الآيات (1-24): "1 وبلغ
نكانور أن أصحاب يهوذا في نواحي السامرة فعزم على مفاجأته يوم السبت دون تعرض لخطر
الحرب. 2 فقال له اليهود الذين شايعوه اضطرارا لا تأخذ القوم بهذه القسوة
والخشونة بل ارع حرمة يوم قد أكرمه وقدسه الرقيب على كل شيء. 3 فسال ذلك
الفاجر وهل في السماء قدير أمر بحفظ يوم السبت. 4 فقالوا أن
في السماء الرب الحي القدير وهوا لذي أوصى بحفظ اليوم السابع. 5 فقال
الرجل وأنا أيضا قدير في الأرض فأمر بأخذ السلاح وإمضاء أوامر الملك ولكنه لم
يتمكن من قضاء مآربه الخبيث. 6 وكان
نكانور بما عنده من الزهو والصلف مضمرا أن ينصب تذكارا يشير به إلى جميع غلباته
على أصحاب يهوذا. 7 وأما المكابي فلم يزل يثق كل الثقة
بان الرب سيؤتيه النصر. 8 فحرض أصحابه أن لا يجزعوا من غارة
الأمم بل يذكروا النجدات التي طال ما أمدوا بها من السماء وينتظروا الظفر والنصرة
التي سيؤتونها من عند القدير. 9ثم كلمهم
عن الشريعة والأنبياء وذكر لهم الوقائع التي باشروها حتى أذكى حماستهم. 10 وبعدما
ثبت عزائمهم شرح لهم كيف نقضت الأمم عهودها وحنثت بإيمانها. 11 وسلح كلا
منهم بتعزية كلامه الصالح اكثر مما سلحهم بالتروس والرماح ثم قص عليهم رؤيا يقينية
تجلت له في الحلم فشرح بها صدورهم أجمعين. 12 وهذه هي
الرؤيا قال رأيت أونيا الكاهن الأعظم رجل الخير والصلاح المهيب المنظر الحليم
الأخلاق صاحب الأقوال الرائعة المواظب منذ صبائه على جميع ضروب الفضائل باسطا يديه
ومصليا لأجل جماعة اليهود بأسرها. 13 ثم تراءى
لي رجل كريم الشيبة أغر البهاء عليه جلالة عجيبة سامية. 14 فأجاب
اونيا وقال هذا محب الاخوة المكثر من الصلوات لأجل الشعب والمدينة المقدسة ارميا
نبي الله. 15 ثم ان ارميا مد يمينه وناول يهوذا
سيفا من ذهب وقال. 16 خذ هذا السيف المقدس هبة من عند الله
به تحطم الأعداء. 17 فطابت قلوبهم بأقوال يهوذا الصالحة
التي حركت بقوتها حماستهم وأثارت نفوس الشبان وعقدوا عزمهم على أن لا يعسكروا بل
يهجموا بشجاعة ويحاربوا بكل بسالة حتى يفصلوا الأمر إذ كانت المدينة والأقداس
والهيكل في خطر. 18 وكان اضطرابهم على النساء والأولاد
والاخوة وذوي القرابات ايسر وقعا من خوفهم على الهيكل المقدس الذي كان هو الخوف
الأعظم والأول. 19 وكان الباقون في المدينة في اضطراب
شديد من قبل القتال الذي كانوا يتوقعونه في الفضاء. 20 وبينا
كان الجميع ينتظرون ما ياول إليه الأمر وقد ازدلف العدو واصطف الجيش واقيمت الفيلة
في مواضعها وترتبت الفرسان على الجناحين. 21 تفرس
المكابي في كثرة الجيوش وتوفر الأسلحة المختلفة وضراوة الفيلة فرفع يديه إلى
السماء ودعا الرب الرقيب صانع المعجزات لعلمه ان ليس الظفر بالسلاح ولكنه بقضائه
يؤتي الظفر من يستحقه. 22 وصلى قائلا انك يا رب قد أرسلت ملاكك
في عهد حزقيا ملك يهوذا فقتل من جند سنحاريب مئة وخمسة وثمانين ألفا. 23 والآن يا
ملك السماوات أرسل ملاكا صالحا أمامنا يوقع الرعب والرعدة وبعظمة ذراعك. 24ليتروع
الذين وافوا على شعبك المقدس مجدفين وكان يهوذا يصلي هكذا."
يتمادي نكانور في تجديفه ويعتبر أنه لا
يوجد إله قدير في السماء، لكنه هو القدير في الأرض، وأمر الكل أن يحارب يهوذا يوم
السبت، وهو بحكم خبرته يعلم أن اليهود يحترمون يوم السبت وربما رفضوا الحرب فيه
فتكون فرصة له ليبيدهم= دون تعرض لخطر الحرب=
يبيدهم دون قتال من جانبهم (1). ولكن المكابيين كانوا قد قرروا أن يحاربوا يوم
السبت لو كان دفاعاً عن النفس (1مك41:2). أما اليهود الذين مع نكانور غالباً هم من
الحزب اليوناني (المتأغرقين) وكان ما يزال فيهم بقية من حب ووفاء لأمتهم لذلك
يطلبون الرحمة بشعبهم (2). وأراد نكانور بعد أن يهزم يهوذا أن يقيم تذكاراً أي هرماً يضع تحته ربما جثث اليهود
ويخلد عليه إسمه وإنتصاراته (6). ونجد الله يشجع يهوذا برؤيا يرى فيها أونيا رئيس
الكهنة الشهيد وإرمياء النبي يشجعانه. وهنا نرى أن الموت ليس موتاً بل هو إنتقال. وسيف الذهب= إشارة للمعونة السماوية. وهذه
الرؤيا جعلت السامعين يكتسبون قوة هجومية عظيمة ويبادروا للقتال. وهم إهتموا
بالدفاع عن الهيكل أكثر من أسرهم. وكان الشعب في أورشليم يتابعون الموقف عن كثب
فعلي نتيجة هذه الحرب يتوقف مستقبلهم ومستقبل الهيكل. وبدأ السلوكيين يستعرضون
قوتهم. ويلجأ يهوذا للتضرع والصلاة مع أنه رأى رؤيا، لكن الصلاة أهم.
الآيات (25-37): "25 وأِصحاب
نكانور يتقدمون بالأبواق والأغاني. 26 فواقعهم
أصحاب يهوذا بالدعاء والصلوات. 27 وفيما هم
يقاتلون بالأيدي كانوا يصلون إلى الله في قلوبهم فصرعوا خمسة وثلاثين ألفا وهم في
غاية التهلل بمحضر الله ونصرته. 28 ولما
فرغوا من الجهاد ورجعوا مبتهجين وجدوا نكانور بسلاحه وقد خر قتيلا. 29 حينئذ
ارتفع الهتاف والزجل وسبحوا الملك العظيم بلسان آبائهم. 30 ثم أن
يهوذا الذي لم يزل في مقدمة أهل وطنه باذلا دونهم جسده ونفسه وراعيا لبني أمته
المودة التي أثرهم بها منذ حداثته أمر بقطع راس نكانور ويده مع كتفه وحملهما إلى
أورشليم. 31 ولما بلغ إلى هناك دعا بني أمته
والكهنة وقام أمام المذبح واستحضر الذين في القلعة. 32 واراهم
راس نكانور الفاحش ويد ذلك الفاجر التي مدها متجبرا على بيت القدير المقدس. 33ثم قطع
لسان نكانور المنافق وأمر بان يقطع قطعا ويطرح إلى الطيور وتعلق يد ذلك الأحمق
تجاه الهيكل. 34 وكان الجميع يباركون إلى السماء الرب
الحاضر لنصرتهم قائلين تبارك الذي حفظ موضعه من كل دنس. 35 وربط راس
نكانور على القلعة ليكون دليلا بينا جليا على نصرة الله. 36 ثم رسم
الجميع بتوقيع عام ان لا يترك ذلك اليوم بدون احتفال. 37 بل يكون
عيدا وهو اليوم الثالث عشر من الشهر الثاني عشر الذي يقال له آذار بلسان آرام قبل
يوم مردكاي بيوم واحد."
جيش نكانور يصلي لآلهته وجيش شعب الله
يصلي لله والنتيجة قطعاً محسومة. ربط رأس نكانور
على القلعة= التي هي قلعة عكرة التي يسكنها اليونانيون ومنها يضايقون
المصلين في الهيكل. وكان هذا إذلالاً لساكني القلعة من السلوكيين. ودخل يهوذا إلى
أورشليم كمنتصر. وصار يوم نكانور عيد قومي.
الآيات (38-40): "38 هذا ما تم من
أمر نكانور ومنذ تلك الأيام عادت المدينة في حوزة العبرانيين وههنا أنا أيضا اجعل
ختام الكلام. 39 فان كنت قد أحسنت التأليف وأصبت
الغرض فذلك ما كنت أتمنى وان كان قد لحقني الوهن والتقصير فأني قد بذلت وسعي. 40 ثم كما
أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضر وإنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء وتعقب
لذة وطربا كذلك تنميق الكلام على هذا الأسلوب يطرب مسامع مطالعي التأليف انتهى."
الكاتب يريد أن تكون نهاية كلامه أن
أورشليم عادت وصارت في يد شعب الله محررة من الوثنيين، وهيكلها لله وليس في يد
الوثنيين. ويريد الكاتب أن يقول أن الله قد كلل أعمال يهوذا بالنجاح. ونرى أيضاً
إتضاع الكاتب.
الخمر= يشير
للتاريخ الذي كتبه والماء = يشير لمزج
هذا التاريخ بالتفسيرات والشرح الذي كان يكتبه مثل (6:9،8،10+ 6:13،8). أي أن
الهدف من الكتابة أن نرى عمل الله مع شعبه فنتعزى كمن يشرب خمراً لينتشي ويفرح.
ولكن الخمر وحدها مضرة إذ تكون قوية، والتاريخ وحده دون شرح (الماء) قد لا يفهم
فيحدث ضرراً. والماء وحده (أي رأي الكاتب) لن يفرح أحد.
مثال لذلك:- لماذا
يسمح الله لكل هذا العذاب لشعبه؟ لو ذكر التاريخ وحده لتعثر القارئ، لذلك فالكاتب
يمزج التاريخ بالشرح فنفهم أن هذا كان بسبب خطايا الشعب وأن هذا كان لمحبة الله
لشعبه فهو يؤدبهم (14:4-17+ 17:5،18+ 12:6) وفي الأخيرة (12:6) يقول صراحة
"إني لأرجو من مطالعي هذا الكتاب أن لا يستوحشوا من هذه الضربات وأن يحسبوا
هذه النقم ليست للهلاك بل لتأديب أمتنا"
ولا معنى لأن يقال أن قول الكاتب عن
الوهن والتقصير والتأليف ينفي موضع الوحي عن الكتاب:
1.
يقول بولس
الرسول "أما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب.." (1كو12:7)
2.
"أيها
الإخوة بحسب الإنسان أقول" (غل15:3) وكذلك (رو5:3) فهل أقوال بولس هذه تنفي
أنه كان يتكلم بوحي من الروح القدس.
وراجع
(1كو25:1) فنجد بولس يقول "ضعف الله أقوى من الناس" (1كو25:1) وعن نفسه
ينسب الضعف (1كو3:2). فلماذا ننكر أن أقوال سفر المكابيين الثاني هي أسفار إلهية
لأن كاتبها ينسب لنفسه الوهن والتقصير (39). لكنها كلمات إتضاع منه.