من إصحاح (4)
إلى إصحاح (7) نبوات مسيانية مجيدة.
والنبي ينطلق
من النبوات الخاصة بتأديب إسرائيل ويهوذا إلى عمل الله الخلاصي ومجيء المسيح.
الآيات (1-7):- "1وَيَكُونُ فِي آخِرِ
الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتًا فِي رَأْسِ الْجِبَالِ،
وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ، وَتَجْرِي إِلَيْهِ شُعُوبٌ. 2وَتَسِيرُ
أُمَمٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ، وَإِلَى
بَيْتِ إِلهِ يَعْقُوبَ، فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ، وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ».
لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ، وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ
الرَّبِّ. 3فَيَقْضِي بَيْنَ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ. يُنْصِفُ لأُمَمٍ
قَوِيَّةٍ بَعِيدَةٍ، فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكًا، وَرِمَاحَهُمْ
مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفًا، وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ
الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ. 4بَلْ يَجْلِسُونَ كُلُّ وَاحِدٍ تَحْتَ
كَرْمَتِهِ وَتَحْتَ تِينَتِهِ، وَلاَ يَكُونُ مَنْ يُرْعِبُ، لأَنَّ فَمَ رَبِّ
الْجُنُودِ تَكَلَّمَ. 5لأَنَّ جَمِيعَ الشُّعُوبِ يَسْلُكُونَ كُلُّ
وَاحِدٍ بِاسْمِ إِلهِهِ، وَنَحْنُ نَسْلُكُ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِنَا إِلَى
الدَّهْرِ وَالأَبَدِ. 6«فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ الرَّبُّ،
أَجْمَعُ الظَّالِعَةَ، وَأَضُمُّ الْمَطْرُودَةَ، وَالَّتِي أَضْرَرْتُ بِهَا 7وَأَجْعَلُ
الظَّالِعَةَ بَقِيَّةً، وَالْمُقْصَاةَ أُمَّةً قَوِيَّةً، وَيَمْلِكُ الرَّبُّ
عَلَيْهِمْ فِي جَبَلِ صِهْيَوْنَ مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. "
انتهي الإصحاح
السابق بخراب الهيكل وتحوله إلى شوامخ وعر. هذا إعلان عن نهاية الكهنوت اليهودي.
ونأتي هنا لتأسيس الكنيسة المجيدة وسر مجدها أن مسيحها في وسطها. وآية (1) هي نفسها
(أش2:2). وهكذا (مي2:4،3 مع أش3:2،4) فالروح واحد. وكأن الله يريد أن تقوم كلمته
على فم شاهدين. وهي مواعيد ثمينة تشير لكنيسة العهد الجديد. وفي (1) المسيح هو
جبل، الجبل الذي رآه دانيال يملأ الأرض كلها. وهو صخرتنا (1كو4:10). والجبل
والصخرة رمز للثبات، والجبل رمز للتسامي والعلو أي السماويات. ونلاحظ أن المسيح
هزم الشيطان على جبل التجربة. وقدم تعاليمه على جبل. وتجلى على جبل تابور وصلب على
جبل الجلجثة. وكما يشبه المسيح بجبل هكذا كنيسته لأنها ثابتة للأبد وسماوية ترتفع
عن الأرضيات. سر ثباتها هو الرب نفسه الذي يقدسها ويرفعها فيه إلى سمواته ويكون في آخر
الأيام =أي أيام المسيح الذي سيقيم كنيسته عليه هو شخصياً. جبل بيت الرب = هو المسيح بجسده. يكون ثابتاً في راس الجبال = فهو راس الكنيسة
والمؤمنين فيها تشبهوا بمسيحهم فصاروا جبالاً. وهو رأس هذه الجبال. ويرتفع فوق التلال = مهما ارتفع أي شئ آخر لن
يزيد عن كونه تلاً بالمقارنة بالجبال، هذا هو سمو المسيحية. وتجري إليه شعوب = أمام هذا السمو جرى الجميع
مؤمنين بالمسيح. وفي (2) هلم نصعد جبل الرب
= القانون الطبيعي أن الماء ينزل من الأعالي ومن رؤوس الجبال للوديان. ولكن عمل
نعمة الروح القدس تأخذ المؤمنين وتصعد بهم للسماويات. هنا المؤمنين يزدادون عدداً،
ومن كل الشعوب، والكل يحاول الصعود للسماويات.
بيت إله يعقوب = يعقوب هو
الكنيسة التي شابهت يعقوب في إيمانه. فيعلمنا من
طرقه = هذا دور الروح القدس الذي يعلمنا كل شئ (يو26:14). لأنه من صهيون
تخرج الشريعة = فمن صهيون كان يجب أن يخرج الإنجيل لكي تتضح العلاقة
بين العهد الجديد والعهد القديم،وأنه لا تعارض بينهما. وفي أورشليم عاش المسيح
وصلب وقام وصعد للسماوات وتلاميذه بدأوا خدمتهم أولاً من أورشليم. إذاً المسيح = كلمة الرب خرج من أورشليم ومنها بدأت الكرازة
بكلمة الرب. والآن هؤلاء المؤمنين بكلمة الرب لهم وعد = نسلك في سبله = هم في محبتهم لسيدهم المسيح
قطعوا على أنفسهم هذا الوعد. وصهيون هنا التي تخرج منها الشريعة هي الكنيسة التي
تعلم وتلد وتجذب المؤمنين وفي آية (3) فيقضى
= هنا تظهر صفة جديدة للمسيح فهو الديان (يو22:5) فالآب أعطاه كل الدينونة.
ودينونته هي بالحق فهو ينصف لأمم قوية بعيدة
= لكن هذه الأمم وصفت بأنها قوية فكيف يظلمها أحد لينصفها المسيح؟ هي كانت بعيدة
عن المسيح فظلمها الشيطان، وجاء المسيح ليخلصها من يده وينصفها. ثم يأتي وصف
للسلام الذي يتمتع به المؤمنون. فهم يطبعون سيوفهم
سككاً = السكة هي حديدة تحرث بها الأرض. فهم عوض الحرب يحرثون أرضهم
ويعيشون في سلام. وفي عمل بناء. وإذا فهمنا أن الأرض تشير للإنسان، فهو مأخوذ من
تراب الأرض. فعوضاً عن أن يهتم الإنسان بالحرب مع الآخرين سيهتم بحرث نفسه ليخرج
ويعترف بكل خطاياه (أي يجلس ليفحص نفسه مقدماً توبة عن كل خطية يكتشفها ثم يذهب
ليعترف بها) وبهذا ينقي أرضه فتصير صالحة لكي تثمر فيها كلمة الله فيصبح بهذا
سماوياً ورماحهم مناجل = المنجل يستعمل
للحصاد. فهم سيحصدون ما زرعوه. ويعيشون في سلام بلا حرب ولا سيف. وفي (4) يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته = يجلسون
في أمان وسلام وفرح فالكرمة تشير للفرح. والتينة تشير للمحبة الأخوية التي تجمع كل
المؤمنين في جسد الكنيسة الواحد، مثل بذور التينة الكثيرة داخل نفس الغلاف. وهذه
المحبة وهذا الفرح من ثمار الروح القدس الذي يتمتع به كل مؤمن بالرغم من ضيقات هذا
العالم. لأن فم رب الجنود قد تكلم =
ولا يمكن أن تسقط كلمة واحدة من كلام الله. ووعود الله ومحبته وإرادته الخيرة
نحونا ظهرت في كلمته المتجسد. وفي (5) نجد الشعوب أي الأمم التي لم تؤمن بالمسيح =
كل واحد باسم إلهه = هم يعترفون بآلهة لا
تخلص، أما نحن فنسلك باسم الرب إلهنا = الذي يخلصنا إلى الأبد.بل
هذه تنطبق على بعض المؤمنين الذين يسلك كل واحد منهم وراء إلهه الخاص متعبداً له،
ويظن أنه يشبعه (كالمال والجنس والقوة...) وفي (6،7) الكنيسة التي جمعها الله من
اليهود والأمم في وحدة ويملك عليهم المسيح. الظالعة
= أي العرجاء وهذه تشير لليهود. والمطرودة
تشير للأمم قبل إيمانهم. لكن اليهود يتحولون لبقية = وأجعل
الظالعة بقية. لأن منهم من يؤمن في آخر الأيام. أما الأمم التي كانت
مقصاة فتصبح أمة
قوية بالمسيح الذي فيها.
الآيات (8-13):- "8وَأَنْتَ يَا بُرْجَ
الْقَطِيعِ، أَكَمَةَ بِنْتِ صِهْيَوْنَ إِلَيْكِ يَأْتِي. وَيَجِيءُ الْحُكْمُ
الأَوَّلُ مُلْكُ بِنْتِ أُورُشَلِيمَ». 9اَلآنَ لِمَاذَا تَصْرُخِينَ
صُرَاخًا؟ أَلَيْسَ فِيكِ مَلِكٌ، أَمْ هَلَكَ مُشِيرُكِ حَتَّى أَخَذَكِ وَجَعٌ
كَالْوَالِدَةِ؟ 10تَلَوَّيِ، ادْفَعِي يَا بِنْتَ صِهْيَوْنَ
كَالْوَالِدَةِ، لأَنَّكِ الآنَ تَخْرُجِينَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَتَسْكُنِينَ فِي
الْبَرِّيَّةِ، وَتَأْتِينَ إِلَى بَابِلَ. هُنَاكَ تُنْقَذِينَ. هُنَاكَ
يَفْدِيكِ الرَّبُّ مِنْ يَدِ أَعْدَائِكِ. 11وَالآنَ قَدِ اجْتَمَعَتْ
عَلَيْكِ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ، الَّذِينَ يَقُولُونَ: «لِتَتَدَنَّسْ وَلْتَتَفَرَّسْ
عُيُونُنَا فِي صِهْيَوْنَ». 12وَهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ أَفْكَارَ
الرَّبِّ وَلاَ يَفْهَمُونَ قَصْدَهُ، إِنَّهُ قَدْ جَمَعَهُمْ كَحُزَمٍ إِلَى
الْبَيْدَرِ. 13«قُومِي وَدُوسِي يَا بِنْتَ صِهْيَوْنَ، لأَنِّي
أَجْعَلُ قَرْنَكِ حَدِيدًا، وَأَظْلاَفَكِ أَجْعَلُهَا نُحَاسًا، فَتَسْحَقِينَ
شُعُوبًا كَثِيرِينَ، وَأُحَرِّمُ غَنِيمَتَهُمْ لِلرَّبِّ، وَثَرْوَتَهُمْ
لِسَيِّدِ كُلِّ الأَرْضِ»."
برج القطيع = هذه هي الكنيسة فهي عالية كبرج
ومؤمنيها كقطيع لهم راعٍ هو السيد المسيح. إن سر مجد أورشليم هو مسيحها الذي يقيم
نفسه جبلاً يجتذب إليه الأمم ويهبهم السلام الداخلي ويضمد جراحاتهم ويملك عليهم
واهباً إياهم حياة الغلبة والنصرة. والكنيسة هي أكمة
بنت صهيون = أكمة تعني قلعة أو حصن. والكنيسة هي حصن
والذي يحميه هو المسيح. وسميت بنت صهيون لأن الكنيسة خرجت من صهيون. وكما قلنا
فصهيون كانت القمم (قمة مقام عليها الهيكل وقمة مقام عليها قصر الملك داود)
ومسيحنا هو الملك والراعي. فداود راعي الغنم صار راعياً لشعبه، شعب الله. وداود
رمز للمسيح. والمسيح أيضاً هو رئيس كهنتنا الذي قدم نفسه ذبيحة وبدمه حصننا في هذا
الحصن. وهذه الكنيسة إليها يأتي ويجيء الحكم الأول = أي تنعم بملكوت
الله الأبدي فيها. حكم مثل حكم داود وسليمان، الحكم الأول، حينما كان داود وسليمان
يحكمون دولة واحدة، إسرائيل الواحدة. يوم كانت رعية واحدة لراعٍ واحد. وقد سمى
المسيح ملك اليهود (مت5:21 + 29:27). وهذا الحكم الواحد قد إنقسم بعد سليمان
وانتهى بعد السبي. وسقطت أورشليم تحت عبودية بابل ثم الفرس ثم اليونان ثم الرومان
وكل هذا يشير لعبودية الشعب لهذه الأمم (رمزاً لعبودية الإنسان لإبليس قبل أن يحررنا
المسيح). وبالمسيح عاد مُلْك بنت أورشليم = إشارة للكنيسة التي حررها
المسيح من عبودية إبليس وجعلها أمة ملوك وكهنة (رؤ6:1) وملوك أي لا يسود عليهم
خطية أو شهوة أو إبليس. إليك يأتي = أي
المسيح يأتي لكنيسته. وفي آية (9) بعد أن عزي أورشليم وقال لها سيأتي لها مخلص
يعيد لها الحكم الأول يقول لكن لابد أن تعاني أولاً من بعض الآلام. وفي (10) يتنبأ صراحة بذهابها إلى بابل للسبي = تأتين إلى بابل. وأهمية ذهابها للسبي بآلامه
أنها ستخرج من هذا التأديب أمة جديدة بلا وثنية وتكون آلامها كآلام الوالدة التي
ستلد طفلاً جديداً. فيقول لها تلوي أدفعي
= أي تحملي الآلام حتى تولدي أمة جديدة. ووسط هذه الآلام فلتثق أن لها ملك لابد
وسيفديها من يد أعدائها = الآن لماذا تصرخين في
يأس. جاهدي برجاء أن ملكك سيفديك = هناك
يفديك الرب. ولاحظ روعة نبوة ميخا. فهو يتكلم عن سبي بابل قبل أن تظهر
بابل كدولة عظيمة أي أيام كانت أشور هي الدولة العظمى والمسيطرة عالمياً وكانت
بابل لا شئ. وهذه الآيات لها معنى آخر، فهي تشير للمسيح، هي وعد بمجيء المسيح الذي
يحررنا لكن لابد من قضاء فترة في سبي إبليس حتى يأتي المسيح، وبابل ترمز لإبليس.
والمسيح سيفدي كنيسته بدمه ويصير لها ملكاً بعد أن يحررها من سلطان إبليس، ولكنه
لن ينزع عنها الألم والجهاد، إنما سيسمح لها أن تنطلق إلى البرية = تسكنين في البرية لتحارب عدو الخير، والعالم هو
هذه البرية. فطالما نحن في الجسد، فلابد أن نحارب إبليس. والمسيح ملكنا سيهبنا
نصرة وغلبة بل يهب كنيسته قرناً حديدياً وأظلافاً
نحاسية. آية (13) لتسحق هذه الشياطين. والقرن والأظلاف علامة القوة.
وفي (9) تصوير لآلام أورشليم (الكنيسة) فهي تصرخ وتتلوى كوالدة ولكن النتيجة ميلاد
جديد (يو20:16،21). ولماذا الألم ؟ هو نار التطهير لأننا في الجسد، والجسد تسكنه
الخطية (رو20:7). فلابد من التأديب حتى نولد ميلاداً جديداً أي نستحق أن نلبس
الجسد الممجد. وعلينا أن لا نيأس ففي وسطنا ملكنا الذي حررنا وهو يساندنا في هذه
المعركة = أليس فيك ملك = فلنجاهد
برجاء وبلا يأس لأنه في وسطنا ملك. وفي (11) نجد الأعداء محيطين بالكنيسة وهم
يمنون أنفسهم أن تسقط في الخطية = يقولون لتتدنس
= فيهجرها الله وتخرب وحينئذ تتفرس عيوننا في
صهيون = إن المؤمن ينكشف إذا سقط في الخطية، لأن الله سيتخلى عنه. بعد
أن كان حصناً (كانت هذه مشورة بلعام). وفي (12) هؤلاء الأعداء يجتمعون ضد أورشليم
يحلمون بأن تسقط ليشمتوا فيها. والله سمح لهم بهذا بعض الوقت وهم لا يفهمون قصده = فهو يستعملهم كأداة تأديب
لشعبه، وبعد أن ينتهي التأديب، وفي النهاية يجب أن تحرق هذه العصا = أنه قد جمعهم كحزم
إلى البيدر = فالله سمح لهم
بأن يتجمعوا كما يجمع الفلاح حزم قش يستعد لحرقها.فهم كانوا يقصدون خراب صهيون
وكان الله يقصد تأديبها ثم خرابهم، جمعهم ليُدرسوا كما بنورج ثم يحرقهم. وفي (13)
صورة للكنيسة القوية التي لها سلطان أن تدوس الحيات والعقارب = قومي ودوسي. وأُحرّم غنيمتهم = أحرم أي أقدس أو
أكرس. فكل ما نمتلكه من طاقات تحررت من سلطان إبليس يجب أن يقدس ويكرس للرب،
نستخدمه كما يرشدنا هو لمجد اسمه؟ قد يمكن تفسير هذه الآيات على الخلاص من سبي
بابل، ولكن هذه الآيات تظهر قوتها في الخلاص من سبي الشيطان بصليب المسيح الذي كان
سبي بابل رمزاً له.