الآيات (1-3): "1 قد جاء في السجلات أن ارميا النبي أمر أهل الجلاء أن يأخذوا النار
كما ذكر وكما أمر النبي أهل الجلاء. 2 إذ أوصاهم أن لا ينسوا وصايا الرب ولا
تغوى قلوبهم إذا رأوا تماثيل الذهب والفضة وما عليها من الزينة. 3 وحرضهم بمثل هذا الكلام على أن لا يزيلوا
الشريعة من قلوبهم."
السجلات=
كثير من السجلات ضاعت في السبي وبأوامر انطيوخس أبيفانيوس أحرقوا الكثير، ولكن ما
كان بالوحي لا يمكن لأحد أن يزيله. وكان يمكن لليهود في أرض السبي أن يتأثروا
بعبادة الأصنام [1] لما فيها من دعارة وزنا [2] لما فيها من مغريات موسيقية وغموض
[3] من خداع الشياطين [4] ضغط ملوك الأمم لمحو هويتهم [5] فخامة هذه التماثيل
وروعتها.
الآيات (4-7): "4 وجاء في هذه الكتابة أن النبي بمقتضى وحي صار إليه أمر أن
يذهب معه بالمسكن والتابوت حتى يصل إلى الجبل الذي صعد إليه موسى ورأى ميراث الله. 5 ولما وصل ارميا وجد كهفا فادخل إليه
المسكن والتابوت ومذبح البخور ثم سد الباب. 6 فاقبل بعض من كانوا معه ليسموا الطريق فلم
يستطيعوا أن يجدوه. 7 فلما اعلم بذلك ارميا لامهم وقال أن هذا الموضع سيبقى مجهولا
إلى أن يجمع الله شمل الشعب ويرحمهم."
الله يأمر إرمياء
النبي بحفظ المقدسات والله يخفيها فلا يعلم أحد مكانها.
الآيات (8-12): "8 وحينئذ يبرز الرب هذه الأشياء ويبدو مجد الرب والغمام كما
ظهر في أيام موسى وحين سال سليمان أن يقدس الموضع تقديسا بهيا. 9 إذ اشتهر وأبدي حكمته بتقديم الذبيحة
لتدشين الهيكل وتتميمه. 10 فكما دعا موسى الرب فنزلت النار من السماء وأفنت الذبيحة كذلك
دعا سليمان فنزلت النار من السماء وأفنت المحرقات. 11 وقال موسى إنما أفنيت ذبيحة الخطيئة
لأنها لم تؤكل. 12 وكذلك عيد سليمان للتدشين ثمانية الأيام."
هذه المقدسات
ستظهر بفعل إلهي حين يريد الله أن يمجد شعبه ويظهر رضاه على شعبه ويبدو مجد الرب والغمام كما حدث في جبل سيناء
وعند تدشين الهيكل (لا23:9 + 2أي13:5،14). على أنه من المستحيل أن يعود عهد
الذبائح ثانية فقد بطل الرمز حين أتى المرموز إليه أي المسيح الذبيحة الحقيقية،
وإنتهى دور الهيكل اليهودي، وصار المسيحيين هم شعب الله ومجدهم في وجود المسيح
وسطهم دائماً (زك5:2 +مت20:28).
وفي (9) إذ إشتهر وأبدى حكمته= وكانوا يخبرون
أيضاً
أنه بفضل حكمته قدم ذبيحة تدشين= هذه نبوة عن
أقنوم الحكمة الذي قدم نفسه ذبيحة ليؤسس كنيسة العهد الجديد.
ويقول الكاتب
أن علامة قبول الذبيحة أن ناراً تنزل من السماء وتحرق الذبيحة وهذا حدث مع موسى
أولاً ثم مع سليمان. وها قد حدث مع نحميا. فالله إذاً قد عاد لقبول الأمة اليهودية
والعلامة هذه النار التي تولدت من سكب الماء الخاثر (النفطار). وربما يريد الكاتب
أن يشير أن الوضع مع نحميا كان أفضل من الوضع أيام موسى، إذ قد إحترقت ذبيحة الخطية إذ لم تؤكل= وكان من الواجب أن
يأكل منها الكهنة علامة على قبول الله غفران خطية الشعب، وهرون لم ينتبه لذلك بسبب
حزنه على إحتراق ولديه (لا1:10-20). ولكن هذا السهو لم يحدث مع نحميا.
وكذلك عَيَّدَ
سليمان للتدشين ثمانية أيام= إذ تصادف مجئ التدشين في مناسبة عيد
المظال (1مل65:8،66). والإشارة هنا ليهود مصر، أنتم في غربة فلتحتفلوا بعيد المظال
(2مك18:1) لتذكروا عمل الله الإعجازي والنار التي طهرت الذبيحة وغربتكم.
الآيات (13-15): "13 وقد شرح ذلك في السجلات والتذاكر التي لنحميا وكيف أنشأ
مكتبة جمع فيها أخبار الملوك والأنبياء وكتابات داود ورسائل الملوك في التقادم. 14 وكذلك جمع يهوذا كل ما فقد منا في الحرب
التي حدثت لنا وهو عندنا. 15 فان كانت لكم حاجة بذلك فأرسلوا من يأخذه إليكم."
عزرا جمع كل
الأسفار ولكن جاء يهوذا المكابي وعمل مكتبة أخرى ليجمع فيها ما جمعه عزرا من قبل
وتشتت بفعل أنطيوخس أبيفانيوس وما ظهر من كتب بعد عزرا مثل يشوع بن سيراخ
والمكابيين.
التقادم= التقدمات
التي كان الملوك يقدمونها ومرتبطة بمصائب أو النجاة منها.
الآيات (16-19): "16 وإذ قد أزمعنا أن نعيد عيد التطهير كتبنا إليكم وأنكم
لتحسنون الصنع إذا عيدتم هذه الأيام. 17 والله الذي خلص جميع شعبه ورد على الجميع
الميراث والملك والكهنوت والمقدس. 18 كما وعد في الشريعة نرجو منه أن يرحمنا
قريبا ويجمعنا مما تحت السماء إلى الموضع المقدس. 19 فانه قد أنقذنا من شرور عظيمة وطهر
الموضع."
هذا هو هدف
الرسالة أن يصلي الجميع ليعودوا فيجتمعوا في أرض اليهودية بدل تشتتهم، وحتى يحدث
هذا فليظلوا على إتصالهم بشريعتهم وأمتهم وأعيادهم ومواسمهم حتى لا ينفصلوا عن
أمتهم. وليكن الهيكل بأورشليم هو مركز حياتنا كلنا.
الآيات (20-33): "20 أن الحوادث التي وقعت ليهوذا المكابي واخوته وتطهير
الهيكل العظيم وتدشين المذبح. 21 والحروب التي وقعت مع انطيوكس الشهير
وابنه اوباطور. 22 والآيات التي ظهرت من السماء في حق الذين
تحمسوا لدين اليهود حتى انهم مع قلتهم تسلطوا على البلاد بجملتها وطردوا جماهير
الأعاجم. 23 واستردوا الهيكل الذي اشتهر ذكره في
المسكونة بأسرها وحرروا المدينة واحيوا الشرائع التي كادت تضمحل لأن الرب عطف
عليهم بكثرة مراحمه. 24 تلك الأمور التي شرحها ياسون القيرواني في خمسة كتب قد اقبلنا
نحن على اختصارها في درج واحد. 25 ولما رأينا تكاثر الحوادث والصعوبة التي تعترض من أراد الخوض
في أخبار التاريخ لكثرة المواد. 26 كان من همنا أن نجعل فيما كتبناه فكاهة للمطالع وسهولة للحافظ
وفائدة للجميع. 27 فلم يكن تكلفنا لهذا الاختصار أمرا سهلا
وإنما تم بالعرق والسهر. 28 كما أن الذي يعد مأدبة ويبتغي بها منفعة الناس لا يكون الأمر
عليه سهلا غير أنا لأجل مرضاة الكثيرين سنتحمل هذا النصب عن طيبة نفس. 29 تاركين التدقيق في تفاصيل الحوادث لأصحاب
التاريخ وملتزمين في الاختصار استقراء أهم الوقائع. 30 فانه كما ينبغي لمن يهندس بيتا جديدا أن
يهتم بجميع أجزاء البنيان ولمن يباشر الوسم والتصوير أن يتطلب أسباب الزينة هكذا
ما نحن فيه على ما أرى. 31 فان التبحر والكلام على كل أمر والبحث عن جزء فجزء من شان مصنف
التاريخ. 32 وإما الملخص فمرخص له أن يسوق الحديث
باختصار مع إهمال التدقيق في المباحث. 33 وههنا نشرع في إيراد الحوادث مقتصرين من
التمهيد على ما ذكرناه إذ ليس من الإصابة الإطناب فيما قبل التاريخ والإيجاز في
التأريخ."
الكاتب هنا
يلخص عمله في أنه لخص خمس كتب لكاتب آخر إسمه ياسون
القيرواني ويشير أنه يركز على أعمال يهوذا
المكابي وجهاده لأجل الحق وكيف أعانه الله على ذلك. وياسون القيرواني
هو شخص يهودي سكندري من شتات القيروان. والتلخيص عادة أشق من التأليف.
فكاهة للمطالع= متعة
للمطالع.