هنا نبوات أربعة ضد بنى عمون / موآب / آدوم / فلسطين وهؤلاء
عداوتهم قديمة للشعب، ولكنها تزايدت على مر الأيام. هذه الأمم كان يجمعهم شماتتهم
فى سقوط الشعب تحت سبى بابل. والله هنا يخبرهم بسقوطهم قريباً. وهؤلاء يشبهون
الشيطان الذى فرح بسقوط آدم ونسله. فكأن هذه النبوات هى ضد الشيطان والتنبؤ عليه
بنهايته قريباً. ولنلاحظ أن الله ليس ضد هذه الشعوب بل
1) الله ضد الخطايا التى
تمارسها هذه الشعوب خصوصاً الوثنية
2) هذه الشعوب فى كراهيتها لشعب الله صارت كرمز للشيطان.
والنبوات ضدها هى نبوات ضد الشيطان فى الواقع، الذى يكره أولاد الله أينما كانوا.
3) لا يجب أن يتصور أحد، حينما يقرأ هذه النبوات أن الله يكره
هذه الأمم بسبب محبته لشعبه المختار إسرائيل، وذلك للأسباب الآتية :-
أ - النبوات ضد الأمم إستغرقت آيات قليلة فمثلاً النبوة ضد بنى
عمون 7 آيات فقط بينما أن النبوات ضد إسرائيل نفسها إستغرقت 23 إصحاح
ب – الله لم يبد بنى عمون ولا فلسطين، لكن الله أباد عشرة أسباط
من شعب إسرائيل وذلك بعد سبى أشور سنة 722 ق. م.
ج– الله لا يجامل إسرائيل بهذه النبوات، بل هو يرسل رسالة تحذير
لهذه الشعوب لعلها تتوب، كما أرسل يونان لشعب نينوى.
د – إذاً فالله ليس ضد أحد بل هو ضد الخطية عموماً.
الآيات (1-7):-" 1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ
الرَّبِّ قَائِلاً: 2«يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ بَنِي
عَمُّونَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِمْ، 3وَقُلْ لِبَنِي عَمُّونَ: اسْمَعُوا
كَلاَمَ السَّيِّدِ الرَّبِّ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ
أَنَّكِ قُلْتِ: هَهْ! عَلَى مَقْدِسِي لأَنَّهُ تَنَجَّسَ، وَعَلَى أَرْضِ
إِسْرَائِيلَ لأَنَّهَا خَرِبَتْ، وَعَلَى بَيْتِ يَهُوذَا لأَنَّهُمْ ذَهَبُوا
إِلَى السَّبْيِ، 4فَلِذلِكَ هأَنَذَا أُسَلِّمُكِ لِبَنِي الْمَشْرِقِ
مِلْكًا، فَيُقِيمُونَ صِيَرَهُمْ فِيكِ، وَيَجْعَلُونَ مَسَاكِنَهُمْ فِيكِ. هُمْ
يَأْكُلُونَ غَلَّتَكِ وَهُمْ يَشْرَبُونَ لَبَنَكِ. 5وَأَجْعَلُ
«رَبَّةَ» مَنَاخًا لِلإِبِلِ، وَبَنِي عَمُّونَ مَرْبِضًا لِلْغَنَمِ،
فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. 6لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ
السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ صَفَّقْتَ بِيَدَيْكَ وَخَبَطْتَ
بِرِجْلَيْكَ وَفَرِحْتَ بِكُلِّ إِهَانَتِكَ لِلْمَوْتِ عَلَى أَرْضِ
إِسْرَائِيلَ. 7فَلِذلِكَ هأَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَيْكَ
وَأُسَلِّمُكَ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ، وَأَسْتَأْصِلُكَ مِنَ الشُّعُوبِ،
وَأُبِيدُكَ مِنَ الأَرَاضِي. أَخْرِبُكَ، فَتَعْلَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ."
نبوة ضد بنى عمون لاحظ فى آية 3 أن حزقيال يتكلم عن خراب الهيكل على أنه قد حدث
فى الماضى = قلت هه على مقدسى لأنه تنجس. وعلى أرض إسرائيل لأنها خربت. فهذه الآيات هى ضد بنى عمون الذين
فرحوا بسقوط وموت الشعب وخراب الهيكل وفرحت بكل إهانتك للموت = أى فرحت بموتهم وخرابهم،
بل أهنتيهم فى بلوتهم، بل هم إستولوا على بعض
مدن يهوذا عند سقوطها أمام بابل أر 49 : 1. وهذا تماماً يساوى شماتة الشياطين وفرحهم بخراب آدم وأولاده الذين هم أولاد الله.
ولذلك يقول الله للنبى إجعل وجهك نحو بنى عمون = وهذا إعلان بأن الله هو الذى يوجه
وجهه ضدهم، فالنبى يتكلم بإسم الرب = وعلى بنى عمون أن يعرفوا بأن الذى يتكلم هو الله السيد الرب = أى أن الأحكام صدرت من
الله ضدهم وضد الهتهم (ملكوم). وبنى عمون هم نسل إبن عمى وهو إبن لوط. وكان بنى
عمون فى عداء دائم مع اليهود ويتضح من الكلام هنا فرح بنى عمون بخراب الهيكل، إذاً
سبب الخلاف كان الدين. والحكم عليها = هأنذا أسلمك لبنى المشرق = أى بابل. وقد خرب
البابليون بلاد العمونيون بعد خراب أورشليم بخمس سنوات. ثم دخل العرب هذه البلاد
بموافقة الغزاة البابليون وأقاموا صيرهم فيها = أى خيامهم وقد سكنتها قبائل العرب وأكلوا غلتها وشربوا
لبنها. بل جعلوا قصورها مناخاً لإبلهم = أى إصطبلاً وزرائب
للإبل. والنتيجة فتعلمون أنى أنا الرب = إذاً فالهدف الأساسى لهذه النبوات هو الإنذار الموجه لهذه
الشعوب لكى تترك وثنيتها وأصنامها وتعرف الرب. وياليتنا نعرف الرب ونحن فى فرح
وسلام ونقدم توبة عوضاً عن أن يضربنا الله للخراب فنعرفه فى خرابنا.
الآيات (8-11):-" 8«هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ
الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ مُوآبَ وَسَعِيرَ يَقُولُونَ: هُوَذَا بَيْتُ
يَهُوذَا مِثْلُ كُلِّ الأُمَمِ. 9لِذلِكَ هأَنَذَا أَفْتَحُ جَانِبَ
مُوآبَ مِنَ الْمُدُنِ، مِنْ مَدُنِهِ مِنْ أَقْصَاهَا، بَهَاءِ الأَرْضِ، بَيْتِ
بَشِيمُوتَ وَبَعْلِ مَعُونَ وَقِرْيَتَايِمَ، 10لِبَنِي الْمَشْرِقِ
عَلَى بَنِي عَمُّونَ، وَأَجْعَلُهُمْ مُلْكًا، لِكَيْلاَ يُذْكَرَ بَنُو عَمُّونَ
بَيْنَ الأُمَمِ. 11وَبِمُوآبَ أُجْرِي أَحْكَامًا، فَيَعْلَمُونَ
أَنِّي أَنَا الرَّبُّ."
نبوة ضد موآب هذه الآيات ضد موآب فهم فرحوا أيضاً بخراب إسرائيل. وهنا ربط
الله خطية موآب بخطية سعير فهم متحدين فى نفس الشر
(وبنفس المفهوم نجده يربط معهم عمون آية 10 ويقول أن مصيرهم كلهم الخراب = هذا
الكلام موجه للشياطين الشامتين فى سقوط الإنسان، والمتحدين فى هجومهم علينا)، وموآب هو الإبن الثانى للوط من إبنتيه، أما سعير فهى أرض أدوم
أو عيسو، فكلمة سعير أى كثير الشعر وهكذا كان عيسو. وماذا كانت خطيتهم المشتركة ؟
هم قالوا هوذا بيت يهوذا مثل كل
الأمم = أى أن إلههم غير قادر
على خلاصهم كما لم يخلص آلهة الشعوب الأخرى شعوبهم أمام الغزو البابلى. فأين
الأمجاد والوعود التى طالما حدثونا عنها التى وعدهم بها أنبيائهم. وأين إلههم الذى
يحميهم، هو مثل كل الألهة، ولم يعلموا أن هذه الضربات هى ضد الأشرار، ولكن هناك
بقية تقية سيتمجد بها الله. ولنلاحظ أن خطايا إسرائيل (وخطايانا) سببت إهانات توجه
لله، وهذا عكس "ليرى الناس أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي فى
السموات". ولأجل خطايا موآب هأنذا أفتح جانب موآب من المدن = أى أزيل دفاعاتها فتسقط
أمام غزو بابل. وغالباً سيتم هذا عند سقوط بنى عمون فى يد بابل فينفتح الطريق
لبابل إلى مدن موآب. وستخرب أجمل مدنها التى هى بهاء الأرض مثل بيت بشيموث وغيرها. وحين يأتى العرب ليمتلكوا بنى
عمون سيمتلكوا معها موآب. ولاحظ أن العقوبات هنا هى على موآب وبنى عمون ويلى هذا
العقوبات على آدوم.
الآيات (12-14):-" 12« هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ
الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَدُومَ قَدْ عَمِلَ بِالانْتِقَامِ عَلَى بَيْتِ
يَهُوذَا وَأَسَاءَ إِسَاءَةً وَانْتَقَمَ مِنْهُ، 13لِذلِكَ هكَذَا
قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَأَمُدُّ يَدِي عَلَى أَدُومَ، وَأَقْطَعُ مِنْهَا
الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ، وَأُصَيِّرُهَا خَرَابًا. مِنَ التَّيْمَنِ وَإِلَى
دَدَانَ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ. 14وَأَجْعَلُ نَقْمَتِي فِي أَدُومَ
بِيَدِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، فَيَفْعَلُونَ بِأَدُومَ كَغَضَبِي وَكَسَخَطِي،
فَيَعْرِفُونَ نَقْمَتِي، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. "
هذه الآيات هى ضد آدوم وحده. فآدوم إشترك مع موآب فى خطيته التى
سبق فوردت فى (8 – 11). أما الآن فالله الذى لا ينسى شئ، لم ينسى لأدوم خطية
جديدة، فأدوم لم يبتهجوا فقط بخراب يهوذا بل هم إستغلوا حالتهم السيئة وضربوهم
وسفكوا دمهم وآذوهم أذى حقيقى بغزواتهم قائلين هدوا هدوا حتى الأساس منها مز 137 :
7. وهم ضربوا وقطعوا الهاربين من يهوذا من أمام وجه بابل. ويظهر أنهم فى عملهم هذا
كانوا متوحشين جداً لذلك إستخدم الله هنا إسم أدوم = دموى أحمر وليس سعير كما سبق. وعقابهم
سيكون بيد شعبى إسرائيل = وقد قام بهذا يهوذا
المكابى حين إستولى على أدوم وأخضعها وأرغم حفيده يوحنا هركالوس الأدوميين على
الختان وأدخلهم لشعب الله. إلا أنه لو فهمنا أن أدوم رمز للشياطين "فهذا كان
قتالاً للناس منذ البدء يو 8 : 44 وهذا معنى دموى" فالمسيح جاء وضربهم
بصليبه، وتركهم عرضة لكل المؤمنين، يضربونهم بإسم المسيح. وهذا معنى أن المسيح خرج غالباً (بصليبه) ولكى يغلب (بمؤمنيه الذين يضربون
بإيمانهم وصلواتهم الشياطين، وهذا معنى وعد السيد المسيح لنا بأنه أعطانا سلطان أن
ندوس الحيات والعقارب (رؤ 6 : 2 + لو 10 : 19)
الآيات (15-17):-" 15« هكَذَا قَالَ
السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْفِلِسْطِينِيِّينَ قَدْ عَمِلُوا
بِالانْتِقَامِ، وَانْتَقَمُوا نَقْمَةً بِالإِهَانَةِ إِلَى الْمَوْتِ
لِلْخَرَابِ مِنْ عَدَاوَةٍ أَبَدِيَّةٍ، 16فَلِذلِكَ هكَذَا قَالَ
السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ
وَأَسْتَأْصِلُ الْكَرِيتِيِّينَ، وَأُهْلِكُ بَقِيَّةَ سَاحِلِ الْبَحْرِ. 17وَأُجْرِي
عَلَيْهِمْ نَقْمَاتٍ عَظِيمَةً بِتَأْدِيبِ سَخَطٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا
الرَّبُّ، إِذْ أَجْعَلُ نَقْمَتِي عَلَيْهِمْ». "
نبوة ضد الفلسطينيين خطية الفلسطينيين كما
يبدو هى نفس خطية أدوم. وعقابهم وأستأصل الكريتيين = والكريتيين هم جماعة أتوا من كريت
حوالى سنة 1200 ق. م. إلى فلسطين، فهم نواة شعب فلسطين ولاحظ أن خطية أدوم كانت
سفك الدماء وظلم شعب الله. ولقد سمعنا هناك أن نقمة الله ضدهم ستكون بيد شعبه
إسرائيل، وقلنا أن هذا تم بأن المؤمنين بالمسيح صاروا بعد الصليب لهم قوة على
توجيه الضربات للشيطان. وهنا نرى صفة جديدة للشيطان، فهو فى غيظه مما حدث له
بالصليب صار ينتقم من أولاد الله، وذلك بأن يخدعهم ليتركوا المسيح، سواء بأن
يتركوا الإيمان، أو يتركوا طهارتهم، وسواء هذا أو ذاك فهذا يعرضهم للهلاك
"ألم يكن الشيطان وما زال قتالاً للناس منذ البدء، وقتال أى يقتلهم روحياً.
وهذا معنى = قد عملوا بالإنتقام هم ينتقمون مما لحقهم.. وإنتقموا نقمة من أولاد الله. بالإهانة = فهم يخدعون أولاد الله
بالإغراء بملذات الخطايا، ولكن من يسقط فى حبائلهم، فهذا يهين نفسه. وبعد أن كان
له سلطان أن يدوس الشيطان، يصير مهاناً بل يعرض نفسه للدوس من الشياطين، بل إلى الموت للخراب. وما يحدث يجب أن نفهم أنه
ناتج عن عداوة أبدية بين الإنسان وإبليس. ولكن
فليعلم إبليس أن نصيبه هو البحيرة المتقدة بالنار = وأستأصل الكريتيين (رؤ 20 : 10) ولكن المعنى
المباشر، أن الله سيهلك الفلسطينين ذوو الأصل الكريتى وغيرهم بسبب خطاياهم وذلك
على يد ملك بابل.
ونلاحظ أن خطية بنى عمون
كانت الشماتة والسخرية والفرح فى خراب شعب الله. وكانت خطية موآب وبنى عمون وآدوم المشتركة هى عدم تمييز قوة الله، عدم
إدراك أن الله قوى وقادر أن ينتقم، لقد تصورا أن طول أناته مدعاة لإستمرارهم فى
شرورهم، أو أنه قابل لشرورهم. وكانت خطية آدوم هى قتل وإهلاك شعب الله. وخطية
فلسطين هى الإنتقام من شعب الله. وهذه هى خطايا إبليس تماماً. لذلك نقول أن
النبوات ضد الأمم هى فى الحقيقة نبوات ضد إبليس، وهذه الأمم ترمز له، كما أن
إسرائيل ترمز للكنيسة جسد المسيح.