الإصحاح الثالث

 

سنة 587ق.م

تركنا الثلاث فتية في نهاية الإصحاح السابق وهم في مراكز سامية ومع أن الله يعطي مجداً لقديسيه في السماء إلا أنه في بعض الأحيان يعطي أيضاً مكافآت أرضية لهم. وهذا لا يمنع أن يسمح أيضاً لهم ببعض الضيقات والتجارب. وهؤلاء الفتية الثلاث تركوا الكرامة وقبلوا الآلام فانقذهم الله (عب34:11). هنا الرسول في العبرانيين يشير لهذه القصة في هذا الإصحاح.

 

الآيات (1-7):- " 1نَبُوخَذْنَصَّرُ الْمَلِكُ صَنَعَ تِمْثَالاً مِنْ ذَهَبٍ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ سِتُّ أَذْرُعٍ، وَنَصَبَهُ فِي بُقْعَةِ دُورَا فِي وِلاَيَةِ بَابِلَ. 2ثُمَّ أَرْسَلَ نَبُوخَذْنَصَّرُ الْمَلِكُ لِيَجْمَعَ الْمَرَازِبَةَ وَالشِّحَنَ وَالْوُلاَةَ وَالْقُضَاةَ وَالْخَزَنَةَ وَالْفُقَهَاءَ وَالْمُفْتِينَ وَكُلَّ حُكَّامِ الْوِلاَيَاتِ، لِيَأْتُوا لِتَدْشِينِ التِّمْثَالِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ الْمَلِكُ. 3حِينَئِذٍ اجْتَمَعَ الْمَرَازِبَةُ وَالشِّحَنُ وَالْوُلاَةُ وَالْقُضَاةُ وَالْخَزَنَةُ وَالْفُقَهَاءُ وَالْمُفْتُونَ وَكُلُّ حُكَّامِ الْوِلاَيَاتِ لِتَدْشِينِ التِّمْثَالِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ الْمَلِكُ، وَوَقَفُوا أَمَامَ التِّمْثَالِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ. 4وَنَادَى مُنَادٍ بِشِدَّةٍ: «قَدْ أُمِرْتُمْ أَيُّهَا الشُّعُوبُ وَالأُمَمُ وَالأَلْسِنَةُ، 5عِنْدَمَا تَسْمَعُونَ صَوْتَ الْقَرْنِ وَالنَّايِ وَالْعُودِ وَالرَّبَابِ وَالسِّنْطِيرِ وَالْمِزْمَارِ وَكُلِّ أَنْوَاعِ الْعَزْفِ، أَنْ تَخِرُّوا وَتَسْجُدُوا لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ الْمَلِكُ. 6وَمَنْ لاَ يَخِرُّ وَيَسْجُدُ، فَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ يُلْقَى فِي وَسَطِ أَتُّونِ نَارٍ مُتَّقِدَةٍ». 7لأَجْلِ ذلِكَ وَقْتَمَا سَمِعَ كُلُّ الشُّعُوبِ صَوْتَ الْقَرْنِ وَالنَّايِ وَالْعُودِ وَالرَّبَابِ وَالسِّنْطِيرِ وَكُلِّ أَنْوَاعِ الْعَزْفِ، خَرَّ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ وَسَجَدُوا لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ الْمَلِكُ."

قد يكون هذا التمثال للإله مرودخ أو لنبوخذ نصر نفسه. لكن لنلاحظ كمية الذهب المستخدمة (التمثال 60ذراعاً  6 ×أذرع أي حوالي30 متراً في ارتفاعه، 3 أمتار في عرضه. وقد يشمل هذا ارتفاع القاعدة وهناك احتمال قطعاً أن لا يكون التمثال كله من الذهب الخالص، بل يكون مغطى بقشرة من الذهب) ولكن عموماً فكمية الذهب المستخدمة ضخمة فهؤلاء الوثنيون يبذلون الكثير لإرضاء آلهتهم فماذا نبذل نحن لإلهنا!! ورقم (6) يتكرر فهو رقم النقص، وضد المسيح رقم اسمه (666) فوراء عبادة التماثيل إبليس بالتأكيد. ونلاحظ أنه بعد اعتراف نبوخذ نصر لله بأنه إله الآلهة ارتد سريعاً ربما ليثبت للشعب أنه لم يرتد عن عبادة الأصنام أو إذا كان التمثال له فهذا يشير لإنتفاخه وكبريائه. وربما هو أراد أن يزيل من عقول الشعب إعجابهم بإله دانيال. وهو أمر بجمع كل كبار رجال الدولة لتدشين التمثال أي لإعلان الجميع خضوعهم له. كم تعبوا وكم أنفقوا في سبيل هذه الرحلة الغبية، ولكن عابدي الأوثان أغبياء كأوثانهم. وكان الإغراء بالموسيقى والتهديد بنيران الأتون (= فرن كبير) والمرازبة = حكام الولايات. والشحن = رؤساء الشرطة. والخزنة = وزراء المالية والتموين وقد اكتشفوا في الأثار قاعدة تمثال في مقاطعة اسمها (دوار) في خرائب بابل. وآلة السنطير هي الهارب HARP (وهي آلة وترية) وسجود الناس لهذا الصنم يعادل سجود الناس للوحش في أيام نهاية العالم وغالباً كان دانيال خارج بابل وإلا لكان قد رفض السجود للصنم مع الفتية أو هم لم يشتكوا دانيال لأنهم يعرفون تقدير الملك له.

 

الآيات (8-18):- "8لأَجْلِ ذلِكَ تَقَدَّمَ حِينَئِذٍ رِجَالٌ كَلْدَانِيُّونَ وَاشْتَكَوْا عَلَى الْيَهُودِ، 9أَجَابُوا وَقَالُوا لِلْمَلِكِ نَبُوخَذْنَصَّرَ: «أَيُّهَا الْمَلِكُ، عِشْ إِلَى الأَبَدِ! 10أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ قَدْ أَصْدَرْتَ أَمْرًا بِأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَسْمَعُ صَوْتَ الْقَرْنِ وَالنَّايِ وَالْعُودِ وَالرَّبَابِ وَالسِّنْطِيرِ وَالْمِزْمَارِ وَكُلِّ أَنْوَاعِ الْعَزْفِ، يَخِرُّ وَيَسْجُدُ لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ. 11وَمَنْ لاَ يَخِرُّ وَيَسْجُدُ فَإِنَّهُ يُلْقَى فِي وَسَطِ أَتُّونِ نَارٍ مُتَّقِدَةٍ. 12يُوجَدُ رِجَالٌ يَهُودٌ، الَّذِينَ وَكَّلْتَهُمْ عَلَى أَعْمَالِ وِلاَيَةِ بَابِلَ: شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُوَ. هؤُلاَءِ الرِّجَالُ لَمْ يَجْعَلُوا لَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ اعْتِبَارًا. آلِهَتُكَ لاَ يَعْبُدُونَ، وَلِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبْتَ لاَ يَسْجُدُونَ».

13حِينَئِذٍ أَمَرَ نَبُوخَذْنَصَّرُ بِغَضَبٍ وَغَيْظٍ بِإِحْضَارِ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ. فَأَتَوْا بِهؤُلاَءِ الرِّجَالِ قُدَّامَ الْمَلِكِ. 14فَأَجَابَ نَبُوخَذْنَصَّرُ وَقَالَ لَهُمْ: «تَعَمُّدًا يَا شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُوَ لاَ تَعْبُدُونَ آلِهَتِي وَلاَ تَسْجُدُونَ لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبْتُ! 15فَإِنْ كُنْتُمُ الآنَ مُسْتَعِدِّينَ عِنْدَمَا تَسْمَعُونَ صَوْتَ الْقَرْنِ وَالنَّايِ وَالْعُودِ وَالرَّبَابِ وَالسِّنْطِيرِ وَالْمِزْمَارِ وَكُلَّ أَنْوَاعِ الْعَزْفِ إِلَى أَنْ تَخِرُّوا وَتَسْجُدُوا لِلتِّمْثَالِ الَّذِي عَمِلْتُهُ. وَإِنْ لَمْ تَسْجُدُوا فَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ تُلْقَوْنَ فِي وَسَطِ أَتُّونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ. وَمَنْ هُوَ الإِلهُ الَّذِي يُنْقِذُكُمْ مِنْ يَدَيَّ؟». 16فَأَجَابَ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُوَ وَقَالُوا لِلمَلِكِ: «يَا نَبُوخَذْنَصَّرُ، لاَ يَلْزَمُنَا أَنْ نُجِيبَكَ عَنْ هذَا الأَمْرِ. 17هُوَذَا يُوجَدُ إِلهُنَا الَّذِي نَعْبُدُهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَجِّيَنَا مِنْ أَتُّونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ، وَأَنْ يُنْقِذَنَا مِنْ يَدِكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ. 18وَإِلاَّ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا لَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، أَنَّنَا لاَ نَعْبُدُ آلِهَتَكَ وَلاَ نَسْجُدُ لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبْتَهُ»."

كانت شكوى الكلدانيين من الثلاثة فتية لغيرتهم من المراكز التي نالوها. وفي كلامهم مع الملك يقولون رجال يهود = ليثيروه ويذكروه بأنه سحق يهوذا وأن هؤلاء من يهوذا الدولة الوضيعة ومع هذا فلقد أعطاهم الملك مراكز سامية وهم الآن يعارضون السجود لآلهة الملك.

ونلاحظ ثورة الملك الفظيعة ضدهم بينما أن من يعبد الله تتهذب طباعه أما عبادة الأوثان هذه فتحول الناس إلى وحوش. وعموماً فالخطية تقسي القلب. ولاحظ قول الملك لهم من هو الإله الذي ينقذكم = هذا قول كل متكبر وقال هذا أيضاً فرعون وسنحاريب، هذا بحق رد شيطاني. أما الفتية الثلاثة فكانت ردودهم رائعة مملوءة إيماناً وشاعرين بحماية الله لهم مفضلين الموت عن خيانة إلههم. ومهما كانت قوة الملك فهو له سلطان على أجسادهم فقط. ولنعرف حجم الضغوط الواقعة عليهم لنلاحظ:-

1.    كان المطلوب منهم تصرف واحد فقط وهو السجود ثم يعودوا لعبادة إلههم أن أرادوا.

2.    من يأمرهم بهذا هو الملك الذي له عليهم سلطان مطلق.

3.    هذا الملك أحسن إليهم وأعطاهم مراكز سامية مما يشعرهم بالحرج لمخالفة أوامره.

4.    هم الآن في بلد قوى وكان لهم عذرهم لو انجرفوا مع التيار القوى.

5.    أباؤهم وملوكهم وكهنتهم فعلوا هذا باختيارهم في أورشليم.

6.    حرصهم على مراكزهم التي عن طريقها يقدمون خدمات لشعبهم.

كل هذا يبرر عقلياً سجودهم ولكن محبتهم لإلههم منعتهم، ليعبدوه وحده.

 

الآيات (19-27):- "19حِينَئِذٍ امْتَلأَ نَبُوخَذْنَصَّرُ غَيْظًا وَتَغَيَّرَ مَنْظَرُ وَجْهِهِ عَلَى شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ، فَأَجَابَ وَأَمَرَ بِأَنْ يَحْمُوا الأَتُونَ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ مُعْتَادًا أَنْ يُحْمَى. 20وَأَمَرَ جَبَابِرَةَ الْقُوَّةِ فِي جَيْشِهِ بِأَنْ يُوثِقُوا شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ وَيُلْقُوهُمْ فِي أَتُّونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ. 21ثُمَّ أُوثِقَ هؤُلاَءِ الرِّجَالُ فِي سَرَاوِيلِهِمْ وَأَقْمِصَتِهِمْ وَأَرْدِيَتِهِمْ وَلِبَاسِهِمْ وَأُلْقُوا فِي وَسَطِ أَتُّونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ. 22وَمِنْ حَيْثُ إِنَّ كَلِمَةَ الْمَلِكِ شَدِيدَةٌ وَالأَتُونَ قَدْ حَمِيَ جِدًّا، قَتَلَ لَهِيبُ النَّارِ الرِّجَالَ الَّذِينَ رَفَعُوا شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ. 23وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ الرِّجَالِ، شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُوَ، سَقَطُوا مُوثَقِينَ فِي وَسَطِ أَتُّونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ.

24حِينَئِذٍ تَحَيَّرَ نَبُوخَذْنَصَّرُ الْمَلِكُ وَقَامَ مُسْرِعًا فَأَجَابَ وَقَالَ لِمُشِيرِيهِ: «أَلَمْ نُلْقِ ثَلاَثَةَ رِجَال مُوثَقِينَ فِي وَسَطِ النَّارِ؟» فَأَجَابُوا وَقَالُوا لِلْمَلِكِ: «صَحِيحٌ أَيُّهَا الْمَلِكُ». 25أَجَابَ وَقَالَ: «هَا أَنَا نَاظِرٌ أَرْبَعَةَ رِجَال مَحْلُولِينَ يَتَمَشَّوْنَ فِي وَسَطِ النَّارِ وَمَا بِهِمْ ضَرَرٌ، وَمَنْظَرُ الرَّابعِ شَبِيهٌ بِابْنِ الآلِهَةِ». 26ثُمَّ اقْتَرَبَ نَبُوخَذْنَصَّرُ إِلَى بَابِ أَتُّونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ وَأَجَابَ، فَقَالَ: «يَا شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو، يَا عَبِيدَ اللهِ الْعَلِيِّ، اخْرُجُوا وَتَعَالَوْا». فَخَرَجَ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو مِنْ وَسَطِ النَّارِ. 27فَاجْتَمَعَتِ الْمَرَازِبَةُ وَالشِّحَنُ وَالْوُلاَةُ وَمُشِيرُو الْمَلِكِ وَرَأَوْا هؤُلاَءِ الرِّجَالَ الَّذِينَ لَمْ تَكُنْ لِلنَّارِ قُوَّةٌ عَلَى أَجْسَامِهِمْ، وَشَعْرَةٌ مِنْ رُؤُوسِهِمْ لَمْ تَحْتَرِقْ، وَسَرَاوِيلُهُمْ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَرَائِحَةُ النَّارِ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِمْ. "

كان المفروض أن كلام الفتية الثلاثة يحرك مشاعر نبوخذ نصر القديمة، وإيمانه السابق بأن الله إله الإلهة ومع أنه يعلم حكمة هؤلاء الفتية الثلاثة إلا أن صورته تغيرت، وهذا يحدث مع كل من أسلم نفسه للشيطان فهو يزداد هياجاً أمام كلمات الله. وهو زاد العقوبة عليهم لكن الله تمجد بالأكثر وسط هذه الوحشية لتكون يد الله واضحة في خلاصهم. ولاحظ أن النيران قد أحرقت قيودهم دون أن تحرق ملابسهم وهذا من بركات أي تجربة يسمح بها الله أنها تحررنا من قيود الخطية (راجع أش2:43) وظهور المسيح وسطهم يعني أن الضيقات التي تقع على أولاده تقع عليه هو. هم استهانوا بالنار التي تقتلهم في دقائق فماذا تكون هذه أمام نيران البحيرة المتقدة بالنار وعذابها أبدي. ونلاحظ أن طريقة الله أنه لا يخرجنا من التجربة بل يأتي ويسير معنا فيها ويعزينا فتتحول نيرانها لبرودة وآلامها لسلام وفرح بمن يسير معنا.

كان للأتون فتحة من أسفل يري منها من في الخارج الفتية الثلاث وهم في النار ومنها خرج الفتية الثلاث. ونلاحظ أنه بعد أن هاج نبوخذ نصر ضد الفتية الثلاث عاد وسماهم عبيد الله العلي.

وظهور المسيح معهم هنا هو ظهور وليس تجسد. فالتجسد كان من العذراء مريم. وعجيب أمر الفتية الثلاث فبعد ما أحترقت قيودهم لم يخرجوا من الأتون إلا حينما أمرهم الملك فهم في الأتون مع المسيح أكثر فرحاً من وجودهم خارجه في وسط العالم، حيث الجنود والنفوس المملوءة كراهية.

 

الآيات (28-30):- "28فَأَجَابَ نَبُوخَذْنَصَّرُ وَقَالَ: «تَبَارَكَ إِلهُ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ، الَّذِي أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَأَنْقَذَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ اتَّكَلُوا عَلَيْهِ وَغَيَّرُوا كَلِمَةَ الْمَلِكِ وَأَسْلَمُوا أَجْسَادَهُمْ لِكَيْلاَ يَعْبُدُوا أَوْ يَسْجُدُوا لإِلهٍ غَيْرِ إِلهِهِمْ. 29فَمِنِّي قَدْ صَدَرَ أَمْرٌ بِأَنَّ كُلَّ شَعْبٍ وَأُمَّةٍ وَلِسَانٍ يَتَكَلَّمُونَ بِالسُّوءِ عَلَى إِلهِ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ، فَإِنَّهُمْ يُصَيَّرُونَ إِرْبًا إِرْبًا، وَتُجْعَلُ بُيُوتُهُمْ مَزْبَلَةً، إِذْ لَيْسَ إِلهٌ آخَرُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَجِّيَ هكَذَا». 30حِينَئِذٍ قَدَّمَ الْمَلِكُ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ فِي وِلاَيَةِ بَابِلَ."

بعد هذه القصة عرف الملك لماذا سقطت أورشليم في يده. فهذا كان ليس راجعاً لقوته بل لأن الله أسلمها ليده بسبب خطاياها. ولو كان يهود أورشليم أمناء مثل الثلاثة فتية لأنقذهم الله أيضاً. ولكن مع كل هذا لم يؤمن الملك بالله بل سَّماه إله شدرخ وميشخ (29) ولاحظ أنه أجاب على سؤاله في (15)

صلاة الثلاثة فتية في الأتون : وردت في الأسفار القانونية الثانية وهي صلاة رائعة تأتي بعد الآية (23) والكنيسة الأرثوذكسية تسبح بهذه التسبحة يومياً فيما يسمى بالهوس الثالث من تسبحة نصف الليل التي تسبق القداس. وتقرأها الكنيسة أيضاً في ليلة أبوغلمسيس وبالتحديد الجزء الأول من (24-45) والجزء الثاني من (51-90) فهي تسبحة الهوس الثالث وسيأتي تفصيلها فيما بعد.

 

تسبحة الثلاثة فتية القديسين:

الآيات (24-90):- " 24فكانوا يتمشون في وسط اللهيب مسبحين الله ومباركين الرب. 25 ووقف عزريا وصلى هكذا وفتح فاه في وسط النار وقال. 26 مبارك أنت أيها الرب اله آبائنا وحميد واسمك ممجد إلى الدهور. 27 لأنك عادل في جميع ما صنعت وأعمالك كلها صدق وطرقك استقامة وجميع أحكامك حق. 28 وقد أجريت أحكام حق في جميع ما جلبت علينا وعلى مدينة آبائنا المقدسة أورشليم لأنك بالحق والحكم جلبت جميع ذلك لأجل خطايانا. 29 إذ قد خطئنا واثمنا مرتدين عنك وأجرمنا في كل شيء. 30 ولم نسمع لوصاياك ولم نحفظها ولم نعمل بما أوصيتنا لكي يكون لنا خير. 31 فجميع ما جلبت علينا وجميع ما صنعت بنا إنما صنعته بحكم حق. 32 فأسلمتنا إلى أيدي أعداء آثمة وكفرة ذوي بغضاء وملك ظالم شر من كل من على الأرض. 33 والآن ليس لنا أن نفتح أفواهنا فقد صرنا خزيا وعارا لعبيدك والقانتين لك. 34 فلا تخذلنا إلى الانقضاء لأجل اسمك ولا تنقض عهدك. 35 ولا تصرف رحمتك عنا لأجل إبراهيم خليلك واسحق عبدك وإسرائيل قديسك. 36 الذين قلت لهم انك تكثر نسلهم كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر. 37 لقد جعلنا أيها الرب اقل عددا من كل أمة ونحن اليوم أذلاء في كل الأرض لأجل خطايانا. 38 وليس لنا في هذا الزمان رئيس ولا نبي ولا قائد ولا محرقة ولا ذبيحة ولا تقدمة ولا بخور ولا موضع لتقريب البواكير أمامك. 39 ولنيل رحمتك ولكن لانسحاق نفوسنا وتواضع أرواحنا اقبلنا. 40 وكمحرقات الكباش والثيران وربوات الحملان السمان هكذا فلتكن ذبيحتنا أمامك اليوم حتى ترضيك فانه لا خزي للمتوكلين عليك. 41 أنا نتبعك الآن بكل قلوبنا ونتقيك ونبتغي وجهك. 42 فلا تخزنا بل عاملنا بحسب رأفتك وكثرة رحمتك. 43 وأنقذنا على حسب عجائبك وأعط المجد لاسمك أيها الرب. 44 وليخجل جميع الذين أروا عبيدك المساوئ وليخزوا ساقطين عن كل اقتدارهم ولتحطم قوتهم. 45 وليعلموا انك أنت الرب الإله وحدك المجيد في كل المسكونة. 46 ولم يزل خدام الملك الذين القوهم يوقدون الآتون بالنفط والزفت والمشاقة والزرجون. 47 فارتفع اللهيب فوق الآتون تسعا وأربعين ذراعا. 48 وانتشر واحرق الذين صادفهم حول الآتون من الكلدانيين. 49 أما أصحاب عزريا فنزل ملاك الرب إلى داخل الآتون وطرد لهيب النار عن الآتون. 50 وجعل وسط الآتون ريحا ذات ندى تهب فلم تمسهم النار البتة ولم تسؤهم ولم تزعجهم. 51 حينئذ سبح الثلاثة بفم واحد ومجدوا وباركوا الله في الآتون قائلين. 52 مبارك أنت أيها الرب اله آبائنا وحميد ورفيع إلى الدهور ومبارك اسم مجدك القدوس ورفيع إلى الدهور. 53 مبارك أنت في هيكل مجدك القدوس ومسبح وممجد الى الدهور. 54 مبارك أنت في عرش ملكك ومسبح ورفيع إلى الدهور. 55 مبارك أنت أيها الناظر الأعماق الجالس على الكروبين ومسبح ورفيع إلى الدهور. 56 مبارك أنت في جلد السماء ومسبح وممجد إلى الدهور. 57 باركي الرب يا جميع أعمال الرب سبحي وارفعيه إلى الدهور. 58 باركوا الرب يا ملائكة الرب سبحوا وارفعوه إلى الدهور. 59 باركي الرب أيتها السماوات سبحي وارفعيه إلى الدهور. 60 باركي الرب يا جميع المياه التي فوق السماء سبحي وارفعيه إلى الدهور. 61 باركي الرب يا جميع جنود الرب سبحي وارفعيه إلى الدهور. 62 باركا الرب أيها الشمس والقمر سبحا وارفعاه إلى الدهور. 63 باركي الرب يا نجوم السماء سبحي وارفعيه إلى الدهور. 64 باركي الرب يا جميع الأمطار والأنداء سبحي وارفعيه إلى الدهور. 65 باركي الرب يا جميع الرياح سبحي وارفعيه إلى الدهور. 66 باركا الرب أيها النار والحر سبحا وارفعاه إلى الدهور. 67 باركا الرب أيها البرد والحر سبحا وارفعاه إلى الدهور. 68 باركا الرب أيها الندى والجليد سبحا وارفعاه إلى الدهور. 69 باركا الرب أيها الجمد والبرد سبحا وارفعاه إلى الدهور. 70 باركا الرب ايها الصقيع والثلج سبحا وارفعاه إلى الدهور. 71 باركا الرب أيها الليل والنهار سبحا وارفعاه إلى الدهور. 72 باركا الرب أيها النور والظلمة سبحا وارفعاه إلى الدهور. 73 باركي الرب أيتها البروق والسحب سبحي وارفعيه إلى الدهور. 74 لتبارك الأرض الرب لتسبح وترفعه إلى الدهور. 75 باركي الرب أيتها الجبال والتلال سبحي وارفعيه إلى الدهور. 76 باركي الرب يا جميع أنبتة الأرض سبحي وارفعيه إلى الدهور. 77 باركي الرب أيتها الينابيع سبحي وارفعيه إلى الدهور. 78 باركي الرب أيتها البحار والأنهار سبحي وارفعيه إلى الدهور. 79 باركي الرب أيتها الحيتان وجميع ما يتحرك في المياه سبحي وارفعيه إلى الدهور. 80 باركي الرب يا جميع طيور السماء سبحي وارفعيه إلى الدهور. 81 باركي الرب يا جميع الوحوش والبهائم سبحي وارفعيه إلى الدهور. 82 باركوا الرب يا بني البشر سبحوا وارفعوه إلى الدهور. 83 باركوا الرب يا إسرائيل سبحوا وارفعوه إلى الدهور. 84 باركوا الرب يا كهنة الرب سبحوا وارفعوه إلى الدهور. 85 باركوا الرب يا عبيد الرب سبحوا وارفعوه إلى الدهور. 86 باركوا الرب يا أرواح ونفوس الصديقين سبحوا وارفعوه إلى الدهور. 87 باركوا الرب أيها القديسون والمتواضعو القلوب سبحوا وارفعوه إلى الدهور. 88 باركوا الرب يا حننيا وعزريا وميشائيل سبحوا وارفعوه إلى الدهور لأنه أنقذنا من الجحيم وخلصنا من يد الموت ونجانا من وسط آتون اللهيب المضطرم ومن وسط النار. 89 اعترفوا للرب لأنه صالح لان إلى الأبد رحمته. 90 باركوا يا جميع القانتين الرب اله الآلهة سبحوا واعترفوا لان إلى الأبد رحمته."

ونلاحظ عناصر تسبحتهم و صلاتهم:-

1.    الاعتراف بالخطية: كان هذا بانسحاق ويقولون أن كل هذا أتى عليهم (السبي/ احتراق أورشليم/ إلقائهم في آتون النار) بسبب خطيتهم وهذا هو قول العشار اللهم ارحمني أنا الخاطئ وهذا ما قاله النبي إرمياء في المراثي فهم لم ينسبوا لله ظلماً.

2.    اللجاجة في الصلاة: لا تخذلنا للإنقضاء... أطلبوا تجدوا...

3.    الشفاعة: كانوا يصلون قائلين "من أجل إبراهيم واسحق ويعقوب".

4.    الذبائح المقبولة : إقبل ذبائحنا قدامك. يقول بولس الرسول " قدموا أجسادكم ذبائح حية ولكن هؤلاء قدموا أجسادهم ذبائح حقيقية. علينا أن نحسب كل شئ رخيصاً أمام الله".

5.    الشكر: لأنه أنقذهم من النار. والكنيسة تضع صلاة الشكر في مقدمة كل صلاة.

6.    العهد مع الله: نتبعك الآن من كل قلوبنا. والتوبة هي نوع من العهد مع الله.

التمجيد: خليقة الله الجملية (شمس / نجوم..) تمجد الله وشاهدة على عمله وعظمته.

تأملات:-

الله يسمح بالتجارب ولا يرفعها عن عبيده وأبنائه، بل يأتي ويعزيهم ويرافقهم وسط الضيقة كما حدث هنا. وفائدة التجارب هي قطع رباطات الخطية وهذا ما حدث للثلاثة فتية هنا، إذ لم تحترق ملابسهم لكن إحترقت الأربطة التي كانت تربطهم (دا 25:3) (بحسب نسخة بيروت). وحينما تتقطع الرباطات يسبح الإنسان الله. فعلى أنهار بابل لم يستطيعوا التسبيح إذ مازالوا في العبودية، مربوطين برباطات العبودية (مز1:137-4). ولكن هؤلاء المحررين من الرباطات يرون الله فيسبحونه. والذي يسبح لا يطلب شئ من الله، بل هو فرح بالله وهذا يكفي. لذلك فالتسبيح أرقى درجات الصلاة. ونرى أن عزريا هو الذي بدأ التسبيح (25) ثم سبح الثلاثة بفمٍ واحد (51). وهذا يعني أن تسبيح عزريا أشعل محبتهم لله فإمتلأوا بالروح، فنطق الروح على ألسنتهم جميعاً (مز1:45) صارت ألسنتهم قلم واحد لكاتب ماهر واحد هو الروح القدس.

ونرى من إمتلأ بالروح لا ينسب لله ظلماً ولا عتاباً على ما هو فيه من ألم، بل ينسب الألم لخطاياه هو (28-33). لقد إنفتحت عينا مثل هذا الإنسان فرأي الله في محبته، ويراه أنه لا يمكن أن يؤذي أولاده ، ويفهم أن الضربات هي للتأديب، يرى الله في وداعته وعينيه المملوئتين شفقة ومحبة ويتأمل في صفاته فيسبحه. إحتراق الرباطات ينقي القلب، فيرى الإنسان الله (مت8:5) ومن يرى الله يحبه فيسبحه. ويرى أيضاً بشاعة قلبه فيعترف بخطيته (إر9:17). وبهذا يعترف بعدل الله في كل أحكامه. وإن سمح الله بنار تجربة فسيخرج منها أبناءه بعد أن تحترق رباطاتهم، إذاً هي لتنقية القلب. والله له أدوات يصنع بها هذا، مثل هذا الأتون ومثل الملك الظالم نبوخذ نصر وجيشه. وبعد أن يتم التأديب يؤدب الله الملوك الظالمين (إر50،51). صرنا عاراً= الوثنيون رأوهم سبايا محتقرين (33) والمؤمن وسط التجربة عليه أن لا يكف عن التضرع لله ليخلصه= لا تخذلنا إلى الإنقضاء (34) ولا تنقض عهدك= فعدم أمانتنا لن يجعل الله ينقض عهده ويكون غير أميناً (رو3:3،4) لأجل إبراهيم خليلك وإسحق عبدك وإسرائيل قديسك (34،35) هذا النص موجود في قطع صلاة الساعة التاسعة.

(37) لقد جعلنا أيها الرب أقل عدداً= فلقد ذهب كثيرين إلى السبي (تث62:28)، وبهذا تنبأ لهم موسى.

(38) ليس لنا نبي ولا..= صاروا بلا عبادة ولا ذبائح ولا هيكل في السبي. والله قطع علاقته معهم. وهم كانوا أصدقاء لدانيال ولكن في هذا الوقت لم يعرفوا دانيال كنبي، فهذا قد ظهر في أواخر أيامه. وأما حزقيال فلقد أخذوه من ضمن سبايا السبي الثاني. وكان دانيال والفتية الثلاث قبله بسنوات في بابل.. ولا محرقة ولا ذبيحة= ولكن تسبحتهم هذه عند الله لهي أفضل من المحرقات والذبائح [(هو2:14) وقد ترجمت عجول شفاهنا في السبعينية "ثمر شفاه معترفة بإسمه" وهكذا إقتبسها بولس الرسول في (عب15:132)] والمعنى أن الشفاه المعترفة بإحسانات الله والتي تسبحه لهي أفضل من عجول المحرقات. وما أحلى تسبحة هؤلاء الفتية عند الله وهم وسط تجربة الأتون. والأعداد (41-43) أخذتها الكنيسة لترتل بها في التسبحة اليومية. إنقذنا على حسب عجائبك= وليس على حسب إستحقاقنا. ولماذا؟ لتتمجد أنت يا رب= إعط المجد لإسمك أيها الرب.. وليعلموا أنك أنت الرب الإله وحدك (43-45). فلا تخزنا بل عاملنا بحسب رأفتك وكثرة رحمتك (42) هي ما نصلي بها في صلوات القداس (كرحمتك يا رب ولا كخطايانا).

(46) النفط= منتجات البترول. المشاقة= مثل الشعر الذي يمشط من نسيج الصوف. زرجون هو مادة كحولية تستخدم كخمر وتساعد على الإشتعال.

نزل ملاك الرب إلى داخل الأتون وطرد لهيب النار عن الأتون= هذه هي طريقة الرب مع أولاده، هو لا يرفع التجربة حتى تؤتي ثمارها، لكنه يأتي ويكون مع أولاده يعزيهم، فهو يعطي مع التجربة المنفذ (1كو13:10)= جعل وسط الأتون ريحاً ذات ندى.

وفي تسبحة الثلاثة فتية معاً بعد ذلك نراهم يطلبون من الخليقة كلها أن تسبح الله والمعنى أن الخليقة حتى الجامدة منها تعلن مجد الله وقدرته وعظمته. وهذا رد من الفتية على نبوخذ نصر الذي إعتبر تمثاله الذهبي إلهاً.

القانتين = الطائعين لله.

 

الآيات (91-100):- "91حينئذ تحير نبوخذنصر الملك وقام مسرعا فاجاب وقال لمشيريه الم نلقي ثلاثة رجال موثقين في وسط النار فاجابوا وقالوا للملك صحيح ايها الملك 92اجاب وقال ها انا ناظر اربعة رجال محلولين يتمشون في وسط النار وما بهم ضرر ومنظر الرابع شبيه بابن الالهة 93ثم اقترب نبوخذنصر الى باب اتون النار المتقدة واجاب فقال يا شدرخ وميشخ وعبد نغو يا عبيد الله العلي اخرجوا وتعالوا فخرج شدرخ وميشخ وعبد نغو من وسط النار 94فاجتمعت المرازبة والشحن والولاة ومشيرو الملك وراوا هؤلاء الرجال الذين لم تكن للنار قوة على اجسامهم وشعرة من رؤوسهم لم تحترق وسراويلهم لم تتغير ورائحة النار لم تات عليهم 95فاجاب نبوخذنصر وقال تبارك اله شدرخ وميشخ وعبد نغو الذي ارسل ملاكه وانقذ عبيده الذين اتكلوا عليه وغيروا كلمة الملك واسلموا اجسادهم لكيلا يعبدوا او يسجدوا لاله غير الههم 96فمني قد صدر امر بان كل شعب وامة ولسان يتكلمون بالسوء على اله شدرخ وميشخ وعبد نغو فانهم يصيرون اربا اربا وتجعل بيوتهم مزبلة اذ ليس اله اخر يستطيع ان ينجي هكذا 97حينئذ قدم الملك شدرخ وميشخ وعبد نغو في ولاية بابل 98من نبوخذنصر الملك الى كل الشعوب والامم والالسنة الساكنين في الارض كلها ليكثر سلامكم 99الايات والعجائب التي صنعها معي الله العلي حسن عندي ان اخبر بها 100 اياته ما اعظمها وعجائبه ما اقواها ملكوته ملكوت ابدي وسلطانه الى دور فدور. "