الآيات (1-3): "1 حين كانت المدينة المقدسة عامرة آمنة والشرائع محفوظة غاية الحفظ
لما كان عليه أونيا الكاهن الأعظم من الورع والبغض للشر. 2 كان الملوك أنفسهم يعظمون المقدس ويكرمون
الهيكل بأفخر التقادم. 3 حتى أن سلوقس ملك آسية كان يؤدي من دخله الخاص جميع النفقات
المختصة بتقديم الذبائح."
هي صورة يريد
بها الكاتب إظهار أنه حين يكون الشعب يرضي الله ورئيس كهنته قديس مثل أونيا فإن
الملك الوثني يجبر على إحترام الله والهيكل "لكي يرى الله أعمالكم الحسنة
فيمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت16:5). والمذكور هنا طبعاً ليس في أيام
أنطيوخس أبيفانيوس ولكن في أيام سلوكس أخيه
وكلاهما أولاد لأنطيوخس الثالث الكبير. وكانت هناك في أيامه علاقات طيبة بين
الحاكم والهيكل. وكان الملوك السوريين يحبون أن يسموا أنفسهم ملك آسيا.
وأونيا هنا
هو إبن سمعان الثاني وحفيد أونيا الثاني وتنسب له صفات جميلة هنا (الرجل الصالح/
المحب لأمته/ المحب للفضيلة..) عزله الملك إذ إشترى ياسون المنصب ثم جاء منلاوس
بعد ياسون أيضاً برشوة أكبر. ومنلاوس هذا دَبَّر مؤامرة لقتل أونيا حتى لا ينافسه
على رئاسة الكهنوت ثانياً. وبعد موته ظهر مع إرمياء النبي ليشجع يهوذا المكابي
(11:15-16).
الآيات (4-40): "4 وان رجلا اسمه سمعان من سبط بنيامين كان مقلدا الوكالة
على الهيكل وقعت مخاصمة بينه وبين الكاهن الأعظم لأجل ظلم جناه على المدينة. 5 وإذ لم يمكنه التغلب على أونيا انطلق إلى
ابلونيوس بن ترساوس وكان إذ ذاك قائدا في بقاع سورية وفينيقية. 6 واخبره أن الخزانة التي في أورشليم مشحونة
من الأموال بما لا يستطاع وصفه حتى أن الدخل لا يحصى لكثرته وان ذلك ليس بمختص
بنفقة الذبائح فيتهيأ للملك إدخال ذلك كله في حوزته. 7 ففاوض ابلونيوس الملك واعلمه بالأموال
التي وصفت له فاختار هليودورس قيم المصالح وأرسله وأمره بجلب الأموال المذكورة. 8 فتوجه هليودورس لساعته قاصدا في الظاهر
التطوف في مدن بقاع سورية وفينيقية وكان في الواقع يقصد إنفاذ مرام الملك. 9 فلما جاء أورشليم احسن الكاهن الأعظم
ملتقاه فحدثه بما كوشفوا به وصرح له بسبب قدومه وسأله هل الأمر في الحقيقة كما ذكر
له. 10 فذكر له الكاهن الأعظم أن المال هو ودائع
للأرامل واليتامى. 11 وان قسما منه لهركانس بن طوبيا أحد عظماء الأشراف ثم أن الأمر
ليس على ما وشى به سمعان المنافق وإنما المال كله أربعون قنطار فضة ومئتا قنطار
ذهب. 12 فلا يجوز بوجه من الوجوه هضم الذين
ائتمنوا قداسة الموضع ومهابة وحرمة الهيكل المكرم في المسكونة كلها. 13 لكن هليودورس بناء على أمر الملك أصر على
حمل الأموال إلى خزانة الملك. 14 وعين يوما دخل فيه للفحص عن ذلك فكان في جميع المدينة ارتعاش
شديد. 15 وانطرح الكهنة أمام المذبح بحللهم
الكهنوتية يبتهلون نحو السماء إلى الذي سن في الودائع أن تصان لمستودعها. 16 وكان من رأى وجه الكاهن الأعظم يتفطر
فؤاده لأن منظره وامتقاع لونه كانا ينبئان بما في نفسه من الارتعاش. 17 إذ كان الرجل قد اشتمل عليه الرعب
والقشعريرة فكانا يدلان الرائين على ما في قلبه من الكابة. 18 وكان الناس يتبادرون من البيوت أفواجا
ليصلوا صلاة عامة لسبب الهوان المشرف على الموضع. 19 وكانت النساء يزدحمن في الشوارع وهن
متحزمات بالمسوح تحت ثديهن والعذارى ربات الخدور يتجارين بعضهن إلى الأبواب وبعضهن
إلى الأسوار وأخريات يتطلعن من الكوى. 20 وكلهن باسطات أيديهن إلى السماء يتضرعن
بالابتهال. 21 فكان انكسار الجمهور وانتظار الكاهن
الأعظم وهو في ارتعاش شديد مما يصدع القلب رحمة. 22 وكانوا يتضرعون إلى الإله القدير أن يحفظ
الودائع موفورة لمستودعيها. 23 أما هليودورس فكان أخذا في إتمام ما قضى به وقد حضر هناك مع
شرطه في الخزانة. 24 فصنع رب آبائنا وسلطان كل قدرة أية عظيمة حتى أن جميع الذين
اجتراوا على الدخول صرعتهم قدرة الله وأخذهم الانحلال والرعب. 25 وذلك انه ظهر لهم فرس عليه راكب مخيف
وجهازه فاخر فوثب وضرب هليودورس بحوافر يديه وكانت عدة الراكب كأنها من ذهب. 26 وتراءى أيضا لهليودورس فتيان عجيبا القوة
بديعا البهاء حسنا اللباس فوقفا على جانبيه يجلدانه جلدا متواصلا حتى أثخناه
بالضرب. 27 فسقط لساعته على الأرض وغشيه ظلام كثيف
فرفعوه وجعلوه على محمل. 28 فإذا به بعد أن دخل الخزانة المذكورة في موكب حافل وجند كثير
قد اصبح محمولا لا مغيث له وقد تجلت لهم قدرة الله علانية. 29 فكان مطروحا بالقوة الإلهية ابكم منقطع
الرجاء من الخلاص. 30 واليهود يباركون الرب الذي مجد مقدسة وقد امتلأ الهيكل ابتهاجا
وتهللا إذ تجلى فيه الرب القدير بعدما كان قبيل ذلك مملوءا خوفا واضطرابا. 31 فبادر بعض من أصحاب هليودورس وسألوا
أونيا أن يبتهل إلى العلي ويمن عليه بالحياة إذ كان قد اصبح على أخر رمق. 32 فخالج قلب الكاهن الأعظم أن الملك ربما
اتهم اليهود بمكيدة كادوها لهليودورس فقدم الذبيحة من اجل خلاص الرجل. 33 وبينما الكاهن الأعظم يقدم الكفارة إذ
عاد ذانك الفتيان فظهرا لهليودورس بلباسهما الأول ووقفا وقالا عليك بجزيل الشكر
لأونيا الكاهن الأعظم فان الرب قد من عليك بالحياة من اجله. 34 وأنت أيها المجلود فاخبر الجميع بقدرة
الله العظيمة قالا ذلك وغابا عن النظر. 35 فقدم هليودورس ذبيحة للرب وصلى إليه
صلوات عظيمة على انه من عليه بالحياة وشكر أونيا ورجع بجيشه إلى الملك. 36 وكان يعترف أمام الجميع بما عاينه من
أعمال الله العظيم. 37 وسال الملك هليودورس من ترى يكون أهلا لأن نعود فنرسله إلى
أورشليم فقال. 38 أن كان لك عدوا وصاحب دسيسة في المملكة
فأرسله إلى هناك فيرجع إليك مجلودا أن نجا فان في ذلك الموضع قدرة إلهية لا محالة. 39 لأن الذي مسكنه في السماء هو يراقب
الموضع ويدافع عنه فيضرب الذين يقصدونه بالشر ويهلكهم. 40 هذا ما كان من أمر هليودورس وحماية الخزانة."
سمعان
كان مقلداً الوكالة على الهيكل= إذاً كان هو
الرجل الثاني بعد أونيا.
أبولونيوس بن ترساوس= وذكر في (21:4)
أنه إبن منستاوس. ولكن غالباً فإن ترساوس تعني الطرسوسي، وبذلك يكون إسمه
أبولونيوس بن مسنتاوس الطرسوسي. وبسبب وشاية سمعان رأى سلوكس أن هناك حلاً للأزمة
المالية التي خلفها له أبوه أنطيوخس الكبير وديونهم للرمان. هليودوروس،
قيم
المصالح=
وظيفة
وزير وهذا دخل أورشليم بطريقة دبلوماسية حتى لا يتحسبوا لمجيئه ويخفوا الأموال،
وحتى لا يعطى فرصة للغيورين على الهيكل أن ينظموا صفوفهم للدفاع عن الهيكل إذا
عرفوا نيته. ولا حتى أن يسحب المودعين أموالهم.
هركانس
بن طوبيا= والي أرض بني عمون وهذه سميت أرض
طوب في (1مك13:5). وكمية الفضة المودعة تعادل (10500كجم) وكمية الذهب (5250كجم)،
وهذا يعادل حوالي 20مليون جنيه مصري. وإهتزت المدينة يوم ذهب هليودوروس للهيكل
لإغتصاب الأموال، ولكن إلتجأ الشعب لله والله لم يخذلهم، وكان الدرس لهليودوروس هو
درس للملك نفسه. وقارن موقف أونيا هنا وخوفه على الودائع مع من جاءوا بعده
بالرشاوي، إذ نهبوا هم الهيكل وباعوا نفائسه في الأسواق الوثنية (32:4،33 + 39:4-42).
ونلاحظ هنا محبة الشعب وغيرته على الهيكل فلم يقولوا "هذه مشكلة رئيس
الكهنة" بل الكل كان يصلي ويتضرع، وعندما ينسحق الإنسان أمام الله يتدخل
الله. وأرسل الله جنوده ليؤدبوا جنود الملك، فالله هو ملك الملوك. وفكر رجال
هليودوروس بطريقة صحيحة فالقوة التي تهاجمهم سمائية لا يصلح معها إستدعاء قوات
أكبر، بل يحتاجون لشفاعة أونيا رجل الله وفي (35) ذبيحة
للرب= هي ذبيحة سلامة وتقدم للشكر.