الآيات (1-15): "1 وبعد
ذلك بزمان يسير أخرى كانت هذه الحوادث قد شقت على ليسياس وكيل الملك وذي قرابته
والمقلد تدبير آلاف. 2 جمع نحو ثمانين ألفا والفرسان كلهم
وزحف على اليهود زاعما انه يجعل المدينة مسكنا لليونانيين. 3 ويجعل
الهيكل موضعا للكسب كسائر معابد الأمم ويعرض الكهنوت الأعظم للبيع سنة فسنة. 4 غير متفكر
في قدرة الله لكن متوكلا برعونة قلبه على ربوات الرجالة وألوف الفرسان وفيلته
الثمانين. 5 فدخل اليهودية وبلغ إلى بيت صور وهي
موضع منيع على نحو خمس غلوات من أورشليم وضايقها. 6 فلما علم
أصحاب المكابي انه يحاصر الحصون ابتهلوا إلى الرب مع الجموع بالنحيب والدموع أن
يرسل ملاكه الصالح لخلاص إسرائيل. 7 ثم اخذ
المكابي سلاحه أولا وحرض الآخرين على الاقتحام معه لنجدة اخوتهم. 8 فاندفعوا
متحمسين بقلب واحد وفيما هم بعد عند أورشليم تراءى فارس عليه لباس ابيض يتقدمهم
وهو يخطر بسلاح من ذهب. 9 فطفقوا بأجمعهم يباركون الله الرحيم
وتشجعوا في قلوبهم حتى كانوا مستعدين أن يبطشوا بأضرى الوحوش فضلا عن الناس
ويخترقوا الأسوار الحديدية. 10واخذوا
يتقدمون بانتظام وقد أتتهم السماء نصرة والرب رحمة. 11 وحملوا
على الأعداء حملة الأسود وصرعوا منهم أحد عشر ألفا ومن الفرسان ألفا وست مئة. 12والجاوا
سائرهم إلى الفرار وكان اكثر الذين نجوا بأنفسهم جرحى عراة وانهزم ليسياس اقبح
هزيمة. 13 وإذ كان الرجل صاحب دهاء اخذ يفكر فيما أصابه من الخسران وفطن أن
العبرانيين قوم لا يقهرون لأن الله القدير مناصر لهم فراسلهم. 14 ووعد
بأنه يسلم بكل ما هو حق ويستميل الملك إلى موالاتهم. 15 فرضي
المكابي بكل ما سال ليسياس ابتغاء لما هو انفع وكل ما طلب المكابي من ليسياس
بالكتابة أن يقضى لليهود قضاه الملك."
أثارت
إنتصارات اليهود حفيظة ليسياس فقرر شن حملة جديدة على اليهود. وهذه الحملة
تاريخياً وقعت قبل موت أنطيوخس أبيفانيوس. وكان غزو ليسياس هو أولى الحملات
السلوكية ضد اليهود بعد حملة نيكانور وجرجياس، بل كانت رد فعل لفشل هذه الحملة.
ولذلك فقوله وبعد ذلك بزمان يسير= فغالباً
هو يقصد حملة نيكانور وجرجياس (2مك9:8). وكان الهدف من حملة ليسياس محو الهوية
الدينية لليهود وتحويل أورشليم إلى مدينة يهودية، وهيكلها إلى بيت دعارة للآلهة
الوثنية يعود بالنفع المادي للسلوكيين (3) فبهذا تزداد الضرائب على الهيكل.
بالإضافة لبيع وظيفة رئيس الكهنة= موضعاً للكسب.
وهنا نرى أيضاً ملاكاً سمائياً= فارس عليه
لباس أبيض (8) وهزم ليسياس وعرض الصلح.
الآيات (16-21): "16 وهذا نص
الرسائل التي كتب بها ليسياس إلى اليهود من ليسياس إلى شعب اليهود سلام. 17 قد سلم
إلينا يوحنا وابشالوم الموجهان من قبلكم كتاب جوابكم وسالا قضاء فحواه. 18 فشرحت
للملك ما ينبغي إنهاؤه إليه فأمضى منه ما تحتمله الحال. 19 وان
بقيتم على الإخلاص فيما بيننا من الأمور فأني أتوخى أن أكون لكم فيما يأتي سببا
للخير. 20 وأما تفصيل الأمور فقد أوصيناهما مع من نحن مرسلون من قبلنا أن
يفاوضوكم فيه. 21 والسلام في السنة المئة والثامنة
والأربعين في الرابع والعشرين من شهر ديوس كورنتي."
كتب ليسياس إلى يهوذا يعرض إتفاقية
الصلح أو الهدنة، ورد يهوذا بمطالبه (1مك58:6-60). وكان رد ليسياس هو المذكور هنا.
شهر ديوس كورنتي= الشهر الثالث
للكريتيين.
الآيات (22-26): "22 وهذه صورة
رسالة الملك من الملك انطيوكس إلى أخينا ليسياس سلام. 23 أنا منذ
انتقل والدنا إلى الآلهة لم يزل همنا ان يكون أهل مملكتنا بغير بلبال منقطعين إلى
شؤونهم. 24 وإذ قد بلغنا أن اليهود غير راضين بما أمرهم والدنا من التحول إلى سنن
اليونان لكنهم متمسكون بمذهبهم ولذلك يسألون أن تباح لهم سننهم. 25 ونحن
نريد لهذا الشعب أن يكون كغيره خاليا عن البلبال فأنا نحكم بان يرد لهم الهيكل وان
يساسوا بمقتضى عادات آبائهم. 26 فإذا
أرسلت إليهم وعاقدتهم ليطمئنوا إذا علموا رأينا فيهم ويقبلوا على مصالحهم بارتياح
فنعما تفعل."
إلى أخيه ليسياس= صفة
تطلق لحبيب الملك ومن أخلص له. إنتقل والدنا إلى
الآلهة= ولم يقل عند الآلهة، فهو في نظرهم إله إنتقل ليعيش وسط الآلهة
رفقائه، فهو ليس بشر يستودع لدى الآلهة عند موته. وهنا يحرر الملك اليهود من قيود
الملك السابق أبيفانيوس الذي أراد إلغاء الشرائع اليهودية وإعتناق الحضارة
اليونانية.
الآيات (27-33): "27 وهذه رسالة
الملك إلى الأمة من الملك انطيوكس إلى مشيخة اليهود وسائر اليهود سلام. 28 أن كنتم
في خير فهذا ما نحب ونحن أيضا في عافية. 29 قد
اطلعنا منلاوس أنكم تودون أن تنزلوا فتقيموا مع قومكم. 30 فالذين
يرتحلون إلى اليوم الثلاثين من شهر كسنتكس يكونون في أمان. 31 وقد
أبحنا لليهود أطعمتهم وشرائعهم كما كانوا عليه من قبل وكل من هفا منهم فيما سلف
فلا إعنات عليه. 32 وأنا مرسل إليكم منلاوس ليشافهكم. 33 والسلام
في السنة المئة والثامنة والأربعين في الخامس عشر من شهر كسنتكس."
رسالة أنطيوخس لليهود يؤكد فيها على
حرياتهم وعلى الإمتيازات التي أوصى بها ليسياس. ولكنه في رسالته يؤكد على دور
منلاوس كرئيس للكهنة وكمتحدث رسمي عن اليهود أمامه. وهذا ضمناً يحمل عدم الإعتراف
بالمكابيين كقادة للشعب. والسؤال هنا كيف يحافظ منلاوس هذا على الشريعة وهو الذي
طالما أساء إليها. شهر كسنتكس هو نفسه
شهر ديوس كورنتي. ولكن الملك أعطى مهلة= الذين
يرتحلون إلى اليوم الثلاثين من شهر كسنتكس
يكون في أمان= ولاحظ أن الرسالة مدونة في اليوم الخامس. وبهذا يكون
أمام المعارضين 15يوماً للرجوع إلى أورشليم.
الآيات (34-38): "34 وأرسل
الرومانيون إليهم رسالة هذه صورتها من كونتس مميوس وتيطس منليوس رسولي الرومانيين
إلى شعب اليهود سلام. 35 ما رخص لكم فيه ليسياس نسيب الملك
نحن موافقان عليه. 36 وما استحسن أن يرفع إلى الملك
تشاوروا فيه وبادروا بإرسال واحد لنقضي ما يوافقكم فأنا متوجهان إلى إنطاكية. 37 فعجلوا
في إرسال من ترسلون لنكون على بصيرة مما تبتغون. 38 والسلام
في السنة المئة والثامنة والأربعين في الخامس عشر من شهر كسنتكس."
هذه رسالة من الرومانيون ومؤرخة في نفس
تاريخ رسالة أوباطور. ومن هذه الرسالة نجد أن روما تعطي لنفسها حق التدخل في شئون
الدول الأخرى، بل أن روما سيكون لها سفيران في إنطاكية وعلى اليهود إرسال رغباتهم
للسفيران في إنطاكية ليؤيدا هذه الطلبات.