعد ذلك نمت
وإخضرت الشجرة وإمتلأت ثماراً فالمسيح هو أصل وذرية داود (رؤ16:22). وهو غصن بر وإسمه الرب برنا = وهنا تلاعب بالألفاظ فمعنى كلمة صدقيا (ياه = الرب – صدق) الذى
معناه الرب برنا فبنهاية يكنيا إنتهى كرسى داود وأصبح عقيماً. وصدقيا هذا سيأتى
بعد ذلك أخباره الرديئة فليس هو الإنسان البار المخلص الذى يجب أن ينتظره الشعب
فهذا بر زائف بل هناك فى المستقبل المسيح برنا وهو آتٍ. وسيقيمه الرب كغصن جديد
(فرخ أو نبت) بعد أن ينتهى كرسى داود الزمنى. والمسيح هو القدوس البار وحده ويبرر
من يؤمن به. وفى أيامه يخلَص بهوذا ويسكن إسرائيل آمناً =
هى الكنيسة التى قال لها "سلامى أترك لكم" فالكنيسة هى إسرائيل الروحى.
وهناك ملحوظة أن الهيكل بُنى فى السنة 480 للخروج من أرض مصر والتحرر من العبودية
(1مل1:6). وبعد السبى البابلى ب 490 سنة بنى هيكل المسيح إذاً هنا مقارنة فى (8،7)
بين خلاص الشعب فى المرتين. والمقارنة تعطى أهمية للخلاص من سبى بابل لأن هذا
الخلاص أتى بعده وكان رمزاً واضحاً لخلاص المسيح. لذلك فمعنى هذه الأيات صراحة أنه
حين نعرف خلاص المسيح وعمله فى تحريرنا من الخطية لن نعود نذكر خلاص اليهود من مصر
ولا من بابل لأن كل هذه إنما كانت رموزاً فقط. وهناك ملحوظة أخرى أن وقت بناء
الهيكل الأول كانت الأمة اليهودية فى أوج عظمتها أيام سليمان الملك والمسيحية
بالمسيح الذى أسسها ككنيسة هى جسده بل هيكل جسده كانت ولا زالت فى أوج مجدها طالما
مسيحها فيها، نورها ومجدها. فالمجد الروحى أبدى.
الأيات
(9-32):-" 9فِي الأَنْبِيَاءِ: اِنْسَحَقَ قَلْبِي
فِي وَسَطِي. ارْتَخَتْ كُلُّ عِظَامِي. صِرْتُ كَإِنْسَانٍ سَكْرَانَ وَمِثْلَ
رَجُل غَلَبَتْهُ الْخَمْرُ، مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ وَمِنْ أَجْلِ كَلاَمِ
قُدْسِهِ. 10لأَنَّ الأَرْضَ امْتَلأَتْ مِنَ الْفَاسِقِينَ. لأَنَّهُ
مِنْ أَجْلِ اللَّعْنِ نَاحَتِ الأَرْضُ. جَفَّتْ مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ، وَصَارَ
سَعْيُهُمْ لِلشَّرِّ، وَجَبَرُوتُهُمْ لِلْبَاطِلِ. 11«لأَنَّ الأَنْبِيَاءَ
وَالْكَهَنَةَ تَنَجَّسُوا جَمِيعًا، بَلْ فِي بَيْتِي وَجَدْتُ شَرَّهُمْ،
يَقُولُ الرَّبُّ. 12لِذلِكَ يَكُونُ طَرِيقُهُمْ لَهُمْ كَمَزَالِقَ
فِي ظَلاَمٍ دَامِسٍ، فَيُطْرَدُونَ وَيَسْقُطُونَ فِيهَا، لأَنِّي أَجْلِبُ
عَلَيْهِمْ شَرًّا سَنَةَ عِقَابِهِمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. 13وَقَدْ
رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ
وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. 14وَفِي أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ
رَأَيْتُ مَا يُقْشَعَرُّ مِنْهُ. يَفْسِقُونَ وَيَسْلُكُونَ بِالْكَذِبِ، وَيُشَدِّدُونَ
أَيَادِيَ فَاعِلِي الشَّرِّ حَتَّى لاَ يَرْجِعُوا الْوَاحِدُ عَنْ شَرِّهِ.
صَارُوا لِي كُلُّهُمْ كَسَدُومَ، وَسُكَّانُهَا كَعَمُورَةَ. 15لِذلِكَ
هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ عَنِ الأَنْبِيَاءِ: هأَنَذَا أُطْعِمُهُمْ
أَفْسَنْتِينًا وَأَسْقِيهِمْ مَاءَ الْعَلْقَمِ، لأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ
أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ خَرَجَ نِفَاقٌ فِي كُلِّ الأَرْضِ. 16هكَذَا
قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ
يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ، فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا
قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ. 17قَائِلِينَ قَوْلاً
لِمُحْتَقِرِيَّ: قَالَ الرَّبُّ: يَكُونُ لَكُمْ سَلاَمٌ! وَيَقُولُونَ لِكُلِّ
مَنْ يَسِيرُ فِي عِنَادِ قَلْبِهِ: لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ شَرٌّ. 18لأَنَّهُ
مَنْ وَقَفَ فِي مَجْلِسِ الرَّبِّ وَرَأَى وَسَمِعَ كَلِمَتَهُ؟ مَنْ أَصْغَى
لِكَلِمَتِهِ وَسَمِعَ؟».19هَا زَوْبَعَةُ الرَّبِّ. غَيْظٌ يَخْرُجُ،
وَنَوْءٌ هَائِجٌ. عَلَى رُؤُوسِ الأَشْرَارِ يَثُورُ. 20لاَ يَرْتَدُّ
غَضَبُ الرَّبِّ حَتَّى يُجْرِيَ وَيُقِيمَ مَقَاصِدَ قَلْبِهِ. فِي آخِرِ الأَيَّامِ
تَفْهَمُونَ فَهْمًا. 21«لَمْ أُرْسِلِ الأَنْبِيَاءَ بَلْ هُمْ
جَرَوْا. لَمْ أَتَكَلَّمْ مَعَهُمْ بَلْ هُمْ تَنَبَّأُوا. 22وَلَوْ
وَقَفُوا فِي مَجْلِسِي لأَخْبَرُوا شَعْبِي بِكَلاَمِي وَرَدُّوهُمْ عَنْ
طَرِيقِهِمِ الرَّدِيءِ وَعَنْ شَرِّ أَعْمَالِهِمْ. 23أَلَعَلِّي
إِلهٌ مِنْ قَرِيبٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلَسْتُ إِلهًا مِنْ بَعِيدٍ. 24إِذَا
اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا، يَقُولُ
الرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ 25قَدْ
سَمِعْتُ مَا قَالَهُ الأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ تَنَبَّأُوا بِاسْمِي بِالْكَذِبِ
قَائِلِينَ: حَلِمْتُ، حَلِمْتُ. 26حَتَّى مَتَى يُوجَدُ فِي قَلْبِ
الأَنْبِيَاءِ الْمُتَنَبِّئِينَ بِالْكَذِبِ؟ بَلْ هُمْ أَنْبِيَاءُ خِدَاعِ
قَلْبِهِمِ! 27الَّذِينَ يُفَكِّرُونَ أَنْ يُنَسُّوا شَعْبِي اسْمِي
بِأَحْلاَمِهِمِ الَّتِي يَقُصُّونَهَا الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ، كَمَا نَسِيَ
آبَاؤُهُمُ اسْمِي لأَجْلِ الْبَعْلِ. 28اَلنَّبِيُّ الَّذِي مَعَهُ
حُلْمٌ فَلْيَقُصَّ حُلْمًا، وَالَّذِي مَعَهُ كَلِمَتِي فَلْيَتَكَلَّمْ
بِكَلِمَتِي بِالْحَقِّ. مَا لِلتِّبْنِ مَعَ الْحِنْطَةِ، يَقُولُ الرَّبُّ؟.29«
أَلَيْسَتْ هكَذَا كَلِمَتِي كَنَارٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَكَمِطْرَقَةٍ تُحَطِّمُ
الصَّخْرَ؟ 30لِذلِكَ هأَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ، يَقُولُ الرَّبُّ،
الَّذِينَ يَسْرِقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. 31هأَنَذَا
عَلَى الأَنْبِيَاءِ، يَقُولُ الرَّبُّ، الَّذِينَ يَأْخُذُونَ لِسَانَهُمْ
وَيَقُولُونَ: قَالَ. 32هأَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ
بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ
شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ
أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً، يَقُولُ الرَّبُّ."
هنا الكلام موَجه للأنبياء الكذبة وللشعب الذى إنخدع بأقوالهم. وفى
(9) هذا النبى المحب كان قلبه ينسحق عند سماعه كلام الربَ ضد
شعبه = من أجل كلام قدسه. وكان ينسحق
بالأكثر من أجل الرب = الذى كان هؤلاء الكذبة
يستخدمون إسمه باطلاً وبالكذب. وفى (10) الفاسقين = أى الزناة روحياً وجسدياً بلا خوف من الله. لأنه من أجل اللعن = نتيجة خطاياهم وإهاناتهم
لله لعنهم الله فجفت أرضهم. لأنه لا توبة وهم لهم قوة جبارة
لكن للأسف فهى مستخدمة للشر ولذلك فكل تعبهم باطل لأنه بدون بركة الله. وفى
(11) فالأنبياء والكهنة يتظاهرون بخدمة الرب حتى فى بيته ولكن هم لهم أغراضهم
الأخرى وهم تنجسوا جميعاً (النجاسة إشارة للزنا الجسدى والزنا الروحى).
بل فى بيتى. ويشرح حزقيال هذا فى (حز
8) كيف أدخل هؤلاء العبادة الوثنية داخل الهيكل وفى (12) لأنهم ضللوا الشعب فهم
سيكونون فى ظلام. وبينما هم يحاولون أن يقودوا آخرين لن يجدوا هم أمان أو سلام فى
طريقهم. هم يخدعون الناس ليجدوا راحة مزيفة بينما هم ليس لديهم راحة. بل ستأتى سنة عقابهم = أى الوقت الذى حدده الله
ليعاقبهم. وفى (13) يقارن بينهم وبين أنبياء السامرة الذين كانوا يتنبأون بإسم
"بعل" الههم فجعلوا الناس يتركون عبادة الله ويعبدون البعل. ولكن الحال
فى أورشليم أسوأ فهم يستخدمون إسم الله مما يخدع الناس بالأكثر. فشعب الله إذا سمع
من يتكلم بإسم البعل سيرفضون السماع ولكن إذا وجدوا من يتكلم بإسم الله قد ينخدعوا
ويسمعوا فيسقطوا.
وفى (15) إفسنتينا = مر وسام هكذا ماء العلقم. وفى (16) لا
تسمعوا لهم فيجعلونكم باطلاً = من يتبع الباطل يصير باطلاً مثله. وهم باطل فهم
لا يسمعون من الرب بل برؤيا قلبهم. وفى (17) لمحتقرىَ = أى من يحتقر الرب عوضاً عن أن يوبخوه يقولون لهُ سلام. وفى (18) يتهمهم الله
أنهم لم يتشاوروا معهُ ولم يسألوه ماذا يقولون ولا حتى قرأوا كتابه المقدس فيعرفون
إرادته. وفى (19) غضب الرب كعاصفة لا شىء يقف أمامها وفى (20) الله لن يغير مقاصده
حتى ينفذ ما يريد. والشعب لن يفهموا الأن بل حين يأتى الخراب فى نهاية الأيام
سيرون بعيونهم ويفهمون
وهم لن يفهموا الأن ليس لأن كلام الله فيه غموض فها هو أرمياء يصيح فى كل مكان
بوضوح تام ولكن هم لا يريدون أن يفهموا وفى (21) لم يرسل الله هؤلاء بل هم جروا = بكل جرأة لا شىء يعوقهم.
فالمعوقات تقف فى سبيل الأنبياء الحقيقيين مثل أرمياء. ولكن لماذا سمح الله بهم؟
لماذا لم يمنعهم؟. لأن الشعب لم يكن يستحق هذا. وهم لم يطلبوا الله ليعرفوا الحق
من الباطل. بل هو سألوا شهوات قلوبهم. وفى (23) العلى
إله من قريب و لست من بعيد = الله يعرف كل شىء فمن
يتصوَر أنه بعيداً فى السماء على عرشه فهو لا يعرف ما يحدث هنا على الأرض يخطىء.
والمعنى الله يعرف كل شىء ولا داعى أن يكون قريب ليرى كل شىء ونخشاه فهو وهو من
بعيد يعرف ويرى كل شىء. "كيف أصنع هذا الشر أمام الرب" هذا بعين الإيمان
الذى يرى الله دائماً قريب. وهو يعرف الأحلام (لعل الأحلام تشير لأوهامهم) (25) والتى يدعون كاذبين أنهم يرونها.
ملحوظة:- هذه هى لعبة الشيطان الدائمة أن يعطينا شعور أن الله بعيد
ولن يرانا. أو يعطى وهم خاطىء بأن الله يمكن أن يرى.... نعم ولكن لن يعاقب على هذه
فهو يعرف ظروفك الخاصة. وفى (26) إلى متى يظل هذا فى قلوب الأنبياء الكذبة الذين
هم أنبياء خداع قلبهم. ونفس هذا السؤال موجه لكل من إنخدع بخطاياه وفى (28) هنا الله
يضع الإنسان أمام حقيقة هامة. فليستعمل الأنبياء الكذبة أحلامهم ليخدموا شعبى أما
رجالى وأنبيائى الحقيقيين يستعملون كلمتى. ولكن فالأولى كالتبن وكلمتى كالحنطة.
الأولى تحرقها النار والثانية تشبع وتغذى وتنمى. الأولى بلا قيمة تطير فى الهواء
والثانية هى التى لها قيمة. وليسأل أحد المخدوعين وكيف لى أن أعرف فأنا برىء مخدوع
والرد فى (29) لا بل كل كلمة من فم الله كنار تُصَلبْ الصلصال أى تقوى وتشدد الركب
المرتخية وتذيب الشمع. القلوب المتحجرة كالشمع تذيبها وإذا لم تذوب بالنار تكون
كلمة الله كمطرقة تحطم الصخر. إذا لم يذوب بنار
الحب فيطبع الله فيه صورته، فكلمته تحطم القلب المتحجر لأنها تخيف الخاطىء. فنفس
الكلمة التى تعزى وتفرح، تخيف وترعب على حسب حالة القلب. وهناك قلب شمعى كلمة الله
تذيبه بالمحبة وهناك قلب صخرى يحطمه الله بالخوف. وإذا كان هناك خبث فكلمة الله
تحرقه وتنقى الذهب منه والله يضع السامعين أمام سؤال هام. ما تأثير كلمة أى إنسان
عليكم؟ اسألوا قلوبكم. ماذا فى داخلها؟ توبة، عزاء، فرح، حب، عطف وشفقة إذاً هى كلمة الله.
أو شهوة وغم وقلق وإضطراب
إذاً هى خداعات الأنبياء الكذبة أو شهواتكم. وفى (30) يسرقون
كلمتى = هم يسرقون كلمة الله الحقيقية من قلوب سامعيها (مت 19:13) أو
بخداعاتهم يفقدوا كلمة الله تأثيرها فى القلوب. وهم يسرقون كلمات أنبيائى
وتعبيراتهم ويخلطونها بما عندهم وفى (31) يأخذون
لسانهم ويقولون قال = أى يتكلمون بما يريدون
وينسبونه لى.
الأيات (33-40):-"
33« وَإِذَا سَأَلَكَ هذَا
الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟ فَقُلْ لَهُمْ: أَيُّ
وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ، هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. 34فَالنَّبِيُّ
أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ، أُعَاقِبُ
ذلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ. 35هكَذَا تَقُولُونَ الرَّجُلُ
لِصَاحِبِهِ وَالرَّجُلُ لأَخِيهِ: بِمَاذَا أَجَابَ الرَّبُّ، وَمَاذَا تَكَلَّمَ
بِهِ الرَّبُّ. 36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ،
لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ، إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ
الإِلهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِنَا. 37هكَذَا تَقُولُ
لِلنَّبِيِّ: بِمَاذَا أَجَابَكَ الرَّبُّ، وَمَاذَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ. 38وَإِذَا
كُنْتُمْ تَقُولُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ، فَلِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ
أَجْلِ قَوْلِكُمْ هذِهِ الْكَلِمَةَ: وَحْيُ الرَّبِّ، وَقَدْ أَرْسَلْتُ
إِلَيْكُمْ قَائِلاً لاَ تَقُولُوا: وَحْيُ الرَّبِّ، 39لِذلِكَ
هأَنَذَا أَنْسَاكُمْ نِسْيَانًا، وَأَرْفُضُكُمْ مِنْ أَمَامِ وَجْهِي، أَنْتُمْ
وَالْمَدِينَةَ الَّتِي أَعْطَيْتُكُمْ وَآبَاءَكُمْ إِيَّاهَا. 40وَأَجْعَلُ
عَلَيْكُمْ عَارًا أَبَدِيًّا وَخِزْيًا أَبَدِيًّا لاَ يُنْسَى»."
التهمة الموجهة لهم هنا هى الإستهزاء بأنبياء الرب وكلمته. وجعلهما
مادة للسخرية (34،33). فهم يسخرون قائلين ما هو وحى الرب. وكلمة وحى هى فى الأصل
تستخدم بمعنى وحى أو حمل. والأنبياء إستخدموها بمعنى حمل ليعبروا عن أن كلمة الله
داخلهم كحمل وهى تضغط عليهم حتى لا يكفوا عن ترديدها. وعمل الشيطان دائماً أن
يعلَم الخطاة أن يسخروا من كلمة الله. (وحتى اليوم فالهازئين يهزأون من خدام الله
الذين يحذرون من أن جهنم مصير الأشرار. بل هناك من يهزأ بالكتاب المقدس نفسه)
وغالباً فإن هذا بدأ من الكهنة والأنبياء الكذبة وعلموه للشعب. اما نحن فعلينا أن
نطلب بوقار أن نعرف مشيئة الله وفكره. أما كلمة الله لهم ووحيه فهى إنى أرفضكم (33) وفى (34) الله
سيعاقبهم بسبب سخريتهم بكلمة الوحى. وفى (36) كلمة
كل إنسان تكون وحيه = لها معنيان فكل إنسان
سيضلله عقله والله لن يرشده للحق. ولكن إذا فهمنا كلمة وحى بحسب أصلها أن معناها
حمل BURDEN فإن هذا الإنسان الشرير سيكون ذنب خطيته ثقيلاً عليه حتى يغرقه فى
هوة الخراب. وقد تكون سخريتهم معناها "ما هو الثقل الجديد علينا".
مقدمة للإصحاحين( 24،25 )
لقد فسد حال الشعب، والله الأب المحب لابد أن يتدخل ليصلح هذا الفساد
وكان فساد شعب إسرائيل هو نموذج لما حدث للجنس البشرى كله (رو9:3-12) والله خلق
الإنسان فى كرامة ومجد، بل على صورته ولكن أنظر نتائج الخطية :-
وهذا يشار إليه ضمناً هنا كنتائج لخطية إسرائيل، فماذا سيلحق إسرائيل
كنتائج لخطيتها؟ تصير دهشاً = فكيف تنحط خليقة الله هكذا؟! وصفيراً
= أى سيلحقها إهانات وسخرية وخراباً أبدياً. وبلا فرح = أبيد منهم صوت الطرب
وصوت الفرح. وبلا شبع = بلا صوت الأرحية، ويصير الإنسان فى عمى
روحى، يتخبط ولا يعرف طريقه = بلا نور سراج. هذا ما حدث لكل الجنس البشرى،
وكإشارة لذلك يُذكر هنا كل شعوب المنطقة التى خضعت لبابل أيات 15:25-24. فذكر كل
هذه الأمم يشير أن الكلام موجه لكل العالم وسقوط هذه الأمم تحت نير ملك بابل بسبب
خطيتها، هو رمز لسقوط البشر تحت عبودية إبليس، وهذا يساوى قول الرسول "أسلمت
الخليقة للباطل" (رو20:8) ولماذا يسمح الله بذلك؟ هذا للتأديب فكل من يحبه
الرب يؤدبه (عب6:12). وهذا معنى مثل التين الجيد والتين الردىء. فبعد السبى الأول
لأورشليم على يد ملك بابل، ظن من بقى فى أورشليم أنهم الأحسن وأن الأسوأ هم من
ذهبوا إلى السبى، والله يقول لا، فإن من أرسلته للسبى وأسلمته ليد ملك بابل هم
الأحسن، إنما أرسلتهم للتأديب (وحتى الأن يظن من هم بلا تجارب أليمة أنهم الأحسن
والعكس صحيح). ونلاحظ فى 8:25 أن الله يسمى نفسه رب الجنود فالكل خاضع لهُ،
والله يستخدم الكل، فهو إستخدم ملك بابل ليؤدب أورشليم وإستخدم إبليس ليؤدب البشر،
ومن يتأدب يصير تيناً جيداً ويخلص، ومن يظل فى حالة تمرد على الله يصير تيناً
رديئاً ويهلك كما هلك الأشرار بيد ملك بابل أيضاً. لذلك نسمع أرمياء يخبرنا بهلاك
ملك شيشك أخيراً وهو إسم رمزى لبابل يعنى يغطس، فهذه نهاية إبليس ومن يتبعه ....
البحيرة المتقدة بالنار (رؤ15،10:20).