قدم لنا
القديس لوقا
في الأصحاح
السابق صورة
رائعة لعمل
الله خلال
الرحلة
التبشيرية الأولى
مع فيض من
الضيقات من
اليهود حتى
اضطر الرسول
أن يجاهر أنه يتوجه
إلى الأمم.
أما أهم
البركات فهي:
إيمان الوالي
سرجيوس بولس
في بافوس،
وأتباع كثير من
اليهود
والدخلاء
الرسولين
بولس
وبرنابا، واجتمعت
كل المدينة
تقريبًا في
السبت التالي
من حديث
الرسول،
وانتشار كلمة
الرب في بيسيدية،
وامتلاء
التلاميذ من
الفرح والروح
القدس. الآن
يقدم لنا
القديس لوقا
تكملة
الرحلة، موضحًا
عمل الله
الفائق حيثما
حل الرسولان.
1. إيمان
جمهور كثير
بأيقونية 1.
2. انشقاق
في المدينة 2-5
3. دعوتهما
إلهين في
لسترة 6-18.
4. تحريض
ورجم بولس 19.
5. تلمذة
كثيرين في
دربة 20.
6. عودة
وتثبيت
الكنائس 21-25.
7. تقرير
مفرح في
أنطاكية 26-28.
1.
إيمان جمهور
كثير
بأيقونية
"وحدث في
أيقونية
أنهما دخلا
معًا إلى مجمع
اليهود،
وتكلّما
حتى آمن جمهور
كثير من
اليهود واليونانيين".
[1]
كالعادة بدأ
الرسولان
كرازتهما في
المجمع اليهودي،
وقد مكثا مدة
طويلة حتى آمن
جمهور كثير من
اليهود
واليونانيين.
وقد جاء
الحديث هنا
مقتضبًا
للغاية، إذ لم
يروِ القديس
لوقا كيف آمن
جمهور كثير من
اليهود واليونانيين،
ولم يشر إلى
أعمال
الرسولين، ولا
إلى أسماء بعض
الشخصيات
التي قبلت
الإيمان. فإن
ما يشغل
القديس لوقا
ليس تاريخ
حياة الرسولين
ولا الكنيسة
الأولى
وتأسيس مراكز
الخدمة في كل
بلدٍ، وإنما تأكيد
عمل الله
العجيب في جذب
النفوس
بالرغم من
المقاومة
العنيفة التي
واجهت
الكارزين والكنيسة
في كل موضع. لم
يهتز
الرسولان ولا
ارتبكا بسبب
المقاومة،
إنما كانا
يكرزان بكل قوة،
ولم يتركا
موقعهما إلا
عند الضرورة
لأجل سلامة
الكنيسة
المحلية
ولاستمرارية
العمل. وعند
تركهما
مدينةٍ ما
يهربا إلى
أخرى، لا ليختفيا
أو يستريحا من
المقاومة،
وإنما للعمل والكرازة
بجرأة وقوة.
ولعل
اقتضاب
الحديث هنا
جاء طبيعيًا
لأن ما حدث في
أيقونية كان
مشابهًا لما
حدث في أنطاكية
بسيدية:
أ. غالبًا
ما كان موضوع
الحديث في
المجمع في
البلدين متشابهًا،
فلا حاجة
للتكرار.
ب. في
البلدين قبل
بعض اليهود
والدخلاء
الإيمان،
وأرادوا أن
يستمعوا أكثر
إلى الرسول.
v
ج. في
البلدين
وُجدت مقاومة
من اليهود
تتزايد مع نمو
الكنيسة
الناشئة
وقبول البعض
للإيمان.
أخيرًا
فإن خبرة
الرسولين
السابقة
بخصوص مقاومة
اليهود لهما
لم تمس صدق
مشاعرهما نحو
خلاصهم ، لهذا
أصرا هنا
أيضًا أن
يدخلا معًا
إلى مجمع
اليهود ليقدما
كلمة الخلاص.
2.
انشقاق في
المدينة
"ولكن
اليهود غير
المؤمنين
غروا
وافسدوا نفوس
الأمم على
الإخوة". [2]
كان
اليهود غير
المؤمنين من
جانبهم
يقاومون
ليفسدوا نفوس
الأمم الذين
قبلوا
الإيمان، مما
دفع الرسولين
للإقامة
زمانًا
طويلاً حتى
يثبتا
المؤمنين. فالضيق
والمقاومة
دفعا
الرسولين
للعمل بالأكثر.
"غروا
وأفسدوا" أي
أثاروهم
وأفسدوا
عقولهم،
بتلقينهم مبادئ
منحرفة
لإفساد
إيمانهم،
وعدم التجاوب
مع نعمة الله.
هذا هو عمل
عدو الخير عبر
كل الأجيال،
تضليل الناس
وإفساد
عقولهم بمبادئ
خاطئة
وفلسفات
محطمة
للإيمان
بالمخلص. لا
يكف عدو الخير
عن أن يثبت
سموم عدم
الإيمان التي
للحية
القديمة
المُقامة،
ويشكلهم في حب
الله وعمله
الخلاصي.
في
المدن
السابقة كانت
المقاومة ضد
الرسولين
الغريبين
لمنعهما من
الكرازة، أما
هنا فبدأوا
بالمقاومة
خلال شعب
المدينة الذي
قبل الإيمان
وانجذبوا نحو
الإنجيل،
لإفساد
إيمانهم.
"فأقاما
زمانًا
طويلاً
يجاهران
بالرب،
الذي كان
يشهد لكلمة
نعمته،
ويعطي أن
تُجرى آيات
وعجائب على
أيديهما". [3]
من جانب
الرب، فقد سند
رسوليه بعمل
آيات وعجائب
على أيديهما.
كلما اشتدت
المقاومة
يتجلى الرب
بعمل نعمته
وإجراء
الآيات باسمه.
إنه يؤازر
إنجيله
بنعمته
ومواهبه
للكنيسة.
الخادم
الحي يرى في
المقاومة
إحدى علامات
الطريق
السليم، حيث
يتلمس أنه
يشارك مسيحه
صليبه، ويدخل
معه طريق
الجلجثة،
ويسلك الطريق
الضيق الحق.
المقاومة
بالنسبة
للشاهد
للمسيح لا تسبب
إحباطًا ولا
ندمًا على
قيامه
بالعمل، بل تهبه
خبرة جديدة
لكلمة نعمة
الرب،
وتذوقًا للقيامة
في العمل
الكرازي.
هنا يشير
القديس لوقا
إلى مجاهرة
االرسولين بالرب
يليها إجراء
آيات وعجائب
على أيديهما.
فإن الله لا
يعمل حيث الخوف
والرعب، بل
يسند القلوب
المتكئة عليه
بإيمان حي.
لهذا يحذر
العاملين في
كرمه من الخوف.
وكما أوصى
يشوع عند
استلامه
القيادة: "أنا
أمرتك. تشدد
وتشجع. لا
ترهب، لأن
الرب إلهك معك
حيثما تذهب"
(يش 9:1).
قدر ما بث
عدو الخير
سمومه خلال
أتباعه
لإفساد فكر
المؤمنين
وحياتهم جاهر
الرسولان
ومكثا زمانًا
طويلاً، ولم
ينسحبا من
المعركة.
لكنهما لم
يعتمدا على
خبراتهما
البشرية أو
قدراتهما
البلاغية،
إنما على غنى
نعمة الله، إذ
كان الرب بنفسه
"يشهد لكلمة
نعمته". كان
هو العامل
فيهما وبهما
ومعهما.
إنجيلنا
هو "كلمة
نعمة" التي
لن يقدر أحد
أن يشهد له
سوى السيد
المسيح نفسه
العامل في
خدامه.
"فانشق
جمهور
المدينة،
فكان
بعضهم مع
اليهود،
وبعضهم
مع الرسولين".
[4]
حدث
انقسام في
المدينة، فقد
قبل البعض
إنجيل المسيح،
ووقف آخرون
يقاومون الحق
الإنجيلي. وكما
يقول السيد
المسيح نفسه:
"أتظنون أني
جئت لأعطي
سلامًا على
الأرض، كلا
أقول لكم، بل
انقسامًا،
لأنه يكون من
الآن خمسة في
بيت واحد منقسمين
ثلاثة على
اثنين واثنان
على ثلاثة" (لو
12: 51-52). علة هذا
الانقسام ليس
مقاومة
المؤمنين لغير
المؤمنين،
وإلزامهم
لقبول الإيمان
قسرًا، وإنما
كراهية غير
المؤمنين للحق
ومقاومتهم
كنيسة المسيح
بلا سبب، سوى
أن الظلمة لا
تطيق النور.
وكما كتب
"العلامة
ترتليان"
للإمبراطور،
أن العالم
يكره
الكنيسة، لكن الكنيسة
تحب العالم
وتخدمه.
فالمؤمنون
يفيضون حبًا
من طبيعتهم
الجديدة،
وغير
المؤمنين
يثبتون
كراهية وبغضة
مما هو في
داخلهم.
"فلما
حصل من الأمم
واليهود مع
رؤسائهم هجوم
ليبغوا
عيهما
ويرجموهما". [5]
إذ لم
يفلح اليهود
في بث سموم
الشكوك في
أذهان
المؤمنين
التجأوا إلى
العنف. وكان
يلزمهم لتحقيق
هذا أن يتحدوا
مع الأمم غير
المؤمنين ليثيروا
الحكام والقيادات
على الرسولين
كصانعي فتنة.
هذه قصة
العالم في كل
جيل حيث يتحد
الأعداء المقاومين
لبعضهم البعض
لأجل تدمير
كنيسة المسيح.
نسي اليهود
والأمم
العداوة
القائمة بينهم،
وأثاروا
الحكام
والرؤساء
لرجم الرسولين.
3.
دعوتهما
إلهين في
لسترة
"شعرا به
فهربا إلى
مدينتي
ليكأُونية
لِسترة
ودِِْربة
وإلى
الكورة
المحيطة". [6]
حدث
انشقاق في
المدينة،
فالبعض انحاز
لليهود
المقاومين
للحق، وآخرون
كانوا في صف
الرسولين.
واستطاع عدو
الخير كعادته
أن يقيم تحالفًا
بين القيادات
الدينية
المقاومة
والشعب الرافض
للإيمان
وأيضًا القيادات
السياسية.
فاتفقت
القيادات
الدينية مع المدنية
والسياسية
على الانقضاض
على الرسولين
كفريسة،
ورجمهما. يبدو
أن القرار قد
صدر في
المجمع،
واستطاعوا أن
ينالوا
موافقة السلطات.
لكن شاء الله
فانكشفت
الخطة
واستطاع الرسولان
أن يهربا إلى
مدينة
ليكأونية
لسترة.
لم يهرب
الرسولان من
الحقل، ولا
أعطيا ظهرهما
للعمل
الإلهي، لكن
من أجل سلام
الكنيسة في
أيقونية،
وليس خوفًا من
الموت، هربا
إلى لسترة
ودربة.
"وكانا
هناك
يبشّران". [7]
جاء في
كتاب
أبوكريفا
"أعمال
القديس بولس"
"أنه لما خرج
أُنسيفورس Onesiphorus من
ليكأونية
لاستقبال بولس
[رأى بولس
قادمًا،
رجلاً بحجم
يميل إلى
الصغر، ذا
حاجبين
متقابلين
وأنف يبدو
منحنيًا، أما
رأسه فتنم عن
قوة وشجاعة،
ورجلاه
مقوستان، نوعًا
ما ممتلئ
الجسم،
وممتلئ نعمة،
يظهر أحيانًا
كأنه ملاك
وأحيانًا
كإنسان.]
"فهربا
إلى مدينة
ليكأونية
لسترة ودربة"
جاءت في بعض
النسخ
القديمة "إلى
مدينتي
ليكأونية
لسترة ودربة".
يعتقد البعض
أن بولس ختن
تيموثاوس في
لسترة، التي
ربما كانت
موطنه. أما
دربة فهي مدينة
غايس المحبوب.
"وكان
يجلس في
لِسترة رجل
عاجز
الرجلين،
مُقعد من
بطن أمّه،
ولم يمشِ
قط". [8]
يستعرض
القديس لوقا
إحدى المعجزات
التي صُنعت
على يدي
الرسول بولس،
وهي شفاء مقعد
من بطن أمه.
ولعله اختار
هذه المعجزة
مقابل ما حدث
مع الرسولين
بطرس ويوحنا
عند باب الجميل
في الهيكل (أع 3)
ليؤكد أنه
رسول ليس بأقل
منهما.
قدم
تأكيدات من
أجل غير
المؤمنين وهي
ثلاثة أمور:
عاجز
الرجلين،
مقعد من بطن
أمه، لم يمشِ
قط. أما
بالنسبة
للبسطاء
فالأمر لا
يحتاج إلى
تأكيدات،
فعندما تحدث
السيد المسيح
مع المرأة
السامرية قال
لها: "صدقيني يا
امرأة" (يو ٤:
٢١)، فصدقته.
إنه لم
يمشِ قط،
فالشفاء هو
عمل معجزي لا
شك فيه.
"هذا كان
يسمع بولس
يتكلم،
فشخص
إليه،
وإذ رأى
أن له إيمانًا
ليُشفى". [9]
كيف عرف
القديس بولس
أن هذا المقعد
كان له إيمان
ليُشفى؟ شعر
بالروح مدى
جديته
واهتمامه بالخلاص
وشفاء نفسه،
وأن قلبه كان
يلتهب عند سماعه
عن محبة الله.
v الإيمان
يدرك ما لا
يدركه العقل
البشري.
v عظيم
هو الإيمان،
إنما لا فائدة
منه إن خلا من
المحبة.
v يلزم
على الإيمان
أن يسبق
الإدراك
ليكون الإدراك
جزء من
الإيمان.
v نستطيع
أن نلمس ذاك
الجالس في
السماء
بإيماننا
وليس بأيدينا.
القديس
أغسطينوس
"قال
بصوتٍ عظيمٍ:
قم على
رجليك
منتصبًا،
فوثب،
وصار يمشي". [10]
لم يكن
الأعرج هنا
فقيرًا يطلب
صدقة، وإنما كان
إنسانًا
مهتمًا بخلاص
نفسه، يسمع
الرسول بكل
جدية وشوق.
إذ شعر
أنه يطلب خلاص
نفسه قدم له
العطية الإلهية:
"قم" لكي
تتمتع نفسه
بالقيامة من
الأموات
فيضيء له
المسيح (أف ٥:
١٤)، ويتمتع
جسده بالشفاء.
أما الوثب فيشير
إلى بهجة قلبه
الداخلية.
"فالجموع
لمّا رأوا ما
فعل بولس،
رفعوا
صوتهم بلغة
ليكأُونية
قائلين:
إن
الآلهة
تشبهوا
بالناس
ونزلوا
إلينا". [11]
كان في
القديم فكرة
سائدة بين
الوثنيّين أن
الآلهة
اعتادوا
افتقاد البشر
في شكل بشري.
وُجد اعتقاد
راسخ بين
هؤلاء الناس
بأن زفس
(جوبتر) وهرمس Mercury
ظهرا مرّة في
فريجيّة
لزوجين
يدعيان
فليمون وباخس Baucis. وأن شخصًا
يُدعى ليكاؤن Lycaon أكرم
استضافتهما،
لذلك دُعيت
المقاطعة ليكاؤنيّة[637].
"فكانوا
يدعون برنابا
زفس، وبولس
هرمس،
إذ كان هو
المتقدم في
الكلام". [12]
صارت
الجموع تصرخ،
إذ حسبتهما
الإلهين زفس وهرمس
قد تشبها
بالناس ونزلا
من السماء
إليهم، وإذ
كانوا يصرخون
بلغة
ليكأونية
غالبًا لم يفهمهما
الرسولان.
اكتشف
العالم و.م.
كالدر W. M. Calder في
حفريات
بالقرب من
لسترة
تمثالاً
لهرمس ونصبًا
لزفس بواسطة
أشخاص
أسمائهم
ليكأونية.
زفس Zeus،
هو چوبتر عند
الرومان
وأوزوريس عند
المصريين. وهو
الإله الأعظم
بين مجمع آلهة
اليونان. له
هيكل في
لسترة. وقد
دعى برنابا
زفس، لأنه مظهره
وشكله ذا
وسامة وعظمة.
هرمس:
دعا
اليونانيّون
ميرسيري Mercury
هرمس، وهو ابن
جوبتر من مايا
Maia
وهو بشير
الآلهة،
ورسول كل
الآلهة. لهذا
فهو إله
الفصاحة
والبلاغة
والمنطق. كان
يُظن أن هذين
الإلهين
يسافران معًا.
دُعي بولس
هرمس بسبب
بلاغته،
يرافق زفس في
تحركه[638].
"فأتى
كاهن زِفس
الذي كان قدام
المدينة،
بثيران
وأكاليل عند
الأبواب مع
الجموع،
وكان
يريد أن يذبح".
[13]
ظنت
الجماهير
أنهم سعداء
الحظ، فقد
حظوا بافتقاد
إلهين لهما من
السماء نزلا
إلى عالمهما السفلي.
والزموا كاهن
زفس أن ينطلق
إلى الإصطبل
الملحق
بالهيكل
لإحضار ثيران
لتقديم ذبائح
لهما.
جاء كاهن
زفس ومعه
الجموع
والذبائح،
وكان هيكل زفس
في مقدمة
المدينة
متاخم
للأبواب
مباشرة، كحارس
للمدينة.
كانوا يضعون
أكاليل من
الصوف المجدول
حول رقبة
الذبائح
لأنها مقدمة
للإله. أما
الإله فيضعون
له أكليل من
الزهور.
كان من
عادة
الوثنيّين
بناء هياكل
للآلهة في أحياء
المدينة،
ويضعون صور
الآلهة على
أبواب المدينة.
وكانوا
يزيّنون
الآلهة كما
الذبائح المقدّمة
بأكاليل من
أوراق الشجر
والزهور. أحيانًا
توضع على
المذابح،
والكهنة
والتعدبّدين.
وإلى وقت قريب
كان بعض
الوثنيّين
يكرّمون الشخصيّات
الهامة أو
المحبوبة
لديهم عند زيارتهم
للهياكل بوضع
أكاليل من
الورد حول
أعناقهم[639].
يا للعجب
جاء كلمة الله
الحقيقي إلى
عالمنا ولم
يتحرك أحد
ليقدم له
ذبيحة، لأنه
لم يطلب من
العالم
شيئًا، بل جاء
ليقدم نفسه
ذبيحة عنهم!
"فلما
سمع الرسولان
برنابا وبولس
مزّقا ثيابهما،
واندفعا
إلى الجمع
صارخين". [14]
يقدم
لوقا البشير
برنابا على
بولس، ربما
لأن الجمع
هناك أعطوا
كرامة أعظم
لبرنابا إذ
حسبوه الإله
زفس، فكان
شكله يحمل
وقارًا
خاصُا، وحسبوا
بولس هرمس إله
البلاغة
والفصاحة والمنطق،
هو المتحدث
باسم زفس.
لم يكن
ممكنًا
للرسولين أن
يصمتا، ولا أن
يتغاضيا عن
الكرامة
المنسوبة خطأ
إليهما.
يكفيهما تلك
الكرامة التي
تمتعا بها
كرسولين
للسيد، ولكن
لا يقبلا
اغتصاب كرامته
وانتسابها
إليهما.
تمزيق
الثياب هنا
إشارة إلى
الشهادة على
تصرف أو سماع
كلمات تجديف.
هذا ما فعله
رئيس الكهنة
حين ظن أن يسوع
يجدف حين قال:
"وسوف تبصرون
ابن الإنسان
جالسًا عن
يمين القوة،
وآتيا في سحاب
السماء" (مر 14: 62).
"وقائلين:
أيها الرجال
لماذا تفعلون
هذا؟
نحن
أيضًا بشر تحت
آلام مثلكم،
نبشركم
أن ترجعوا من
هذه الأباطيل
إلى الإله الحي،
الذي خلق
السماء
والأرض
والبحر وكل ما
فيها". [15]
فزع
الرسولان
للمنظر،
ومزقا
ثيابهما
علامة رفضهما
لهذا
التجديف،
وشهادة على من
يجدف (مر ١٤: ٦٣).
ويرى القديس
مار إفرآم
السرياني
أنهم إذ ذبحوا
ثورًا مزق
الرسولان
ثيابهما حتى
يكفوا عن ذلك.
لم يرفض
الرسولان
تأليهما
فحسب، ولا
أكدا أنهما
شخصان من البشر،
وإنما أكدا
أنهما خاطئان
"بشر تحت
الأمم مثلكم".
صورة رائعة
للخدام الذين
لن يتعالوا
على المخدومين،
ولا يحسبوا
أنفسهم آلهة،
ولا أبرارًا،
بل خطاة
محتاجين إلى
خلاص الله
معهم. لا يخجل
الرسول بولس
من دعوة نفسه
"أول الخطاة" (1
تى 15:1)، فإنه
بهذا يقدر أن
يلتصق به
الخطاة
ليتمتعوا معه
بمخلص الخطاة.
v لماذا
يُحسب ذلك
مشينًا ليسوع
أنه اختار أناسًا
أشرارًا ذوي
سمعة رديئة
وقادهم حتى
صاروا مثالاً
للشخصية
الكلية
الطهارة، حين
تحولوا إلى
إنجيل
المسيح،
مُظهرًا
للبشرية مدى قدرته
على شفاء النفوس[640].
العلامة
أوريجينوس
v عندما
تظن أنك خاطئ
وأنت
بالحقيقة
هكذا، فهذا
ليس تواضعًا.
لكن حين لا
يشعر إنسان في
نفسه وهو
يمارس
أعمالاً
عظيمة انه
بالشخص
العظيم، فهذا
تواضع حقيقي.
عندما يستطيع
شخص كبولس أن
يقول: "فإني
لستُ أشعر
بشيءٍ في
ذاتي، لكنني
لست بذلك مبررًا"
(1 كو 4:4)، وأيضًا
يقدر أن يقول:
"المسيح يسوع
جاء إلى
العالم ليخلص
الخطاة الذين
أولهم أنا" (1
تي 15:1)؛ هذا
الإنسان بحق
متواضع، الذي
يمجد
الأعمال، لكن
في ذهنه يرى
نفسه أسفل[641].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v كيف
كان الأول
(بين الخطاة)؟
ألم يوجد يهود
كثيرون خطاة
قبلة؟ ألم
يوجد قبله
خطاة في كل
الجنس
البشري...
فماذا هو معنى
"الذين أولهم
أنا"؟ إنني
أشر جميعهم.
يقصد بالأول
أي الأردأ...
تذكروا شاول
وأنتم
تكتشفون
السبب. أليس
هو ذاك الذين
لم يكفه أن
يُرجم
استفانوس بيدٍ
واحدة فقط، بل
كان حارسًا
لثياب
راجميه، أليس
هو ذاك الذي
أضطهد
الكنيسة في كل
موضع؟... فقد
كان يُحسب أول
مُضطهد. ليس
من هو أشر منه![642]
القديس
أغسطينوس
بهذا حول
الرسولين
أنظار
الجمهور
عنهما إلى
نعمة الله
الغنية العاملة
في حياة
الخطاة
القادمين إلى
المخلص بروح التواضع
لا الكبرياء.
v لنقتدي
بهما، فلا نظن
أن شيئًا ما
هو منا، متطلعين
إلى الإيمان
نفسه أنه ليس
منا بل بالأحرى
من الله. إذ
يقول: "لأنكم
بالنعمة
مخلصون؛ بالإيمان
وذلك ليس
منكم. هو عطية
الله" (أف 2: 8). لا
نظن في أنفسنا
أمور عظيمة،
ولا ننتفخ،
فإننا بشر،
تراب ورماد،
دخان وظل[643].
v "لا
تستكبر بل خف"
(رو 11: 20)، لا تقلل
من شأن فضيلتك
بالتشامخ.
أتريد أن تفعل
شيئًا عظيمًا
بالحقيقة؟ لن
تسمح أن يدخل
إلى فكرك الظن
بأن إنجازاتك
عظيمة. هل أنت
بتول؟ فإن
العذارى
اللواتي في
الإنجيل لم
ينتفعن من
بتوليتهن
بسبب قسوتهن
وعنفهن (مت 25: 12).
ليس شيء يشبه
التواضع. إنه
أم كل الأعمال
الصالحة
وأصلها
ومربيها
وينبوعها
ورباطها.
بدونه نكون
بغيضين
وأردياء للغاية
وفاسدين. قل،
ليُقِمْ
إنسان ما موتى
وليشفى عرج
وليطهر برص،
لكنه
بالكبرياء
والاعتداد
بالذات لا
يكون إلا
ممقوتًا
وشريرًا وكريهًا
للغاية. لا
تنسب شيئًا
إليك. هل لك
إمكانية
الكلمة ونعمة
التعليم؟ لا
تظن بسبب هذا
أنك أفضل من
الآخرين في أي
شيء. فإنه
يلزمك بالأحرى
أن تكون أكثر
تواضعًا،
لأنك نلت
مواهب بفيض[644].
v لقد
نسب كل شيء
إلى الملك
المعلم، حتى
تصرفاته، ولم
ينسب لنفسه
مجد الله... قيل
في موضع آخر: "لأن
الله هو
العـامل
فيكم، أن
تريدوا وأن
تعملوا" (في 2: 13)[645].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
"نحن
أيضًا بشر تحت
آلام مثلكم"،
ولسنا آلهة
تُقدم لها
ذبائح.
"الأباطيل":
تستخدم
لمفهوم
العبادة
الوثنية التي
ليس فيها الحق
بل الباطل.
هذا يكشف أن
كرازة بولس
وبرنابا في
هذه المدينة
انصبت
بالأكثر على
الأمم
الوثنيين. لقد
جاء الرسولان
لينزعا هذه
الأباطيل،
لكن تصرف
الجماهير مع
الرسولين جاء
على خلاف ما
يشتهيه
الرسولان،
لأن بعملهم
هذا يسلكون في
ذات الأباطيل!
يسألهم الرسولان
أن يكفوا عن
هذه الأباطيل
ويرجعوا إلى الله
خالق السماء
والأرض الحي،
واهب الحياة.
في تعليق
الأب ثيودورت
أسقف كورش
على العبارة:
"انتهرت
الأمم، أهلكت
الشرير" (مز 9: 5)
قدم ما فعله
القديسان
بولس وبرنابا
مثلاً لتحقيق
ما ورد في
المزمور، حيث
قدما الحق
للأمم،
وأهلكا الشر
الذي فيهم، إذ
لم يقبلا هذا
الشر، أي
العبادة لهما
كإلهين: [خلال
الرسولين
القديسين
والمبشرين
بالحق تُقدم
للأمم
التعاليم
الإلهية، وإذ
يقبلونها
يتخلصون من
الخطأ فيهلك
الشر، وتُنزع
عن الناس
العبادة له
بجهالة. هكذا
منع بولس
وبرنابا أهل
ليكاؤنية
محاولتهم في
تقديم ذبيحة،
صارخين في
وجوههم: "لماذا
تفعلون هذا؟
نحن أيضا بشر
تحت آلام
مثلكم، نبشركم
أن ترجعوا من
هذه الأباطيل"
[15] [646].]
"الذي في
الأجيال
الماضية ترك
جميع الأمم يسلكون
في طرقهم". [16]
"يترك"
هنا تشير إلى
إعطائهم كمال
الحرية، فمن
جانب قدم لهم
الشاهد على
وجوده ومحبته
ورعايته،
لكنه لم
يلزمهم بالعبادة
له. بقاؤهم
حتى تلك
اللحظات هو من
قبيل طول أناة
الله عليهم
وعلى آبائهم،
إذ لم يهلكهم
بسبب انحرافهم
عن عبادته،
والآن قد جاء
إليهم بإعلانه
انجيل
الخلاص،
ليرجعوا إليه
ويعبدوه بما يليق
به وبهم
كخليقة الله،
موضوع حبه
الفائق.
لتفسير
ما حدث في
لسترة يقتبس
آدم كلارك قصة
خرافية رواها
أوفيد[647] Ovid. جاء
فيها أن جوبتر
نما إلى علمه
ما حل بالبشرية
من انحلال
فقرر أن ينزل
بنفسه إلى
الأرض ويقوم
بمسحها. جاء
إلى مقاطعة
ليكاؤنية في
شكل بشري،
وأقام في قصر
ليكاؤون،
فجاء الجمع
يعبده. تشكك
ليكاؤون في
ألوهيته وسخر
مما حدث،
وأراد أن يضع
جوبتر في
محنة، لذا إذ
جاء إليه
سفراء من دولة
المولوسيان Molossian، قام عند
وصولهم بذبح
أحدهم، وطهي
جزءً من لحمه
وشوي الباقي،
ووضعه أمام
جوبتر. غضب
الإله على هذه
الإهانة التي
صوبها إليه
ليكاؤون فحرق
قصره وسخط هذا
الملك الشرير
إلى ذئب. ومنذ
ذاك الحين دُعيت
المقاطعة
ليكاؤنية.
رأت
الجموع
البسيطة أن
جوبتر عاد
ليفتقد المدينة
معلنًا عن
قوته
اللاهوتية
الفائقة بشفاء
الأعرج من بطن
أمه، وغيرها
من المعجزات
التي صنعها
برنابا وبولس،
وإذ خشوا سخط
الإله جوبتر
عليهم لئلا
يحسبهم
متهاونين في
تقديم
الكرامة
اللائقة به ألزموا
الكاهن أن
يأتي بثيران
ويقدمها
ذبائح لبرنابا
وبولس.
يعتبر
الرسول بولس
أن سقوط الأمم
في عبادة الأوثان
قبل مجيئه
علته أنهم
كانوا في
أزمنة الجهل
(أع ١٧: ٣٠).
إذ يتحدث
الرسول مع
وثنيين لم
يدركوا حب
الله والفرح
به، لأن
مسرتهم كانت
منصبة في
الطعام
والشراب، أعلن
لهم أن حتى
هذا الطعام هو
من عنده، كما
المسرة
والفرح من
قبله.
v أعطي
الله بكلمته
للكون نظامه
الحالي، حتى يتمكن
البشر من
معرفته على أي
حال بأعماله، طالما
هو غير منظور
بالطبيعة.
فكثيرًا ما
يُعرف الصانع
بصنعته حتى لو
كان غير منظور[648].
البابا
أثناسيوس
الرسولي
"مع أنه
لم يترك نفسه
بلا شاهد،
وهو يفعل
خيرًا،
يعطينا
من السماء
أمطارًا
وأزمنة
مثمرة،
ويملأ
قلوبنا
طعامًا وسرورًا".
[17]
الطبيعة
ذاتها خير
شاهد عملي عن
حب الله ورعايته
للإنسان
فيقدم له
مطرًا من
السماء، وخلق فصول
السنة
المتنوعة
ليجد الإنسان
غذاءه. ولا
تقف رعايته
عند طعام
الجسد، إنما
يهب الفرح الداخلي
والسرور
طعامًا بدونه
تتحطم النفس.
ركز
الرسل في
كرازتهم على
عطية الفرح
الداخلي أو
فرح الروح
الذي يملأ القلب
ويهبه حياة
صادقة.
v كما
أنه لا يوجد
زواج في
السماء (مت 30:22)،
فإنه لا يوجد
أكل وشرب
هناك. كل هذا
يُترك ولا
يُوجد له موضع
هناك. بالأحرى
يوجد برّ
وسلام وفرح في
الروح القدس.
لهذا يحثنا
بولس أن نركز
على هذه الأمور،
متحققين أننا
ننالها هنا
فعلاً على الأرض،
فنأخذها إذ
نذهب إلى
الملكوت
السماوي. نطلب
السلام
والبرّ وما
إلى ذلك من
الروح القدس
كطعامٍ
وشرابٍ في
ملكوت السماء[649].
العلامة
أوريجينوس
v يقصد
الناس
بالسرور رفع
الفكر فوق
الأمور التي
تستحق
التهليل بها.
أما المسرات
(المباهج) فهي
رفع للفكر
بطريقة غير
مهذبة لا تعرف
الاعتدال[650].
القديس
جيروم
"وبقولهما
هذا،
كفّا
الجموع
بالجهد عن أن
يذبحوا لهما".
[18]
واضح
أن الجماعة
كانت في حماسٍ
شديدٍ. وبالكاد
استطاع
الرسولان أن
يمنعا الجموع
من تقديم ذبائح
لهما.
4.
تحريض ورجم
بولس
"ثم أتى
يهود من
إنطاكية
وأيقونية
واقنعوا الجموع،
فرجموا
بولس وجرّوه
خارج المدينة
ظانّين أنه قد
مات". [19]
هؤلاء
الذين أرادوا
قتل الرسولين
في أيقونية،
والذين
طردوهما من
أنطاكية بسيدية
جاءوا إلى
لسترة لإثارة
الجمهور هناك
للخلاص منهما.
الذين
أرادوا تقديم
ذبائح لهما
كإلهين هم الذين
قاموا برجم
بولس. هذا ما
يتوقعه
الخادم فلا
يضطرب أن
هاجمه أو
اضطهده الذين
كانوا يمدحونه
الذين كانوا
يترنمون
ويسبحون
السيد المسيح:
"مبارك الآتي
باسم الرب" هم
أنفسهم الذين
صرخوا
"أصلبه،
أصلبه. الذين
قدموا له
ذبيحة
التسبيح
أرادوا أن
يقدموه ذبيحة!
لقد
وقفوا حوله
حتى يطمئنوا
أنه مات، ظنوه
هكذا تركوه.
لم يكن ممكنًا
للموت أن يلحق
به، حتى وإن
رُجم، مادام
له رسالة لم
تتم بعد!
v هؤلاء
الأعداء
جرحوه
بحجارة، توجد
جراحات تحدث
بالكلام أردأ
من الحجارة.
فماذا يلزمنا
أن نفعل؟ كما
فعل هو؛ فإنه
لم يبغض من
ألقوه بالحجارة،
وإنما بعدما
جروه خارجًا،
عاد ثانية إلى
مدينتهم
ليحسن إلى
الذين صنعوا
معه شرورًا.
فإن احتملت من
يشتمك وصنع بك
شرًا، فانك
بهذا تُرجم.
لا تقل: "إنني
لم أصنع به
شرا". فإنه أي
شر فعله بولس
حتى يُرجم؟
كان يعلن عن الملكوت،
كان يجتذب
الناس من
الخطأ،
ويقدمهم لله.
مثل هذه
الإحسانات
تستحق
الأكاليل... يستحق
بركات كثيرة
لا حجارة[651].
v في
ذات المدينة
التي نالا
فيها هذا
التكريم نالا
معاملة مرعبة
للغاية[652].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
5. تلمذة
كثيرين في
دربة
"ولكن إذ
أحاط به
التلاميذ
قام ودخل
المدينة،
وفي الغد
خرج مع برنابا
إلى دِربة". [20]
يرى
البعض أن رجم بولس
الرسول ترك
آثارًا في
جسمه، لذا
يفتخر في الرب
قائلاً: "لأني
حامل في جسدي
سمات الرب يسوع"
(غل ٦: ١٧).
قيل أنه
إذ رُجم أُخذت
روحه إلى
السماء الثالثة،
وتمتع بأمجاد
"لا يسوغ
لإنسان أن
يتكلم بها"
(٢كو ١٢: ٤).
رُجم
وجروه إلى
خارج المدينة
ظانين أنه قد
مات، ومع هذا
أحاط به
التلاميذ،
فقام ودخل
المدينة، بل
وفي اليوم
التالي سافر
مع برنابا إلى
دربة... كيف
يمكن هذا؟
حتمًا أن
التلاميذ
صلوا وأظهر
الله قوته،
لأنه وإن لم
يمت فإن رجمه
بالحجارة
وجره على
الأرض حتى
خارج المدينة
كان يحتاج إلى
عدة شهور
للنقاهة. أما
أن يقوم في
الحال ويمشي
ثم يسافر على
قدميه في
اليوم التالي
فهذا ليس من
عمل طبيعي، بل
من عمل نعمة
الله الفائقة.
فلا عجب أن
ترنم قائلاً:
"الذي نجانا
من موت مثل
هذا، وهو
ينجي، الذي
لنا رجاء فيه
أنه سينجي
أيضًا فيما
بعد" (٢ كو ١: ١٠).
6.
عودة وتثبيت
الكنائس
"فبشّرا
في تلك
المدينة،
وتلمذا
كثيرين ثم
رجعا إلى
لِسترة
وأيقونية وإنطاكية".
[21]
لم يكن
ممكنًا
للحجارة أن
تخترق فكر
بولس وبرنابا،
وتحطم
غيرتهما على
خلاص حتى
الراجمين. فقد
انطلقا إلى
حين إلى دربه
ليبشرا، ثم
عادا إلى
لسترة حيث رجم
الرسول،
وأيقونية
وأنطاكية
بيسيدية حيث يوجد
المحرضون على
رجمه. أنهما
محبان للجميع.
حبهما هو سرّ
قوتهما في
كرازتهما،
وقد وضع الرسول
بولس الحب على
قائمة ثمار
الروح القدس
لأنه عطية
الروح.
v أي
شيء يستحق أن
يحتل رأس
قائمة ثمار
الروح إن لم
يكن الحب؟
بدون الحب لا
تُحسب
الفضائل الأخرى
فضائل. ومن الحب
يولد كل ما هو
صالح[653].
القديس
جيروم
خلال
حبه لخلاص
الكثيرين
قُدم بولس
للرجم، وفي
وسط تجربته
كرمه الله، إذ
لم يقهره
الموت ولا
حطمته
التجربة.
v يمكن
أن يُقدم بولس
للموت لكنه لن
يقهر قط[654].
البابا
غريغوريوس
(الكبير)
v تجلب
التجارب
مراحم الله في
تحرك نحو
النفس، وذلك
كما تجلب
الريح المطر.
لكن المطر
الغزير يفسد
النباتات
الحديثة
الزرع
الضعيفة، وتجعلها
متعفنة وتحطم
ثمارها، غير
أن كمية معتدلة
من الريح تجففها
وتجعلها
صلبة، هكذا
أيضًا
التجارب المعتدلة
مع النفس...
يقول النبي:
"يا رب في
الضيق طلبوك"
(إش 26: 16)[655].
الأب
دوروثيئوس
أسقف غزة
"يشدّدان
أنفس
التلاميذ
ويعظانهم أن
يثبتوا في
الإيمان،
وأنه
بضيقات كثيرة
ينبغي أن ندخل
ملكوت
اللَّه". [22]
يبرز
إيمان
القديسين
بولس وبرنابا
وحبهما العجيب
للخدمة أنهما
عادا يبشران
في البلاد التي
طردا منها،
ويوجد بها
مقاومون
كثيرون لهما.
عادا يثبتان
ويشددان أنفس
التلاميذ غير
مبالين
بالموت، بل
بقوة الروح
يتحدونه،
وكأنهما ليس
فقط احتملا
شدائد المسيح،
بل كان يسعيان
إليها. وقد
عبَّر الرسول
بولس عن عشقه
للموت من أجل
المسيح حين
كتب رسالته
الوداعية
لتلميذه
تيموثاوس:
"صادقة هي
الكلمة أنه إن
كنا قد متنا
معه فسنحيا
أيضًا معه، إن
كنا نصبر
فسنملك أيضًا
معه" (٢ تي
٢: ١١–١٢).
v كانت
الاضطهادات
تلي اضطهادات:
حروب وصراعات
ورجم. هذه
كلها ليست
بأقل من عمل
المعجزات،
جعلتهما
مشهورين،
وأعدت لهما
فرحًا عظيمًا.
لم يقل الكتاب
(عن الرسل) في أي
موضع عادوا
فرحين لأنهم
صنعوا
معجزات، لكنه
قال أنهم
فرحوا إذ
حُسبوا أهلاً
ان يهانوا من
أجل اسمه (أع 5: 41). هذا
تعلموه من المسيح
القائل: "لا
تفرحوا بأن
الشياطين
تطيعكم (راجع
لو 10: 20). فإن
الفرح
الحقيقي
والذي بدون تزييف
هو التألم من
أجل المسيح[656].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v لا
يُكلل أحد ما
لم يجاهد
قانونيًا؛
ليست نصرة
مجيدة ما لم
يكن الصراع
متعبًا[657].
القديس
أمبروسيوس
v يلزمكم
أن تحاربوا ضد
إبليس كل يوم
تحت قيادة المسيح،
فلا تطلبوا
المكافأة
أثناء المعركة،
هذه المحفوظة
لكم فى
الملكوت يليق
بكم أثناء
المعركة ألا
تطلعوا إلى ما
هو محفوظ لكم
عندما تنالون
النصرة، بل
بالأحرى أن
تركزوا
أذهانكم على
ما يقوله
الرسول: "جميع
الذين يريدون
أن يعيشوا
بالتقوى في
المسيح يسوع
يُضطهدون" (2
تي 3: 12) وأيضًا
"بضيقات
كثيرة ينبغي
أن ندخل ملكوت
الله"[658].
v لا
نطلب الفرح
(الراحة) في
هذا العالم،
لأن الفرح
الحقيقي يمكن
أن يُعد هنا،
ولكن لا
يُمتلك هنا.
لا تطلب في
الرحلة ما هو
محفوظ لك في
موطنك. فإنه
يليق بك أن
تحارب ضد
الشيطان كل
يوم تحت قيادة
المسيح، فلا
تطلب في وسط
المعركة
المكافأة
المحفوظة لك
في الملكوت.
أثناء المعركة
يلزمك ألا
تطلب ما هو
محفوظ لك
عندما تنال
النصرة، بل
بالأحرى أن
تصغي إلى ما
يقوله الرسول:
"بضيقات
كثيرة ينبغي
أن ندخل ملكوت
الله" (أع 14: 22). إذ
يهبنا الله
القوة يلزمنا
أن نعيش
بطريقة نتأهل
بها أن نعود
إلى وطننا
الرئيسي بفرح
حيث يشتاق أن
يرانا، ويرحب
بنا السابقون
لنا البطاركة
والأنبياء
والرسل. هناك
رفقاؤنا
المواطنون
الملائكة في
مدينة
أورشليم
السماوية،
والمسيح ملك
تلك المدينة،
ينتظروننا
بأذرع الحب
المفتوحة. فإن
كنا نطرح
الشيطان
ونمتلئ
بالأعمال
الصالحة عندئذ
نعود إليهم.
فإنكم تعرفون
أيها الاخوة أن
كل التجار
والمسافرين
يكونون قلقين
وهم في الطريق،
لكي ما
يتحرروا من
الاهتمام في
وطنهم، ويشعروا
بفرحٍ عظيمٍ
عندما
يتأهلوا أن
يبلغوا وطنهم
مع ربحٍ
عظيمٍ. هكذا
نحن أيضًا
أيها الأعزاء
الأحباء نعد
نفوسنا للفرح
عندما نتأهل للذهاب
إلى المسيح.
في نفس الوقت
لنفرح هنا فقط
في رجاء، أما
بعد ذلك
فنتعين أن
نقتني الفرح
حقيقة![659]
v لكي
ما يقدم إلهنا
القديس يعقوب
كذهبٍ نقيٍ في
الدينونة
المقبلة أزال
أولا كل غضن
الخطية منه
(خلال الضيقات
الكثيرة)، حتى
تستطيع الشاهد
الناري الآخر
أن يجده بلا شيء
يحترق[660].
v مادام
الإنسان يرغب
في إتمام
أعمال
الشيطان فإنه
لا يشعر به
يقاومه. ولكن
إن تركه
إنسان، وشرب
من الصخرة،
واختار أن
يتبع المسيح،
يلزمه أن
يحتمل عداوة
الشيطان الذي
رفض أن يفضله عن
المسيح بأخذه
قرارًا سليمًا.
لذلك فكل من
يتحد مع
المسيح يلزمه
أن يستعد
للمعركة، لا
للمباهج
والملذات،
لأن "جميع
الذين يريدون
أن يعيشوا
بالتقوى في
المسيح يسوع
يُضطهدون" ( 2
تي 3: 12)[661].
v يلزمنا
أن نعرف ونفهم
أيها الإخوة
الأعزاء أن
التجارب لا
تفارق
المسيحيين
ماداموا
يعيشون في هذا
الجسد... ليته
لا يعد أحد
نفسه بما لم
يعد به الإنجيل،
مادام عندما
تقترب نهاية
العالم - كما
يقول الإنجيل – يتزايد
الشر وتبرد
المحبة (مت 24: 12)...
يلزمنا أن نعد
نفوسنا ليس
فقط للتوبة بل
وللصبر[662].
v إن
كنا نجاهد
أولاً في هذا
العالم
بإتمام الأعمال
الصالحة،
فإننا بعد ذلك
إذ يكافئنا
الرب نبلغ
الملكوت[663].
v حقا
عندما نبدأ
نبحث عن الله
بالحق،
سنعاني من شر
المتكبرين
والأشرار،
لأنهم لا
يعبدون
المسيح بنفس
الطريقة التي
كرز لهم بها
كل يوم[664].
الأب
قيصريوس أسقف
آرل
v الألم
هو رباط
حقيقي، وسند
لحبٍ أعظم،
وأساس للكمال
والصلاح
الروحي. لتصغي
إلى القول: "إن
أردت أن تخدم
الرب أعدد
نفسك
للتجربة" (ابن
سيراخ 2: 1). مرّة
أخرى يقول
المسيح: "في
العالم سيكون
لكم ضيق، ولكن
تشجّعوا" (يو 16:
33). في كل موضع
ترون الألم
ممدوحًا، في
كل موضع يُقبل
الألم كأمرٍ
ضروري
بالنسبة لنا.
فإنّه في
العالم ليس من
ينال إكليلاً
بدون ألم، ما
لم يتقوَّ بالأتعاب
والالتزام
بنظام معيّن
للأكل
والتداريب
والأسهار،
فكم بالأكثر
يكون هذا
أمرًا واجبًا
لمن في هذه
المعركة[665].
القديس
يوحنا الذهبي
الفم
v إذ
نحن بشر نعيش
في حياة غاية
في الخطورة
وسط حبائل
التجربة[666].
القديس
أغسطينوس
v كما
أن العالم
لابد أن يعبر
خلال الشتاء
قبل الربيع
حيث تتفتّح
الزهور، هكذا
يليق بالإنسان
أن يعبر
بتجارب كثيرة
قبل ميراث
الحياة الأبديّة.
وكما قال
بولس: "بضيقات
كثيرة ينبغي أن
ندخل ملكوت
اللَّه". تأتي
التجارب بطرق
ثلاثة:
الإغراء،
الانجذاب،
والقبول.
فالشيطان
يغوي، والجسد
ينجذب،
والعقل يقبل[667].
القديس
هيلاري أسقف
بواتييه
"وانتخبا
لهم قسوسًا في
كل كنيسة،
ثم صلّيا
بأصوام،
واستودعاهم
للرب الذي
كانوا قد
آمنوا به". [23]
بسماح
إلهي مر
الرسولان
بضيقات
عظيمة، كانت
لبنيان
الكنيسة كما
لنموها الروحي.
فإذا عادا إلى
ذات المدن
التي عانوا
فيها من
الضيقات تطلع
إليهما
المؤمنون
بنظرة أفضل
وكرامة أعظم.
فلم يجد
الرسولان
صعوبة في انتخاب
قسوس لخدمة
الكنائس
هناك، خاصة
وأنهما لم يتم
الاختيار
بأوامر
رسولية
ملزمة، وإنما
بشركة الشعب
كله في الصوم
والصلاة.
استراحت
نفسا
الرسولين
بسيامة
قسوسٍ، واستودعا
الشعب في كل
مدينة، لا في
أيدي الكهنة،
وإنما
"للرب"، فهو
الراعي
الحقيقي
الخادم لكنيسته
والمهتم بكل
احتياجاته،
والحافظ لها.
كان الكل
حديثي
الإيمان،
ويصعب التحقق
من إمكانية
اختيارهم
للصالحين
للخدمة، لذلك
تم الاختيار
بروح الصوم
والصلاة،
معتمدين على
عمل الروح القدس.
"ولما
اجتازا في
بيسيدية أتى
إلى بمفيلية".
[24]
"وتكلّما
بالكلمة في
برجة،
ثم نزلا
إلى أتالية". [25]
عادا
في نفس خط
السير الذي
جاءا خلاله
لافتقاد
الكنائس
والمؤمنين
حتى وصلا إلى
ميناء أتاليه
(حاليًا
انتاليا)، وهي
المدينة
الوحيدة التي
لم يزوراها في
مجيئهما، وإنما
ربما عبرا بها
دون الدخول
فيها والكرازة
بها.
7.
تقرير مفرح في
أنطاكية
"ومن
هناك سافرا في
البحر إلى
إنطاكية،
حيث
كانا قد
أُسلما إلى
نعمة اللَّه
للعمل الذي
أكملاه". [26]
عادا
إلى أنطاكية
فتمت أول رحلة
كرازية للقديس
بولس مع
القديس
برنابا. يرى
البعض أنها
استغرقت
ثلاثة شهور
والبعض يرى
أنها سنة
كاملة.
"ولما
حضرا وجمعا
الكنيسة
أخبرا
بكل ما صنع
اللَّه
معهما،
وأنه
فتح للأمم باب
الإيمان". [27]
"وأقاما
هناك زمانًا
ليس بقليل مع
التلاميذ". [28]
إذ عاد
السفيران
قدما للكنيسة
كشف حساب عن
نعمة الله
العجيبة التي
اقتحمت المدن
الوثنية لكي
تشرق بنور
إلهي في مناطق
سادها الفساد
وارتبطت
بالعبادة
الوثنية.
بوصول الرسولين
انتشر الخبر
في أنطاكية،
وجاء الكل إلى
الكنيسة
يسمعون أعجب
قصة خاصة
بقبول الأمم
الإيمان
وإنشاء كنائس
جديدة وسيامة
قسوس.
يبدو أن
الرسول بولس
بقي سنة كاملة
في أنطاكية
يعلم ويكرز.
من
وحي أع 14
أنت
هو البداية،
وأنت هو
النهاية!
v مع
بدء رحلات الرسول
كنت أنت
البداية،
وفي
الطريق كنت
أنت هو
الطريق.
وحتى
النهاية
حملته كما
إليك.
أنت
سرّ نجاحه طول
الطريق.
بك
حمل الرسول
كثيرين كما
على أجنحة
الروح.
v وجد
الرسول
مقاومة
مستمرة،
ومع
كل مقاومة
تشدد قلبه
وتشجع.
حسب
الآلام طريق
النصرة.
وتمتع
مع كل ضيقة
بصدرك المتسع.
إيمانه
بك تزايد،
ونعمتك
لم تفارقه،
فأتي
بحصاد وفير،
من يقدر أن
يحصيه؟!
v اتحد
اليهود مع
الأمم
لمقاومة رسلك.
وأتفق
الأعداء
المقاومين
لبعضهم البعض
على تدمير
كنيستك.
يتصالح
الأعداء
معًا، ليبثوا
روح العداوة ضد
الحق.
v لتتحد
كل قوات
الظلمة ضدك.
ففي
وسط المعركة
تتجلى قوتك
العجيبة.
آيات
وعجائب ظاهرة
وخفية لا
تنقطع.
ليس
من يقدر أن
يعطل عملك
الإلهي!
مع
كل مقاومة،
تتجلى نعمتك
الغنية.
v لتتجلى
أنت وحدك
فينا.
وليُقدم
كل مجد لك يا
مخلص العالم!
لك
وحدك تقدم
ذبائح
التسبيح!
لك
وحدك تقدم كل
كرامة!
ليختفي
خدامك،
وتتمجد أنتٍ
فيهم!
v كثير
من الأباطرة
والعظماء
نسبوا
ألوهيتك لأنفسهم،
طلبوا
في تشامخهم
مجدك مجدًا
لهم.
أما
خدامك فلن
يحتملوا كلمة
مجد،
ولا
كرامة خاصة بك
تُنسب إليهم!
مجدهم
أن تتمجد فيهم
كما في غيرهم،
وكرامتهم
أن يقدم الكل
الكرامة لك!
v في
تواضعٍ عجيبٍ
يقول الرسول
بولس:
إنه
تحت الآلام
مثلهم،
أول
الخطاة،
حتى
يضم يقلبه
المحب
المتواضع كل
نفس إليك،
يا
مخلص الخطاة!
[637] James N. Freeman: Manners and Customs of the Bible, N.J, p. 444.
[638] James N. Freeman: Manners and Customs of the Bible, N.J, p.444.
[639] Freeman, p. 444.
[640] Against Celsus, 1:63.
[641] On the Incomprehensible Nature of God, 5: 6.
[642] Sermon 175:6-7.
[643] Hom. on Acts, hom. 30.
[644] Hom. on Acts, hom. 30.
[645] Hom. On 1Tim., hom. 3. ترجمة سعاد سوريال
[646] On Ps. 9.
[647] Metam., l, ivv 211-239
[648] Contra Gentes, 3:35:1.
[649] Commentary on Rom. 14:17.
[650] Ep. to Gal 3:5:22.
[651] Hom. on Acts, hom. 31.
[652] Hom. on Acts, hom. 31.
[653] Ep .to Gal. 3:5: 22.
[654] Morality 1: 31, ch. 15 PL 76: 610.
[655] Discourses, 13.
[656] Hom. on Acts, hom. 31.
[657] Duties of the Clergy, 1:16.
[658] Fr. Caesarius of Arles, Sermons, 215:3.
[659] Sermon 215:4.
[660] Sermon 91:4.
[661] Sermon 103:3.
[662] Sermon 154:1.
[663] Sermon 162:1.
[664] Sermon 182:4.
[665] Catena.
[666] Letters, 250.
[667] Introductory Tractate on James.